قاتل الله المستشرقين والمغرضين الذين صوروا لنا هارون الرشيد بطلا من ابطال الف ليلة وليلة والصقوا به من المخازي الكثير ليطعنوا في حكمه وعدله
مجرد افتراءات واكاذيب لعنة الله عليهم لتشويه صورة الخليفة هارون الرشيد الذي كان شجاعا وقويا وتقيا ورعا يخشى الله في اموره كلها ،وكان يصلي كثيرا ويكثر من الحج ويستمع الى الوعاظ والناصحين ويبكي من خشية الله فقد مر وهو في طريق الى الحج باحد البهاليل فقال له :قل يابهلول ،فقال :
هب قد ملكت الارض طرا .....ودان لك العباد فكان ماذا
اليس غدا مصيرك جوف قبر ....ويحثو عليك التراب هذا ثم هذا
قال :اجدت يابهلول افغيره ؟قال :نعم ياامير المؤمنين !من رزقه الله مالا وجمالا فعف في جماله ،وواسى في ماله ،كتب في ديوان الله من الابرار ،فظن انه يريد شيئا فقال انا امرنا بقضاء دينك فقال: لاتفعل يا امير المؤمنين ،لايقضى دين بدين اردد الحق الى اهله ،واقض دين نفسك من نفسك نقال : انا انا امرنا ان يجري عليك رزق تقتات به قال: لاتفعل يا امير المؤمنين فانه سبحانه لايعطيك وينساني وها انا قد عشت عمرا لم تجر علي رزقا ،انصرف لا حاجة لي في جرايتك قال : هذه الف دينار خذها فقال ارددها على اصحابها فهو خير لك وما اصنع انا بها ؟ انصرف عني فقد اذيتني نقال (الراوي (وهو الفضل بن الربيع )) :فانصرف عنه الرشيد وقد تصاغرت عنده الدنيا (البداية والنهاية الجزء العاشر )
وقال له ابن السماك يوما :انك تموت وحدك ،وتدخل القبر وحدك ،وتبعث منه وحدك ،فاحذر المقام بين يدي الله عز وجل ،والوقوف بين الجنة والنار ،حين يؤخذ بالكظم ،وتزل القدم ،ويقع الندم ،فلاتوبة تقبل ،ولاعثرة تقال ،ولايقبل فداء بمال ،فجعل الرشيد يبكي حتى علاصوته ،فقال يحي بن خالد له :يا ابن السماك ! لقد شققت على امير المؤمنين الليلة فقام فخرج من عنده وهو يبكي وقال له الفضيل بن عياض في كلام كثير ليلة وعظه بمكة :ياصبيح الوجه انك مسؤول عن هؤلاء كلهم ،وقد {وتقطعت بهم الاسباب } قال حدثنا ليث عن مجاهد ،الوصلات التي كانت بينهم في الدنيا ،فبكى حتى جعل يشهق وقال الفضيل :استدعاني الرشيد يوما وقد زخرف منازله واكثر الطعام والشراب واللذات فيها ،ثم اشتدعى ابا العتاهية فقال له :صف لنا مانحن فيه من العيش والنعيم فقال :
عش مابدا لك سالما .....في ظل شاهقة القصور
تسعى اليك بما اشتهيت ....لدى الرواح الى البكور
فاذا النفوس تقعقعت .......عن ضيق حشرجة الصدور
فهناك تعلم موقنا .......ماكنت الا في غرور
فبكى الرشيد بكاء كثيرا شديدا فقال له الفضل بن يحي :دعاك امير المؤمنين تسره فاحزنته ؟
فقال له الرشيد :دعه فانه رانا في عمي فكره ان يزيدنا عمى ومن وجه آخر ان الرشيد قال لابي العتاهية :عضني بابيات من الشعر واوجز فقال :
لا تامن الموت في طرف ولانفس .....ولو تمتعت بالحجاب والحرس
واعلم بان سهام الموت صائبة .......لكل مدرع منها ومترس
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها .....ان السفينة لا تجري على اليبس .
من نفس المصدر السابق
شكرا على الموضوع
حياك الله اخي واشكرك على اضافتك القيمة وعلى المرور الطيب
حياكم الله جميعا