الجليـل
Galilee
«الجليل» من «الجلجال» وهولفظ سامي يُرجَّح أن يكون كنعاني الأصل ومعناه «الحجر المسندي الشكل»، ومعنى الكلمةبالعبرية «دائرة» أو «مقاطعة». والجليل هو اسم المنطقة الشمالية من فلسطين، وتقعبين نهر الليطاني ووادي يزرعيل، عرضها تسعة عشر ميلاً وطولها خمسة وعشرون ميلاً.وهي مقاطعة جبلية منتجة للحبوب وتَكثُر فيها الجبال، مثل الكرمل وجلبوع، التييَبلُغ ارتفاع بعضها أربعة آلاف قدم.

وتُعدُّ الجليل من أوليات المناطقالتي سكنها الإنسان، ومن أقدم مدنها مدينة مجدو التي شهدت معارك طاحنة بينالكنعانيين والمصريين (1480 ق.م). وقد سـكنها الحـويون والجرجاشـيون وغـيرهم منالأقوام. وقد استقرت قبائل نفتالي وآشر ويساكر وزوبولون في الجليل. كما انتقلتإليها قبيلة دان. ولم يستطع العبرانيون طرد سكان الجليل، ولذا ظل سكانها خليطاً.وقد أعطى سليمان لحيرام (ملك صور) عشرين من مدنهـا نظير أدوات بناء ابتـاعها منه.وبعد التهجير إلى بابل والعودة منها، أصبحت أغلبية سكانها من غير اليهود. وقد غزاهاشيشنق أثناء حكم رحبعام، وضمها الآشوريون ثم حكمها الفرس والسلوقيون. وفي عام 63ق.م. احتلها الرومان وأصبحت الجليل تابعة لهم. وفي عهد الرومان كانت فلسطين تُقسَّمإلى ثلاث مناطق: الجليل والسامرة ويهودا (يوديا باللاتينية). وكانت الجليل ذاتهاتُقسَّم إلى الجليل الأعلى والجليل الأسفل.

وحينما قام التمرد الحشموني،كان عدد اليهود من القلة بحيث اضطر سيمون الحشـموني إلى تهجيرالأقلية اليهوديةمنها خشـية أن تهاجمهم الأغلبية. وقد هاجر بعض اليهود إليها أثناء حكم الأسرةالحشمونية بعد أن ضم أرسطوبولوس الأول منطقة يهودا. وفي تلك المرحلة التاريخية، كانيهود الجليل غير ملتزمين بالشعائر الدينية كتلك الخاصة بالختان والعشور. ولذا، كانيُشار إليهم باسم «عَمْ هآرتس» أي «عوام الأرض»، وهي عبارة تفيد أنهم أجلاف غيرمؤمنين. وكان نطقهم للعبرية مختلفاً عن نطق اليهود الموجودين في يهودا. وتقولالمصادر إنهم لم يكن بوسعهم التمييز بين حرفي الألف والعين. وقد انضم بعض يهودالجليل إلى التمرد الأول ضد روما (66 ـ 73م) وكان قائد القوات اليهودية في الجليلهو يوسيفوس الذي استسلم للرومان. ولم يتخذ الرومان إجراءات انتقامية ضد سكانها مناليهود لأن أعداداً منهم، وخصوصاً في صفورية وطبرية، كانت متعاطفة مع الرومان. أماالتمرد الثاني (132 ـ 135م) ضد روما، فلم يؤيده سكان الجليل من اليهود.

وأصبحت الجليل مركزاً للدراسات الدينية إذ تضم طبرية التي صارت مقراًللسنهدرين. ومن مدن الجليل أيضاً الكرمل وصفد. ويقع فيها بحر طبرية المعروف باسم «بحر الجليل». وقد نشأ المسيح في الجليل، ولذا فقد كان يعرف بـ «الجليلي». ثم دخلتالجليل بعد ذلك نطاق الحضارة الإسلامية، ونزلت قبائل عربية كثيرة فيها. وتأسست فيالعهد العثماني بعض الإمارات الإسلامية. ومن أهم مدن الجليل صفد وطبرية وبيسانوعكا. ولا تزال الكثافة السكانية العربية عالية في منطقة الجليل، رغم المحاولاتالصهيونية الرامية لتغيير طابعها السكاني.

غــزة
Gaza
«غزة» كلمة سامية فيما يبدو، وتعني «قُوَى» أو «كنوز» أو «مخازن». وقد عرفهاالعبرانيون باسم «عزة»، والفرس باسم «هازاتو»، وسماها العرب «غزة هاشم» نسبة إلىهاشم بن عبد مناف جد الرسول الذي مات ودُفن فيها.

وتشـير الكلمـة فيالثقافة العـربية إلى كلٍّ من قطاع غزة ومدينة غزة. وتَبعُد المدينة ثلاثة أميال عنساحل البحر المتوسط إلى الشرق، وعشرة أميال إلى الجنوب من عسقلان. ويمر بها الطريقالساحلي الرئيسي الممتد من لبنان إلى مصر ماراً من شمال فلسطين إلى جنوبها. وغزةآخر مدينة كبيرة قبل الوصول إلى سيناء، وآخر محطة لمن يريد دخول مـصر، وأول مـحطةلمن يريد دخول فلسـطين من ناحية الجنوب. ونظراً لموقعها الجغرافي، كان الاستيلاءعلى غزة يعني السـيطرة على طرق الحـرب والتجـارة بين آسـيا وأفريقـيا في العالمالقديم.

كانت غزة من نصيب قبيلة يهودا عند تقسيم أرض كنعان بين القبائلالعبرانية، ولكن الفلستيين طردوهم منها واسترجعوها. وقد كانت غزة أيضاً مركز نشاطشمشون، كما كانت مركزاً لعبادة داجون الفلستية. وبقيت هياكل هذا الإله فيها حتى سنة 400م حيث حُطِّمت المعابد الوثنية فيها بمرسـوم إمبراطوري حينما تحـولت روما إلىالمسيحية.

وكانت غزة على حدود المملكة العبرانية المتحدة حين احتلهاالآشوريون عام 720 ق.م. وعلى هذا، فقد اشتركت في التمرد ضد الحكم الآشوري ثم ضدنخاو (فرعون مصر) عام 608 ق.م. وكانت غزة المدينة الوحيدة في فلسطين التي لم تستسلمللإسكندر، فنكَّل بها وهدم أسوارها. وقد قاومت غزة المكابيين حينما قاموا بثورتهموأبت الخضـوع لهم، لكنها استسـلمت لهم عام 145 ق.م ثم تمرَّدت عام 95 ق.م، فحاصرهاألكسندر يانايوس لمـدة عـام. وبعد أن دخلـها، أحرقها وقتل أعداداً كبيرة من أهلها.

وقد قاومت غزة الغزو الروماني لمدة طويلة. وبعد أن أخضعها الرومان، تحوَّلتإلى مستعمرة عسكرية. ولما نكَّل هادريان باليهود الذين ثاروا ضد الإمبراطوريةالرومانية، بعث بأسراهم إلىها حيث قُتلوا في المصارعة التي أُقيمت في حفلة الألعابالهدريانية.

وظلت غزة تحت حكم الرومان إلى أن فتحـها العرب عام 634م.واستولى الفرنجة عليها عام 1100، فظلت بحوزتهم حتى تحررت بعد معركة حطين عام 1187.ثم احتلها الإنجليز عام 1917.

وبعد عام 1948، دخلت غزة تحت الحكم الإداريالمصري، ومنها قام الفدائيون الفلسطينيون بشن هجماتهم على إسرائيل. وفي عام 1967،ضمَّتها إسرائيل، ولكنها قاومت الاحتلال بضراوة. وقد اعترف ديان وزير الدفاعالإسرائيلي حينذاك بأن غزة « يحكمها الفدائيون في الليل ». وقد اندلعت منهاالانتفاضة الفلسطينية في ديسمبر 1987، واستمرت في التصاعد. وبمقتضى اتفاقية أوسلوأصبحت غزة خاضعة للسلطة الفلسطينية.

طبريــة
Tiberias
«طبرية» مدينة في الجليل. وهي إحدى المدن الأربع التي يقدِّسها اليهود فيفلسطين والتي يجب ألا تنقطع فيها الصلاة. أما الثلاث الأخرى فهي: القدس والخليلوصفد. تقع طبرية شمال شرقي فلسطين عند البحيرة المسماة باسمها (بحيرة طبرية) علىبُعد أربعة أميال من طرفها الجنوبي. شيَّدها هيرود أنتيباس (ابن هيرود) عام 22موسماها على اسم الإمبراطور طيباريوس لتحل محل صفورية كعاصمة للجليل. وكانت طبريةتقع على طريق تجاري يربط سوريا بمصر، واشتهرت بالتجارة وصيد الأسماك. وتوجد علىمقربة منها عيون ساخنة جعلت منها منتجعاً صحياً مشهوراً. وفي النهاية، استقر فيهاأثرياء اليهود. ولذا، كانت المدينة تضم مكاتب الحكومة والصيارفة. كما أن بعض أعضاءالطبقات الفقيرة من اليهود استوطنوها ليحصلوا على الأرض والسكنى.

وطبريةأول مدينة يهودية تنال استقلالها وتصبح مدينة (بوليس) لها الحق في أن تعلن الحربوتُوقِّع المعــاهدات وتفرض الضرائب، وكان يحكمها حاكم مُنتخَب تساعده لجنة من عشرةأفراد ومجلس مدينة من ستمائة شخص. وقد استسلمت طبرية للرومان أثناء التمرد اليهوديالأول ضد الرومان، ولذا لم يتم تخريبها. وقد أصبحت مركزاً لليهودية بعد تدميرالقدس، فشُيِّدت فيها حلقة تلمودية دُوِّنت فيها المشناه وأجزاء من الجماراه. ومعنىهذا أن التلمود الأورشليمي وُضع في طبرية.

دخلت طبرية دائرة الحضارةالإسلامية وأرسل الخليفة عثمان ابن عفان إليها عام 30 هجرية مصحفاً كي يقرأالمسلمون فيه القرآن الكريم. وسقطت في يد الفرنجة بعض الوقت ثم استعادها صلاح الدينعام 1187 ولكنها سقطت مرة أخرى في يد الصليبيين عام 1240، ثم تم تحريرها بشكل نهائيعام 1247.

استولى العثمانيون على طبرية عام 1517، وسمح سليمان القانونيلليهود بالإقامة فيها (1562). واستولى نابليون علىها عام 1799 ولمدة قصيرة. وازدهرتالمدينة أيام الحكم المصري لفلسطين إلا أن الدمار لحق بها بسبب الزلزال الشديد الذيوقع عام 1837.

وطبرية من مدن فلسطين الأولى التي استقر فيها المستوطنونالصهاينة بسبب وجود مركز ديني فيها، كما كانت أول مدينة فلسطينية سلمتها قواتالاحتلال الإنجليزية للصهاينة.

الخلــيل
Hebron
كلمة«الخليل» هي المقابل العربي للكلمة العبرية «حبرون»، ومعناها «صاحـب» أو «عصـبة» أو «ربـاط» أو «اتحـاد».، والخليل مدينة في فلسطين، وكان الكنعانيون يسمونها «قريةأربع» (باليونانية «تيترابوليس» أي «مدينة رباعية»). وتقع مدينة الخليل على بعدتسعة عشر ميلاً من القدس وثلاثة عشر ميلاً ونصف الميل من بيت لحم، على ارتفاع ثلاثةآلاف وأربعين قدماً من سطح البحر، وحولها عيون ماء كثيرة.والخليل إحدى المدن الأربعالمقدَّسة لدى اليهود التي يجب ألا تنقطع فيها الصلاة، إلى جانب القدس وصفد وطبرية.

ويعود تاريخ الخليل إلى أبعد من عام 3500 ق.م. فقد سَكَن إبراهيم (الذيتُنسَب إليه المدينة) إلى جوارها لبعض الوقت واشترى مغارة المكفيلة (حسبما جاء فيالعهد القديم) حيث دُفن فيها فيما بعد. ثم سكنها بعده (حسب الرواية التوراتية) إسحقويعقوب ويوسف.

وقد استولى العبرانيون على المدينة أثناء تسلـلهم إلى كنعان،وأبادوا سكانها من العناقيين. وقد لجأ إليها داود هرباً من شاؤول (ويُقال إن يوشعبن نون هو الذي غيَّر اسمها من «قرية أربع» إلى «حبرون»). وتقع الخليل في منطقةيهودا التي كانت تَخُصُّ قبيلة يهودا، ولكن المدينة نفسها كانت إحدى مدن الملجأ.وقد احتلها الأدوميون بعد التهجير البابلي، وضمها الحشمونيون إلى مملكتهم، ثم أصبحتجزءاً من فلسطين الرومانية.

ثم دخلت الخليل مجال الحضارة العربيةالإسلامية. والخليل تضم الحرم الإبراهيمي الشريف ومزار سيدنا إبراهيم عليه السلام.ازدهرت المدينة في العصر المملوكي والعثماني (استولى عليها الفرنجة وجعلوها مركزإبراشية وبنوا كنيسة في موقع الحرم عام 1168)، وانتشر العمران خارج أسوارها منذنهاية القرن التاسع عشر.

وفي العصر الحديث بعد دخول القوات البريطانيةفلسطين ووصول المستوطنين الصهاينة كانت الخليل ملجأً للمجاهدين لانتشار المغاراتالقديمة في جبالها ولأن أية قوة مطاردة يصعب علىها أن تعثر على المجاهدين. وكانتمعاركها قبل إعلان الدولة الصهيونية هي الأعنف في الاشتباكات مع العدو حتى أنالمستوطنين الصهاينة سبق أن فروا من المدينة كلها عام 1929 تاركين بيوتهم ومحالهميوم ثورة البراق.

وقد شهدت الخليل ثورة ديموجرافية حقيقية بعد احتلالفلسطين عام 1948 لوفود عدد كبير من اللاجئين إليها. فزاد عدد سكانها 54% خلال 27عاماً. وقد اختارت إسرائيل بعد ضم الضفة الغربية عام 1967 موقعاً متميِّزاً على تلةلتقيم مستوطنة صهيونية تُسمَّى «قريات أربع» وقامت بمحاولات لتهويد الحرمالإبراهيمي.

وقد شهدت المدينة واحدة من أكبر المذابح الصهيونية حينما قامالمستوطن الصهيوني باروخ جولدشتاين بإطلاق النار على المصلين وهم ساجدون داخل الحرمالإبراهيمي فاستُشهد منهم أكثر من ثلاثين. وقد تبيَّن أن الإرهابي الصهيوني (الذيقُتل أثناء الحادث) من مستوطنة قريات أربع، وأنه ضابط طبيب في الجيش الإسرائيليوأنه استخدمرشاشه الرسمي في الجريمة. وقد أقام له المستوطنون مقبرة خاصة أصبحتمزاراً لهم.