|
-
مراقبة الأقسام العامة
رقم العضوية : 15
تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
الدين : الإسلام
الجنـس : أنثى
المشاركات : 14,900
- شكراً و أعجبني للمشاركة
- شكراً
- مرة 1
- مشكور
- مرة 4
- اعجبه
- مرة 0
- مُعجبه
- مرة 7
التقييم : 10
معدل تقييم المستوى
: 32
رفع الهمة بهدي سلف الأمة
الحمد لله رب العالمين الذي أنزل الكتاب المبين على عبده ورسوله الصادق الأمين , فشرح به صدور عباده المتقين الغر الميامين , وأشهد أن لا أله الله وحده لا شريك له , ولا ولد له ولا ند له , واحد في ذاته أحد في أفعاله متفرد بصفاته ,ليس كمثله شئ وهو السميع البصير, إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه , يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل , حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما أنتهي إليه بصره من خلقه ,
وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه , سيد الأولين والآخرين , وخاتمالأنبياء والمرسلين , والمبعوث رحمة للعالمين.
" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا "
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ "
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا "
أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله , وخير الهدي هدي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.
وشر الأمور محدثاتها , وكل محدثة بدعة , وكل بدعة ضلالة , وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد,,,,,
سلسلة علمية منهجية دعوية , نقدمها لشبابنا في زمن مسخت فيه الهوية وزعزع فيه الانتماء , وسطت فيه الماديات والشهوات على قلوب الشباب والفتيات, واهتزت فيه الثوابت الحقيقية,لا نقدمها لحضراتكم من باب الترف الفكري , ولا من باب الثقافة الذهنية الباردة الباهتة , التي لا تتعامل إلا مع الأقوال فحسب وتتجاهل الأفعال والأحوال .
لا نقدمها من باب التنظير دون التفعيل والتطبيق والتغيير, ولا من باب القصص والحواديت.
ووالله ما تكلمنا في تلك السلسلة من باب الأهلية وإنما من باب المسؤولية.
نقدمها لكم في زمن قدم فيه كثير من التافهون و الغافلون والخائبون لكي يكونوا القدوة والأسوة
وأخر فيه المتقون الصادقون الصالحون , الذين هم القدوة الفعلية الحقيقية.
لا نقدمها من باب الطرفة الفكرية ولا القصة الخيالية و إنما هي سيرة عملية منهجية نستلهم منها الدروس والعبر ونستمد منها ضوءاً ينير لنا الطريق ومفتاحاً يفتح لنا المغاليق,نقدمها لكي تعي الأمة قدر رجالها وعظمائها , لكي نستل جرثومة الداء ونقف على حقيقة الدواء,من خلال هدي هؤلاء الأتقياء الأنقياء الغر الميامين .
نحن الآن أمام سلسلة جليلة مهيبة نتحدث فيها عن سلفنا الصالح الذين ملئوا الأرض علماً وعدلاً, وحفظوا لنا الدين بتوفيق من رب العالمين , نتحدث عن رجال لو وجد واحد منهم في زماننا لصلح حال الأمة الإسلامية كلها, نتحدث عن جيل فريد , جيل طلقوا الدنيا ثلاثاً, وتركوها طمعا فيما عند الله من جنات ونهر, وصدق إمامنا الشافعي إذ يقول:
إن لله عباداً فطنا ..... طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا
نظروا فيها ولما رأوا ... أنها ليست لحي سكنا
جعلوها لجة واتخذوا ... صالح الأعمال فيها سفنا
نتحدث عن رجال هممهم أعلى من الجبال الرواسي , وخلقهم خلق الصالحين الأبرار. نتحدث عن جيل صاحب النبي في الحضر والأسفار
وتربي على أيد النبي المختار. نتحدث عن جيل جاهد في الله حق جهاده حتي أتاه اليقين , إذ قال فيهم رب العالمين
" من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا "
شهد ربنا لهم بأنهم رجال صدقوا العهد فصدقهم الوعد , وأنهم ما بدلوا ما عزموا عليه إلي أن لقوا الله جل وعلا.
نتحدث عن جيل لن تبلغ الأمة كلها مد يد أحدهم ولا نصيفه حتى ولو أنفقوا ما في الأرض جميعا.
نتحدث عن جيل لم يعرف سوى حب الله وحب رسوله فلذلك ذاقوا طعم الأيمان وحلاوته .
نتحدث عن جيل لم يعصوا الله كما عصيناه ولم يبدلوا دينه كما بدلناه ولم يبتدعوا كما ابتدعنا .
أنهم خير صحبة لخير نبي, وخير بداية لخير أمة وخير رجال بعد الأنبياء.
أنهم خير الناس خلقا وأحسنهم هديا وأقربهم سمتاً إلي النبي صلوات ربي وتسليماته عليه.
فهيا بنا لكي نقتبس من هذه السلسلة نوراً يضيء لنا الطريق , حتى تستمد الأمة من هذه السير ضوءا يفتح لها طريق الأمل من جديد .
لنقف على حقيقة الداء , ونشخصه, حتى يأتينا من الله الشفاء.
أما الآن نقدم لحضراتكم منهج السلسلة الذي سوف ننتهجه في تقديم سير الصحابة العطرة,
vtu hgilm fi]d sgt hgHlm
-
مراقبة الأقسام العامة
رقم العضوية : 15
تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
الدين : الإسلام
الجنـس : أنثى
المشاركات : 14,900
- شكراً و أعجبني للمشاركة
- شكراً
- مرة 1
- مشكور
- مرة 4
- اعجبه
- مرة 0
- مُعجبه
- مرة 7
التقييم : 10
معدل تقييم المستوى
: 32
{ منهج السلسلة }
مقدمة السلسلة :
ويتم فيها تقديم نبذة بسيطة جدا عن السلسلة وعن المادة التي تتكلم عنها وسامحونا لأننا سوف نذكر تلك المقدمة مع كل حلقة نقدمها لحضراتكم.
مقدمة عن الصحابي :
ونقوم في تلك الفقرة بأعداد مقدمة عن الصحابي الجليل الذي سوف نقوم بتناوله في الحلقة, لأنه ليس من الأدب أن نتكلم
عن أشرف همم رأتها الأرض بعدالأنبياء دون أن نعد لهم مقدمة تليق بمكانتهم في الإسلام وفي قلوبنا نحن كمحبين لهذه الشخصية.
أسم ونسب الصحابي وعائلته :
نقوم في تلك الفقرة بالتعريف باسم هذا الصحابي كاملا وبأهله وبنسبه , لأن كثيراً منالناس لا يعرف عن اسم الصحابي
سوى الاسم الأول فقط فضلا عن إن كان يعرف هذا الصحابي أصلا.
الصحابي قبل الإسلام :
نذكر في هذه الفقرة شخصية الصحابي قبل الإسلام مدى تأثير البيئة الجاهلية على أفكاره وأسلوب حياته في تلك الفترة , حتى يستطيع
القارئ المقارنة بين الصحابي قبل الإسلام ومدى التغيير الذي غيره الإسلام في شخصيته والتربية التي أحدثها النبي في قلب هذا الصحابي.
إسلامه رضي الله عنه :
نتكلم فيها عن إسلامه وقصته كاملة وما هو السبب أو الموقف الذي جعله يدخل الإسلام وينشرح صدره لهذا النور الإلهي ,ولهذا الضوءالقرآني.
الصحابي حول الرسول :
نتكلم فيها عن المواقف التي كان هذا الصحابي فيها بجوار الرسول , والعطاء الذي قدمه له صلي الله عليه وسلم ,
من جهاد معه واستعداد كامل للتضحية بكل ما يملك من أجل النبي والرسالة.
عطاؤه للإسلام :
نتحدث عن عطاء الصحابي للإسلام , وما قدمه باختصار شديد نتناول حياة الصحابي منذ إسلامه إلي أن توفي من جهاد ودعوة
وعلم وحب وتعلم وخشوع لكلام الله ولسنة النبي ومواقفه المؤثرة والمشهورة له في الإسلام.
مناقب الصحابي :
نتحدث فيها عن المناقب والأوسمة التي علقها النبي على صدر هذا الصحابي من شهادات بالتقوى والصلاح , وبشرى النبي لبعض الصحابة بالجنة
وقبل هذا كله , المناقب التي ذكرها رب العزة في كتابه الجليل لهذا الصحابي من أيمانيات عالية ووصف لهم في جهادهم في سبيله.
وفاته :
وفي الأخير نتكلم عن وفاة تلك القمة والهمة وما هي وصيته قبل الوفاة وما هي أخر عباراته قبل الوفاة وكيفية موته
إن كان مات شهيدا أو مقتولا أو بمرض أو ميتة طبيعية.
نفع الهمة من تلك الهمة :
تنقسم تلك الفقرة إلي ثلاثة أقسام وهم على الترتيب :
دروس وعبر :
نتكلم فيها عن أهم الدروس والعبر التي لابد أن نستفيد منها , بعد الاستماع لتلك السيرة.
واقعنا المرير :
نتكلم فيه عن واقعنا المر الأليم ومدى تطبيقنا لأفعال هذا الصحابي الجليل , وما مكانتنا من هؤلاء العظام.
المعالجة والتطبيق :
نتكلم فيها عن طرق المعالجة والتطبيق , وكيف أنه ليس من الصعب أن نطبق ما سمعنا وما قرأنا من سيرة ذلك الصحابي
في واقعنا وما هي أهم ما ينقصنا لكي نتأسى بذلك الصحابي.
الـخــاتـمــة :
ثم نختتم الحديث ببعض من أبيات الشعر وكلام لعلماء معاصرين عن تلك الهمة.
ولقد استخرنا الله عز وجل ووفقنا الله وهدانا علي أن تكون أول حلقات سلسلة
-
مراقبة الأقسام العامة
رقم العضوية : 15
تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
الدين : الإسلام
الجنـس : أنثى
المشاركات : 14,900
- شكراً و أعجبني للمشاركة
- شكراً
- مرة 1
- مشكور
- مرة 4
- اعجبه
- مرة 0
- مُعجبه
- مرة 7
التقييم : 10
معدل تقييم المستوى
: 32
{ رفع الهمة بهدي سلف الأمة }
هي بمثابة المقدمة لهؤلاء العمالقة الأفذاذ أنه من سوء الأدب أن نتكلم عن هؤلاء الكرام دون أن نقدمهم لحضراتكم
فدعونا في تلك الحلقة نقدم لكم تلكم المقدمة المختصرة عن هؤلاء الصحابة,
قال بن مسعود رضي الله عنه :
إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد خير قلوب العباد فاصطفاه لرسالته ونبوته, ونظر في قلوب العباد
فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد فاصطفاهم وأختارهم وجعلهم وزراء نبيه يقاتلون دينه .
إن خيرية الصحابة والشهادة لهم بالحق وأنهم خير أمة أخرجت على وجه الأرض ليست ذاتية وإنما مستمدة
من كتاب الله عز وجل يقول ربي وأحق القول قول ربي
" كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله "
" وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداْ علىالناس ويكون الرسول عليكم شهيدا "
أن هؤلاء الصحابة هم شهداء الله في الأرض . نعم فمن شهدت له الصحابة خيراً كانت له الجنة
وإن شهدوا شراً كانت له النار وهذا مذكور بنص حديث الصادق الذي لا ينطق عن الهوى
عن أنس بن مالك قال :
مر بجنازة فأثنى عليها خيرا. فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم "وجبت وجبت وجبت". ومر بجنازة فأثنى عليها شرا. فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم "وجبت وجبت وجبت". قال عمر: فدى لك أبي وأمي ! مر بجنازة فأثنى عليها خيرا فقلت: وجبت وجبت وجبت. ومر بجنازة فأثنى عليها شرا فقلت: وجبت وجبت وجبت ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة. ومن أثنيتم عليه شرا وجبت له النار. أنتم شهداء الله في الأرض. أنتم شهداء الله في الأرض. أنتم شهداء الله في الأرض ."
عن هذا الجيل الفريد الذي حقق حقيقة الإيمان وكمال التوحيد وصفاء العقيدة بشهادة ربي عز وجل يقول ربي وأحق القول قول ربي
" والذين أمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين أووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم "
أنهم الذين رضي الله عنهم وأبلغنا في كتابه عن هذا الرضا فقال
" لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحتالشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريباً "
وأستمع أخي الحبيب إلي هذا الحديث الرقيق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
روى الأمام مسلم عن أبي موسى الأشعري أنه صلى الله عليه وسلم نظر يوماً إلي السماء فقال
" النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون
وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما توعد "
وأنظر أخي الحبيب لقد عاتب الله رسوله في القرآن في صحابته الفقراء كسلمان و بلال فقال
" وأصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغدوة والعشي يريدون وجهه ولا تعدوا عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا "
يا الله يعاتب المصطفي حبيب ربنا جل وعلا بهذه الآيات من أجل هؤلاء الصحابة .
وأستمع لتلك القصة التي تخلع القلب
" مر أبو سفيان على نفر من أصحاب النبي من الفقراء فقالوا والله ما أخذت سيوف الله من عدو الله مأخذها فغضب أبو بكر الصديق لتلك الكلمات
وقال لهم أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدها ثم تركهم وذهب إلي الرسول وأخبره بما قال وبما قالوا فقال له النبي: لعلك أغضبتهم؟
فلئن كنت أغضبتهم فقد اغضبت ربك عز وجل "
يعاتب الرسول صديق الأمة من أجل هؤلاء الصحابة , فمن أغضب الصحابة أغضب الله.
انتهت مقدمتي ولكن أسمحوا لي أن أخبرك بإمام الحلقة المقبلة لكي تستعدوا له ولكي تنصتوا
لقد أسخرنا الله ورأينا أنه ليس من الفقه بل ولا من العلم بل ولا من الحكمة بل ولا من الأدب
أن نتكلم عن الصحابة دون أن نتكلم عن الرسول الذي ربى الصحابة وعلمهم وهداهم إلي الحق.
إنه المصطفى وكفى
وسوف نحاول أن نأخذ من هنا وهناك لكي نقدم النذر اليسير عن نبينا وحبيبنا وأمامنا ,
أنه الرسول الأعظم والنبي الأكرم. أنه سيد ولد أدم ولا فخر.
وأرجوا منكم رجاء أن تفتحوا صدوركم وأن لا تملوا من طول الموضوع لأننا حينما نقوم بإعداد مادة علمية شرعية عن الصحابي حتما سيتسع الوقت منا ولكنا سنسعى مجاهدين على أن نقتصر حتى لا تملوا منا وأنا أقول لكم لو أراد علماء اللغة بأجمعهم أن يقولوا في حق واحد من هؤلاء الصحابة لما أكتفوا من الأوراق والكتابة فكيف بنا نحن , الذين نتكلم من باب حبنا لهم.
إن هؤلاء لن يحصرهم مداد حبر ولا ملء الأرض ورقاً, أنهم صحابة المصطفى وكفى.
..يُتبع
-
مراقبة الأقسام العامة
رقم العضوية : 15
تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
الدين : الإسلام
الجنـس : أنثى
المشاركات : 14,900
- شكراً و أعجبني للمشاركة
- شكراً
- مرة 1
- مشكور
- مرة 4
- اعجبه
- مرة 0
- مُعجبه
- مرة 7
التقييم : 10
معدل تقييم المستوى
: 32
رفع الهمة بهدي سلف الأمة
سلسلة علمية منهجية دعوية , نقدمها لشبابنا في زمن مسخت فيه الهوية وزعزع فيه الانتماء , وسطت فيه الماديات والشهوات على قلوب الشباب والفتيات, واهتزت فيه الثوابت الحقيقية,
لا نقدمها لحضراتكم من باب الترف الفكري , ولا من باب الثقافة الذهنية الباردة الباهتة , التي لا تتعامل إلا مع الأقوال فحسب وتتجاهل الأفعال والأحوال .
لا نقدمها من باب التنظير دون التفعيل والتطبيق والتغيير, ولا من باب القصص والحواديت.
ووالله ما تكلمنا في تلك السلسلة من باب الأهلية وإنما من باب المسؤولية.
نقدمها لكم في زمن قدم فيه كثير من التافهون و الغافلون والخائبون لكي يكونوا القدوة والأسوة , وأخر فيه المتقون الصادقون الصالحون , الذين هم القدوة الفعلية الحقيقية.
لا نقدمها من باب الطرفة الفكرية ولا القصة الخيالية و إنما هي سيرة عملية منهجية نستلهم منها الدروس والعبر ونستمد منها ضوءاً ينير لنا الطريق ومفتاحاً يفتح لنا المغاليق,نقدمها لكي تعي الأمة قدر رجالها وعظمائها , لكي نستل جرثومة الداء ونقف على حقيقة الدواء,من خلال هدي هؤلاء الأتقياء الأنقياء الغر الميامين .
ولقاؤنا اليوم بحول الله ومدده وقوته مع إمام الدعاة وسيد البشر
مع الرسول الاعظم والنبي الاكرم والامام الاول
مع الحجة الدامغة والبينة الواضحه
مع رافع الاصر والاغلال , الداعي إلي خير الاقوال والاعما والاحوال
مع خير الانبياء مقاما , وأحسن الانبياء كلاما ، لبنة تمامهم ومسك ختامهم
مع البشير النذير , السراج المزهر المنير
مع إمام النبين وسيد المتقين وقدوة المحققين و رحمة الله للعالمين
مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم
حياته صلى الله عليه وسلم من مولده إلى بعثته
نَسَبُه صلى الله عليه وسلم
الرسول الأكرم والنبي الأعظم والإمام الأول صلى الله عليه وسلم هو: (محمــد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشــم ابن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مُرة بن كعب بن لُؤَيّ بن غالب بن فِهر بن مالك ابن النَّضر بن كِنانة بن خُزيمة بن مُدركة بن إلياس بن مُضر بن نزار بن معد بن عدنان) (رواه البخاري) ، وعدنان من ولد إسماعيل الذبيح بن إبراهيم عليهما السلام.
وأبوه: عبد الله بن عبد المطلب، كان أجمل قريش (قبيلة قريش) وأحب شبابها إليها، عاش طاهرًا كريمًا حتى تزوج بآمنة بنت وهب أم الرسول صلى الله عليه وسلم.
وأمّه: آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، وزهرة هو أخو قصي بن كلاب جد الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان أبوها سيد بني زهرة.
وجدّه: عبد المطلب بن هاشم، هو سيد قبيلة قريش، أعطته رياستها لخصاله الوافرة، وقوة إرادته، وعزيمته على فعل الخير لكل الناس، وقد اشتهر بحفر بئر (زمزم) التي تسقي الناس بمكة المكرمة إلى يومنا هذا.
مولده صلى الله عليه وسلم
ولد النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الاثنين التاسع وقيل الثاني عشر من ربيع الاول والتاريخ الاول أصح والثاني أشهر , و رأت أمه حين وضعته نورًا خرج منها أضاءت منه قصور بُصرى من أرض الشام.
وقد قال حسان بن ثابت
وأحسن منك لم تر قط عيني وأجمل منك لم تلد النساء
خلقت مبرأ من كل عيب لأنك قد خلقت كما يشاء
ومات أبوه عبد الله، وهو لا يزال جنينًا في بطن أمـــه، فلما ولد كان في حجر جده عبد المطلب يرعاه وينظر حاجته هو وأمه.
مرضعاته صلى الله عليه وسلم
جاءت نسوة من بني سعد بن بكر يطلبن أطفالاً يرضعنهم، فكان الرضيع المبارك من نصيب حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية، واسم زوجها أبو كبشة، ودرّت البركات على أهل ذاك البيت الذين أرضعوه مدة وجوده بينهم، وقد مكث فيهم ما يربو على أربع سنوات.
وقد صحّ أن ثويبة -مولاة أبي لهب- أرضعته قبل أن تذهب به حليمة السعدية.
معجزة شق صدره صلى الله عليه وسلم
وقعت هذه المعجزة للنبي صلى الله عليه وسلم مرتين، الأولى في بادية بني سعد وهو عند مرضعته حليمة، وكان في الرابعة من عمره.
وقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل عليه السلام وهو يلعب مع الغلمان، فأخذه فصرعه فشق عن قلبه فاستخرج القلب، فاستخرج منه علقة فقال: هذا حظ الشيطان منك ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم، ثم لأَمه -أي جمعه وضم بعضه إلى بعض- ثم أعاده في مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمّه -يعني ظِئْره أي مرضعته- فقالوا: إن محمدًا قد قتل، فاستقبلوه وهو منتقع اللون. قال أنس: “ وقد كنتُ أرى أثر المخيط في صدره” .
وأما المرة الثانية التي وقعت فيها تلك المعجزة فقد كانت في ليلة الإسراء كما روى ذلك البخاري ومسلم .
وفاة آمنة أُمّه صلى الله عليه وسلم
خافت حليمة وزوجها على محمد صلى الله عليه وسلم بعد حادثة شق الصدر، فعادا به إلى أُمِّه آمنة، فمكث عندها إلى أن بلغ ست سنين، ثم خرجت به إلى المدينة إلى أخواله بني عدي بن النجار، تزورهم به، ومعها أم أيمن تحضنه، فأقامت عندهم شهرًا ثم رجعت به إلى مكة فتوفيت بالأبواء (قرية على يمين الطريق المتجه إلى مكة المكرمة من المدينة المنورة).
-
مراقبة الأقسام العامة
رقم العضوية : 15
تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
الدين : الإسلام
الجنـس : أنثى
المشاركات : 14,900
- شكراً و أعجبني للمشاركة
- شكراً
- مرة 1
- مشكور
- مرة 4
- اعجبه
- مرة 0
- مُعجبه
- مرة 7
التقييم : 10
معدل تقييم المستوى
: 32
رعاية جّده عبد المطلب له صلى الله عليه وسلم
ترك يُتم النبي صلى الله عليه وسلم في نفسه أبلغ الأثر، إذ وُلد يتيم الأب وماتت أمُّه وهو ابن ست سنين، فلما توفيت ضمّه جدُّه عبد المطلب إليه ورقّ عليه رِقةً لم يرقها على ولده، وقرّبه وأدناه، وإن قومًا من بني مدلج قالوا لعبد المطلب: احتفظ به، فإنّا لم نر قدمًا أشبه بالقدم التي في المقام منه (هي أثر إبراهيم عليه السلام في المقام الإبراهيمي بجوار الكعبة)، فقال عبد المطلب لأبي طالب: اسمع ما يقول هؤلاء، فكان أبو طالب يحتفظ به. فلما حضرت عبدَ المطلب الوفاةُ أوصى أبا طالب بحفظه. ومات عبد المطلب فدفن بالحَجون (جبل بأعلى مكة)، وهو ابن اثنتين وثمانين سنة، ولمحمد يومئذ ثماني سنين، ولا شك أن محمدًا صلى الله عليه وسلم أحسَّ بفقدان جده عبد المطلب لما كان يَحْبُوه به من العطف والرعاية.
كفالة عمه أبي طالب له صلى الله عليه وسلم:
أوصى عبد المطلب ابنه أبا طالب بحفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ورعايته، فلما توفي عبد المطلب ضم أبو طالب رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فكـان معــه، وكان أبو طالب لا مال له، وكان يحبّ محمدًا صلى الله عليه وسلم حبًّا شديدًا لا يحبه ولده، وكـان لا ينام إلا إلى جنبه، ويخرج فيخرج معه، وكان يخصه بالطعام، وكان إذا أكل عيال أبي طالب جميعًا أو فرادى لم يشبعوا، وإذا أكل معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم شبعوا، فيقول أبو طالب: إنك لمبارك.
ومما يدل على شدة محبة أبي طالب إياه، صحبته له في رحلته إلى الشام , فلما آتيا بقرية قرب بصرى خرج عليهم أحد كبار رهبان النصارى وهو بحيرا الراهب فأخذ تسلل الركب حتى وصل إلى النبي فأخذ بيده وقال " هذا سيد العالمين , هذا رسول رب العالمين , هذا أرسله الله رحمة للعالمين " فقالوا وما علمك بذلك
فقال " إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق حجر وشجر إلا خر ساجداً , ولا يسجدان إلا لنبي , وإني اعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة , ولإنا نجده في كتابنا "
ثم طلب من أبي طالب أن يرده إلى مكة خوفاً عليه من اليهود ففعل .
ويبدو أنه في فترة حضانة أبي طالب له ساعده محمد صلى الله عليه وسلم في رعي غنمه، وقد ثبت في البخاري ومسلم أنه عمل على رعيها لأهل مكة، مقابل قراريط.
ولعل ضيق حال أبي طالب هو الذي دفع محمدًا صلى الله عليه وسلم إلى العمل لمساعدته. ورعـي الغنم فيه دربة لرسول الله صلى الله عليه وسلم على رعاية البشر فيما بعد، فقد أَلِفَ العمـل والكفاح منذ طفولته، واعتاد أن يهتم بما حوله، ويبذل العون للآخرين، وربما يذكرنا رعيه للغنم بأحاديثه التي تحث على الإحسان للحيوان.
زوجاته صلى الله عليه وسلم :
المتَّفق عليه من زوجاته ـ صلى الله عليه وسلم ـ إحدى عشرة، توفِّيت اثنتان منهما حال حياته، وهما خديجة وزينب بنت خزيمة، وتُوفى عن تسع نسوة. والقُرشيَّات من زوجاته ست، والعربيات من غير قريش أربع، وواحدة من غير العرب وهي صفية من بني إسرائيل.
فالقرشيات هنَّ:
1 ـ خديجة بنت خويلد، تجتمع مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في جدِّه قُصِي . وهي أول من تزوج وأنجبت له كل أولاده: عبد الله، والقاسم، زينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة، أما إبراهيم فهو من مارية القبطية. تُوفِّيت بمكة قبل الهجرة بثلاث سنين على الأصح.
2 ـ سَوْدة بنت زَمْعَة، تجْتمع مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في جدِّه لُؤَيِّ بن غالب، تزوَّجها بعد وفاة خديجة بقليل، عقَد عليها بمكة، وقيل : دخَل عليها بمكَّة أو المدينة، وتُوفّيت سنة 54 هـ .
3 ـ عائشة بنت أبي بكر الصديق، تجتمع مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في كعب بن لؤَيّ، عقد عليها بعد عقْده على سودة ودخل بها في المدينة، وتُوفِّيت سنة 56 هـ أو بعدها.
4 ـ حَفْصَة بنت عمر بن الخطاب. تجْتمع مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في كعب بن لؤي. تزوَّجها في السنة الثانية أو الثالثة بعد الهجرة، وتُوفِّيت سنة 45 هـ.
5 ـ أم سلمة، واسمها هند، وقيل: رمْلة. تجتمع مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في كعب بن لؤَيّ، تزوّجها بعد وفاة زوجها في السنة الرابعة من الهجرة، وتوفِّيت سنة 58 هـ أو بعدها.
6 ـ أمُّ حبيبة، واسمها رمْلة، وقيل هنْد. وهي بنت أبي سفيان تجْتمع مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في كعْب بن لؤَيّ. عقَد عليْها سنة سبع من الهجرة، وهي في الحبَشة، وتوفِّيت سنة 44 هـ وقيل غير ذلك.
والعربيَّات هن:
1 ـ زينَب بنت جحش: أبوها من مضر، وأمها قرشية، وهي أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم تزوَّجها بعد طلاقها من زيد بن حارثة، سنة 3 هـ أو 4 هـ أو 5 هـ، وتُوفِّيت سنة 20 هـ أو بعدها.
2 ـ جُوَيْرية بنت الحارث المُصْطلَقِيَّة، وقعت في الأسر في غزوة بني المصطلَق، فخلَّصها النبي، وتزوَّجها سنة خمس أو ستٍّ من الهجرة، وتوفِّيت سنة 50 هـ أو بعدها.
3 ـ زينب بنت خُزيمة، كانت تُلقَّب في الجاهلية بأمِّ المساكين، تزوَّجها سنة ثلاث أو أربع من الهجْرة، وتوفِّيت في السَّنة الرَّابعة، ومدة مكْثها عند النبي شهران أو ثلاثة، وقيل ثمانية.
4 ـ ميمونة بنت الحارث، تزوَّجها في السنة السابعة من الهجرة في عُمْرَة القضية، وتُوفِّيت في " سَرف " سنة 51 هـ.
أما غير العربيات فهي صفيَّة بنت حُيَي بن أخْطَب من يهود بني النضير، وقعت في الأسر فاشتراها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من دَحْية، وتزوَّجها في غزوة خيبر سنة سبع من الهجرة، وتُوفِّيت سنة خمسين وقيل بعد ذلك. وتزوَّج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ غير هؤلاء ولم يدْخل بهنَّ. وأما مارية القبطية فلم تكن زوجة حرَّة معقودًا عليها، وإنما كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يتمتَّع بها بملك اليمين، وولَدَت له إبراهيم، وتُوفِّيت سنة 12 أو 16 هـ .
وقد تزوَّج النبي ـ صلَّى الله عليه وسلم ـ هذا العدد على عادة العرب وغيرهم من تعدُّد الزوْجات، ولم تنزل الآية التي حدَّدت التعدُّد بأربع إلا بعد أن تزوَّجهن جميعًا، وقد نهاه الله عن الزيادة عليهن وأمره بإمساكهن جزاءً على اختيارِهِنَّ له مع رقَّة عيْشِهِ وزهده، “ لا يَحِلُّ لك النساء من بعد ولا أن تبدَّل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن “ ( سورة الأحزاب : 52 ) كما حرَّم على أحد أن يتزوج واحدةً منهنَّ بعد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال “ وَمَا كَانَ لَكُم أنْ تُؤْذُوا رَسُول الله ولا أنْ تَنْكِحُوا أزْوَاجَه مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا “ ( سورة الأحزاب : 53 )، ولهذا لم يطلِّق واحدة منْهنَّ حتى تَظَل في كَنَفِه، ويَكُنَّ أزواجه في الجنة.
وما كان زواجه بهنَّ عن شهْوة جنسيَّة طاغية، بل كان لمعانٍ إنسانية كريمة يَطُول بيانها، ولو كان لشهوة لاختارهنَّ أبْكاًرا، لكنهنَّ كنَّ جميعًا ثيِّبات ما عدا عائشة، ولو كان لشهوة ما رفض كثيراتٍ عرضْن أنفسهنَّ عليه هبةً دون مُقابل، وكان زواج كل واحدة بإذن ربه، فقد روى " ما تزوجْت شيئًا من نسائي، ولا زوَّجت شيئًا من بناتي إلا بوحْي جاء لي به جبريل عن ربي عز وجل " ولا يَقدح في ذلك قوله " حُبب إليَّ من دنياكم الطِّيب والنساء، وجُعلت قرَّة عيني في الصلاة " فهو حبُّ رحْمة، جعلتْه ـ صلى الله عليه وسلم ـ يُوصِى بِهِنَّ كثيرًا حتَّى في آخر أيَّامه، وتوضيح كلِّ ذلك في الجزء السادس من " الأسرة تحت رعاية الإسلام .
-
مراقبة الأقسام العامة
رقم العضوية : 15
تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
الدين : الإسلام
الجنـس : أنثى
المشاركات : 14,900
- شكراً و أعجبني للمشاركة
- شكراً
- مرة 1
- مشكور
- مرة 4
- اعجبه
- مرة 0
- مُعجبه
- مرة 7
التقييم : 10
معدل تقييم المستوى
: 32
زواجه صلى الله عليه وسلم من خديجة بنت خويلد رضي الله عنها:
لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسًا وعشرين سنة، تزوج خديجة بنت خويلد، وهي من سيدات قريش، ومن فضليات النساء، وكانت أرملة توفي زوجها أبو هالة، وكانت إذ ذاك في الأربعين من عمرها، وقيل في الثامنة والعشرين، وكانت امرأة تاجرة، تستأجر الرجال في مالها، وتضاربهم بشيء تجعله لهم.
وخديجة رضي الله عنها أول امرأة يتزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يتزوج عليها في حياتها، وولدت له كل ولده إلا إبراهيم، فولدت القاسم وعبد الله (الملقب بالطيب والطاهر)، وثلاث بنات هن: أم كلثوم، ثم فاطمة، ثم رقية. أما إبراهيم فقد ولدته مارية القبطية التي أهداها له مقوقس مصر.
وقد مات القاسم وعبد الله قبل الإسلام، أما البنات فأدركن الإسلام وأسلمن رضي الله عنهن، وتوفيت خديجة رضي الله عنها قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بثلاث سنين.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يثني عليها، ويظهر محبتها وتأثره لدى ذكرها بعد وفاتها، فقد كانت لها مواقف عظيمة في الإسلام، وفي نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم والإيمان به.
مظاهر من حفظ الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم قبل بعثته:
1 - حفظه صغيرًا بداية من إرضاعه واصطفائه من أوسط النسب وأشرفه، وولادته من نكاح صحيح وليس من سفاح باطل.
2 - كفالة جده عبد المطلب -وهو سيد قريش- له طفلاً إلى أن بلغ الثامنة من عمره وتوفي جدّه، فانتقل إلى كفالة عمه أبي طالب -وهو سيد قريش أيضًا- وفـي ذلك ما فيه من المنعة. والتاريخ يحدّث بحب عبد المطلب وأبي طالب الشديد للرسول صلى الله عليه وسلم.
3 - حفظه شابًا من أن يقع فيما يقع فيه الشباب من الفحش والخنا، والأدلة على ذلك كثيرة منثورة في كتب السيرة، وقد اشتهر صلى الله عليه وسلم بين قومه وهو شاب بالصدق والأمانة.
4 - حفظ قلبه طاهرًا فلم يعبد إلهًا غير الله عز وجل، ولم يسجد لصنم، ولم يتمسح بوثن، ولم يحلف بغير الله، هذا مع بغضه الشديد لآلهة قومه (اللات والعُزّى وغيرهما).
5 - إعداده إعدادًا معصومًا من نزغ الشيطان ونفثه، وحفظ باطنه صحيحًا، وقد تجلى هذا في حادثة شق الصدر الأولى والثانية.
وجملة القول: إن الله تعالى هيأ لرسوله صلى الله عليه وسلم من الحفظ والرعاية ما جعله جديرًا بتلقي الرسالة الخاتمة لهداية البشر.
البشارات برسالته صلى الله عليه وسلم:
جاءت في القرآن الكريم بشارة عيسى عليه السلام لقومه ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم، قال الله عز وجل: (وإذ قال عيسى بن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقًا لما بين يديَّ من التوراة ومبشرًا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين) (الصف:6).
وجاءت في إنجيل برنابا عبارات مصرحة باسم النبي صلى الله عليه وسلم، مثل العبارة: (163/7: أجاب التلاميذ: يا معلم! مَن عسى أن يكون ذلك الرجل الذي تتكلم عنه، الذي سيأتي إلى العالم، أجاب يسوع بابتهاجِ قلبٍ: إنه محمد رسول الله).
وتكررت مثل هذه العبارات في إنجيل برنابا (حرمت الكنسية تداوله في آخر القرن الخامس الميلادي وهو الآن مطبوع) ، وكذلك في إنجيل لوقا (2/14) بلفظ: (أحمد)، وفي إنجيل يوحنا جاءت البشارة بلفظ: (الفار قليط)، ومعناها الحامد أو الحمّاد أو أحمد.
وفي التوراة كان الإخبار والتبشير بنبوته صلى الله عليه وسلم، ولكن يد التحريف طالتها، قال الله عز وجل: (الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل والقرآن، يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث، ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم) (الأعراف:157).
قال ابن تيمية (في الجواب الصحيح) : (والأخبار بمعرفة أهل الكتاب بصفة محمد صلى الله عليه وسلم عندهم في الكتب المتقدمة متواترة عنهم). هذا عدا ما كانت تحدث به يهود، ورهبان النصارى، والعرب وكثير من الأمم بأن نبيًا قد اقترب زمانه وآن أوانه.
والبشارات برسالته صلى الله عليه وسلم كثيرة، يضيق المقام عن حصرها، وتلتمس في مظانها.
أسماؤه صلى الله عليه وسلم:
للنبي أسماء عديدة ومنها على سبيل المثال لا الحصر :
فعن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لي خمسة أسماء: أنا محمد، وأحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب” . رواه البخاري ومالك وغيرهما وراه مسلم بلفظ أخر
صفته صلى الله عليه وسلم :
كان صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل البائن ، ولا بالقصير ، ولا بالأبيض الأمهق (أي ليس شديد البياض) ، ولا الآدم (الأسمر) ، ولا بالجعد القطط (لم يكن ذا شعر ملتو قصير) ، ولا السبط (المسترسل)، رَجَل الشعر (بين البسط والجعد) ، أزهر اللون (أبيض مشرق) ، مشرباً بحمرة في بياض ساطع ، كأن وجهه القمر حسناً ، ضخم الكراديس (المفاصل) ، أوطف الأشفار (طول شعر الجفنين) ، أدعج العينين (شديد سوادها وبياضها مع اتساعها) ، في بياضهما عروق حمر رقاق ، حسن الثغر ، واسع الفم ، حسن الأنف ، إذا مشى كأنه يتكفأ (يندفع إلى الأمام) ، إذا التفت التفت بجميعه، كثير النظر إلى الأرض ، ضخم اليدين لينهما، قليل لحم العقبين، كث اللحية واسعها، أسود الشعر، ليس لرجليه أخمص (باطن القدم)، إذا طوّل شعره فإلى شحمة أذنيه (أسفلها)، وإذا قصّره فإلى أنصاف أذنيه، لم يبلغ شيب رأسه ولحيته عشرين شيبه وكان على نُغض (العظم الرقيق) كتفه الأيسر خاتم النبوة كأنه بيضة حمام، لونه لون جسده، عليه خيلان (جمع خال وهي الشامة)، ومن فوقه شعرات .
شهوده صلى الله عليه وسلم بنيان الكعبة ( قصة التحكيم ):
لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خمساً وثلاثين سنة شهد بنيان الكعبة، وتراضت قريش بحكمه فيها ، وكانوا قد اختلفوا فيمن يضع الحجر الأسود مكانه فاتفقوا على أن يحكم بينهم أول داخل يدخل المسجد، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: هذا الأمين ، فقال: هلموا ثوباً ، فوضع الحجر فيه وقال: لتأخذ كل قبيلة بناحية من نواحيه وارفعوه جميعاً ، ثم أخذ الحجر بيده فوضعه في مكانه.
-
مراقبة الأقسام العامة
رقم العضوية : 15
تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
الدين : الإسلام
الجنـس : أنثى
المشاركات : 14,900
- شكراً و أعجبني للمشاركة
- شكراً
- مرة 1
- مشكور
- مرة 4
- اعجبه
- مرة 0
- مُعجبه
- مرة 7
التقييم : 10
معدل تقييم المستوى
: 32
بدأ الوحي:
عن عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها قالت: أول ما بُدِئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلاّ جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبّب إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء، فيتحنّث فيه - أي يتعبّد - الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله، ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال: “اقرأ، قال ما أنا بقارئ، قال: فأخذني فغطّني - أي ضمّني ضماً شديداً - حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، قلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطّني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ، فقلت ما أنا بقارئ فأخذني فغطّني الثالثة، ثم أرسلني فقال: “اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم.” (العلق/ 1-3)، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد رضي الله عنها فقال: زمّلوني زمّلوني - أي ضعوا عليّ غطاءً - ، فزمّلوه حتى ذهب عنه الروع - يعني الخوف -، فقال لخديجة وأخبرها الخبر: لقد خشيت على نفسي، فقالت خديجة: كلا والله ما يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكلّ -أي المريض المتعب -، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق - يعني الموت -.
فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزّى، ابن عم خديجة، وكان امرءاً تنصّر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ماشاء الله أن يكتب، وكان شيخاً كبيراً قد عمي، فقالت له خديجة: يا ابن العم اسمع من ابن أخيك . فقال له ورقة: يا ابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى ، فقال له ورقة: هذا النّاموس الذي نزّل الله على موسى - يعني جبريل عليه السلام-، يا ليتني فيها جذعٌ - أي شاب -، ليتني أكون حيًّا إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أو مخرجي هم؟ قال: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً، ثم لم ينشب - يلبث - ورقة أن توفي، وفتر الوحي - أي انقطع فترة –“ .(رواه البخاري ومسلم).
تتابع نزول الوحي وكيفيته :
استمر الرسول صلى الله عليه وسلم في تعبده في غار حراء، فعاد الوحي وكان أول ما نزل بعد فترة انقطاعه الأولى قوله تعالى: “يا أيها المدثر”. ثم أبطأ الوحي عدة ليال فقال المشركون: قد ودّع محمداً ربُّه، فأنزل الله عز وجل” والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى“ (الضحى/ 1-3).
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم حريصاً على حفظ القرآن فيحرك لسانه به، فنزلت الآية: “لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه “ (القيامة/9).
وقد كان يأتيه الوحي مثل صلصلة الجرس - وهو أشد الوحي عليه - فيفصم عنه وقد وعى عنه ما قال، وأحياناً كان يأتيه الملك على هيئة رجل فيكلمه فيعي ما يقول. والمشهور أن نزول الوحي استغرق ثلاثاً وعشرين سنة منها ثلاثة عشر عاماً بمكة، وعشر سنين بالمدينة.
أوائل المسلمين إسلاماً:
كانت خديجة رضي الله عنها أول من آمن، ثم آمن من الصبيان عليّ رضي الله عنه، ثم آمن من الرجال أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وزيد بن حارثة، وبلال بن رباح، وسعد بن أبي وقاص، وعثمان بن عفان ، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وخالد بن سعيد بن العاص، وعبد الله بن مسعود، وخباب بن الأرت، وعمار بن ياسر، وعمرو بن عبسة السلمي، وأبو ذر الغفاري، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة بن الجراح، وعثمان بن مظعون، وسعيد بن زيد، وأسماء بنت أبي بكر، وفاطمة بنت الخطاب، وخلق آخرون، ثم عمر بن الخطاب الذي قيل إن الله أتم به أربعين من الصحابة، وقبله أسلم حمزة بن عبد المطلب عمّ الرسول صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاعة ، وأسلم أيضاً المقداد بن الأسود ولكنه كان يكتم إيمانه، رضي الله عنهم أجمعين.
وأسلم الطفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه، ودعا قومه إلى الإسلام ولقي منهم صدوداً ، فطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعو عليهم، ولكن الرسول دعا لهم بالهداية، فهداهم الله وجاءت دوس مسلمة لله ورسوله بعد عدة سنوات .
استماع الجن للقرآن وإسلامهم :
انطلق قوم من الجن - بعد أن حيل بين الجن وبين خبر السماء - نحو تهامة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنخلة - مكان على مسيرة ليلة من مكة - وهو عامد إلى سوق عكاظ، وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر، فلما سمعوا القرآن تسمّعوا له، فقالوا هذا الذي حال بينكم وبين خب السماء، فهنالك رجعوا إلى قومهم فقالوا: " إنا سمعنا قرآناً عجباً يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحداً.."(الجنّ/ 1-2 )، وأوحى الله عز وجل إلى رسوله صلى الله عليه وسلم قولهم هذا، وقد دعا الجنُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الحادثة، وذهب وقرأ عليهم القرآن ، ثم عاد وأرى أصحابه آثارهم ونيرانهم.
-
مراقبة الأقسام العامة
رقم العضوية : 15
تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
الدين : الإسلام
الجنـس : أنثى
المشاركات : 14,900
- شكراً و أعجبني للمشاركة
- شكراً
- مرة 1
- مشكور
- مرة 4
- اعجبه
- مرة 0
- مُعجبه
- مرة 7
التقييم : 10
معدل تقييم المستوى
: 32
الدعوة السرّيّة إلى الإسلام :
بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الإسلام، من أول ما أنزلت عليه النبوة ثلاث سنين مستخفياً، ثم أُمر بإظهار الدعوة بنزول قول الله عز وجل: " وأنذر عشيرتك الأقربين " (الشعراء/ 214).
صبره صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه على إيذاء المشركين
جاهرت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعداوة والأذى، وكان عمه أبو طالب يمنعهم مع بقائه على دين قومه، في حين أن عمه أبا لهب كان أشد قومه وأولهم إيذاءً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، واشتركت بطون قريش ورجال منها في إيذائه كذلك، واشتدوا في هذا الإيذاء، يعذبون من لا منعة - حماية - عنده ويؤذون من لا يقدرون على عذابه، والإسلام على هذا ينتشر في الرجال والنساء، ولقي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من العذاب أمراً عظيماً، ورزقهم الله تعالى على ذلك من الصبر أمراً عظيماً .
بعض مظاهر أذى قريش للمسلمين:
1- الضرر المادي والسب العلني:
ومن ذلك وضعهم بقايا الحيوانات ودماءها ومشيمتها بين كتفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو ساجد. وقد خنق عقبة بن أبي معيط رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي في فناء مكة، وكانت قريش تسبّ الرسول صلى الله عليه وسلم وتقول له مذمم - من الذم وهو عكس الحمد -، وتسبّ القرآن ومن أنزله ومن جاء به، وقد اجتمعت قريش لقتل الرسول صلى الله عليه وسلم مما كان سبباً مباشراً للهجرة إلى المدينة .
ومن أذى المشركين للمسلمين طعن أبي جهل للسيدة سمية أم عمار بن ياسر بحربة في فرجها فقتلها، وطرحهم لبلال بن رباح على الرمضاء في حر مكة، وإلقاؤهم صخرة عظيمة على بطنه بعد أن ألبسوه درعاً من الحديد في الحرّ الشديد.
2- السخرية والاستهزاء والضرر النفسي:
وهذا من الأساليب التي اتبعتها قريش في الإيذاء، حيث اتهموا الرسول صلى الله عليه وسلم بالكذب وبالسحر وبالكهانة، ووضعوا في عنق بلال بن رباح حبلاً وأسلموه للصبيان ليطوفوا به شعاب مكة وهو يقول : أحد أحد، وغير ذلك من الأمثلة التي تبين مدى استهزائهم بالمسلمين .
3- الحصار الاقتصادي والاجتماعي:
لم يمنع الإيذاء البدني والنفسي الناس عن الدخول في الإسلام فتعاقد كفّار قريش على بني هاشم وبني المطلب - وهم بطن النبي صلى الله عليه وسلم من قريش - ألا يناكحوهم ولا يبايعوهم ولا يكلموهم ولا يجالسوهم، وكتبوا في ذلك صحيفة، وحصروهم في شعب أبي طالب مدة طويلة (قيل ثلاث سنوات أو أقل) وقد كان الحصار كاملاً بمعنى الكلمة، وذلك حتى يسلموا رسول الله صلى الله عليه وسلم للقتل، ولكن الله عصمه رغم البلاء والشدة.
-
مراقبة الأقسام العامة
رقم العضوية : 15
تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
الدين : الإسلام
الجنـس : أنثى
المشاركات : 14,900
- شكراً و أعجبني للمشاركة
- شكراً
- مرة 1
- مشكور
- مرة 4
- اعجبه
- مرة 0
- مُعجبه
- مرة 7
التقييم : 10
معدل تقييم المستوى
: 32
هجرة المسلمين الأولى والثانية إلى الحبشة :
حينما اشتد البلاء والفتنة والإيذاء على المسلمين في مكة، قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن بأرض الحبشة ملكاً لا يظلم أحد عنده، فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجاً ومخرجاً مما أنتم فيه" (رواه البخاري).
فخرج المسلمون حتى نزلوا بالحبشة فأكرمهم النجاشي وأمّنهم، وكان أول من هاجر من المسلمين عثمان بن عفان وزوجته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأما الثانية فكان عدد الذين هاجروا فيها اثنين وثمانين رجلاً وثماني عشرة امرأة، وأبناؤهم ، وسببها أن المهاجرين الأوائل سمعوا بإسلام قريش فعاد بعضهم ومنهم عثمان بن عفان وزوجته فلم يجدوا قريشاً أسلمت، ووجدوا المسلمين في بلاء عظيم وشدة، فهاجروا مرة أخرى ومعهم هذا العدد الكبير.
وفاة أبي طالب وخديجة رضي الله عنها
ما إن أعز الله الإسلام بعمر بن الخطاب، وحمزة بن عبد المطلب، وخروج بني هاشم من شعب أبي طالب، حتى توفي أبو طالب في أواخر العام العاشر من البعثة. وبموته فقد الرسول صلى الله عليه وسلم سنداً كبيراً، لم يجد من يقوم مقامه من بني هاشم، ولذلك بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على القبائل ليطلب نصرتها، ورحل إلى الطائف لأجل تلك النصرة ولكنها لم تحدث . فقد خذله أهل الطائف وسلطوا عليه صبيانهم فقذفوه بالحصى حتى أدموا قدميه واستهزءوا به كثيراً ولكن هذا لم يجعله ييأس صلى الله عليه وسلم .
وتوفيت خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها في نفس العام، ففقد الرسول صلى الله عليه وسلم سنداً ثانياً من داخل كيانه الأسري.
الإسراء والمعراج
في تلك الظروف الصعبة كانت المواساة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بحادثة الإسراء والمعراج، يقول الله عز وجل: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير) (الإسراء/ 1). وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال: "كان أبو ذر يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "فرج سقف بيتي وأنا بمكة، فنزل جبريل ففرج صدري ثم غسله بماء زمزم، ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيماناً فأفرغه في صدري ثم أطبقه، ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء الدنيا.."، وفي رواية لمسلم: "أتيت بالبراق - وهو دابة - أبيض طويل ، فوق الحمار، ودون البغل، يضع حافره عند منتهى طرفه، قال: فركبته حتى أتيت بيت المقدس، قال فربطته بالحلقة التي يربط بها الأنبياء، قال ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت، فجاءني جبريل -عليه السلام- بإناء من خمر وإناء من لبن، فاخترت اللبن، فقال جبريل: اخترت الفطرة، قال ثم عرج بنا إلى السماء..".
وقصة الإسراء والمعراج مبسوطة في الصحاح ، وقد لقي صلى الله عليه وسلم في معراجه الأنبياء آدم، ويوسف، وإدريس، وعيسى، ويحيي، وهارون، وموسى، وإبراهيم، عليهم السلام وصلى بهم إمام كما في الحديث الذي ذكر في البخاري ومسلم، وسمع صريف الأقلام، وفرضت عليه الصلاة، ثم رفع إلى سدرة المنتهى، ثم رفع له البيت المعمور في السماء السابعة، ورأى نهر الكوثر وأنهار الجنة ورأى جبريل عليه السلام على هيئته، ورأى أقواماً يعذبون على جرائمهم .
ورغم أن حادثة الإسراء والمعراج كانت مواساة وتطميناً للرسول صلى الله عليه وسلم إلا أنها كانت فتنة لبعض المسلمين وللكافرين ممن لم يصدقوا بها، وجمهور العلماء على أن الإسراء كان يقظة بالروح وبالجسد. وقد تجلى تصديق الصديق للنبي في هذه الواقعة إذ استوي على عرش اليقين يقينه واستوى على عرش التصديق تصديقه ورفع شعار إذا تشككت الصدور وتأزمت الامور فإن كان قد قال فقد صدق .
وأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم يحث المؤمنين على الهجرة إلى يثرب، ويثرب هي دار الهجرة التي أريها الرسول صلى الله عليه وسلم في منامه، وكثر دخول الأوس والخزرج - قبيلتان من يثرب المدينة - في الإسلام، وبعد إذن رسول الله صلى الله عليه وسلم للمؤمنين بالهجرة خرج المسلمون أرسالاً - جماعات وفرادى - رغم كل العقبات والصعاب التي وضعتها قريش واعترضت بها المهاجرين.
وكان أول من هاجر من مكة إلى المدينة أبو سلمة بن عبد الأسد، ومن أوائل من هاجروا مصعب بن عمير، وعبد الله بن أم مكتوم، وبلال بن رباح، وسعد بن أبي وقاص، وعمار بن ياسر، وعمر بن الخطاب في عشرين من الصحابة، وتبعهم كبار الصحابة وصغارهم بعد ذلك، ولم يبق بمكة إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلي بن أبي طالب، وأبي بكر الصديق، ومن حبس كرهاً.
معالم من هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة :
الهجرة يا سادة تبين لنا كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم مخطط بارع وقائد فعال وإليكم التفصيل :
عندما عرف النبي أن موعد الهجرة قد حان فخطط لها كثيرا فكان من هذا التخطيط أنه لما اعتزمت قريش قتل النبي صلى الله عليه وسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعي بن أبي طالب: نم على فراشي، وتسجّ - أي تغطّ - ببردي هذا الحضرمي الأخضر فنم فيه، ثم خرج الرسول صلى الله عليه وسلم من بينهم - أي من بين الكفار الذين اجتمعوا ببابه وعلى رأسهم أبو جهل - سالماً بإذن الله . قال تعالي " (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك. ويمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين) (الأنفال/30)
• رتب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر للهجرة، وأعدّا لها عدتها ووضعا لها خطتها، وانطلقا إلى غار ثور.
• علف أبو بكر راحلتين كانتا عنده أربعة أشهر، ودفع بهما إلى الدليل - عبد الله بن أريقط- وكان على دين الكفار، وواعده غار ثور بعد ثلاث ليال بالراحلتين، وأما أسماء بنت أبي بكر - ذات النطاقين - فكانت تأتيهما بالطعام، وكان عبد الله بن أبي بكر يبيت عندهما ويعو قبيل الصبح، فيصبح مع قريش بمكة كبائت فيها، فيتسمع لهما الأخبار، وأما عامر بن فهيرة مولى أبي بكر فكان يرعى غنماً يريحها عليهما ساعة من العشاء، فيأخذان منها حـاجتهما من اللبن، (البخاري، باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم )
• انطلق الركب المبارك، رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر والدليل وعامر بن فهيرة، فأخذوا طريق السواحل ، وكانت قريش قد رصدت جائزة لمن يدل على محمد أو يأتي به، فلحقهم سراقة بن مالك بن جُعشم، طمعاً في الجائزة فلما قرب منهم عثرت فرسه، ثم ساخت يداها في الرض حتى بلغتا الركبتين، ورأى غباراً ساطعاً إلى السماء مثل الدخان، فنادى بالأمان، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: أخف عنّا، وكتب له كتاباً بالأمان. ولقيا الزبير بن العوام قافلاً من تجارة بالشام فكساهما الزبير ثياب بياض.
• كان المسلمون بالمدينة يغدون كل غداة إلى الحرّة، ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يردّهم حرّ الظهيرة، فرآه يهودي فقال بأعلى صوته: يا معاشر العرب هذا جدّكم الذي تنتظرون، فصار المسلمون إلى السلاح، فتلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل إن عدد الذين استقبلوه خمسمائة من الأنصار، فأحاطوا بالرسول صلى الله عليه وسلم وبأبي بكر، وأهل المدينة يتنادون: جاء نبي الله، جاء نبي الله صلى الله عليه وسلم، وصعد الرجال والنساء فوق البيوت، وتفرق الغلمان في الطرق ينادون، يا محمد يا رسول الله، يا محمد يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الصحابي البراء بن عازب: ما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم برسول الله صلى الله عليه وسلم.
• ]بِنَاءُ مَسْجِدِ قُبَاءٍ [:
كان وصول رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين من شهر ربيع الأول، ولبث في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة، وأسس المسجد الذي أُسس على التقوى - مسجد قباء - وصلّى فيه، ثم ركب راحلته، فسار يمشي معه الناس حتى بركت عند مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقل: هذا إن شاء الله المنزل، ثم بناه رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجداً.
-
مراقبة الأقسام العامة
رقم العضوية : 15
تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
الدين : الإسلام
الجنـس : أنثى
المشاركات : 14,900
- شكراً و أعجبني للمشاركة
- شكراً
- مرة 1
- مشكور
- مرة 4
- اعجبه
- مرة 0
- مُعجبه
- مرة 7
التقييم : 10
معدل تقييم المستوى
: 32
[ خُرُوجُهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ قُبَاءٍ وَسَفَرُهُ إلَى الْمَدِينَةِ ]
ثُمّ أَخْرَجَهُ اللّهُ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ . وَبَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ يُزْعِمُونَ أَنّهُ مَكَثَ فِيهِمْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَاَللّهُ أَعْلَمُ أَيّ ذَلِكَ كَانَ . فَأَدْرَكَتْ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْجُمُعَةُ فِي بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ ، فَصَلّاهَا فِي الْمَسْجِدِ الّذِي فِي بَطْنِ الْوَادِي ، وَادِي رَانُونَاءَ ، فَكَانَتْ أَوّلَ جُمُعَةٍ صَلّاهَا بِالْمَدِينَةِ .
[ اعْتِرَاضُ الْقَبَائِلِ لَهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ تَبْغِي نُزُولَهُ عِنْدَهَا ]
فَأَتَاهُ عِتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ ، وَعَبّاسُ بْنُ عُبَادَةَ بْنِ نَضْلَةَ فِي رِجَالٍ مِنْ بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللّهِ . أَقِمْ عِنْدَنَا فِي الْعَدَدِ وَالْعِدّةِ وَالْمَنَعَةِ قَالَ خَلّوا سَبِيلَهَا ، فَإِنّهَا مَأْمُورَةٌ لِنَاقَتِهِ فَخَلّوا سَبِيلهَا ، فَانْطَلَقَتْ حَتّى إذَا وَازَنَتْ دَارَ بَنِي بَيّاضَةَ ، تَلَقّاهُ زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ ، وَفَرْوَةُ بْنُ عَمْرٍو ، فِي رِجَالٍ مِنْ بَنِي بَيّاضَةَ [ ص 495 ] فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللّهِ هَلُمّ إلَيْنَا ، إلَى الْعَدَدِ وَالْعِدّةِ وَالْمَنَعَةِ قَالَ خَلّوا سَبِيلَهَا فَإِنّهَا مَأْمُورَةٌ فَخَلّوْا سَبِيلَهَا . فَانْطَلَقَتْ حَتّى إذَا مَرّتْ بِدَارِ بَنِي سَاعِدَةَ ، اعْتَرَضَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ ، وَالْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو ، فِي رِجَالٍ مِنْ بَنِي سَاعِدَةَ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللّهِ هَلُمّ إلَيْنَا إلَى الْعَدَدِ وَالْعِدّةِ وَالْمَنَعَةِ قَالَ خَلّوا سَبِيلَهَا ، فَإِنّهَا مَأْمُورَةٌ فَخَلّوْا سَبِيلَهَا ، فَانْطَلَقَتْ حَتّى إذَا وَازَنَتْ دَارَ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ ، اعْتَرَضَهُ سَعْدُ بْنُ الرّبِيعِ ، وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ وَعَبْدُ اللّهِ بْنُ رَوَاحَةَ ، فِي رِجَالٍ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللّهِ هَلُمّ إلَيْنَا إلَى الْعَدَدِ وَالْعِدّةِ وَالْمَنَعَةِ قَالَ خَلّوا سَبِيلَهَا ، فَإِنّهَا مَأْمُورَةٌ فَخَلّوْا سَبِيلَهَا .
فَانْطَلَقَتْ حَتّى إذَا مَرّتْ بِدَارِ بَنِي عَدِيّ بْنِ النّجّارِ ، وَهُمْ أَخْوَالُهُ دِنْيَا - أُمّ عَبْدِ الْمُطّلِبِ سَلْمَى بِنْتُ عَمْرٍو ، إحْدَى نِسَائِهِمْ - اعْتَرَضَهُ سَلِيطُ بْنُ قَيْسٍ ، وَأَبُو سَلِيطٍ أُسَيْرَةُ بْنُ أَبِي خَارِجَةَ فِي رِجَالٍ مِنْ بَنِي عَدِيّ بْنِ النّجّارِ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللّهِ هَلُمّ إلَى أَخْوَالِك ، إلَى الْعَدَدِ وَالْعِدّةِ وَالْمَنَعَةِ قَالَ خَلّوا سَبِيلَهَا فَإِنّهَا مَأْمُورَةٌ فَخَلّوْا سَبِيلَهَا ، فَانْطَلَقَتْ .
[ مَبْرَك نَاقَتهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِدَارِ بَنِي مَالِكِ بْنِ النّجّارِ ]
حَتّى إذَا أَتَتْ دَارَ بَنِي مَالِكِ بْنِ النّجّارِ ، بَرَكَتْ عَلَى بَابِ مَسْجِدِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَهُوَ يَوْمئِذٍ مِرْبَدٌ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ مِنْ بَنِي النّجّارِ ، ثُمّ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ النّجّارِ ، وَهُمَا فِي حِجْرِ مُعَاذِ بْنِ عَفْرَاءَ ، سَهْلٍ وَسُهَيْلٍ ابْنَيْ عَمْرٍو . فَلَمّا بَرَكَتْ وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَيْهَا لَمْ يَنْزِلْ وَثَبَتَ فَسَارَتْ غَيْرَ بِعِيدٍ وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَاضِعٌ لَهَا زِمَامَهَا لَا يَثْنِيهَا بِهِ ثُمّ الْتَفَتَتْ إلَى خَلْفِهَا ، فَرَجَعَتْ إلَى مَبْرَكِهَا أَوّلَ مَرّةٍ فَبَرَكَتْ فِيهِ ثُمّ تَحَلْحَلَتْ وَزَمّتْ وَوَضَعَتْ [ ص 496 ] فَنَزَلَ عَنْهَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَاحْتَمَلَ أَبُو أَيّوبَ خَالِدُ بْنُ زَيْدٍ رَحْلَهُ فَوَضَعَهُ فِي بَيْتِهِ وَنَزَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَسَأَلَ عَنْ الْمِرْبَدِ لِمَنْ هُوَ ؟ فَقَالَ لَهُ مَعَاذُ بْنُ عَفْرَاءَ : هُوَ يَا رَسُولَ اللّهِ لِسَهْلٍ وَسُهَيْلٍ ابْنَيْ عَمْرٍو ، وَهُمَا يَتِيمَانِ لِي ، وَسَأُرْضِيهِمَا مِنْهُ فَاِتّخِذْهُ مَسْجِدًا
[ بِنَاءُ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ وَمَسَاكِنِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ]
قَالَ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنْ يُبْنَى مَسْجِدًا ، وَنَزَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَى أَبِي أَيّوبَ حَتّى بَنَى مَسْجِدَهُ وَمَسَاكِنَهُ فَعَمِلَ فِيهِ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِيُرَغّبَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْعَمَلِ فِيهِ فَعَمِلَ فِيهِ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ ، وَدَأَبُوا فِيهِ فَقَالَ قَائِلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ
لَئِنْ قَعَدْنَا وَالنّبِيّ يَعْمَلُ ... لَذَاكَ مِنّا الْعَمَلُ الْمُضَلّلُ
وَارْتَجَزَ الْمُسْلِمُونَ وَهُمْ يَبْنُونَهُ يَقُولُونَ
لَا عَيْشَ إلّا عَيْشَ الْآخِرَهْ ... اللّهُمّ ارْحَمْ الْأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَهْ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : هَذَا كَلَامٌ وَلَيْسَ بِرَجَزٍ . قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَيَقُولُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَا عَيْشَ إلّا عَيْشَ الْآخِرَةِ ، اللّهُمّ ارحَمْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ
[مَنْزِلُهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ بَيْتِ أَبِي أَيّوبَ وَشَيْءٌ مِنْ أَدَبِهِ فِي ذَلِكَ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَأَقَامَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي بَيْتِ أَبِي أَيّوبَ حَتّى بُنِيَ لَهُ مَسْجِدُهُ وَمَسَاكِنُهُ ثُمّ انْتَقَلَ إلَى مَسَاكِنِهِ مِنْ بَيْتِ أَبِي أَيّوبَ رَحْمَةُ اللّهُ عَلَيْهِ وَرِضْوَانُهُ . قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ ، عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ اليَزَنيّ عَنْ أَبِي رُهْمٍ السّمَاعِيّ قَالَ حَدّثَنِي أَبُو أَيّوبَ قَالَ لَمّا نَزَلَ عَلَيّ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي بَيْتِي ، نَزَلَ فِي السّفْلِ وَأَنَا وَأُمّ أَيّوبَ فِي الْعُلْوِ فَقُلْت لَهُ يَا نَبِيّ اللّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمّي ، إنّي لَأَكْرَهُ وَأُعْظِمُ أَنْ أَكُونَ فَوْقَك ، وَتَكُونَ تَحْتِي ، فَاظْهَرْ أَنْتَ فَكُنْ فِي الْعُلْوِ وَنَنْزِلَ نَحْنُ فَنَكُونَ فِي السّفْلِ فَقَالَ يَا أَبَا أَيّوبَ إنّ أَرْفَقَ بِنَا وَبِمَنْ يَغْشَانَا ، أَنْ نَكُونَ فِي سُفْلِ الْبَيْتِ قَالَ فَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي سُفْلِهِ وَكُنّا فَوْقَهُ فِي الْمَسْكَنِ [ ص 499 ] بِقَطِيفَةٍ لَنَا ، مَا لَنَا لِحَافٌ غَيْرَهَا ، نُنَشّفُ بِهَا الْمَاءَ تَخَوّفًا أَنْ يَقْطُرَ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْهُ شَيْءٌ فَيُؤْذِيَهُ . قَالَ وَكُنّا نَصْنَعُ لَهُ الْعَشَاءَ ثُمّ نَبْعَثُ بِهِ إلَيْهِ فَإِذَا رَدّ عَلَيْنَا فَضْلَهُ تَيَمّمْت أَنَا وَأُمّ أَيّوبَ مَوْضِعَ يَدِهِ فَأَكَلْنَا مِنْهُ نَبْتَغِي بِذَلِكَ الْبَرَكَةَ ، حَتّى بَعَثْنَا إلَيْهِ لَيْلَةً بِعَشَائِهِ وَقَدْ جَعَلْنَا لَهُ بَصَلًا أَوْ ثُومًا ، فَرَدّهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَلَمْ أَرَ لِيَدِهِ فِيهِ أَثَرًا . قَالَ فَجِئْتُهُ فَزِعًا ، فَقُلْت : يَا رَسُولَ اللّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمّي ، رَدَدْتَ عَشَاءَك ، وَلَمْ أَرَ فِيهِ مَوْضِعَ يَدِك ، وَكُنْتَ إذَا رَدَدْته عَلَيْنَا ، تَيَمّمْت أَنَا وَأُمّ أَيّوبَ مَوْضِعَ يَدِك ، نَبْتَغِي بِذَلِكَ الْبَرَكَةَ ؛ قَالَ إنّي وَجَدْت فِيهِ رِيحَ هَذِهِ الشّجَرَةِ ، وَأَنَا رَجُلٌ أُنَاجِي ، فَأَمّا أَنْتُمْ فَكُلُوهُ قَالَ فَأَكَلْنَاهُ وَلَمْ نَصْنَعْ لَهُ تِلْكَ الشّجَرَةَ بَعْدُ .
|
|
المفضلات