أخي أنت مالكي وسأذكر لك فتوى للإمام مالك نقلها بن عبد البر في كتاب الكافي :
قال ابن عبد البر في الكافي (1/463): ”.. وسأل العمري العابد – وهو عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله [بن عبد الله] بن عمر بن الخطاب سأل مالك بن أنس فقال: يا أبا عبد الله أيسعنا التخلف عن قتال من خرج عن أحكام الله عز وجل وحكم بغيرها؟ فقال مالك: الأمر في ذلك إلى الكثرة والقلة . انتهى
المتأمل في صيغة السؤال الموجه للإمام مالك رحمه الله يجد أن السائل لا يسأل عن جواز قتال من يحكم بغير ما أنزل الله، وإنما يسأل عن جواز التخلف عن قتالهم، فإذا علمنا أن السائل هو عبد الله بن عبد العزيز العمري العالم الزاهد الثقة الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر كما في تهذيب التهذيب (3/196- 197)، أقول إذا علمنا ذلك، علمنا لم كان السؤال بهذه الصيغة، فالعمري العابد رحمه الله قد استقر في ذهنه أن قتال من لم يحكم بما أنزل الله مشروع بل واجب ولكنه يسأل هل من رخصة تسوغ التخلف عن هذا القتال؟ وكان رد الإمام مالك رحمه الله دقيقا أيضا فإنه أرجع الأمر للقلة والكثرة أي للقدرة أي من كان عنده قدرة لم يسعه التخلف ومن كان غير قادر فلا شيء عليه إن هو انصرف عن القتال .
فكلامك عن الفتاوى القدامى كأنها كلها تقول بعدم الخروج على من لم يحكم بما أنزل الله ؛ مع أن العكس هو الصحيح ؛ فالفتاوى القديمة تقول بقتال من خرج عن أحكام الله عز وجل وحكم بغيرها ؛ ربما أنك تقصد الفتاوى الجديدة للعلماء المخذلين للأمة فهؤلاء هم الذي تثور ثائرتهم حين ينال أحد للحاكم الطاغوت بأمر بمعروف أو نهي عن منكر ؛ ولكنك تجدهم في حالة استرخاء تام حين تُظلم الرعية وحين تغيب شريعة الله؛ فواجب على كل مخلص بيان ضلال وجهتهم وتوجيه الأمة التوجيه الصحيح .
المفضلات