القصة بدأت : عندما كنت استمع لإحدى الإذاعات الأردنية ( الراديو ) تتكلم عن وظيفة الدولة في الإسلام
و قد استضافوا لهذا الموضوع اثنين لا أدري ما هما !!! وإن كنت أعرفهما حيث جاؤوا بالعجب العجاب يؤيدهم مقدم البرنامج .
وقد طرحوا بعضا من الشبهات بحجة الحرية , و مع ذلك أن يطرح أحدهم رأيه يبقى على أقل تقدير رأيه الشخصي .
أما أن يطرح أحدهم رأيا عن الدين و هو يخالف الدين من أساسه ثم يدعي أن هذا هو رأي الدين فهذا ما لا نرضاه و لا يجوز السكوت عنه شرعا, أما إفكهم فهو قول أحدهم: أن الدين يدعوا للديمقراطية مستدلا لها بوسطية الإسلام و بمبدأ الشورى الإسلامي و استدل بأن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه أعطى الحرية للشعب باختيار الخليفة من بعده مستدلا بتلك الحادثة على أنًّ الشعب هو مصدر السلطة !!!...
لا يا فضيلة الدكتور ما هكذا تورد الإبل يا سعدُ .
إن ما تلكم به هؤلاء لشيءٌ يندى له الجبين , ما أدري أهم علماء سلطان أم علماء جهال أم ...
فأقول لا أظنك يا دكتور أنك تجهل الفرق بين الديمقراطية و بين الشورى و مع ذلك أذكرك (للآية) أن ثمت فرق جوهري بينهما ألا وهو أن الشورى مبدأ إسلامي يطلب في الحاكم من الرعية الرأي و المشورة في أمر من أمور الدنيا أو المسائل التي يسوغ فيها الاجتهاد ليتعرف رأيهم و يختار الأفضل بشرط أن لا يخالف أمر الله تعالى .
و لعل أوضح مثال على ذلك قصة غزوة بدر ( فأشيروا عليًّ أيها الناس ) و الحادثة معروفة لديكم , فلو فرضنا جدلا أن صحابيا تكلم في هذه الغزوة ( و أشار على الرسول عليه السلام بأمر يخالف الإسلام ) و وافقه الصحابة جميعا ... أتظن الرسول عليه السلام سوف ينزل على رأيهم ؟ و بحجة أنهم الأكثرية ؟ أم أن الرسول عليه الصلاة والسلام سوف يتبع أمر الله تعالى و يدع أصحابه كما ترك قبلهم أهله ؟ أتراه يترك أمر الله و يتبع أصحابه بحجة الأكثرية أو أنهم الشعب و هم مصدر السلطات ؟
ثم إن من يستدل بوسطية الإسلام على مشروعية الديمقراطية , فنقول له إن وسطية الإسلام هي الخيرية المذكورة بالقرآن الكريم في سورة آل عمران آية 110 ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر و تؤمنون بالله ...) لا ما تدعيه و لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون الوسطية التي ذكرت من الإسلام .
وسطية الإسلام لا تعني التخلي عن مبادئه و أصوله .
و أخيرا أما استدلالك بفعل الفاروق رضي الله عنه فعجيب إذ كيف يفهم من اختيار الخليفة اختيار التشريع و السلطة والحكم ؟؟؟؟ إنما فعل الفاروق هو لاختيار الذي يرضاه الناس ليحكم فيهم بالقرآن لا ليختار الناس بماذا يحكمون و أظن الفرق أصبح واضح لديكم إن لم يكن كذلك قبل .
ويبقى أن أذكر بما سأل الفاروق على المنبر أصحابه عندما قال كيف بكم إن قلت برأسي للدنيا هكذا ( أي أنه أقبل على الدنيا يريدها ) فقام أحد الصحابة وقال له : لو قلت برأسك هكذا لقلنا بسيوفنا هكذا ( أي لقطعنا عنقك ) وهذا الموقف هو أكثر موقف يريده دعاة الإصلاح في بلدنا وهو أن يحاسب المسئول فتأمل يا رعاك الله.
و ختاما أقول لك إن وظيفة الدولة الإسلام أنها تطبق شرع الله تعالى في الناس بإقامة العدل و نشر الأمن و الأخذ على يد الظالم و نصرة المظلوم.
و لست أريد بمقالتي هذه أن تكون كتابا علميا مدعمة بالأدلة من القرآن و السنة .
المفضلات