النتائج 1 إلى 10 من 11
 

العرض المتطور

  1. #1
    سرايا الملتقى
    الصورة الرمزية الصارم الصقيل
    الصارم الصقيل غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 150
    تاريخ التسجيل : 5 - 3 - 2008
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    المشاركات : 2,661
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 21
    البلد : المغرب الأقصى
    الاهتمام : الخط العربي و المطالعة و الرد على النصارى .
    الوظيفة : أستاذ
    معدل تقييم المستوى : 20

    افتراضي




        المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ذو الفقار

    لو فتح أي كتاب من كتب التفسير لما نقل هذا النقل الببغائي

    ومتابع وكلي ثقة أن صقيل أخي الصارم فجزاك الله جيراً وزادك من فضله ونصرك ونصر بك وحماك من كل شر
    جزاك الله خيرا أخي الحبيب فنعم الأخ أنت و نعم المدير












  2. #2

    عضو مجتهد

    الشهاب غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 5295
    تاريخ التسجيل : 30 - 9 - 2011
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    المشاركات : 132
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : الجزائر
    الاهتمام : الأدب ، الفلسفة ، و العلوم الإنسانية بشكل عام
    الوظيفة : أستاذ جامعي
    معدل تقييم المستوى : 15

    افتراضي


    يكفينا في جواب اليهودي ما ذكره الرازي - رحمه الله - في تفسيره لقوله تعالى : " تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ... " س.البقرة ، 253 ، بحيث يورد حجج المخالفين ثم يرد عليها بدحضها حجة حجة ، مما ذكره اليهودي و لم يذكره في زعمه أفضلية موسى - عليه السلام - على محمد - صلى الله عليه و سلم ، و إليكم رد الرازي فيما يأتي :

    المسألة الرابعة : أجمعت الأمة على أن بعض الأنبياء أفضل من بعض ، وعلى أن محمدا صلى الله عليه وسلم أفضل من الكل ، ويدل عليه وجوه :

    أحدها : قوله تعالى : ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) [ الأنبياء : 107 ] فلما كان رحمة لكل العالمين لزم أن يكون أفضل من كل العالمين .

    الحجة الثانية : قوله تعالى : ( ورفعنا لك ذكرك ) [ الشرح : 4 ] فقيل فيه لأنه قرن ذكر محمد بذكره في كلمة الشهادة وفي الأذان وفي التشهد ، ولم يكن ذكر سائر الأنبياء كذلك .

    الحجة الثالثة : أنه تعالى قرن طاعته بطاعته ، فقال : ( من يطع الرسول فقد أطاع الله ) [ النساء : 80 ] وبيعته ببيعته فقال : ( إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم ) [ الفتح : 10 ] وعزته بعزته فقال : ( ولله العزة ولرسوله ) [ المنافقون : 8 ] ورضاه برضاه فقال : ( والله ورسوله أحق أن يرضوه ) [ التوبة : 62 ] وإجابته بإجابته فقال : ( ياأيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول ) [ الأنفال : 24 ] .

    الحجة الرابعة : أن الله تعالى أمر محمدا بأن يتحدى بكل سورة من القرآن فقال : ( فأتوا بسورة من مثله ) [ البقرة : 23 ] وأقصر السور سورة الكوثر وهي ثلاث آيات ، وكان الله تحداهم بكل ثلاث آيات من القرآن ، ولما كان كل القرآن ستة آلاف آية ، وكذا آية ، لزم أن لا يكون معجز القرآن معجزا واحدا بل يكون ألفي معجزة وأزيد .

    [ ص: 166 ] وإذا ثبت هذا فنقول : إن الله سبحانه ذكر تشريف موسى بتسع آيات بينات ، فلأن يحصل التشريف لمحمد بهذه الآيات الكثيرة كان أولى .

    الحجة الخامسة : أن معجزة رسولنا صلى الله عليه وسلم أفضل من معجزات سائر الأنبياء فوجب أن يكون رسولنا أفضل من سائر الأنبياء .

    بيان الأول قوله عليه السلام : " القرآن في الكلام كآدم في الموجودات " .

    بيان الثاني أن الخلعة كلما كانت أشرف كان صاحبها أكرم عند الملك .

    الحجة السادسة : أن معجزته عليه السلام هي القرآن وهي من جنس الحروف والأصوات وهي أعراض غير باقية ، وسائر معجزات سائر الأنبياء من جنس الأمور الباقية ثم إنه سبحانه جعل معجزة محمد صلى الله عليه وسلم باقية إلى آخر الدهر ، ومعجزات سائر الأنبياء فانية منقضية .

    الحجة السابعة : أنه تعالى بعد ما حكى أحوال الأنبياء عليهم السلام قال : ( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ) [ الأنعام : 90 ] فأمر محمدا صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بمن قبله ، فإما أن يقال : إنه كان مأمورا بالاقتداء بهم في أصول الدين وهو غير جائز لأنه تقليد ، أو في فروع الدين وهو غير جائز ، لأن شرعه نسخ سائر الشرائع ، فلم يبق إلا أن يكون المراد محاسن الأخلاق ، فكأنه سبحانه قال : إنا أطلعناك على أحوالهم وسيرهم ، فاختر أنت منها أجودها وأحسنها وكن مقتديا بهم في كلها ، وهذا يقتضي أنه اجتمع فيه من الخصال المرضية ما كان متفرقا فيهم ، فوجب أن يكون أفضل منهم .

    الحجة الثامنة : أنه عليه السلام بعث إلى كل الخلق وذلك يقتضي أن تكون مشقته أكثر ، فوجب أن يكون أفضل ، أما إنه بعث إلى كل الخلق فلقوله تعالى : ( وما أرسلناك إلا كافة للناس ) [ سبأ : 28 ] وأما إن ذلك يقتضي أن تكون مشقته أكثر فلأنه كان إنسانا فردا من غير مال ولا أعوان وأنصار ، فإذا قال لجميع العالمين : يا أيها الكافرون صار الكل أعداء له ، وحينئذ يصير خائفا من الكل ، فكانت المشقة عظيمة ، وكذلك فإن موسى عليه السلام لما بعث إلى بني إسرائيل فهو ما كان يخاف أحدا إلا من فرعون وقومه ، وأما محمد عليه السلام فالكل كانوا أعداء له ، يبين ذلك أن إنسانا لو قيل له : هذا البلد الخالي عن الصديق والرفيق فيه رجل واحد ذو قوة وسلاح فاذهب إليه اليوم وحيدا وبلغ إليه خبرا يوحشه ويؤذيه ، فإنه قلما سمحت نفسه بذلك ، مع أنه إنسان واحد ، ولو قيل له : اذهب إلى بادية بعيدة ليس فيها أنيس ولا صديق ، وبلغ إلى صاحب البادية كذا وكذا من الأخبار الموحشة لشق ذلك على الإنسان ، أما النبي صلى الله عليه وسلم فإنه كان مأمورا بأن يذهب طول ليله ونهاره في كل عمره إلى الجن والإنس الذين لا عهد له بهم ، بل المعتاد منهم أنهم يعادونه ويؤذونه ويستخفونه ، ثم إنه عليه السلام لم يمل من هذه الحالة ولم يتلكأ ، بل سارع إليها سامعا مطيعا ، فهذا يقتضي أنه تحمل في إظهار دين الله أعظم المشاق ، ولهذا : ( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل ) [ الحديد : 10 ] ومعلوم أن ذلك البلاء كان على الرسول صلى الله عليه وسلم ، فإذا عظم فضل الصحابة بسبب تلك الشدة فما ظنك بالرسول ، وإذا ثبت أن مشقته أعظم من مشقة غيره وجب أن يكون فضله أكثر من فضل غيره لقوله عليه السلام : " أفضل العبادات أحمزها " .

    [ ص: 167 ] الحجة التاسعة : أن دين محمد عليه السلام أفضل الأديان ، فيلزم أن يكون محمد صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء .

    بيان الأول : أنه تعالى جعل الإسلام ناسخا لسائر الأديان ، والناسخ يجب أن يكون أفضل لقوله عليه السلام : " من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة " فلما كان هذا الدين أفضل وأكثر ثوابا ، كان واضعه أكثر ثوابا من واضعي سائر الأديان ، فيلزم أن يكون محمد عليه السلام أفضل من سائر الأنبياء .

    الحجة العاشرة : أمة محمد صلى الله عليه وسلم أفضل الأمم ، فوجب أن يكون محمد أفضل الأنبياء .

    بيان الأول قوله تعالى : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) [ آل عمران : 110 ] .

    بيان الثاني : أن هذه الأمة إنما نالت هذه الفضيلة لمتابعة محمد صلى الله عليه وسلم ، : ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ) [ آل عمران : 31 ] وفضيلة التابع توجب فضيلة المتبوع ، وأيضا إن محمدا صلى الله عليه وسلم أكثر ثوابا لأنه مبعوث إلى الجن والإنس ، فوجب أن يكون ثوابه أكثر ، لأن لكثرة المستجيبين أثرا في علو شأن المتبوع .

    الحجة الحادية عشرة : أنه عليه السلام خاتم الرسل ، فوجب أن يكون أفضل ، لأن نسخ الفاضل بالمفضول قبيح في المعقول .

    الحجة الثانية عشرة : أن تفضيل بعض الأنبياء على بعض يكون لأمور :

    منها : كثرة المعجزات التي هي دالة على صدقهم وموجبة لتشريفهم ، وقد حصل في حق نبينا عليه السلام ما يفضل على ثلاثة آلاف ، وهي بالجملة على أقسام ، منها ما يتعلق بالقدرة ، كإشباع الخلق الكثير من الطعام القليل ، وإروائهم من الماء القليل ، ومنها ما يتعلق بالعلوم كالإخبار عن الغيوب ، وفصاحة القرآن ، ومنها اختصاصه في ذاته بالفضائل ، نحو كونه أشرف نسبا من أشراف العرب ، وأيضا كان في غاية الشجاعة ، كما روي أنه قال بعد محاربة علي رضي الله عنه لعمرو بن ود : كيف وجدت نفسك يا علي ، قال : وجدتها لو كان كل أهل المدينة في جانب وأنا في جانب لقدرت عليهم فقال : تأهب فإنه يخرج من هذا الوادي فتى يقاتلك ، الحديث إلى آخره وهو مشهور ، ومنها في خلقه وحلمه ووفائه وفصاحته وسخائه ، وكتب الحديث ناطقة بتفصيل هذه الأبواب .

    الحجة الثالثة عشرة : قوله عليه السلام : " آدم ومن دونه تحت لوائي يوم القيامة " وذلك يدل على أنه أفضل من آدم ومن كل أولاده ، وقال عليه السلام : " أنا سيد ولد آدم ولا فخر " وقال عليه السلام : " لا يدخل الجنة أحد من النبيين حتى أدخلها أنا ، ولا يدخلها أحد من الأمم حتى تدخلها أمتي " وروى أنس قال : قال صلى الله عليه وسلم : " أنا أول الناس خروجا إذا بعثوا ، وأنا خطيبهم إذا وفدوا ، وأنا مبشرهم إذا أيسوا ، لواء الحمد بيدي ، وأنا أكرم ولد آدم على ربي ولا فخر " وعن ابن عباس قال : جلس ناس من الصحابة يتذاكرون فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثهم فقال بعضهم : عجبا إن الله اتخذ إبراهيم خليلا ، وقال آخر : ماذا بأعجب من كلام موسى كلمه تكليما ، وقال آخر : فعيسى كلمة الله وروحه ، وقال آخر : آدم اصطفاه الله فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : قد سمعت كلامكم وحجتكم أن إبراهيم خليل الله وهو كذلك ، وموسى نجي الله وهو كذلك ، وعيسى روح الله وهو كذلك ، وآدم اصطفاه الله تعالى وهو كذلك ، ألا وأنا حبيب الله ولا فخر ، وأنا حامل لواء الحمد يوم القيامة ولا فخر ، وأنا أول شافع وأنا أول مشفع يوم القيامة ولا فخر ، وأنا أول من يحرك حلقة الجنة فيفتح لي فأدخلها ومعي فقراء المؤمنين ولا فخر ، وأنا أكرم الأولين والآخرين ولا فخر .

    [ ص: 168 ] الحجة الرابعة عشرة : روى البيهقي في " فضائل الصحابة " أنه ظهر علي بن أبي طالب من بعيد فقال عليه السلام : هذا سيد العرب ، فقالت عائشة : ألست أنت سيد العرب ؟ فقال : أنا سيد العالمين وهو سيد العرب ، وهذا يدل على أنه أفضل الأنبياء عليهم السلام .

    الحجة الخامسة عشرة : روى مجاهد عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي ولا فخر ، بعثت إلى الأحمر والأسود ، وكان النبي قبلي يبعث إلى قومه ، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ، ونصرت بالرعب أمامي مسيرة شهر ، وأحلت لي الغنائم ولم تكن لأحد قبلي ، وأعطيت الشفاعة فادخرتها لأمتي ، فهي نائلة إن شاء الله تعالى لمن لا يشرك بالله شيئا " وجه الاستدلال أنه صريح في أن الله فضله بهذه الفضائل على غيره .

    الحجة السادسة عشرة : قال محمد بن عيسى الحكيم الترمذي في تقرير هذا المعنى : إن كل أمير فإنه تكون مؤنته على قدر رعيته ، فالأمير الذي تكون إمارته على قرية تكون مؤنته بقدر تلك القرية ، ومن ملك الشرق والغرب احتاج إلى أموال وذخائر أكثر من أموال أمير تلك القرية فكذلك كل رسول بعث إلى قومه فأعطي من كنوز التوحيد وجواهر المعرفة على قدر ما حمل من الرسالة ، فالمرسل إلى قومه في طرف مخصوص من الأرض إنما يعطى من هذه الكنوز الروحانية بقدر ذلك الموضع ، والمرسل إلى كل أهل الشرق والغرب إنسهم وجنهم لا بد وأن يعطى من المعرفة بقدر ما يمكنه أن يقوم بسعيه بأمور أهل الشرق والغرب ، وإذا كان كذلك كانت نسبة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم إلى نبوة سائر الأنبياء كنسبة كل المشارق والمغارب إلى ملك بعض البلاد المخصوصة ، ولما كان كذلك لا جرم أعطي من كنوز الحكمة والعلم ما لم يعط أحد قبله ، فلا جرم بلغ في العلم إلى الحد الذي لم يبلغه أحد من البشر في حقه : ( فأوحى إلى عبده ما أوحى ) [ النجم : 10 ] وفي الفصاحة إلى أن قال : " أوتيت جوامع الكلم " وصار كتابه مهيمنا على الكتب وصارت أمته خير الأمم .

    الحجة السابعة عشرة : روى محمد بن عيسى الحكيم الترمذي رحمه الله في كتاب " النوادر " : عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الله اتخذ إبراهيم خليلا ، وموسى نجيا ، واتخذني حبيبا ، ثم قال : وعزتي وجلالي لأوثرن حبيبي على خليلي ونجيي " .

    الحجة الثامنة عشرة : في " الصحيحين " عن همام بن منبه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل ابتنى بيوتا فأحسنها وأجملها وأكملها إلا موضع لبنة من زاوية من زواياها ، فجعل الناس يطوفون به ويعجبهم البنيان فيقولون : ألا وضعت ههنا لبنة فيتم بناؤك ؟ فقالمحمد : كنت أنا تلك اللبنة " .

    الحجة التاسعة عشرة : أن الله تعالى كلما نادى نبيا في القرآن ناداه باسمه ( ياآدم اسكن ) [ البقرة : 35 ] ، ( وناديناه أن ياإبراهيم ) [ الصافات : 104 ] ، ( ياموسى إني أنا ربك ) [ طه : 11 ، 12 ] وأما النبي عليه السلام فإنه ناداه بقوله : ( ياأيها النبي ) [الأنفال : 64 ] ، ( ياأيها الرسول ) [ المائدة : 41 ] وذلك يفيد الفضل .

    يتبع ...








  3. #3

    عضو مجتهد

    الشهاب غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 5295
    تاريخ التسجيل : 30 - 9 - 2011
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    المشاركات : 132
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : الجزائر
    الاهتمام : الأدب ، الفلسفة ، و العلوم الإنسانية بشكل عام
    الوظيفة : أستاذ جامعي
    معدل تقييم المستوى : 15

    افتراضي



    مسألة
    واحتج المخالف بوجوه :

    الأول : أن معجزات الأنبياء كانت أعظم من معجزاته ، فإن آدم عليه السلام كان مسجودا للملائكة ، وما كان محمد عليه السلام كذلك ، وأن إبراهيم عليه السلام ألقي في النيران العظيمة فانقلبت روحا وريحانا عليه ، وأن موسى عليه السلام أوتي تلك المعجزات العظيمة ، ومحمد ما كان [ ص: 169 ] له مثلها ، وداود لان له الحديد في يده ، وسليمان كان الجن والإنس والطير والوحش والرياح مسخرين له ، وما كان ذلك حاصلا لمحمد صلى الله عليه وسلم ، وعيسى أنطقه الله في الطفولية وأقدره على إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص وما كان ذلك حاصلا لمحمد صلى الله عليه وسلم .

    الحجة الثانية : أنه تعالى سمى إبراهيم في كتابه خليلا ، فقال : ( واتخذ الله إبراهيم خليلا ) [ النساء : 125 ] ، وقال في موسى عليه السلام ( وكلم الله موسى تكليما ) [ النساء : 164 ] ، وقال في عيسى عليه السلام : ( فنفخنا فيه من روحنا ) [ التحريم : 12 ] وشيء من ذلك لم يقله في حق محمد عليه السلام .

    الحجة الثالثة : قوله عليه السلام : " لا تفضلوني على يونس بن متى " وقال صلى الله عليه وسلم : " لا تخيروا بين الأنبياء " .

    الحجة الرابعة : روي عن ابن عباس قال : كنا في المسجد نتذاكر فضل الأنبياء فذكرنا نوحا بطول عبادته ، وإبراهيم بخلته ، وموسى بتكليم الله تعالى إياه ، وعيسى برفعه إلى السماء ، وقلنا : رسول الله أفضل منهم ، بعث إلى الناس كافة ، وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وهو خاتم الأنبياء ، فدخل رسول الله فقال : فيم أنتم ؟ فذكرنا له فقال : " لا ينبغي لأحد أن يكون خيرا من يحيى بن زكريا " وذلك أنه لم يعمل سيئة قط ولم يهم بها .

    والجواب : أن كون آدم عليه السلام مسجودا للملائكة لا يوجب أن يكون أفضل من محمد عليه السلام ، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم : " آدم ومن دونه تحت لوائي يوم القيامة " وقال : " كنت نبيا وآدم بين الماء والطين " ونقل أن جبريل عليه السلام أخذ بركاب محمد صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج ، وهذا أعظم من السجود ، وأيضا أنه تعالى صلى بنفسه على محمد ، وأمر الملائكة والمؤمنين بالصلاة عليه ، وذلك أفضل من سجود الملائكة ، ويدل عليه وجوه :

    الأول : أنه تعالى أمر الملائكة بسجود آدم تأديبا ، وأمرهم بالصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم تقريبا .

    والثاني : أن الصلاة على محمد عليه السلام دائمة إلى يوم القيامة ، وأما سجود الملائكة لآدم عليه السلام ما كان إلا مرة واحدة .

    الثالث : أن السجود لآدم إنما تولاه الملائكة ، وأما الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم فإنما تولاها رب العالمين ، ثم أمر بها الملائكة والمؤمنين .

    والرابع : أن الملائكة أمروا بالسجود لآدم لأجل أن نور محمد عليه السلام في جبهة آدم .

    فإن قيل : إنه تعالى خص آدم بالعلم ، فقال : ( وعلم آدم الأسماء كلها ) [ البقرة : 31 ] وأما محمد عليه السلام فقال في حقه : ( ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ) [ الشورى : 52 ] وقال : ( ووجدك ضالا فهدى ) [ الضحى : 7 ] وأيضا فمعلم آدم هو الله تعالى ، قال : ( وعلم آدم الأسماء ) [ البقرة : 31 ] ومعلم محمد عليه السلام جبريل عليه السلام لقوله : ( علمه شديد القوى ) [ النجم : 5 ] .

    والجواب : أنه تعالى قال في علم محمد صلى الله عليه وسلم : ( وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما ) [ النساء : 113 ] وقال عليه السلام : " أدبني ربي فأحسن تأديبي " ، و : ( الرحمن علم القرآن ) [ الرحمن : 1 - 2 ] وكان عليه السلام يقول : ( أرنا الأشياء كما هي ) و لمحمد عليه السلام: ( وقل رب زدني علما ) [ طه : 114 ] وأما الجمع بينه وبين قوله تعالى : ( علمه شديد القوى ) [ النجم : 5 ] فذاك بحسب التلقين ، وأما التعليم فمن الله تعالى ، كما أنه تعالى قال : ( قل يتوفاكم ملك الموت ) [ السجدة : 11 ] ثم : ( الله يتوفى الأنفس حين موتها ) [ الزمر : 42 ] .

    [ ص: 170 ] فإن قيل : قال نوح عليه السلام ( وما أنا بطارد المؤمنين ) [ الشعراء : 114 ] وقال الله تعالى لمحمد عليه السلام : ( ولا تطرد الذين يدعون ربهم ) [ الأنعام : 52 ] وهذا يدل على أن خلق نوح أحسن .

    قلنا : إنه تعالى قال : ( إنا أرسلنا نوحا إلى قومه أن أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم ) [ نوح : 1 ] فكان أول أمره العذاب ، وأما محمد عليه السلام فقيل فيه : ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) [ الأنبياء : 107 ] ، ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم ) [ التوبة : 128 ] إلى قوله : ( رءوف رحيم ) [ التوبة : 128 ] فكان عاقبة نوح أن قال : ( رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ) [ نوح : 26 ] وعاقبة محمد عليه السلام الشفاعة ( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) [ الإسراء : 79 ] وأما سائر المعجزات فقد ذكر في كتب دلائل النبوة في مقابلة كل واحد منها معجزة أفضل منها لمحمد صلى الله عليه وسلم ، وهذا الكتاب لا يحتمل أكثر مما ذكرناه ، والله أعلم .
    مسألة
    وأما قوله تعالى : ( منهم من كلم الله ) ففيه مسائل :

    المسألة الأولى : المراد منه من كلمه الله تعالى ، والهاء تحذف كثيرا كقوله تعالى : ( وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين ) [ الزخرف : 71 ] .

    المسألة الثانية : قرئ ( كلم الله ) بالنصب ، والقراءة الأولى أدل على الفضل ، لأن كل مؤمن فإنه يكلم الله على ما قال عليه السلام : " المصلي مناج ربه " إنما الشرف في أن يكلمه الله تعالى ، وقرأ اليماني : ( كالم الله ) من المكالمة ، ويدل عليه قولهم : كليم الله بمعنى مكالمه .

    المسألة الثالثة : اختلفوا في أن من كلمه الله فالمسموع هو الكلام القديم الأزلي ، الذي ليس بحرف ولا صوت أم غيره ؟ فقال الأشعري وأتباعه : المسموع هو ذلك فإنه لما لم يمتنع رؤية ما ليس بمكيف ، فكذا لا يستبعد سماع ما ليس بمكيف ، وقال الماتريدي : سماع ذلك الكلام محال ، وإنما المسموع هو الحرف والصوت .

    المسألة الرابعة : اتفقوا على أن موسى عليه السلام مراد بقوله تعالى : ( منهم من كلم الله ) قالوا وقد سمع من قوم موسى السبعون المختارون وهم الذين أرادهم الله بقوله : ( واختار موسى قومه سبعين رجلا ) [ الأعراف : 155 ] وهل سمعه محمد صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج ؟ اختلفوا فيه منهم من قال : نعم بدليل قوله : ( فأوحى إلى عبده ما أوحى ) [ النجم : 10 ] .

    فإن قيل : إن قوله تعالى : ( منهم من كلم الله ) المقصود منه بيان غاية منقبة أولئك الأنبياء الذين كلم الله تعالى ، ولهذا السبب لما بالغ في تعظيم موسى عليه السلام ، قال : ( وكلم الله موسى تكليما ) [ النساء : 164 ] ثم جاء في القرآن مكالمة بين الله وبين إبليس ، حيث قال : ( فأنظرني إلى يوم يبعثون قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم ) [ الحجر : 36 - 38 ] إلى آخر هذه الآيات ، وظاهر هذه الآيات يدل على مكالمة كثيرة بين الله وبين إبليس فإن كان ذلك يوجب غاية الشرف فكيف حصل لإبليس الذم ؟ وإن لم يوجب شرفا فكيف ذكره في معرض التشريف لموسى عليه السلام حيث قال : ( وكلم الله موسى تكليما ) [ النساء : 164 ] ؟

    والجواب : أن قصة إبليس ليس فيها ما يدل على أنه تعالى قال تلك الجوابات معه من غير واسطة فلعل [ ص: 171 ] الواسطة كانت موجودة .

    أما قوله تعالى : ( ورفع بعضهم درجات ) ففيه قولان :

    الأول : أن المراد منه بيان أن مراتب الرسل متفاوتة ، وذلك لأنه تعالى اتخذ إبراهيم خليلا ، ولم يؤت أحدا مثله هذه الفضيلة ، وجمع لداود الملك والنبوة ولم يحصل هذا لغيره ، وسخر لسليمان الإنس والجن والطير والريح ، ولم يكن هذا حاصلا لأبيه داود عليه السلام ، ومحمد عليه السلام مخصوص بأنه مبعوث إلى الجن والإنس وبأن شرعه ناسخ لكل الشرائع ، وهذا إن حملنا الدرجات على المناصب والمراتب ، أما إذا حملناها على المعجزات ففيه أيضا وجه ؛ لأن كل واحد من الأنبياء أوتي نوعا آخر من المعجزة لائقا بزمانه ، فمعجزات موسى عليه السلام ، وهي قلب العصا حية ، واليد البيضاء ، وفلق البحر ، كان كالشبيه بما كان أهل ذلك العصر متقدمين فيه وهو السحر ، ومعجزات عيسى عليه السلام وهي إبراء الأكمه والأبرص ، وإحياء الموتى ، كانت كالشبيه بما كان أهل ذلك العصر متقدمين فيه ، وهو الطب ، ومعجزة محمد عليه السلام ، وهي القرآن كانت من جنس البلاغة والفصاحة والخطب والأشعار ، وبالجملة فالمعجزات متفاوتة بالقلة والكثرة ، وبالبقاء وعدم البقاء ، وبالقوة وعدم القوة ، وفيه وجه ثالث ، وهو أن يكون المراد بتفاوت الدرجات ما يتعلق بالدنيا ، وهو كثرة الأمة والصحابة وقوة الدولة ، فإذا تأملت الوجوه الثلاثة علمت أن محمدا صلى الله عليه وسلم كان مستجمعا للكل فمنصبه أعلى ومعجزاته أبقى وأقوى وقومه أكثر ودولته أعظم وأوفر .

    القول الثاني : أن المراد بهذه الآية محمد عليه السلام ، لأنه هو المفضل على الكل ، وإنما قال : ( ورفع بعضهم درجات ) على سبيل التنبيه والرمز كمن فعل فعلا عظيما فيقال له : من فعل هذا؟ فيقول : أحدكم أو بعضكم ويريد به نفسه ، ويكون ذلك أفخم من التصريح به ، وسئل الحطيئة عن أشعر الناس ، فذكر زهيرا والنابغة ، ثم قال : ولو شئت لذكرت الثالث أراد نفسه ، ولو قال : ولو شئت لذكرت نفسي لم يبق فيه فخامة (انتهى كلام الرازي ).


    فإن لم يسلم لنا اليهودي بالحجج التي سقناها بدعوى أنه لا يؤمن بمصادر حججنا ، فأولى أن لا نسلّم له بدعواه .





 

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. الخطيئه لحواء وليست لآدم عليهما السلام
    بواسطة عمر المناصير في المنتدى ثمار النصرانية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 2010-04-14, 11:42 PM
  2. داوود و سليمان عليهما السلام ، في كتاب النصارى
    بواسطة الرافعي في المنتدى دراسة نسخ الكتاب المقدس
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 2009-02-15, 09:23 PM
  3. نبيا مثلي...عيسي أم محمد عليهما أفضل الصلاة و أتم السلام؟
    بواسطة عبد للرحمن في المنتدى البشارات الحق بمبعث سيد الخلق
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 2008-12-27, 12:22 AM
  4. كفن المسيح ابن مريم عليهما السلام المزعوم
    بواسطة تامر في المنتدى الركن النصراني العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2008-11-06, 09:42 PM
  5. قصة موسى عليه السلام
    بواسطة سيف الله في المنتدى القسم الإسلامي العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2007-12-01, 07:41 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
RSS RSS 2.0 XML MAP HTML