اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قاصِف مشاهدة المشاركة


من قال لك أنها خلافية يا عزيزي؟!

و من أين أتيت بهذه الفرية على شيخ الاسلام و تلميذه؟

----------------

هذا، ولا تصح نسبة القول بفناء النار إلى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، فإن الراجح عنده أبديتها وعدم فنائها، وقد نص على ذلك رحمه الله في أكثر من موضع من كتبه، فقد قال رحمه الله تعالى في كتابه: درء تعارض العقل والنقل: وقال أهل الإسلام جميعاً: ليس للجنة والنار آخر، وإنهما لا تزالان باقيتين، وكذلك أهل الجنة لا يزالون في الجنة يتنعمون، وأهل النار في النار يعذبون، ليس لذلك آخر...

وقال رحمه الله أيضاً في كتابه: بيان تلبيس الجهمية: وقد اتفق سلف الأمة وأئمتها وسائر أهل السنة والجماعة على أن من المخلوقات ما لا يعدم ولا يفنى بالكلية، كالجنة والنار والعرش وغير ذلك، ولم يقل بفناء جميع المخلوقات إلا طائفة من أهل الكلام المبتدعين، كالجهم بن صفوان ومن وافقه من المعتزلة ونحوهم، وهذا قول باطل يخالف كتاب الله وسنة رسوله وإجماع سلف الأمة وأئمتها. اهـ

وانظر كلام شيخ الإسلام أيضاً في مجموع الفتاوى (8/304)، (18/307) وفي غير ما موضع من كتبه الأخرى.

وسبب الغلط على شيخ الإسلام ونسبة القول بفناء النار إليه أن ابن القيم في كتابه (حادي الأرواح) قد ذكر الأقوال في فناء النار وعدمه، وأشار إلى أن ابن تيمية قد حكى بعض هذه الأقوال، والتي منها القول بفناء النار، وليس في ذلك ما يدل على نسبة هذا القول الباطل لشيخ الإسلام ابن تيمية، فقد حكى هذه الأقوال غيره من أهل السنة والجماعة كشارح الطحاوية، وحكاية شيخ الإسلام لأقوال الطوائف مشحونة بها مؤلفاته، ولكن للرد عليها لا لتقريرها، وهذا واضح ولا يحتاج إلى مزيد بيان.

وأما الإمام ابن القيم، فإنه له قولين: الأول مال فيه إلى القول بفناء النار، وقواه وأيده بالأدلة، وذلك في كتابه (حادي الأرواح) (وشفاء العليل) كما أنه توقف في المسألة في كتابه (الصواعق المرسلة) القول الثاني لابن القيم، وهو الموافق لمذهب أهل السنة هو القول بأبدية النار وعدم فنائها، وذكر ذلك منصوصاً عليه في كتابيه (الوابل الصيب) و(طريق الهجرتين).

فقد قال في الوابل الصيب: وأما النار فإنها دار الخبث في الأقوال والأعمال والمآكل والمشارب ودار الخبيثين، فالله تعالى يجمع الخبيث بعضه إلى بعض فيركمه كما يركم الشيء المتراكب بعضه على بعض ثم يجعله في جهنم مع أهله فليس فيها إلا خبيث، ولما كان الناس على ثلاث طبقات: طيب لا يشينه خبث، وخبيث لا طيب فيه، وآخرون فيهم خبث وطيب كانت دورهم ثلاثة: دار الطيب المحض ودار الخبيث المحض، وهاتان الداران لا تفنيان، ودار لمن معه خبث وطيب وهي الدار التي تفنى وهي دار العصاة، فإنه لا يبقى في جهنم من عصاة الموحدين أحد، فإنه إذا عذبوا بقدر جزائهم أخرجوا من النار فأدخلوا الجنة ولا يبقى إلا دار الطيب المحض ودار الخبيث المحض. اهـ

وعلى هذا، فإن إطلاق القول بأن ابن القيم يقول بفناء النار غلط عليه، إذ تبين لك أن له قولان، وإنما البحث هو في أي القولين هو المتأخر الناسخ للأول؟

ولقد غلب بعض الباحثين الظن بأن ما قاله ابن القيم في (الوابل الصيب) و(طريق الهجرتين) ناسخ لما ذكره في (حادي الأرواح) و(شفاء العليل) و(الصواعق المرسلة) وأيد هذا الاستنتاج ببعض الحجج انظرها في كتاب (كشف الأستار لإبطال ادعاء فناء النار) لعلي الحربي، طبعة دار طيبة.

هذا، وإن القول بفناء النار قد أثر عن بعض السلف وهم: عمر وابن مسعود وأبو هريرة وأبو سعيد الخدري، وهذه الآثار إما أنها لا تصح نسبتها إليهم، أو أنها محمولة على وجه آخر غير القول بفناء النار.

http://www.islamweb.net/fatwa/index....twaId&Id=64739
أخي قاصف ، السلام عليكم ، و بعد :
فإنني ما كنت أريد أن يتشعب هذا النقاش إلى الخوض في هذه المسألة الجليلة لما يمكن أن تثيره من حساسيات عند هذا أو ذاك ، و لذلك فما قدمته أنت - أخي - من أدلة على عدم ثبوت قول الشيخ ابن تيمية بفناء النار ، بغض النظر عن موقف تلميذه الثابت في أكثر من كتاب ، فيمكن الرد عليه بالتناقض الموجود بين ما ينقله عنه تلميذه ، و ما هو موجود من نصوص استعراضية لأقوال السلف في أبدية الجنة و النار مما نقلته عنه في الفتاوى . فأي الرأيين نأخذ به ، أ هو ما ينقله عنه تلميذه أم ما نقلته لنا من نصوصه ؟ يقول ابن القيم - و أدعوك إلى الإمعان فيما هو مميز باللون الأحمر -:
" الحكم السابع قول من يقول بل يفنيها ربها وخالقها تبارك وتعالى فانه جعل لها أمدا تنتهي إليه ثم تفنى ويزول عذابها . قال شيخ الإسلام : "وقد نقل هذا القول عن عمر وابن مسعود وأبى هريرة وأبى سعيد وغيرهم وقد روى عبد بن حميد وهو من اجل أئمة الحديث في تفسيره المشهور ... فقد رواه عبد وهو من الأئمة الحفاظ وعلماء السنة عن هذين الجليلين سليمان بن حرب وحجاج ابن منهال وكلاهما عن حماد بن سلمة وحسبك به وحماد يرويه عن ثابت وحميد وكلاهما يرويه عن الحسن وحسبك بهذا الإسناد جلالة والحسن وإن لم يسمع من عمر فإنما رواه عن بعض التابعين ولو لم يصح عنده ذلك عن عمر لما جزم به وقال عمر بن الخطاب ولو قدر أنه لم يحفظ عن عمر فتداول هؤلاء الأئمة له غير مقابلين له بالإنكار والرد مع أنهم ينكرون على من خالف السنة بدون هذا فلو كان هذا القول عند هؤلاء الأئمة من البدع المخالفة لكتاب الله و سنة رسوله وإجماع الأئمة لكانوا أول منكر له".
قال : "ولا ريب أن من قال هذا القول عن عمر و نقله عنه إنما أراد بذلك جنس أهل النار الذين هم أهلها ، فأما قوم أصيبوا بذنوبهم فقد علم هؤلاء وغيرهم أنهم يخرجون منها وأنهم لا يلبثون قدر رمل عالج ولا قريبا منه ، ولفظ أهل النار لا يختص بالموحدين بل يختص بمن عداهم كما قال النبي . أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون ولا يناقض هذا قوله تعالى } خالدين فيها { ، وقوله } وما هم منها بمخرجين { ، بل ما أخبر الله به هو الحق والصدق الذي لا يقع خلافه ، لكن إذا انقضى أجلها وفنيت كما تفنى الدنيا لم تبق نارا ولم يبق فيها عذاب"
) انتهى
ما حل هذا التناقض ؟ و قد أشار عدد من العلماء إلى نزوع الشيخ ابن تيمية للقول بفناء النار .
أما مسألة الناسخ و المنسوخ في كلام ابن القيم ، فكلام ابن القيم ليس قرآنا حتى نتحدث عن ناسخ و منسوخ ، و أدعوك إلى أن تأتيني بنصوص صريحة من " الوابل الصيب " تثبت تراجعه عن القول بفناء النار .
و مع هذا كله ، فإن لي في المسألة رأيا خاصا أحتفظ به لنفسي ، فمدار كلامنا هو مدى نسبة القول بفناء النار إلى الشيخ ابن تيمية و تلميذه ابن القيم .
أما كون القضية مسألة خلافية ، فأشكر جزيل الشكر " أ/ جاسم " لتدخله الموفق لحسم هذه المسألة .
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .