أخي قاصف ، السلام عليكم ، و بعد :
فإنني ما كنت أريد أن يتشعب هذا النقاش إلى الخوض في هذه المسألة الجليلة لما يمكن أن تثيره من حساسيات عند هذا أو ذاك ، و لذلك فما قدمته أنت - أخي - من أدلة على عدم ثبوت قول الشيخ ابن تيمية بفناء النار ، بغض النظر عن موقف تلميذه الثابت في أكثر من كتاب ، فيمكن الرد عليه بالتناقض الموجود بين ما ينقله عنه تلميذه ، و ما هو موجود من نصوص استعراضية لأقوال السلف في أبدية الجنة و النار مما نقلته عنه في الفتاوى . فأي الرأيين نأخذ به ، أ هو ما ينقله عنه تلميذه أم ما نقلته لنا من نصوصه ؟ يقول ابن القيم - و أدعوك إلى الإمعان فيما هو مميز باللون الأحمر -:
" الحكم السابع قول من يقول بل يفنيها ربها وخالقها تبارك وتعالى فانه جعل لها أمدا تنتهي إليه ثم تفنى ويزول عذابها . قال شيخ الإسلام : "وقد نقل هذا القول عن عمر وابن مسعود وأبى هريرة وأبى سعيد وغيرهم وقد روى عبد بن حميد وهو من اجل أئمة الحديث في تفسيره المشهور ... فقد رواه عبد وهو من الأئمة الحفاظ وعلماء السنة عن هذين الجليلين سليمان بن حرب وحجاج ابن منهال وكلاهما عن حماد بن سلمة وحسبك به وحماد يرويه عن ثابت وحميد وكلاهما يرويه عن الحسن وحسبك بهذا الإسناد جلالة والحسن وإن لم يسمع من عمر فإنما رواه عن بعض التابعين ولو لم يصح عنده ذلك عن عمر لما جزم به وقال عمر بن الخطاب ولو قدر أنه لم يحفظ عن عمر فتداول هؤلاء الأئمة له غير مقابلين له بالإنكار والرد مع أنهم ينكرون على من خالف السنة بدون هذا فلو كان هذا القول عند هؤلاء الأئمة من البدع المخالفة لكتاب الله و سنة رسوله وإجماع الأئمة لكانوا أول منكر له".
قال : "ولا ريب أن من قال هذا القول عن عمر و نقله عنه إنما أراد بذلك جنس أهل النار الذين هم أهلها ، فأما قوم أصيبوا بذنوبهم فقد علم هؤلاء وغيرهم أنهم يخرجون منها وأنهم لا يلبثون قدر رمل عالج ولا قريبا منه ، ولفظ أهل النار لا يختص بالموحدين بل يختص بمن عداهم كما قال النبي . أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون ولا يناقض هذا قوله تعالى } خالدين فيها { ، وقوله } وما هم منها بمخرجين { ، بل ما أخبر الله به هو الحق والصدق الذي لا يقع خلافه ، لكن إذا انقضى أجلها وفنيت كما تفنى الدنيا لم تبق نارا ولم يبق فيها عذاب" ) انتهى
ما حل هذا التناقض ؟ و قد أشار عدد من العلماء إلى نزوع الشيخ ابن تيمية للقول بفناء النار .
أما مسألة الناسخ و المنسوخ في كلام ابن القيم ، فكلام ابن القيم ليس قرآنا حتى نتحدث عن ناسخ و منسوخ ، و أدعوك إلى أن تأتيني بنصوص صريحة من " الوابل الصيب " تثبت تراجعه عن القول بفناء النار .
و مع هذا كله ، فإن لي في المسألة رأيا خاصا أحتفظ به لنفسي ، فمدار كلامنا هو مدى نسبة القول بفناء النار إلى الشيخ ابن تيمية و تلميذه ابن القيم .
أما كون القضية مسألة خلافية ، فأشكر جزيل الشكر " أ/ جاسم " لتدخله الموفق لحسم هذه المسألة .
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .
المفضلات