الاستفسار رقم: (9):
يقول الله_ عز وجل _: ﴿إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾, (الشورى: 33). ألا يوجد الآن سفن تسير بالمحركات؟ ألم يكن الله يعلم عند إنزال هذه الآية أن هذه الأشياء سوف تخترع؟ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
الرد يكون كالآتي:
1. بادئ ذي بدء: يا سعدُ, ما هكذا تورد الإبل!
2. يا أحمد, ما ينبغي لك أن تفهم الآية بهذا الجمود, بل عليك أن تعيش ظلالها, وفي ضوء ذلك تدرك مغزاها ومَرماها ومُرامها؛ لذلك لا بد من تدبر الآية: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾, (ص: 29).
3. وبعد تأملها أقول:
- يُذكِّر الله عباده بما أنعم عليهم, وبما يدلل على قدرته, فيقول:﴿وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ﴾, (الشورى: 32). سخر لهم البحر, وسخر لهم الفلك تجري به.
- ثمَّ يذكر الله حالها: ﴿إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ﴾, (الشورى: 34). أي: إن يشأ يسكن الريح فيركدن أو يعصفها فيغرقن.
- من سنن الله أن يكون خطابه ملائمًا لحال المخاطب, وهذا يقضي أن يذكر لهم ما يعرفوه ويألفوه, والمشاهد المحسوس لدى الناس حينئذ هو أن السفن تسيرها الرياح؛ إن سكنت الرياح ركدت, وان هاجت الرياح غرقت:﴿جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ﴾.
- وعليه, من سنن الله يقضي أن يخاطب الناس بما يتعظوا به, لا بما يجهلونه. إذن, لو كانت البوارج التي تتحرك بالبخار وما شاكل ذلك موجودة لحظة الخطاب, لو كان ذلك لا نستبعد أن يكون النص هكذا: ﴿إِنْ يَشَأْ يُجَمِّدْ مِياهَ البحرِ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ﴾؛ لأن المحركات لا تنفع في الجليد. فتأمل.
- أمَّا علم الله, فهو علم أزلي, علم بما كان وبما يكون وبما سيكون إلى ما شاء الله أن يكون: إذن, الله يعلم ما هو كائن إلى الأبد. فتدبر.




رد مع اقتباس
المفضلات