نكمل على بركة الله و بما يتيسر من وقت
في مشاركة السابقة لي سألتك (( هل القرآن الذي تقرأه و تتقرب إلى الله بقراءته كلام الله أم لا ؟؟؟ لا بد لك أن تقول أنه كلام الله و عليه أسألك هل هذا الكلام من حروف أم لا ؟؟ إن قلت من حروف فلم أنكرت الحرف مسبقاً ؟؟ و إن قلت أنه كلام من غير حروف فهذه مكابرة تخالف الشرع و العقل و بطلانها واضح وضوح الشمس في رابعة النهار ، فإنه من المعلوم أن القرآن الذي نقرأه و الذي هو كلام الله مكون من حروف بل قد دل على ذلك الحديث (( لا أقول ألم حرف و لكن ألف حرف و لام حرف و ميم حرف ))
و الأن أنت مطالب بإخبارنا بناءً على ماذا أنكرت الحرف هنا ؟؟؟ ))
فكان ردك عليه (( القرآن الذي أقرأه و أتعبد به هو كلام الله ، أما الحروف و تصويتي بها و المداد و الورق مما يتكون منه المصحف ، فهي محدثة ، مخلوقة . أما كلام الله الذاتي ، فهو بدون حرف و لا صوت ، و هو الموصوف بالأزلي و القديم ، أما وحدة هذا الكلام فمردها إلى وحدة الخبر في ذاته تعالى .
و في هذا الشأن اتفق أهل السنة على "وحدة كلام الله تعالى ))
لا شك أن جوابك هذا حيدة واضحة عن جواب السؤال و جواب لسؤال أنا لم أسأله فسؤالي لم يكن يتعلق بالحروف التي تصوّت بها و لا يتعلق بالورق الذي يتكون منه المصحف لتقول أنه محدث مخلوق فسؤالي عن القرآن هل هو كلام الله أم لا ؟؟؟ أنت أجبت نعم
طيب سألتك بعدها هل كلام الله هذا من حروف أم لا ؟؟ فأجبت جواب لا علاقة له بالسؤال و أخذت تتكلم عن صوتك و الورق و المداد . مع أنني قد بينت أن القرآن الذي نقرأه و نتعبد به إلى الله من حروف و قد مثلت لذلك بالحديث الشريف الذي يقول (( لا أقول ألم حرف بل ألف حرف و لام حرف و ميم حرف )) فما كان منك إلا أن قلت (( و الحديث الشريف الذي أوردته لا يراد به أن هذه الحروف صفة لله ، و إنما الثواب المترتب عن قراءتها . و معلوم أن نطقي لهذه الحروف و الأصوات هو المحدث و المخلوق)) و طبعاً هذا جواب عن أمر أخر أيضاً فأنا لم أسألك عن نطقك لهذه الحروف و الأصوات لتقول لي أنها مخلوقة فهذا خارج محل النزاع ، و أما قولك أن الحديث يتعلق بالثواب الذي يترتب على قراءة هذه الحروف المخلوقة فعبارة عن حجة متهافتة فكلنا يعلم أن هذا المقروء هو القرآن و القرآن كما أجمع السلف غير مخلوق فقوله تعالى (( ألم )) من القرآن و القرآن غير مخلوق و لكن هذا الجواب يوضح حقيقة مذهبك الذي يؤول إلى القول بخلق القرآن و الأسئلة القادمة ستؤكد هذا أكثر و أكثر .
و الآن دعنا نسألك الأسئلة التالية التي تبين حقيقة معتقد كل من ينكر الحرف و الصوت
لما كلم الله تعالى موسى عليه السلام قال (( إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ))
هل هذه الآيات الكريمة كلام الله الذي هو صفة من صفاته أم لا ؟؟ إن قلت نعم فأنت هنا تقر بالحرف فهذه الكلمات من حروف و إن قلت لا فقد تبين للجميع حقيقة مذهبك الذي تنكر فيه الحرف و الصوت و بالتالي تنكر أن القرآن كلام الله الذي هو صفة من صفاته .
هل هذه الألفاظ غير مخلوقة و من كلام الله الذي هو صفة من صفاته أم أنها عبارة أو حكاية عنه و مخلوقة ؟؟؟ إن قلت أنها غير مخلوقة فقد اعترفت بالحرف الذي تنكره فهذه الألفاظ مكونة من حروف و إن قلت أنها مخلوقة فأنت موافق للمعتزلة بالقول أن ألفاظ القرآن هذه مخلوقة .
هل كلّم الله موسى عليه السلام في ذلك الوقت أم لا ؟؟؟ إن كان كلّمه في ذلك الوقت فأنت تعترف بأن آحاد الكلام حادثة و إن قلت لا لم يكلمه فأنت تنكر صريح القرآن الذي دل أن الله كلّمه في ذلك الوقت .
قوله تعالى (( إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي )) هل سمعه موسى عليه السلام أم لا ؟؟ إن قلت سمعه فأنت تعترف بالصوت إذ لا يعقل سماع بلا صوت و إن قلت لا لم يسمعه فأنت تنكر صريح القرآن .
قولك (( أما كلام الله الذاتي ، فهو بدون حرف و لا صوت ، و هو الموصوف بالأزلي و القديم))
طبعاً هذا كلام بلا دليل و مبني على مقدمات أهل الكلام الفاسدة التي ينفون من خلالها أفعال الله الإختيارية المتعلقة بالقدرة و المشيئة فعندهم كل ما تعلق بالقدرة و المشيئة مخلوق . فالكلام معلوم عند العقلاء أنه حرف و صوت و لكنه عند الكلاّبية و الأشاعرة بلا حرف و لا صوت و معنى ً واحد قائم بالنفس فقط بينما هو عند العقلاء و أهل السنة أتباع السلف لفظ و معنى قائم بالنفس متعلق بالقدرة و المشيئة يتكلم به متى شاء .
تقول (( و في هذا الشأن اتفق أهل السنة على "وحدة كلام الله تعالى" ))
نعم اتفق الكلاّبية و الأشاعرة و الماتريدية بينما أهل السنة أتباع السلف الصالح لم يتفقوا معهم على هذا و قد ألزمهم أهل السنة إلزاماً لا محيد لهم عنه بأن هذا القول يترتب عليه أن الأمر نفس النهي نفس الوعد نفس الوعيد و أن القرآن نفس التوراة نفس الإنجيل و هذا ما يعلم ببداهة العقول بطلانه و فساده . إلا أنك قلت تعقيباً على هذا الالزام و مبرراً الكلام عن القرآن و التوراة و الإنجيل (( سبق أن أجبنا عن ذلك بقولنا إن مرد تعدد الكتب المنزلة إلى كونها جاءت بحرف و صوت مخلوقين ، أما الكلام الإلهي فواحد بوحدة الخبر و في ردود الإمام الرازي - رحمه الله - ما يدفع اعتراضك السابق إذ يقول )) و عليه فأنت تعترف أن الكتب المنزلة قد جاءت بحرف و صوت و أنها مخلوقة و يا له من اعتراف ، و كلام الرازي سيأتي التعقيب عليه لاحقاً بعون الله
المفضلات