وبارك الله في صاحب السؤال وجزاه بحرصه على معرفة الحق خيرا
جزاكم الله خيراً أستاذنا
نكمل بقية التعليق على عجالة فالبارحة وجدت صعوبة في اتمام الرد نظراً لوجود خلل فني على ما أعتقد
يقول من نقلت عنه أخي (( التوسل بالأنبياء والأولياء في حياتهم وبعد وفاتهم مباح شرعاً، كما وردت به السنة الصحيحة، كحديث آدم عليه السلام حين عصى، وحديث من اشتكى عينيه، وأحاديث الشفاعة، ))
لم يرد في السنة الصحيحة ما يدل على جواز التوسل بذوات المخلوقين من الأنبياء و الصالحين بعد مماتهم و مازعمه أنه يؤيده من السنة الصحيحة ليس بشئ و ذلك لما يلي
أولاً : حديث آدم عليه السلام حين عصى أظن أنه يقصد الحديث الذي رواه الحاكم بالمستدرك على الصحيحن حيث قال (( - حدثنا أبو سعيد عمرو بن محمد بن منصور العدل ، ثنا أبو الحسن محمد بن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، ثنا أبو الحارث عبد الله بن مسلم الفهري ، ثنا إسماعيل بن مسلمة ، أنبأ عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن جده ، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " لما اقترف آدم الخطيئة قال : يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي ، فقال الله : يا آدم ، وكيف عرفت محمدا ولم أخلقه ؟ قال : يا رب ، لأنك لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك ، فقال الله : صدقت يا آدم ، إنه لأحب الخلق إلي ادعني بحقه فقد غفرت لك ولولا محمد ما خلقتك ))
هذا الحديث لا يصح بل هو باطل موضوع كما قال الإمام الذهبي في تلخيص المستدرك
ثم هذا الحديث لا يتعلق بالتوسل بذات النبي بل هو سؤال لله بحق النبي صلى الله عليه و سلم و هذا الأمر مبتدع و وسيلة إلى الشرك و التوسل المشروع كما بينه أهل العلم هو التوسل بأسماء الله و صفاته و بالعمل الصالح أو بدعاء أهل الخير .
ثانياً : حديث الضرير و هو حديث صحيح و لكن لا يدل على أبداً على جواز التوسل بذات النبي صلى الله عليه و سلم بعد الممات فالحادثة حدثت في حياته عليه الصلاة و السلام و الضرير جاء يطلب الدعاء بالشفاء و قد تضمن الدعاء قوله اللهم شفّعه فيّ و هذا كافِ تماماً لرد دعوى كل من يزعم أن أن الحديث تضمن التوسل بذات النبي صلى الله عليه و سلم فقوله اللهم يدل دلالة اكيدة واضحة أن الذي ندعوه هو الله جل و علا و أن الرجل توسل بدعائه صلى الله عليه و سلم لا بذاته .
ثالثاً : أحاديث الشفاعة لا تدل لا من قريب و لا من بعيد على جواز التوسل بذوات المخلوقين و من يزعم أن أحاديث الشفاعة تضمنت هذا عليه أن يقدم الدليل أما الكلام المطلق الذي لا يعجز عنه أحد فليس بحجة أبداً كيف لا و قد دلت الآيات الكريمات أن الشفاعة لله و أنها لا تحصل إلا بإذنه و عليه يجوز لنا القول اللهم شفع سيدنا محمد فينا
قال الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في كشف الشبهات
(( ( فإن قال ): أتنكر شفاعة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتبرأ منها؟ فقل: لا أنكرها ولا أتبرأ منها، بل هو -صلى الله عليه وسلم- الشافع والمُشَفَّع، وأرجو شفاعته، لكن الشفاعة كلها لله، كما : قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا [سورة الزمر، الآية: 44 ].
ولا تكون إلا من بعد إذن الله، كما قال -عز وجل-: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ [سورة البقرة، الآية: 255 ]. ولا يشفع في أحد إلا من بعد أن يأذن الله فيه، كما قال -عز وجل-: وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى [سورة الأنبياء، الآية: 28 ]. وهو -سبحانه- لا يرضى إلا التوحيد، كما : وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ [سورة آل عمران، الآية: 85 ].
فإذا كانت الشفاعة كلها لله، ولا تكون إلا من بعد إذنه ولا يشفع النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا غيره في أحدٍ حتى يأذن الله فيه، ولا يأذن الله -تعالى- إلا لأهل التوحيد تبيَّن لك أنَّ الشفاعة كلها لله، وأطلبها منه فأقول: اللهم لا تحرمني شفاعته، اللهم شفِّعْهُ فيّ، وأمثال هذا. ))
أخيراً أخي أنصحك للتوسع بالمسألة بمراجعة كتاب التوسل أنواعه و أحكامه للشيخ الألباني و كتاب قاعدة جليلة في التوسل و الوسيلة لشيخ الإسلام ابن تيمية و كتاب كشف الشبهات في التوحيد للإمام محمد عبد الوهاب و كتب علماء أئمة الدعوة النجدية التي بينت تهافت شبهات أهل البدع في هذه المسألة .
قال الإمام الأوزاعي رحمه الله تعالى
(( كان يقال : ما من مسلم إلا و هو قائم على ثغرة من ثغور الإسلام ، فمن استطاع ألاّ يؤتى الإسلام من ثغرته فليفعل ))
السنة للمروزي ...............................
قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى
(( إن الراسخ في العلم لو وردت عليه من الشبه بعدد أمواج البحر ما أزالت يقينه و لا قدحت فيه شكّاً ؛ لأنه قد رسخ في العلم فلا تستفزّه الشبهات ، بل إذا وردت عليه ردها حرسُ العلم و جيشُه مغلولةً مغلوبة))
المفضلات