كن جبلا

يقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله :

( إن مصاعب الحياة تتمشى مع همم الرجال علوًّا وهبوطًا) .

كثيرا ما توقفت أمام كبوات الحياة التي تقابلني ساخطاً ،
متسائلا ـ في جهل ـ لماذا توجه لي دائما الحياة ضربات قوية ، أترنح من ثقلها وشدتها .

أتساءل ويتساءل معي الكثيرون ممن لا يفقهون فلسفة القضاء والقدر ،
لماذا تضرب العواصف العاتية حياة أشخاص ، بينما تمر كالنسيم على أشخاص آخرين .

لكنني حينما تجولت في سيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
توقفت كثيرا أمام أحب البشر إلى رب البشر والمصائب تنهال عليه ،
فقومه يكذبونه وهو الناصح لهم ، وأصحابه يُقتلون أمام عينيه ، ويُتهم في عِرضه وشرفه .
وهو أشرف وأكرم وأفضل خلق الله .. فلماذا يحدث هذا لأحب خلق الله إلى الله ؟؟ .

حينها أدركت أن الصواعق لا تضرب إلا قمم الجبال الشامخة ،
وأن المنحدرات لا تذهب إليها إلا المياه الراكدة المحملة بالأوساخ ،
وأن المرء يبتلى على قدر دينه كما بين الحبيب صلى الله عليه وسلم.

إن الحياة تُعطي لكل واحد من روادها ما يطيق على حمله ، والقيام به ،
وكلما على المرء وارتفع كلما وجهت له الحياة أقوى وأعنف ما لديها .

إن العظماء يولدون من أرحام أمهاتهم ، والحياة تتربص بهم ،
توجه لهم كل يوم صيحة حرب ، أو نذير معركة .

إن الصك الذي يجب أن يُوقع عليه كل طموح ،
هو التزام بالصمود والشموخ أمام مشكلات الحياة ومصائبها ،
والاستئساد أمام ما توجهه له من بلايا وعوائق .

فكن جبلا يا صديقي .. ولا ترهبنك ضربات الصواعق العاتية ،
فقد ثبت في تاريخ الأبطال أن النصر في الحياة
يحصل عليه من يتحمل الضربات لا من يضربها .


إشراقه :


إن أثقال الحياة لا يطيقها المهازيل،
والمرء إذا كان لديه متاع ثقيل لم يستأجر له أطفالا أو مرضى أو خوارين،
إنما ينتقي له ذوي الكواهل الصلبة والمناكب الشداد!!
كذلك الحياة؛ لا ينهض برسالتها الكبرى، ولا ينقلها من طور إلى طور
إلا رجال عمالقة وأبطال صابرون. (محمد الغزالي)


منقول


;k [fgh