إن التوراة اكتملت كتابتها قبل زمن محمد بكثير وهذا يعني أن التوراة الموجودة أيام محمد هي نفسها توراة اليوم و نفس الشيء فيما يخص الإنجيل.، ولنستعرض الآن شهادة القرآن لصالح التوراة والانجيل الموجودة بيد اليهود والمسيحيين عل عهد صدر الاسلام.
أولا: القرآن يأمر اليهود و المسيحيين بتحكيم كتبيهما..
لنبدأ من آية قرآنية قد تبدو غريبة لأول وهلة:
(وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللّهِ) المائدة-43
و نقرأ من تفسير الطبري للآية:
(وكيف يحكمك هؤلاء الـيهود يا مـحمد بـينهم، فـيرضون بك حكماً بـينهم، وعندهم التوراة التـي أنزلتها علـى موسى، التـي يقرّون بها أنها حقّ وأنها كتابـي الذي أنزلته علـى نبـي، وأن ما فـيه من حكم فمن حكمي..)
الآية المذكورة و ما حولها من سورة المائدة لها قصة شهيرة لابد من معرفتها لكي نفهم الصورة: هي قصة اليهوديين الزانيين الذين أراد اليهود التهرب من إقامة حد الرجم عليهما, فجاؤوا بهما إلى محمد- عسى أن يكون حكمه أخف..
من صحيح البخاري:
(أن اليهود جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكروا له أن رجلا منهم وامرأة زنيا ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما تجدون في التوراة في شأن الرجم ) . فقالوا : نفضحهم ويجلدون ، فقال عبد الله بن سلام : كذبتم ، إن فيها الرجم ، فأتوا بالتوراة فنشروها ، فوضع أحدهم يده على آية الرجم ، فقرأ ما قبلها وما بعدها ، فقال له عبد الله بن سلام : ارفع يدك ، فرفع يده فإذا فيها آية الرجم ، فقالوا : صدق يا محمد ، فيها آية الرجم ، فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما..)
الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3635
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
فهم جاؤوا محمدا ليحكموه, و عندما سألهم عن حكم التوراة في الزاني زعموا أنه الجلد و الفضيحة .. و بناءا على اعتراض عبد الله ابن سلام (و هو يهودي سابق أسلم ), أمر النبي بالتوراة فجيء بها, ووجد أن القوم كاذبون و أن حد الزنا هو الرجم فعلا كما قال عبد الله..
و نذكر الآيات كاملة لأهمية الواقعة و ضرورة فهم السياق القرآني للحدث:
(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هِادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَـذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ- سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَآؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ- وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَـئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ- إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ-وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ- وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ- وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ - وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ- وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ- أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ) المائدة-41-50
من رواية الواقعة و من تعليق القرآن عليها يمكن استخلاص الآتي:
1-القرآن يقول عن اليهود أنهم "عندهم التوراة"..
2- يصفها بأنها "فيها هدى و نور", و فيها "حكم الله" و "ما أنزل الله", و لا يبدو أنه يفرق بين التوراة التي أنزلت على موسى و التوراة التي بين يدي يهود المدينة..
3- هو يأمرهم بتنفيذ الأحكام الواردة في التوراة بشكل عام , و يلومهم بشدة على المماطلة في تطبيق أحدها, بل و يستنكر منهم الإحتكام لمحمد دونها!
4- محمد يسأل اليهود عن حكم الزنا المكتوب في التوراة عندهم, ثم يأمر بتطبيقه..
و نتسائل: هل يمكن أن يكون الحديث هنا عن كتاب محرف أو مشكوك فيه؟!
و نجد في بعض الروايات المتعددة للواقعة السابقة إضافة خطيرة للغاية , تفيد بأن محمدا عندما جيء له بالتوراة وضعها أمامه و أعلن إيمانه بها..
أتى نفر من يهود ، فدعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القف ، فأتاهم في بيت المدارس ، فقالوا : يا أبا القاسم ! إن رجلا منا زنى بامرأة ، فاحكم بينهم ، فوضعوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وسادة ، فجلس عليها ، ثم قال ائتوني بالتوراة ، فأتي بها ، فنزع الوسادة من تحته ، فوضع التوراة عليها ، ثم قال : آمنت بك وبمن أنزلك ، ثم قال : ائتوني بأعلمكم . فأتي بفتى شاب – ثم ذكر قصة الرجم
الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 4449
خلاصة حكم المحدث: حسن
و إذا تجاوزنا الآيات السابقة فسنجد- في نفس السورة- تأكيدات قطعية على وجوب الحكم بما في التوراة و في الإنجيل بصفة عامة..
(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُواْ وَاتَّقَوْاْ لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ- وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم) المائدة-65-66
(قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ) المائدة-68
فهل الله سيأمر بإقامة كتب محرفة؟!
ثانيا: القرآن يقول أنه مصدق للتوراة و الإنجيل الموجودين بين يدي اليهود و المسيحيين على عهد محمد..
إذ نلاحظ التأكيد المتكرر على أن التصديق هو " لما بين يديهم" و " لما معكم"..
(يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ- وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ) البقرة-40-41
(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَآ أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَاءهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ) البقرة-91
(وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ) المائدة-48
(وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ) البقرة-89
(وَلَمَّا جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ كِتَابَ اللّهِ وَرَاء ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ) البقرة-101
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا) النساء-47
ثالثا: القرآن يمدح اليهود و المسيحيين الذين "يتلون الكتاب"..
(لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ) آل عمران-113
(الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَـئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ) البقرة-121
هل يمكن أن يمدحهم و هم يتلون كتابا محرفا؟! و لاحظ قوله: "حق تلاوته" ؟!
و نلفت النظر إلى الهاء في قوله "الذين آتيناهم الكتاب يتلونه", فهي تعني قطعا أن ما يتلونه هو هو الكتاب الذي آتاهم إياه..
و نجد في بعض أحاديث نبوية أخرى تأكيدات لوجود التوراة و الإنجيل بين يدي أهل الكتاب و أنهم يتلونهما..
(ذكر النبي صلى الله عليه وسلم شيئا فقال وذاك عند ذهاب العلم قال قلنا يا رسول الله وكيف يذهب العلم ونحن نقرأ القرآن ونقرئه أبناءنا ويقرئه أبناؤنا أبناءهم إلى يوم القيامة قال ثكلتك أمك يا ابن أم لبيد إن كنت لأراك من أفقه رجل بالمدينة أو ليس هذه اليهود والنصارى يقرءون التوراة والإنجيل ولا ينتفعون مما فيهما بشيء )
الراوي: زياد بن لبيد المحدث: ابن كثير - المصدر: تفسير القرآن - الصفحة أو الرقم: 3/140
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح
(حرضنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على طلب العلم قبل ذهابه، فقال رجلٌ: كيف يذهب وقد تعلمناه وعلمناه أبناءنا؟ فغضب، وقال: أَوَ لَيْسَ التَّوْراةُ والإِنْجِيلُ في أَيْدِى أهل الكِتابِ فهل أَغْنَى عَنْهم شَيْئًا؟)
الراوي: صفوان بن عسال المحدث: ابن كثير - المصدر: جامع المسانيد والسنن - الصفحة أو الرقم: 5334
خلاصة حكم المحدث: له شاهد
(رأيت فيما يرى النائم لكأن في إحدى إصبعي سمنا وفي الأخرى عسلا فأنا ألعقهما فلما أصبحت ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال تقرأ الكتابين التوراة والفرقان فكان يقرؤهما )
الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص المحدث: أحمد شاكر - المصدر: مسند أحمد - الصفحة أو الرقم: 12/25
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح
وإن كان النبي يحاجج أهل الكتاب بما بين ايديهم على صدق نبوته فكيف نقول بعد ذلك انه يحاججهم بكتب نقول عنها محرفة!
ألا ترى أن الآية المذكورة في سفر اشعياء قريبة من حادثة بداية الوحي المحمدي (أو يدفع الكتاب لمن لا يجيد الكتابة ويقال له اقرأ هذا فيقول لا اعرف الكتابة)..
وان كنت تقر بأن كتب التفاسير تحوي على آراء أصحابها، فلماذا تستغني عن صراحة الآية في القرآن وصراحة سردها في السنة النبوية وتذهب لتستدل بأقوال الفقهاء المتأخرين وقد قال الله في كتابه (قرانا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون ) و (افلا يتدبرون القران ام على قلوب اقفالها )، هل نحن بعد ذلك بحاجة لرأي السلف وهذا الكتاب بلسان عربي واضح والأدلة من السنة بسط لهذا المختصر....فعلا، قد قال الله سابقا (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ) إلا أنه انتم كذلك سرتم على نهج اهل الكتاب وحرفتم الكلم عن مواضعه لتشتروا به ثمنا قليلا ولو انكم أقمتم القرآن وما أنزل إليكم من ربكم لأكلتم من فوقكم ومن تحت أرجلكم.
3-(حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا ) ما تفسير قوله: لم نجعل لهم من دونها سترا؟
الرد :
من التفاسير :
في التفسير الميسر : ( حتى إذا وصل إلى مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم ليس لهم بناء يسترهم، ولا شجر يظلهم من الشمس ) .
قال القرطبي في تفسيره : (لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا ) : أي حجابا يستترون منها عند طلوعها . قال قتادة : لم يكن بينهم وبين الشمس سترا ; كانوا في مكان لا يستقر عليه بناء , وهم يكونون في أسراب لهم , حتى إذا زالت الشمس عنهم رجعوا إلى معايشهم وحروثهم ; يعني لا يستترون منها بكهف جبل ولا بيت يكنهم منها .
قال عبد الرحمن السعدي في "تفسيره" : أي: وجدها تطلع على أناس ليس لهم ستر من الشمس ، إما لعدم استعدادهم في المساكن ، وذلك لزيادة همجيتهم وتوحشهم ، وعدم تمدنهم ، وإما لكون الشمس دائمة عندهم، لا تغرب عنهم غروبا يذكر .
المصدر: http://www.mosshaf.com/web/tafseer.php?QuranSuraNo=18&QuranVerseNo=90&go=all
ملحوظة : يجب أن تعرف أن التفاسير الاسلامية قد احتوت على آراء مختلفة وروايات متعددة ، وهم يوردونها من ناحية سرد الآراء المختلفة و الاطلاع عليها ، و محاولة تفسير المبهم احتمالا لصحتها ، و ليس للقطع بصحتها ، فوجود اختلاف حول تفسير آية لا يعني وجود شبهة في نص الآية القرآنية ، فالرؤية تختلف عند المفسرين من شخص لآخر ، فهذا نظره أعمق من ذلك ، و هذا قد علم ما لم يعلمه الآخر ، و هذا رأى ما لم يره الآخر ، و قد يقع من أحدهم سهو عن مسألة معينة معروفة أو عدم انتباه له ، أو بنى رأيه على روايات لا تصح . فالتفسير في نهاية الأمر هو جهد بشري قد يوافق الصواب ، و قد لا يوافق ، فأصحابها في النهاية بشر غير معصوم ، فأن أصابوا أخذنا بقولهم ، و ان أخطئوا لم نأخذ بقولهم ، و هذا لا ينقص من قدر العالم (المفسر) شيئا ما دام قد بذل واسع جهده ، و بالغ طاقته ، و ثوابه عند الله عز وجل ، و هذا لا يجعلنا ننكر فضله ، بل نكن له احتراما و تبجيلا لجهوده كلها سواء في علم التفسير خاصة ، أو في خدمة الاسلام عامة .
المفضلات