3 " ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل و النهار و لا يترك الله بيت مدر و لا وبر إلا
أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل عزا يعز الله به الإسلام
و ذلا يذل به الكفر " .


قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 7 :

رواه جماعة ذكرتهم في " تحذير الساجد " ( ص 121 ) . و رواه ابن حبان في
" صحيحه " ( 1631 و 1632 ) .
و أبو عروبة في " المنتقى من الطبقات " ( 2 / 10 / 1 ) .
و مما لا شك فيه أن تحقيق هذا الانتشار يستلزم أن يعود المسلمون أقوياء
في معنوياتهم و مادياتهم و سلاحهم حتى يستطيعوا أن يتغلبوا على قوى الكفر
و الطغيان , و هذا ما يبشرنا به الحديث :
" عن أبي قبيل قال : كنا عند عبد الله بن عمرو بن العاصي و سئل أي المدينتين
تفتح أولا القسطنطينية أو رومية ? فدعا عبد الله بصندوق له حلق , قال :
فأخرج منه كتابا قال : فقال عبد الله : بينما نحن حول رسول الله صلى الله
عليه وسلم نكتب إذ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي المدينتين تفتح
أولا أقسطنطينية أو رومية ? فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" مدينة هرقل تفتح أولا . يعني قسطنطينية " .
[p5s][/p5s]

4 عن أبى قبيل قال : كنا عند عبد الله بن عمرو بن العاصي و سئل أي المدينتين تفتح
أولا القسطنطينية أو رومية ? فدعا عبد الله بصندوق له حلق , قال : فأخرج منه
كتابا قال : فقال عبد الله : بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتب
, إذ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي المدينتين تفتح أولا أقسطنطينية أو
رومية ? فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" مدينة هرقل تفتح أولا . يعني قسطنطينية " .


قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 8 :

( عن # أبي قبيل # ) .
رواه أحمد ( 2 / 176 ) و الدارمي ( 1 / 126 ) و ابن أبي شيبة في " المصنف "
( 47 / 153 / 2 ) و أبو عمرو الداني في " السنن الواردة في الفتن " ( 116 / 2 )
و الحاكم ( 3 / 422 و 4 / 508 ) و عبد الغني المقدسي في " كتاب العلم "
( 2 / 30 / 1 ) , و قال : " حديث حسن الإسناد " .
و صححه الحاكم و وافقه الذهبي و هو كما قالا .
و ( رومية ) هي روما كما في " معجم البلدان " و هي عاصمة إيطاليا اليوم .
و قد تحقق الفتح الأول على يد محمد الفاتح العثماني كما هو معروف , و ذلك بعد
أكثر من ثمانمائة سنة من إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بالفتح , و سيتحقق
الفتح الثاني بإذن الله تعالى و لابد , و لتعلمن نبأه بعد حين .
و لا شك أيضا أن تحقيق الفتح الثاني يستدعي أن تعود الخلافة الراشدة إلى الأمة
المسلمة , و هذا مما يبشرنا به صلى الله عليه وسلم بقوله في الحديث :
" تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون , ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ثم
تكون خلافة على منهاج النبوة , فتكون ما شاء الله أن تكون , ثم يرفعها إذا شاء
أن يرفعها , ثم تكون ملكا عاضا فيكون ما شاء الله أن تكون , ثم يرفعها إذا شاء
الله أن يرفعها , ثم تكون ملكا جبريا فتكون ما شاء الله أن تكون , ثم يرفعها
إذا شاء أن يرفعها , ثم تكون خلافة على منهاج النبوة , ثم سكت " .

[p5s][/p5s]



5 " تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون , ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها
ثم تكون خلافة على منهاج النبوة , فتكون ما شاء الله أن تكون , ثم يرفعها إذا
شاء أن يرفعها , ثم تكون ملكا عاضا فيكون ما شاء الله أن تكون , ثم يرفعها إذا
شاء الله أن يرفعها , ثم تكون ملكا جبريا فتكون ما شاء الله أن تكون , ثم
يرفعها إذا شاء أن يرفعها , ثم تكون خلافة على منهاج النبوة . ثم سكت " .


قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 8 :

رواه أحمد ( 4 / 273 ) حدثنا سليمان بن داود الطيالسي حدثنا داود بن إبراهيم
الواسطي حدثنا حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير قال :
كنا قعودا في المسجد , و كان بشير رجلا يكف حديثه , فجاء أبو ثعلبة الخشني
فقال :
يا بشير بن سعد أتحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأمراء ?
فقال # حذيفة # : أنا أحفظ خطبته , فجلس أبو ثعلبة , فقال حذيفة : فذكره
مرفوعا .
قال حبيب : فلما قام عمر بن عبد العزيز و كان يزيد بن النعمان بن بشير في
صحابته فكتبت إليه بهذا الحديث أذكره إياه , فقلت له : إني أرجو أن يكون
أمير المؤمنين - يعني عمر - بعد الملك العاض و الجبرية , فأدخل كتابي على
عمر بن عبد العزيز فسر به و أعجبه .
و من طريق أحمد رواه الحافظ العراقي في " محجة القرب إلى محبة العرب "
( 17 / 2 ) و قال : " هذا حديث صحيح , و إبراهيم بن داود الواسطي وثقه أبو
داود الطيالسي و ابن حبان , و باقي رجاله محتج بهم في الصحيح " .
يعني " صحيح مسلم " , لكن حبيبا هذا قال البخاري : فيه نظر .
و قال ابن عدي : ليس في متون أحاديثه حديث منكر , بل قد اضطرب في أسانيد ما
يروي عنه , إلا أن أبا حاتم و أبا داود و ابن حبان وثقوه , فحديثه حسن على
أقل الأحوال إن شاء الله تعالى , و قد قال فيه الحافظ : " لا بأس به " .
و الحديث في " مسند الطيالسي " ( رقم 438 ) : حدثنا داود الواسطي - و كان
ثقة - قال : سمعت حبيب بن سالم به , لكن وقع في متنه سقط فيستدرك من " مسند
أحمد " .
و قال الهيثمي في " المجمع " ( 5 / 189 ) :
" رواه أحمد و البزار أتم منه و الطبراني ببعضه في ( الأوسط ) , و رجاله
ثقات " .
و من البعيد عندي حمل الحديث على عمر بن عبد العزيز , لأن خلافته كانت
قريبة العهد بالخلافة الراشدة و لم تكن بعد ملكين : ملك عاض و ملك جبرية , و
الله أعلم .
هذا و إن من المبشرات بعودة القوة إلى المسلمين و استثمارهم الأرض استثمارا
يساعدهم على تحقيق الغرض , و تنبىء عن أن لهم مستقبلا باهرا حتى من الناحية
الاقتصادية و الزراعية قوله صلى الله عليه وسلم :
" لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجا و أنهارا " .

[p5s][/p5s]

6 " لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجا و أنهارا " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 10 :

رواه مسلم ( 3 / 84 ) و أحمد ( 2 / 703 و 417 ) و الحاكم ( 4 / 477 ) من
حديث # أبي هريرة # .
و قد بدأت تباشير هذا الحديث تتحقق في بعض الجهات من جزيرة العرب بما أفاض
الله عليها من خيرات و بركات و آلات ناضحات تستنبط الماء الغزير من بطن أرض
الصحراء و هناك فكرة بجر نهر الفرات إلى الجزيرة كنا قرأناها في بعض الجرائد
المحلية فلعلها تخرج إلى حيز الوجود , و إن غدا لناظره قريب .
هذا و مما يجب أن يعلم بهذه المناسبة أن قوله صلى الله عليه وسلم :
" لا يأتي عليكم زمان إلا و الذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم " .
رواه البخاري في " الفتن " من حديث أنس مرفوعا .
فهذا الحديث ينبغي أن يفهم على ضوء الأحاديث المتقدمة و غيرها مثل أحاديث
المهدي و نزول عيسى عليه السلام فإنها تدل على أن هذا الحديث ليس على عمومه
بل هو من العام المخصوص , فلا يجوز إفهام الناس أنه على عمومه فيقعوا في
اليأس الذي لا يصح أن يتصف به المؤمن ( إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم
الكافرون ) أسأل الله أن يجعلنا مؤمنين به حقا .

[p5s][/p5s]

7 عن أنس قال النبي صلى الله عليه وسلم :
" ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان
له به صدقة " .


قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 11 :

( عن # أنس # ) :
رواه البخاري ( 2 / 67 طبع أوربا ) و مسلم ( 5 / 28 ) و أحمد ( 3 / 147 ) .

[p5s][/p5s]

8 عن جابر مرفوعا :
" ما من مسلم يغرس غرسا إلا كان ما أكل منه له صدقة و ما سرق منه له صدقة و ما
أكل السبع منه فهو له صدقة و ما أكلت الطير فهو له صدقة و لا يرزؤه ( أي ينقصه
و يأخذ منه ) أحد إلا كان له صدقة ( إلى يوم القيامة ) " .


قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 11 :

( عن # جابر # ) :
رواه مسلم عنه . ثم رواه هو و أحمد ( 3 / 391 ) من طرق أخرى عنه بشيء من
الاختصار , و له شاهد من حديث أم مبشر عند مسلم و أحمد ( 6 / 362 و 240 ) ,
و له شواهد أخرى ذكرها المنذري في " الترغيب " ( 3 / 224 و 245 ) .

[p5s][/p5s]

9 عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" إن قامت الساعة و في يد أحدكم فسيلة , فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها
فليغرسها " .


قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 11 :

( عن # أنس # )
رواه الإمام أحمد ( 3 / 183 , 184 , 191 ) و كذا الطيالسي ( رقم 2068 )
و البخاري في " الأدب المفرد " ( رقم 479 ) و ابن الأعرابي في " معجمه "
( ق 21 / 1 ) عن هشام بن زيد عنه .
و هذا سند صحيح على شرط مسلم , و تابعه يحيى بن سعيد عن أنس . أخرجه ابن عدي
في " الكامل " ( 316 / 1 ) .
و أورده الهيثمي في " المجمع " ( 63 / 4 ) مختصرا و قال :
" رواه البزار و رجاله أثبات ثقات " .
و فاته أنه في " مسند أحمد " بأتم منه كما ذكرناه .
( الفسيلة ) هي النخلة الصغيرة و هي ( الودية ) .
و لا أدل على الحض على الاستثمار من هذه الأحاديث الكريمة , لاسيما الحديث
الأخير منها فإن فيه ترغيبا عظيما على اغتنام آخر فرصة من الحياة في سبيل زرع
ما ينتفع به الناس بعد موته فيجري له أجره و تكتب له صدقته إلى يوم القيامة .
و قد ترجم الإمام البخاري لهذا الحديث بقوله " باب اصطناع المال " ثم روى عن
الحارث بن لقيط قال : كان الرجل منا تنتج فرسه فينحرها فيقول : أنا أعيش حتى
أركب هذه ?
فجاءنا كتاب عمر : أن أصلحوا ما رزقكم الله , فإن في الأمر تنفسا .
و سنده صحيح .
و روى أيضا بسند صحيح عن داود قال : قال لي عبد الله بن سلام : إن سمعت بالدجال
قد خرج و أنت على ودية تغرسها , فلا تعجل أن تصلحه , فإن للناس بعد ذلك عيشا .
و داود هذا هو ابن أبي داود الأنصاري قال الحافظ فيه : " مقبول " .
و روى ابن جرير عن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال : سمعت عمر بن الخطاب يقول
لأبي : ما يمنعك أن تغرس أرضك ? فقال له أبي : أنا شيخ كبير أموت غدا , فقال له
عمر : أعزم عليك لتغرسنها ? فلقد رأيت عمر بن الخطاب يغرسها بيده مع أبي .
كذا في " الجامع الكبير " للسيوطي ( 3 / 337 / 2 ) .
و لذلك اعتبر بعض الصحابة الرجل يعمل في إصلاح أرضه عاملا من عمال الله عز وجل
فروى البخاري في " الأدب المفرد " ( رقم 448 ) عن نافع بن عاصم أنه سمع
عبد الله بن عمرو قال لابن أخ له خرج من ( الوهط ) : أيعمل عمالك ? قال : لا
أدري , قال : أما لو كنت ثقفيا لعلمت ما يعمل عمالك , ثم التفت إلينا فقال :
إن الرجل إذا عمل مع عماله في داره ( و قال الراوي مرة : في ماله ) كان عاملا
من عمال الله عز و جل . و سنده حسن إن شاء الله تعالى .
و ( الوهط ) في اللغة هو البستان و هي أرض عظيمة كانت لعمرو بن العاص بالطائف
على ثلاثة أميال من ( وج ) يبدو أنه خلفها لأولاده , و قد روى ابن عساكر في
" تاريخه " ( 13 / 264 / 2 ) بسند صحيح عن عمرو بن دينار قال : دخل عمرو بن
العاص في حائط له بالطائف يقال له : ( الوهط ) ( فيه ) ألف ألف خشبة , اشترى كل
خشبة بدرهم ! يعني يقيم بها الأعناب .
هذه بعض ما أثمرته تلك الأحاديث في جملتها من السلف الصالح رضي الله عنهم .
و قد ترجم البخاري في " صحيحه " للحديثين الأولين بقوله :
" باب فضل الزرع إذا أكل منه " .
قال ابن المنير :
" أشار البخاري إلى إباحة الزرع , و أن من نهى عنه كما ورد عن عمر فمحله ما إذا
شغل الحرث عن الحرب و نحوه من الأمور المطلوبة , و على ذلك يحمل حديث أبي أمامة
المذكور في الباب الذي بعده " .
قلت : سيأتي الكلام على الحديث المشار إليه في المقال الآتي إن شاء الله تعالى

[p5s][/p5s]
.
10 عن أبي أمامة الباهلي قال - و رأى سكة و شيئا من آلة الحرث فقال : سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول :
" لا يدخل هذا بيت قوم إلا أدخله الله الذل " .


قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 14 :


التكالب على الدنيا يورث الذل :
------------------------------
ذكرت في المقال السابق بعض الأحاديث الواردة في الحض على استثمار الأرض , مما
لا يدع مجالا للشك في أن الإسلام شرع ذلك للمسلمين و رغبهم فيه أيما ترغيب .
و اليوم نورد بعض الأحاديث التي قد يتبادر لبعض الأذهان الضعيفة أو القلوب
المريضة أنها معارضة للأحاديث المتقدمة , و هي في الحقيقة غير منافية له ,
إذا ما أحسن فهمها , و خلت النفس من اتباع هواها !
الأول : عن # أبي أمامة الباهلي # قال - و رأى سكة و شيئا من آلة الحرث فقال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
" لا يدخل هذا بيت قوم إلا أدخله الله الذل " .
أخرجه البخاري في " صحيحه " ( 5 / 4 بشرح " الفتح " ) , و رواه الطبراني في
" الكبير " من طريق أخرى عن أبي أمامة مرفوعا بلفظ :
" ما من أهل بيت يغدو عليهم فدان إلا ذلوا " .
ذكره في " المجمع " ( 4 / 120 ) .
و قد وفق العلماء بين هذا الحديث و الأحاديث المتقدمة في المقال المشار إليه
بوجهين اثنين :
أ - أن المراد بالذل ما يلزمهم من حقوق الأرض التي تطالبهم بها الولاة من خراج
أو عشر , فمن أدخل نفسه في ذلك فقد عرضها للذل .
قال المناوي في " الفيض " : " و ليس هذا ذما للزراعة فإنها محمودة مثاب عليها
لكثرة أكل العوافي منها , إذ لا تلازم بين ذل الدنيا و حرمان ثواب البعض " .
و لهذا قال ابن التين : " هذا من أخباره صلى الله عليه وسلم بالمغيبات , لأن
المشاهد الآن أن أكثر الظلم إنما هو على أهل الحرث " .
ب - أنه محمول على من شغله الحرث و الزرع عن القيام بالواجبات كالحرب و نحوه ,
و إلى هذا ذهب البخاري حيث ترجم للحديث بقوله :
" باب ما يحذر من عواقب الاشتغال بآلة الزرع , أو مجاوزة الحد الذي أمر به " .
فإن من المعلوم أن الغلو في السعي وراء الكسب يلهي صاحبه عن الواجب و يحمله على
التكالب على الدنيا و الإخلاد إلى الأرض و الإعراض عن الجهاد , كما هو مشاهد من
الكثيرين من الأغنياء .
و يؤيد هذا الوجه قوله صلى الله عليه وسلم :
" إذا تبايعتم بالعينة , و أخذتم أذناب البقر و رضيتم بالزرع و تركتم الجهاد
سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم " .

**********
يتبع أن شاء الله