أخي الفاضــل أحمــد
الســلام عليكم ورحمــة الله وبركاته
أرجــو أن تعــذرني إذ تأخــرت في الرد عــلى مداخــلاتك القيمــة لمشــاغلي ولثراء مداخــلاتك وســأبــدأ من حيث انتهــيت أنت ،
"رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا"
أطلب أن تفكــر مليا في كلمتي ( كل شــيء ) وكلمتـي ( رحمــة وعلمــا ) فكل شيء حصــر مطــلق لجمــيع الأشــياء والذي خــلقها خــالق كل شــيء ولا يغيب عن علمــه شيء في الســماوات والأرض لتصــل إلى طبيعــة العــلاقة بين العــلم والرحمــة وهي العمــوم المطــلق فرحمــان الســماوات والأرض راحم كل شـيء وعــالم بكل شيء فلا يعزب عن علمــه شيء في الســماوات والأرض وهــو العــزيز الحكــيم ، وكان هــذا المفهــوم ســببا في اخـتلافي مع بعض الأخــوة في هــذا المنتــدى وســببه أنهم لم يفهمــوا مقصــدي لاســتعجالهم عــلي عفــا الله عني وعنهــم وكان ذلك في موضــوع علم الغيب حيث قلت يومهــا أن لا غيب على الله ســبحانه فــلا يغيب عنــه شـيء أصـلا ،
قد تقدمت صفة الرحيم على الغفور في هذه الأية لتناسبها مع العلم فاقتران الرحمة بالعلم أنسب من اقترانها بالعفو والمغفرة التي تتناسب مع القدرة
والله أعلم
أمــا قــولك هــذا فأنــا أؤيدك فيــه إلا أنــه يلــزمـه بعــض الإيضــاح فالرحمــة والمغفــرة والعــلم والقــدرة كلهم مترابطــون أي مقــترنون ، فالعــلم ســبب للقــدرة والرحمــة ســبب للمغفــرة فالله ســبحانه يغفــر لنــا رحمــة بنــا فليس له مصــلحة من ذلك فهــو الغنــي الحمــيد ولا يمنعــه منــا مانع فهــو القــاهــر فوق عبــاده لذلك ترى ارتبــاطا بين الصــفتين الرحمــة والمغفــرة
وفي تتمــة الآيات في هــذه الســورة الكريمــة بيــان لهــذا المعــنى ،
" وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (3) لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4) "
إلى قــوله تعــالى : " أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِّنَ السَّمَاء إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ (9) "
فســبحان الله الذي لو شــاء ما منعــه مانع ،
ثم يرد بعــد هــذا ذكــر داوود وســليمان عليهمــا الســلام وفي ذلك ذكــر للقــدرة التي وهبهــا الله لهم فتــأمــل :
" وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (10) أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (11) وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ (12) يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاء مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13) فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (14) "
وللحــديث بقــية
" قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109) "