الداعي
مواطن بدأ نشاطه
تاريخ التسجيل بالموقع: December, 2008
المداخلات: 99





زميلي الخارق, أمرك عجيب غريب!! ألم أقل لك: (وطبائع الأمور تقتضي أن نبدأ بمناقشة دليل العصمة من حيث نوعه, أي سنعرض في هذه المداخلة نقطةً من النقاط الفاصلة في هذا المضمار, ألا وهي: (دليل العصمة)). فلماذا تقول لي: (جميل جدا اذا الموضوع ينصب كله علي العصمه في التبليغ)؟! فأنا لا أريد منك إثبات نبوة أحدهم, وقد بدأنا بالنقطة الأولى في بحث العصمة المسيحية, ألا وهي: (دليل العصمة). وأنت أخيرًا حددت موقفك بقولك: (دليل العصمه عقلا و نقلا و ليس عقلا فقط), وعليه, فأريد مناقشة أمرين:
1. الدليل النقلي لا يصلح لإثبات العصمة.
2. هل استطاع زميلنا الخارق إثبات عصمة أنبيائه عقلاً؟
وأنا_ في الحقيقة _فرحت كثيرًا بقولك هذا: (تم الاثبات عقلا بان كونه نبي فهو مسير في التبليغ ..ده شئ بديهي و بالعقل)؛ لأنَّني لمَّا قلت لك: (هل تبليغ الرسالة تكليف؟ أي أمخيرون الرسل في التبليغ أم مسيرون؟) قلت لي: (ان التسير و التخير ليس في المفهوم المسيحي بشئ و الا اعطنا هذه المفاهيم من الكتاب المقدس), فقلت لك: (لا يعفيك: فالنبي بين واحدة من اثنتين: إمَّا مخيَّر يبلغ بإرادته, وإمَّا مسيَّر لا إرادة له في التبليغ. أرجو الجواب, ولا تهرب من هذه), فقلت لي: (اذا وجدت في المفهوم المسيحي شئ اسمه التخيير و التسير ..يمكنكط ان تأتي لنا بهذا المفهوم و ماذا يقول ..اما اذا كانت لا تعرف ..لانه اصلا لا يوجد ..فسؤالك ليس له محل من الاعراب..فلا تلقي بالمفاهيم الاسلاميه علي عقيدتنا...و الباب امامك مفتوح ...اعطينا انت هذا المفهوم من عقيدتي اذا وجدت. فهل انا بذلك اتهرب .اذ اقول لك انت اعطيني اين يوجد هذا المفهوم..فالهروب حينما يوجد شئ في عقيدتي انت تعرفه و انا لا اريد ان اتحدث عنه و ابتعد عن الموضوع ..و لكن هنا انا اقول لك باعلي صوت ..اعطيني من عقيدتي ما يفيد بالتخيير و التسير..فهل وجدت!!!!!), وقلت كذلك: (ومن الذي قال بهذا ...الامام ابن كثير ..ام السيوطي؟؟؟ ارجوا ان تركز عزيزي هذه مناظره عن المسيحيات..و ليس للمفاهيم الاسلاميه مكان هنا. حينما تناقش امر عن المسيحيه يجب ان تكون ملم بكل شئ . و معك الدليل و البرهان). وعليه:
· زميلي الخارق, لم أشهد في تاريخ حياتي تناقضًا قطُّ كالذي رأيته في معرِضِ حديثي معك, فما هذا يا زميل؟!
· جوابك الأخير عن التسيير هو: (كونه نبي فهو مسير في التبليغ ..ده شئ بديهي و بالعقل) فمسألة تسيير الأنبياء أمر بدهي بعدما كنت تقول لي: (لانه اصلا لا يوجد ..فسؤالك ليس له محل من الاعراب) فهل الشيء البدهي لا يوجد, ولا محل له من الإعراب؟!
· ثمَّ إنك قلت لي: (فالهروب حينما يوجد شئ في عقيدتي انت تعرفه و انا لا اريد ان اتحدث عنه و ابتعد عن الموضوع ..و لكن هنا انا اقول لك باعلي صوت ..اعطيني من عقيدتي ما يفيد بالتخيير و التسير..فهل وجدت!!!!!), فأنت هنا في مأزق؛ ذلك أنَّك إمَّا أن تكون بجوابك الأخير أَثْبَتَّ لنا أنك كنت تهرب من السؤال وتنكر أمرًا ما في عقيدتك ثم اضطررت للإعتراف به بعد نكرانه, وإمَّا أنك أدخلت في عقيدتك ما ليس منها: (اعطيني من عقيدتي ما يفيد بالتخيير و التسير), وهذان أمران أحلاهما مرٌّ!!
· لا عليك, فأنا_ يا زميل _لست هنا لأمسك فجواتٍ تقع بها, بل أنا هنا لنصل إلى الحق.
· وأنا سأعتمد جوابك الأخير في مسألة تسيير الأنبياء, فأنت تقر أن الأنبياء مسيرون بدهيًا. (أنا لا أوافقك)
· طبعًا, تراجعك عن إنكار مسألة تسيير الأنبياء نعده فضيلة لك؛ لأن الرجوع عن الخطأ فضيلة. والله الموفق.
والآن نستعرض مداخلتك:
· قولك: (اي قوه تلك التي تجعل 3 الاف شخص يؤمنون بشئ معين ؟؟؟ او بفكر معين الا اذا كان من الله). في الحقيقة_ يا زميل _لا أعلم أنَّ إثبات نبوة شخص يكون بهذه السهولة!! لو أردتُ أنا إثبات نبوة شخص بطريقتك لاعتبرت مصعب بن عمير نبيًّا؛ ذلك أنه أسلم على يديه قبيلتا الأوس والخزرج, وهما قبيلتان متناحرتان, بينهما حربٌ هي (يوم بعاث) قد استمرت أربعون سنة, وبعضهم أرجع أصلها إلى مائة عام أو يزيد, فهو لم يسلم على يديه قبيلتان, بل وأتى بشيء عجاب, ألا وهو: (ألف بين قلوب الأوس والخزرج). جاء في سيرة ابن هشام: (فَوَاَللّهِ مَا أَمْسَى فِي دَارِ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ رَجُلٌ وَلَا امْرَأَةٌ إلّا مُسْلِمًا وَمُسْلِمَةً. وَرَجَعَ أَسْعَدُ وَمُصْعَبٌ إلَى مَنْزِلِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ فَأَقَامَ عِنْدَهُ يَدْعُو النّاسَ إلَى الْإِسْلَامِ حَتّى لَمْ تَبْقَ دَارٌ مِنْ دُورِ الْأَنْصَارِ إلّا وَفِيهَا رِجَالٌ وَنِسَاءٌ مُسْلِمُونَ...). فلا جرم أن القوة التي جعلت هاتين القبيلتين مسلمتين هي من الله Y, وصدق إذ يقول: ﴿وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾, (الأنفال: 63). ومع هذا لم ندَّع النبوة لمصعب بن عمير؛ لأنَّه كان يدعوهم بتعاليم محمد, رسول الله e, وبطرس كان يدعوهم بتعاليم المسيح عيسى بن مريم u, فهل هذا أمر كفيل في إثبات نبوة بطرس؟ قطعًا لا. (حقًّا, إثبات نبوة بطرس ليس موضوعنا).
· قولك: (وهو الذي انكر امام جاريه معرفه الرب يسوع). بطرس أنكر الربَّ يسوع أمام جارية, ويقول الرب يسوع: ¥فَكُلُّ مَنْ يَعْتَرِفُ بِي قُدَّامَ النَّاسِ أَعْتَرِفُ أَنَا أَيْضًا بِهِ قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ * وَلكِنْ مَنْ يُنْكِرُني قُدَّامَ النَّاسِ أُنْكِرُهُ أَنَا أَيْضًا قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ¤, (إنجيل: متى, ح: 10, ع: 32_33). فلا أدري كيف يكون بطرس نبيًّا وسوف ينكره الرَّبُ يسوع أمام أبيه في السماء؟! هل بطرس نبي وهو ينكر الربَّ يسوع؟! وكيف يجعل الربُّ يسوع مَنْ أنكره نبيًّا؟! لعمري إنَّ هذا في القياس شنيع, بل لهو أمر عجاب!!
· قولك: (المترجم هذا يكون قد مر بمراحل تعليم متعدده و بعد اكثر من كذا سنه يستطيع اتقان تلك اللغه). على هذا يجب أن نعتبر زيد بن ثابت نبيًّا؛ لأنه تعلم اللغة السريانية في سبع عشرة يومًا. عن زيد بن ثابت قال: (قال لي رسول الله e: أتحسن السريانية؟ قلت: لا. قال: فتعلمها؛ فإنه تأتينا كتب. قال: فتعلمتها في سبعة عشر يوما), رواه ابن حبان. قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح. أرأيت كيف تعلم لغة بأكملها في سبعة عشر يومًا؟! فهل قال أحد: إنَّ روح القدس هي التي أعطته هذه القدرة العظيمة؟! فهذه أيضًا لا تصلح لإثبات نبوة بطرس.
· قولك: (فهل تقدر ان تقول لي كيف ليهود بسطاء ان يتقنوا عدد من اللغات و يبشرون و يتحدثون و يقنعون الناس؟؟؟ كيف لهم في لحظات و ليس سنين ان يتقنوا لغات متعدده؟؟؟؟). يا سعد, ما هكذا تورد الإبل!! يجب أن تفهم الأمور هكذا: اليهود قوم لهم باع طويل في الاتصال بالناس بحكم التجارة, وبحكم أن الرسل كانت منهم في الأزمنة السحيقة, فطبائع الأمور تقتضي أن يكون الشعب اليهودي شعبًا مثقفًا يمتاز بالحيوية بما تهيأ له من جوِّ الرسالات السماوية طيلة سنين مديدة قبل الميلاد وبعده, ومنهم المترجمون ومنهم غير ذلك, فلا يشترط بالمترجم أن يتعلم اللغة بعد إيمانه, بل يكون متقنًا للغة أو أكثر قبل إيمانه, وبعد إيمانه يستغل اللغات الذي يعرفها للتبشير. وهذا أمر سافر. ثمَّ إنَّك لا تملك توثيقًا يثبت أن بطرس تكلم بخمس لغات أو أكثر من ذلك أو أقل. ولا تملك توثيقًا يثبت أن بطرس آمن على يديه جميع من أصبح مسيحيًّا, بل طبائع الأمور تقتضي أن تكون هذه الأمور انتشرت رويدًا رويدًا, وليس دفعةً واحدةً.
· قولك: (قد اعطيتك الدليل علي عصمته عقلا كما طلبت). لم تعطني, فإن قصدت قول اشمعني, فلا دخل له بذلك؛ ذلك أنه يتحدث عن أنَّ العصمة تجعل النبي مسيَّرًا, وليس عن دليل العصمة العقلي. هذه أولى, أمَّا الثانية, فهو يستدل بدليل نقلي على قوله يتمثل بقصة يونان. وأنا أنتظر منك أن تبين لي كيف أثبت عصمة الأنبياء عقلاً.
· قولك: (قول اشمعني عن الدليل العقلي فهو شئ عقلي اما قول علمائك فهو شئ نقلي). قول غريب!! أنت استدللت بقول اشمعني, وأنا استدللت بقول المفسرين, فما الفرق بين الاستدلالين حتى تجعل الاستدلال بقول اشمعني عقليًا؟!
· قولك: (وسبق و تم تفنيد اقوال علماء الاسلام الواهيه عن العصمه). لا أدري أين حصل التفنيد؟! فأنت خلال الحديث عن عصمة النبي محمد e لم تتكلم عن رأي أي عالم في العصمة قط!! فكيف تحكم على شيء أنه واهٍ وأنت لم تتعرض إليه من قبل؟! أرجو أن تبين لي أين فندت أقوال علماء الإسلام في العصمة.
· قولك: (فليس معني انه تم تفنيدهم اننا نرفضهم اذا كان هناك قول سليم فسنقبله). انظر إلى قولك: (كل تلك التفاسير لا تلزمني في شئ ..فهي مجرد رد علي ما يثار من شبهات). فأنت لم تناقش صحتها, بل رفضتها من دون النظر فيها تحت مبرر (فهي مجرد رد علي ما يثار من شبهات), ألا تعلم أن قول اشمعني هو_ كذلك _مجرد رد حول ما يثار عن العصمة المسيحية, فأين الفرق إذن؟ وعليه, فموقفك كان خلافًا لموقفك الحالي, وأنا أشكرك على تراجعك عن ذلك الموقف السقيم, فليس من المعقول أن ترفض تفسير الشعراوي لأنَّ به دحضًا لشبه أثيرت حول أمرٍ ما.
· قولك: (الانبياء في المسيحيه مسيرون في التبليغ فقط اظن تلك النقطه واضحه جدا فلا تحور الكلام عزيزي). نعم واضح, وأنا لم أقل غير هذا. فأين التحوير؟!
· قولك: (مع احترامي من اي طائفه عزيزي يتحدث جناب المطران ؟؟ فهل وانت سني أتي لك باقوال من طائفه اخري و اجعلها مفهوم اسلامي ؟؟؟). في الحقيقة وقع في نفسي أنك من طائفة الأرثذوكس, فطائفة المطران هي الطائفة الأرثذوكسية. يبدو أنك لست أرثذوكسيًّا, فهلا أنبأتني عن طائفتك حتى لا آتيك بقول أحد ليس من طائفتك؟ على أنَّ المطران لم يتكلم من عقله, بل أتى بدليل من الكتاب المقدس, وانظر إلى قوله: (فمن أبكى الله؟ ألم يبكِ يسوع على أورشليم قائلاً" أورشليم أورشليم ... كم من مرة أردت أن أجمع صغارك..." نعم لم تتحقق إرادة الله في أورشليم. لقد أراد البشر عكس ما يريد الله، وتحققت إرادتهم وبكى الله على الخيار الخاطئ لأبناء أورشليم). فالمطران أتى بدليل يثبت أن إرادة الله عاجزة عن تغيير إرادة البشر, وإرادة البشر تمنع إرادة الله, ودليله من الكتاب المقدس. فدليل المطران يدحض قول اشمعني؛ لأن دليل المطران من الكتاب المقدس. أو أنه ليس جميع المسيحيين يؤمنون بفكرة تسيير الرسل, فمنكم من يقول بذلك, ومنكم غير ذلك.
· قولك: (وسبق ان اثبت لك الاخ اشمعني هذا الامر انه هناك عصمه للانبياء و كان هذا دليل عقلي و ليس نقلي كما طلبت انت). لم يتحدث اشمعني عن دليل العصمة, بل أخذ يشرح أثر العصمة من حيث كونها تجعل النبي مسيَّرًا.
· قولك: (ارجو ان تعطيني معني كلمه مقهور من المعاجم العربيه ارجوك ؟؟؟). مقهور اسم مفعول من القهر, وفعله قهر, قلو رجعت لمعنى (القهر) لأدركت معنى مقهور. جاء في العين: (قَهر: اللهُ القاهرُ القهّارُ. يُقالُ: أخذهم قَهْراً, أي: من غير رضاهم). ويونان قهر, فبلغ نينوى من غير رضاه, واضطر إلى ذلك بعدما أصبح في بطن الحوت: ¥وَأَمَّا الرَّبُّ فَأَعَدَّ حُوتًا عَظِيمًا لِيَبْتَلِعَ يُونَانَ. فَكَانَ يُونَانُ فِي جَوْفِ الْحُوتِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَال¤, (سفر: يونان, ح: 1, ع: 17). وعليه, فيونان مقهور. انظر إلى قولك: (هُوَ مُسَيَّرٌ لاَ مُخَيَّرٌ: أَعْمالُهُ وَأَفْعالُهُ خارِجَةٌ عَنْ إِرادَتِهِ الفِعْلِيَّةِ، وَلاَ سَيْطَرَةَ لَهُ عَلَى أَفْعَالِهِ). فالمسير أفعاله خارجة عن إرادته, ولا سيطرة له عليها, بينما يونان سيطر على التبليغ, فهو امتنع في بادئ الأمر ثم رجع عن الامتناع, ولو كان مسيرًا لما امتنع أصلا؛ لأن المسير أفعاله خارجة عن إرادته, فلا إرادة له, فلا يستطيع الامتناع من الأساس. وانظر إلى وصف الله Y لملائكته المسيرين: ﴿لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ﴾, (الأنبياء: 27). وقوله: ﴿لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾, (التحريم: 6). وبهذا نقطع أن يونان مخير في التبليغ, أي يستطيع أن يمتنع وأن يمتثل, فكونه امتثل خوفًا من المكث في بطن الحوت لا يجعل منه مسيَّرا؛ لأنَّ المسير لا سيطرة له على أفعاله, ويونان سيطر على أفعاله, تارةً يمتنع, وتارة يمتثل. وقد قيل: (بالمثال يتضح المقال). والمثال هو العضلات المخيرة والمسيرة: القلب عضلة مسيرة (لا إرادية), وأتحداك أن تستطيع إيقاف عملها من حيث القبض والبسط لحظة بإرادتك. بينما عضلة الذراع مخيرة (إرادية), فأنت تقبضها بإرادتك, وتبسطها بإرادتك, ولو كانت مسيرةً لما استطعت هذه أو تلك.
· قولك: (وكون الله يعطيه درسا معينا في حياته الا انه يجعله ايضا يقوم بتبليغ الرساله لانه مسير في التبليغ). الرب يسوع ربٌّ ظالم؛ لأنَّه يعطي درسًا ليونان المسكين المسير الذي لا حول له ولا طول!! كيف يعطيه درسًا وأفعاله خارجة عن إرادته, فهو امتنع عن التبليغ بغير إرادته؛ لأن أفعاله لا يسيطر عليها؟! إنَّ هذا لشيء عجاب. هذه أولى, والثانية: المسير لا يسيطر على أفعاله, وكون يونان سيطر على التبليغ فامتنع, ثم عاد فامتثل بعدما هدده الله وعاقبه على معصيته لله في رفض التبليغ, ولمَّا رفض التبليغ فقد انتفى عنه التسيير, بل هو مخيَّر, وهل هناك ذو لبٍّ يماري في هذه؟! اللهم لا تجعلنا نخرُّ على الحق صمًّا وعميانًا, وسلِّمنا من العناد الذي يقذف بصاحبه في الضلال المبين. آمين.
· قولك: (اما نبي الاسلام فهو اخطأ في التبليغ). هذه نتيجة استنبطها اشمعني, استنادًا على قصة الغرانيق التي قال عنها الإمام ابن خزيمة:" هذا من وضع الزنادقة", وهذا هو الصواب. وسنبحث هذه القصة في أسباب نزول آية الحج, فلا تعجل. فأنا لم آتِ بالنتيجة لأقرها, بل جئت بأسلوب استنباطه الذي ينطبق تمامًا على امتناع يونان, فلا تسيير مع الامتناع حتى ولو أجبر فيما بعد؛ لأن المسير لا يمتنع ابتداءً. والله الموفق.
· قولك: (الله لا يتحدث الي موسي النبي كنبي بل يعطيه الوصايا للشعب كله و للبشر العاديين و ليس كتوجيه كلام شخصي من الله الي موسي النبي . ارجوا ان تقرأ جيدا و ان ترجع للتفاسير). عندما يقول لموسى u: ¥لاَ تَنْطِقْ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلهِكَ بَاطِلاً، لأَنَّ الرَّبَّ لاَ يُبْرِئُ مَنْ نَطَقَ بِاسْمِهِ بَاطِلاً¤, فهو يتحدث عن التبليغ, فهو يحذره خلال إعطاء الوصايا من أن يقول وصايا وغير ذلك من الأمور ثم يسندها للرب باطلا؛ لأن الرب لم يوصِ بها, فإن فعل فإن الله لن يبرئه. وبما أنَّ الشعب ليسوا أنبياءً, فالأمر يخص موسى u في التبليغ؛ لأنه هو الذي يبلغ وليس الشعب. على أنه لو افترضنا أن النهي عن الكذب على الله في معرض التبليغ مخاطب به كلُّ الشعب, فموسى u من الشعب, فلو كان مسيَّرًا لما نهاه عن أن يكذب على الله, وعن النطق باسمه باطلا عندما ينسب لله ما لم يقله.
· قولك: (انا وافقت بعد ان اثبت لك من الكتاب المقدس عصمه الانبياء في التبليغ و رفضك انت هذا وقلت اعطوني دليل عقلي فوافقت لك علي طلبك). غير دقيق. أنا لم أرفض دليلك النقلي بعد, ولم أقل أعطوني دليلا عقليًّا, بل بدأت ببحث النقطة الأولى, ألا وهي: (نوع دليل العصمة). ثمَّ أخذت أثبت لك أن الدليل النقلي غير صالح لإثبات العصمة, ثم قلت لك:
أيها الزميل, أنتظر منك أحد أمرين:
1. أن تثبت أن عصمة النبي تكون بالنقل وليس بالعقل.
2. أن تثبت عقلا عصمة أنبيائك بعد أن تقرَّ أن عصمتهم لا تثبت بالنقل, أي بكلامهم.
وبما أنك لم تتطرق إلى صلاحية الدليل النقلي في إثبات العصمة, وبدأت في أن تثبتها عقلا فقد اخترت النقطة الثانية, ألا وهي: (أن تثبت عقلا عصمة أنبيائك بعد أن تقرَّ أن عصمتهم لا تثبت بالنقل, أي بكلامهم). فأنا لم أطلب منك إثبات العصمة عقلا قبل أن تقرَّ أنه لا يصلح إثبات العصمة نقلا.
· قولك: (دليل العصمه عقلا و نقلا و ليس عقلا). هذا جوابك الأخير.
والآن ننتقل لوضع نقاط البحث, وهي:
1. هل الدليل النقلي يصلح لإثبات العصمة؟
2. هل الأنبياء مسيرون في التبليغ؟
أضع رأيي, ثمَّ أنتظر رأيك.
هل الدليل النقلي يصلح لإثبات العصمة؟
الدليل النقلي بالنسبة للمسيحيين هو الكتاب المقدس. والكتاب المقدس كتبه أنبياء الرب يسوع حسب الاعتقاد المسيحي, وموضوعنا هو عن عصمة أنبياء الرب يسوع؛ لأنَّ كلَّ ما جاء عن طريقهم لا نثق فيه ما لم نثبت عصمتهم, فالكتاب المقدس في موضع الشك والريبة إلى أن تثبت عصمة أنبياء الرب يسوع, وكذلك القرآن الكريم, فهو في موضع شك وريبة إلى أن نثبت عصمة محمد, رسول الله e. والكتاب المقدس في موضع شك وريبة؛ لأن غير المعصوم قد يكذب على الله, وقد يخطئ في التبليغ, ووجود هذا الاحتمال في غير المعصوم يتطرق إلى كل جزئية في الكتاب المقدس, وبهذا ينهار الاستدلال بالكتاب المقدس حتى نثبت عصمة أنبياء الرب يسوع, فكيف يستسيغ عقلك_ يا زميل _إثبات عصمة أنبياء الرب يسوع من كتاب لا نثق فيه قبل إثبات عصمة من أتى به؟! إن الكتاب المقدس لا قيمة له قبل أن نثبت عصمة أن الأنبياء الذين كتبوه. وهذا أمر سافر.
أنتظر منك أن تثبت صلاحية الكتاب المقدس في إثبات عصمة الأنبياء, وأنتظر منك دحض رأيي.
موضوع التسيير سأؤجله إلى حين الانتهاء من تحديد دليل العصمة.