مذهب الحنابلة
(( وَيَتَعَيَّنُ الْجِهَادُ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ ؛ أَحَدُهَا ، إذَا الْتَقَى الزَّحْفَانِ ، وَتَقَابَلَ الصَّفَّانِ ؛ حَرُمَ عَلَى مَنْ حَضَرَ الِانْصِرَافُ ، وَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْمُقَامُ ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا } .
وَقَوْلِهِ { وَاصْبِرُوا إنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ } .
وقَوْله تَعَالَى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا لَقِيتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمْ الْأَدْبَارَ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ }
الثَّانِي ، إذَا نَزَلَ الْكُفَّارُ بِبَلَدٍ ، تَعَيَّنَ عَلَى أَهْلِهِ قِتَالُهُمْ وَدَفْعُهُمْ .
الثَّالِثِ ، إذَا اسْتَنْفَرَ الْإِمَامُ قَوْمًا لَزِمَهُمْ النَّفِيرُ مَعَهُ ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إذَا قِيلَ لَكُمْ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إلَى الْأَرْضِ } .
الْآيَةَ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا .
وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إذَا اُسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا.))
كتاب المغني للمقدسي
(( ولا يجوز الغزو إلا بأذن الامير إلا أن يفاجأهم عدو يخافون كلبه) إذا جاء العدو لزم جميع الناس ممن هو من أهل القتال الخروج إليهم إذا احتيج إليهم ولا يجوز لأحد التخلف إلا من يحتاج إلى التخلف لحفظ المكان والأهل والمال ومن يمنعه الأمير الخروج ومن لا قدرة له على الخروج لقول الله تعالى (انفروا خفافا وثقالا) وقول النبي صلى الله عليه وسلم (إذا استنفرتم فانفروا) وقد ذم الله تعالى الذين أرادوا الرجوع إلى منازلهم يوم الاحزاب فقال (ويستأذن فريق منهم النبي يقولون ان بيوتنا عورة وماهي بعورة ان يريدون إلا فرارا) ولأنهم يصير الجهاد عليهم فرض عين إذا جاء العدو فلا يجوز لاحد التخلف عنه.
إذا ثبت هذا فإنهم لا يخرجون إلا بأذن الامير لأن أمر الحرب موكول إليه وهو أعلم بقلة العدو وكثرتهم ومكامنهم وكيدهم فينبغي ان يرجع إلى رأيه لانه أحوط للمسلمين إلا ان يتعذر استئذانه لمفاجأة عدوهم فلا يجب استئذانه حينئذ لان المصلحة تتعين في قتالهم ))
الشرح الكبير لابن قدامة المقدسي
(( فَصْلٌ وَيَحْرُمُ غَزْوٌ بِلَا إذْنِ الْأَمِيرِ لِرُجُوعِ أَمْرِ الْحَرْبِ إلَيْهِ لِعِلْمِهِ بِكَثْرَةِ الْعَدُوِّ وَقِلَّتِهِ وَمَكَامِنِهِ وَكَيْدِهِ ( إلَّا أَنْ يُفَاجِئَهُمْ عَدُوٌّ ) كُفَّارٌ ( يَخَافُونَ كَلَبَهُ ) بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ شَرَّهُ وَأَذَاهُ .
فَيَجُوزُ قِتَالُهُمْ بِلَا إذْنِهِ لِتَعَيُّنِ الْمَصْلَحَةِ فِيهِ . ))
شرح منتهى الإرادات
(( ( وَلَا يَجُوزُ الْغَزْوُ إلَّا بِإِذْنِ الْأَمِيرِ ) ؛ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِالْحَرْبِ وَأَمْرُهُ مَوْكُولٌ إلَيْهِ ؛ وَلِأَنَّهُ إذَا لَمْ تَجُزْ الْمُبَارَزَةُ إلَّا بِإِذْنِهِ فَالْغَزْوُ أَوْلَى ( إلَّا أَنْ يَفْجَأَهُمْ ) أَيْ : يَطْلُعَ عَلَيْهِمْ بَغْتَةً ( عَدُوٌّ يَخَافُونَ كَلَبَهُ ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَاللَّامِ ، أَيْ : شَرَّهُ ، وَأَذَاهُ ( بِالتَّوَقُّفِ عَلَى الْإِذْنِ ) ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَيْهِ لِمَا فِي التَّأْخِيرِ مِنْ الضَّرَرِ ، وَحِينَئِذٍ لَا يَجُوزُ التَّخَلُّفُ لَأَحَدٍ إلَّا مَنْ يَحْتَاجُ إلَى تَخَلُّفِهِ ، لِحِفْظِ الْمَكَانِ وَالْأَهْلِ ، وَالْمَالِ ، وَمَنْ لَا قُوَّةَ لَهُ عَلَى الْخُرُوجِ ، وَمَنْ يَمْنَعُهُ الْإِمَامُ ( أَوْ ) يَجِدُونَ ( فُرْصَةً يَخَافُونَ فَوْتَهَا ) إنْ تَرَكُوهَا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوا الْأَمِيرَ فَإِنَّ لَهُمْ الْخُرُوجَ بِغَيْرِ إذْنِهِ ، لِئَلَّا تَفُوتَهُمْ ؛ وَلِأَنَّهُ إذَا حَضَرَ الْعَدُوُّ صَارَ الْجِهَادُ فَرْضَ عَيْنٍ ، فَلَا يَجُوزُ التَّخَلُّفُ عَنْهُ وَلِذَلِكَ لَمَّا أَغَارَ الْكُفَّارُ عَلَى لِقَاحِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَادَفَهُمْ سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ خَارِجَ الْمَدِينَةِ تَبِعَهُمْ ، وَقَاتَلَهُمْ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ فَمَدَحَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { وَقَالَ خَيْرُ رَجَّالَتِنَا سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ } وَأَعْطَاهُ سَهْمَ فَارِسٍ ، وَرَاجِلٍ . ))
كشاف القناع عن متن الإقناع
(( فلا يجوز لأحد أن يغزو دون إذن الإمام إلا على سبيل الدفاع ، و إذا فاجأهم عدو يخافون كلبه فحينئذ لهم أن يدافعوا عن أنفسهم لتعين القتال إذاً ))
الشرح الممتع ج 7 ص 25 لفضيلة الشيخ العلاّمة ابن عثيمين .
كما و نقلت مسبقاً عن بعض الحنابلة كشيخ الإسلام ابن تيمية و تلميذه ابن القيم فلا داعي للاعادة .
يتبع إن شاء الله
المفضلات