صفحة 6 من 54 الأولىالأولى ... 23456789101636 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 51 إلى 60 من 531
 
  1. #51
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    حدود الموسوعة
    الحديث عن إنجازات الموسوعة أمرسنتركه للمفكرين والنقاد والقراء. ومع هذا، قد يكون من المفيد أن نشير إلى ما تحاولالموسوعة إنجازه وما لم تحاوله، حتى يستطيع القارئ تحديد مستوى توقعاته منها وحتىتمكن محاكمتها من هذا المنظور وداخل الحدود التي وضعتها لنفسها.

    1
    ـالموسوعة ليست موسوعة معلوماتية، ومن ثم فهي لا تهدف إلى حشد أكبر قدر ممكن منالمعلومات. ورغم أنها تقدِّم قدراً كبيراً من المعلومات يفوق أحياناً ما يُقدَّم فيالموسوعات المعلوماتية، إلا أن كم المعلومات ليس همها الأساسي، كما أنها لا تزعمأنها ستقدِّم للقارئ " آخر ما تم التوصل إليه " في حقل الدراسات التي تُعنَىباليهودية والصهيونية والجماعات اليهودية مع أن مؤلفها قد استفاد بكل ما أتيح له مندراسات، ومن ذلك أحدثها.

    كما أنها لا تحاول أن تقدِّم عرضاً تاريخياًللظواهر التي تناولتها، رغم تأكيدها البُعد التاريخي، ورغم رفضها أن تُنزَع الظواهرمن سياقها التاريخي. وهي لا تزعم لنفسها الشمول. فعلى سبيل المثال لم تضم الموسوعةكل الأعلام اليهود، وإنما حاولت تقديم أهمهم مع التركيز على الجوانب النماذجية منحياتهم. كما أن بعض الشخصيات الهامشية (من منظور النماذج السائدة) تم التركيز عليهابسبب أهميتها النماذجية. وحينما تعاملنا مع النظام السياسي الإسرائيلي، لم نقمبتغطيته تغطية شاملة بكل عناصرة، بل ركزنا وحسب على بعض الموضوعات الأساسية.

    2
    ـ الموسوعة، قبل كل شيء، دعوة إلى إعادة التفكير في طرق التفكير حتىنُحسِّن من أدائنا التنظيري والتفسيري الذي يجعلنا ندرك الواقع بشكل أكثر تركيباًدون الاستنامة للمقولات الاختزالية العامة الجاهزة. وتطرح الموسوعة فكرة النماذجالتحليلية باعتبارها طريقة أكثر كفاءة من الطرق الأخرى في عملية رصد الواقع ودراستهوفي تنظيم المعلومات وتصنيفها وفي كيفية استخلاص النتائج والتعميمات منها، أي أنالموسوعة لا ترفض المعلومات ولا تبدأ من العدم (فهذا مستحيل) وإنما ترى ضرورة البحثعن المعلومات والتعامل معها شريطة عدم الاستسلام لها وتَوهُّم أن المعلومات هيالمعرفة. ولو لم تكن المعلومات أساسية لاكتفى المؤلف منطقياً بالمجلد الأول الذييوضح فيه نماذجه التحليلية.







  2. #52
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي




    3
    ـ حين تناولت الموسوعة الدولة الصهيونيةتعاملت مع الأنماط المتكرة والثوابت الإستراتيجية وحسب وركزت على البُعد الصهيونيللظواهر الإسرائيلية وعلى تلك الظواهر الإسرائيلية التي استقرت نوعاً ما وأصبـحتذات طابع بنيوي مثل «عنـصرية المجتمع الإسرائيلي» باعتباره مجتمعاً استيطانياًإحلالياً، ووظيفية الدولة الصهيونية.

    4
    ـ لا تكتفي الموسوعة بتقديم شرحمنهج محدَّد (دراسة الواقع من خلال نماذج تفسيرية) وإنما تحاول أن تُقدِّم دراسةحالة: اليهود واليهودية والصهيونية وبعض جوانب التجمُّع الصهيوني. في هذا الإطارحاولت الموسوعة أن تقدم تاريخاً عاماً للعقيدة اليهودية والحركة الصهيونية ودراسـةمتكاملة على مسـتوى عالمي (زماني ومكاني) يضم الصين والهند وغرب أوربا وشـرقها، قبلعصر النهضة وبعدها؛ وهي دراسة تبرز التنوع وعدم التجانس بين الجماعات اليهودية.

    5
    ـ تحـاول الموسـوعة أن تقدم الظواهر اليهـودية من خلال مجموعة من النماذجوالسياقات (التاريخية ـ الاجتماعية ـ الاقتصادية ـ الدينية) المختلفة التي تساهم فيتعريف المفاهيم والمصطلحات السائدة تعريفاً أكثر تفسيرية وتبرز جوانبها الإشكاليةوتبتعد بذلك عن الواحدية السببية التي تُفسِّر كل الظواهر في إطار سبب واحد (ماديعادةً). واعتراضنا على المادية ليس بسبب ماديتها، فهناك من الظواهر ما لا يمكنتفسيره إلا من خلال نماذج مادية، وإنما بسبب زعمها الشمولية التفسيرية التي تؤديإلى الاختزالية والواحدية. فعلى سبيل المثال، حينما تتعرض الموسوعة لظاهرة مثل يهودالاتحاد السوفيتي فإنها تفعل ذلك من خلال عدة مداخل عن تاريخ اليهود وتَوزُّعهمالوظيفي وأعدادهم وأسباب هجرتهم وانتماءاتهم السياسية والفكرية والدينية في كلٍّ منروسيا القيصرية وروسيا السوفيتية والمشاكل المادية والمعنوية التي قابلوها. كماتوجد عدة مداخل أخرى عن أنواع يهود الاتحاد السوفيتي (القراءون ـ الكرمشاك ـالجورجيون ـ يهود اليديشية ـ يهود الجبال ـ يهود بخارى.. إلخ). وتضم الموسوعة أيضاًمداخل عن موقف ماركس وإنجلز والبلاشفة من المسألة اليهودية، وعلاقة اليهود بالفكرالاشتراكي، وتطور الرأسمالية الغربية، وتطور العلمانية.

    6
    ـ تقوم الموسوعةباستخدام النماذج التحليلية. والنماذج هي ثمرة عملية تجريد بحيث يمكن النظر للظاهرةفي علاقتها بظواهر أخرى مماثلة. وهذه قضية في غاية الأهمية في حالة دراسة اليهود،إذ يمكن من خلال النماذج التحليلية الخروج بالظواهر اليهودية من جيتو التفرُّد (الصهيوني المعادي لليهود واليهودية) بحيث يتم ربطها بظواهر مماثلة. فاشتغال اليهودبالتجارة في الحضارة الغربية يتم ربطه باشتغال الصينيين بالتجارة في جنوب شرق آسيا،وظاهرة اليهود المتخفين (المارانو) في شبه جزيرة أيبريا يتم ربطها بظاهرة المسلمينالمتخفين (الموريسكيين). ونحن بذلك لا نَسقُط في أية عنصرية تفسيرية أو فعلية، كماأننا نبيِّن بذلك أن اليهود بشر وأن مفهوم الإنسانية المشتركة مفهوم له مقدرةتفسيرية.







  3. #53
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    7
    ـ طوَّرت الموسوعة مفهوم الجماعات الوظيفية باعتبارها مفهوماًتحليلياً مركباً، كما بيَّنت أهمية الدور الوظيفي للجماعات اليهودية وإدراكالجماعات اليهودية باعتبارها وظيفة تُؤدَّى ودوراً يُلعَب داخل مجتمع الأغلبية. ومنخلال هذا المفهوم، أمكن لنا أن ندرك الاستمرارية بين المفهوم الغربي لليهودباعتبارهم جماعات وظيفية وبين الرؤية الغربية للدولة الصهيونية باعتبارها دولةوظيفية (قاعدة للاستعمار الغربي وحليفاً إستراتيجياً له). وأبرز لنا هذا المفهـومالتحـليلي الأهـمية التاريخـية لتجربة أعضـاء الجـماعات اليهودية في بولندا في إطارالإقطاع الاستيطاني.

    8
    ـ طوَّرت الموسوعة نموذج الرؤية العلمانيةالإمبريالية الشاملة كنموذج تفسيري شامل، وبيَّنت العلاقة بين العلمنة الشاملةوالإمبريالية وأثر كل هذا على الجماعات الوظيفية في الغرب والعالم.

    9
    ـطوَّرت الموسوعة نموذج الحلولية الكمونية الواحديةكنموذج تفسيري. وفي ضوء هذا،أعدنا كتابة تاريخ اليهودية وتاريخ أعضاء الجماعات اليهودية وبيَّنا الأهميةالمحورية لظهور القبَّالاه (باعتبارها نسقاً غنوصياً حلولياً كمونياًمتطرفاً).


    10
    ـ أبرزت الموسوعة التمييز البديهي بين اليهود واليهودية،أي التمييز بين المثالي والمعياري من جهة، والفعلي والمتحقق من جهة أخرى؛ بين أحلامالبشر وأشواقهم من جهة، وأدائهم وواقعهم من جهة أخرى.

    11
    ـ تميِّز الموسوعةبين التاريخ المقدَّس الذي ورد في العهد القديم والتاريخ الزمني الذي يعيش في إطارهأعضاء الجماعات اليهودية. وانطلاقاً من هذا، بيَّنا أنه لا يوجد تاريخ يهودي عاموعالمي مستقل عن تواريخ البشر. ومن ثم، حاولت الموسوعة أن تُعيد كتابة تواريخ أعضاءالجماعات اليهودية بطريقة أكثر تركيبية وتفسيرية، ومن ثم أكثر إنسانية عما كُتب منتواريخ اختزالية. وحاولنا أن نُبيِّن أنه لا يوجد تاريخ ليهود مصر بمعزل عن تاريخمصر، ولا تاريخ ليهود بابل بمعزل عن تاريخ بابل، ولا تاريخ ليهود الولايات المتحدةبمعزل عن تاريخ بلدهم.







  4. #54
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي


    12 ـ تُبيِّن الموسوعة أنه لا يوجد تاريخ للصهيونيةمستقل عن تاريخ الحضارة الغربية الحديثة، ولا تاريخ للصهيونية غير اليهودية منفصلعن تاريخ الصهيونية بين اليهود، ولاتاريخ للصهيونية منفصل عن تاريخ العداء لليهود،ولا تاريخ للفكر اليهودي الغربي بمعزل عن تاريخ الفكر الغربي. ورغم إدراكنا للوحدةالنهائية، إلا أننا طوَّرنا مفهوماً للوحدة الفضفاضة لا يَجُبُّ استقلالية كل ظاهرةعن الأخرى.

    13
    ـ حاولت الموسوعة ضبط المستوى التعميمي والتخصيصي، فقامتبتأكيد البُعد الإنساني العام في الظواهر اليهودية، ذلك البُعد الذي تحرص الدراساتالصهيونية والمعادية لليهودية على إخفائه، وحاولت أن تبتعد عن الأيقنة وتأكيدالخصوصية والتفرُّد (الذي تحرص الدراسات الصهيونية والمعادية لليهودية على إبرازه). ولكنها، في الوقت نفسه، لم تسقط في التعميم الذي يُفقد الظاهرة ملامحها وقسماتهاومنحناها الخاص. وقد بيَّنا أن هذا الخطاب التحليلي السائد في تلك الدراسات التيتُعنَى باليهود واليهودية والصهيونية يتأرجح بين التعميم الشديد والتخصيص الشديد. فالإبادة النازية لليهود إن هي إلا تعبير عن نمط متكرر عام هو العداء الأزلي لليهودمن قبَل الأغيار. ويمكن أيضاً المغالاة في التخصيص، فيُقال إن الإبادة النازيةلليهود إن هي إلا جريمة ألمانية خالصة ضد اليهود وحدهم. وذهبنا في هذا إلى أنالإبادة النازية لحظة نماذجية فريدة ولكنها تعبير عن نمط عام هو استخدام الإبادة (بصورة عامة) من قبَل التشكيل الإمبريالي الغربي كآلية إمبريالية لإعادة صياغةالعالم ونقل الفائض السكاني الغربي خارج القارة الأوربية وإحلاله محل العناصرالبشرية التي تتم إبادتها. ولذا فإن إبادة اليهود على يد النازيين تشبه إبادة سكانأمريكا الأصليين على يد المستوطنين البيض ولا تختلف كثيراً عن المشروع الصهيونيالذي كان يهدف إلى نقل الفائض السـكاني اليهودي خارج القارة الأوربية وتوطينه فيفلسـطين ليحل محل الفلسـطينيين الذين يتم طردهم وإبادتهم أحياناً. ومع هذا،فالإبادة النازية لها خصوصيتها إذ أنها عملية الإبادة الوحيدة التي تمت داخل أورباوليس خارجها، على عكس عمليات الإبادة الأخرى. كما أنها تمت بمنهجية صارمة لم تتسمبها عمليات الإبادة الأخرى.

    14
    ـ من خلال نموذج الحلولية، تحاول الموسوعةأن تطرح أساساً جديداً لعلم مقارنة الأديان يبتعد عن الرصد البراني للشعائروالعقائد ويحاول أن يصل للنماذج الكامنة التي تبين الاختلاف حين يُظَن الاتفاق،والاتفاق حين يُظَن الاختلاف. ففي ضوء نموذج الحلولية الكمونية أمكن إعادة تحديدعلاقة اليهودية بالمسيحية، كما أمكن إعادة تعريف العلاقة بين المسيحية واليهوديةوالإسلام بحيث يتضح التقارب بين المسيحية والإسلام (والتباعد بين الإسلامواليهودية) على عكس ما هو مُتصوَر في كثير من الدراسات. وتحاول الموسوعة تفسيرظاهرة الإصلاح الديني (وما صاحبها من حركات صوفية متطرفة) باعتبارها تعبيراً عنتزايد معدلات الحلولية الكمونية ومن ثم تصاعد معدلات العلمنة. وبهذه الطريقة، أمكنالربط بين البروتستانتية والإنسانية الهيومانية رغم تعارضهما الظاهر.






  5. #55
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي




    15
    ـارتبط بهذا تطوير مصطلحات جديدة تعبِّر عن مفاهيم جديدة. فبدلاً من «الصهيونيةالعالمية» نتحدث عن «الصهيونيتين (التوطينية والاستيطانية)» و«العلمانيتين (الجزئيةوالشاملة)». ويُلاحَظ أن المصطلحات المُستخدَمة في حقل الدراسات التي تُعنَىباليهود واليهودية والصهيونية تُجسِّد التحيزات الصهيونية والغربية، ولذا فقد تمإحلال مصطلحات أكثر حياداً محلها؛ فتم مثلاً استبعاد مصطلح مثل «الشعب اليهودي» الذي يفترض أن اليهود يشكلون وحدة عرقية ودينية وحضارية متكاملة (الأمر الذي يتنافىمع الواقع) ليحلّ محله مصطلح «الجماعات اليهودية»، وبدلاً من كلمة «الشتات» استُخدمت العبارة المحايدة «أنحاء العالم»، وبدلاً من «التاريخ اليهودي» تشيرالموسوعة إلى «تواريخ الجماعات اليهودية». والمصطلحات البديلة ليست أكثر حياداًوحسب وإنما أكثر دقة وتفسيرية.

    16
    ـ حاولت الموسوعة أن توضح أن المؤشرات لاتشير بالضرورة إلى ما هو مُتَعارَف عليه في الأوساط العلمية. فهجرة يهودي إلىإسرائيل ليست بالضرورة تعبيراً عن انتمائه الصهيوني، وبناء معبد يهودي لا يعنيبالضرورة تزايد معدلات التمسك بالعقيدة اليهودية.

    17
    ـ والعناصر السابقة،رغم أنها مرتبطة أساساً بحقل الدراسات الخاصة باليهود واليهودية، إلا أن تعميمهاعلى حقول معرفية أخرى أمر ممكن، فقضية النماذج الاختزالية في مقابل النماذج المركبةيواجهها كل الدارسين في حقل الدراسات الإنسانية.

    18
    ـ من خلال نموذجالحلولية، حاولت الموسوعة أن تُلقي أضواء جديدة على تاريخ العلمنة والعلمانيةالشاملة وعلى تَطوُّر الحضارة الغربية الحديثة (من التحديث والحداثة إلى ما بعدالحداثة) ودور الترشيد (في الإطار المادي). وطرحت الموسوعة فكرة التراكم الإمبرياليبدلاً من التراكم الرأسمالي.

    19
    ـ تحاول الموسوعة أن تبيِّن علاقة مفهومالحلولية بمقولة التجاوز والإنسانية المشتركة (باعتبار الإنسان مقولة متجاوزةللطبيعـة/المــادة رغـم أنهـا تتبــدى من خــلالها، وباعـتبار ثنـائية الإنسانوالطبيعة صـدى لثنائية الخـالق والمخـلوق وتعبير عن نموذج التوحيد). كما تحاول أنتبيِّن الدلالات المعرفية والإمكانات البحثية لهذه العلاقة.






  6. #56
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    20
    ـ تحاولالموسوعة أن تشـرح مفهـوم المسـافة (الحـيز الإنســاني) التـي تفصل الخالق عنالمخلوق (والدال عن المدلول، والكل عن الجزء، والمطلق عن النسبي، والنموذجي عنالواقع). وأن تطرح حلاًّ لمشكلة القيمة في العلوم الاجتماعية؛ فالقيمة الأخلاقيةمعيارية ومثالية يحتكم إليها الفاعل الإنساني ولكنها لا تتجسد بالضرورة في الواقع،ومن ثم فهي لا تخضع للبحث الإمبريقي رغم تبدِّيها في سلوك الناس وطموحاتهموأشواقهم.

    21
    ـ حاولت الموسوعة أن تطرح طرقاً جديدة للتعريف وإعادة التعريف: «التعريف من خلال دراسة الحقل الدلالي لمجموعة من المصطلحات المتداخلة المتشابكة» و«التعريف من خلال التفكيك وإعادة التركيب في ضوء الثوابت البنيوية والمسلماتالكامنة».

    22
    ـ بل تحاول الموسـوعة توسيع نطاق علم الاجتماع من خلال ربطهبمسـتويات جديدة من الوعي والنشـاط الإنساني، بحيث لا يُستبعَد المجهول ويبقىالمعلوم، ولا يُستبعَد المعرفي (الكلي والنهائي) ويبقى السياسي والاقتصاديوالملموس، ولا يُستبعَد الإنساني المركب ويبقى المادي الواحدي.

    23
    ـ تحاولالموسوعة أن تستعيد الفاعل الإنساني وتركيبيته، وأحد العناصر الأساسية هنا هوالإنسانية المشتركة (كبديل لمفهوم الطبيعة البشرية الجامد والإنسانية الواحدة). وتقترح الموسوعة إمكانية توليد معيارية من هذه الإنسانية المشتركة وتذهب إلى أن رفضالعلوم الإنسانية الغربية لمفهوم الإنسانية المشتركة والثوابت الإنسانية العالميةأدَّى بها إلى السقوط في النسبية والسيولة والعمومية وأخيراً العدمية.

    24
    ـتطرح هذه الموسوعة نفسها كمحاولة أولية لإعادة تأسيس أحد حقول الدراسة (دراسةاليهود واليهودية والصهيونية) انطلاقاً من رؤية عربية إسلامية. ونحن نذهب إلى أنهيمكن محاكاتها أو الاستفادة منها في محاولة تأسيس علوم إنسانية عربية بشكل منهجي. والموسوعة، كشكل من أشكال التأليف، تحاول تغطية المصطلحات والمفاهيم والأعلام فيتخصص ما. وتحاول الموسوعة (في جانبها التفكيكي) أن تقوم بتفكيك المفاهيم السائدة،وهي في أغلب الأحيان مفاهيم غربية، ثم تحاول بعد ذلك (في جانبها التأسيسي) تأسيسنماذج تحليلية تتفرع عنها مفاهيم ومصطلحات نابعة من التجربة العربية والإسلامية،ومن زاوية رؤيتنا.






  7. #57
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    25
    ـ يمكن القول بأن الموسوعة ككل هي موسوعة كتبها مؤلفيشعر أن الحداثة الغربية( التي تدور في إطار العقلانية واللاعقلانية الماديةوالعلمانية الشاملة) قد أدخلت الجنس البشري بأسره في طريق مسدود. وتطرح الموسوعةأسئلة معرفية (كلية ونهائية): ماذا يحدث للإنسان في عالم بدون إله؟ وماذا يحدثللإنسان في عالم نسبي لا توجد فيه ثوابت ولا مطلقات ولا قيم عالمية؟ وماذا يحدثللإنسان في عالم توجد فيه حقائق بلا حقيقة ولا حق؟ وما هو مصير الإنسان في عالمانفصل فيه العلم عن القيمة وعن الغائية الإنسانية؟. واليهودي الذي تم تهجيره إلىإسرائيل تحت مظلة الإمبريالية الغربية وتم تحويله إلى شخصية داروينية شرسة حتىيتسنى توظيفه في خدمتها، والذي تتم إبادته في ألمانيا النازية بطريقة منهجية، وتمدمجه في الحضارة الاستهلاكية حتى لم يبق من ماضيه وهويته سوى القشور وتم قمعهوترشيده من الداخل والخارج: أليس هذا اليهودي مثلاً صارخاً لما يحدث للإنسان في عصرالحداثة والعقلانية واللاعقلانية المادية؟ ومن هنا، فإن الموسوعة تطالب بالبحث عنحداثة جديدة لا تنتهي إلى موت الإنسان والطبيعة بعد أن أعلنت بصلف وخيلاء موتالإله.

    26
    ـ ومع أن الموسـوعة حاولت إنجاز الكثير، إلا أن ما تقدمه هوأساساً برنامج بحثي وطرح لأسـئلة وإثارة لإشكاليات، أي أنها ورقة عمل بشأنالموضوعات التي تناولتها أكثر من كونها إجابات محدَّدة. وقد حاولنا أن نُحدِّد بعضمعالم الإجابات وأن نوضح المنهج الذي استخدمناه في الوصول إلى هذه الإجابات. ومعهذا، تظل الموسوعة في نهاية الأمر جدول عمل، أي اجتهاداً أولياً.

    وبقيةمداخل هذا المجلد هو محاولة توضيح الإطار النظري الذي تنطلق منه الموسوعة فيتناولالجزء الأول الأساس الفلسفي، فنتناول المفردات الأساسية التي نستخدمها انطلاقاً مننموذجنا التحليلي، وما نسميه «إشكالية الإنساني والطبيعي والموضوعي والذاتي». أماالجزء الثاني فيتناول النموذج كأداة تحليلية. وتتناول بقية الأجزاء (الثاني والثالثوالرابع) النماذج الأساسية الثلاثة المستخدمة في الموسوعة: الحلولية ـ العلمانيةالشاملة ـ الجماعات الوظيفية. وبقية مجلدات الموسوعة هي محاولة لتطبيق هذا الإطارالنظري على حالة محددة هي حالة اليهود واليهودية والصهيونية وإسرائيل.






  8. #58
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي




    الباب الثانى: مفـردات


    المرجعية النهائية، المتجاوزة والكامنة

    كلمة «مرجع» من «رجع» بمعنى «عاد
    ». يُقال «رجع فلان من سفره» أي «عاد منه»، و«المرجع» هو «محل الرجوع» وهو «الأصل». وفي التنزيل العزيز "إلى الله مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون" (المائدة 105 ) . ومن هنا كلمة «مرجعية» التي تعني الفكرة الجوهرية التي تشكل أساس كل الأفكار فينموذج معين والركيزة النهائية الثابتة له التي لا يمكن أن تقوم رؤية العالم دونها (فهي ميتافيزيقا النموذج). والمبدأ الواحد الذي تُردّ إليه كل الأشياء وتُنسَب إليهولا يُردّ هو أو يُنسَب إليها. ومن هنا، يمكن القول بأن المرجعية هي المطلق المكتفيبذاته الذي يتجاوز كل الأفراد والأشياء والظواهر وهو الذي يمنح العالم تماسكهونظامه ومعناه ويحدد حلاله وحرامه. وعادةً ما نتحدث عن المرجعية النهائية باعتبارأنها أعلى مستويات التجريد، تتجاوز كل شيء ولا يتجاوزها شيء. ويمكننا الحديث عنمرجعيتين: مرجعية نهائية متجاوزة ومرجعية نهائية كامنة.

    1
    ـ المرجعيةالنهائية المتجاوزة:

    المرجعية النهائية يمكن أن تكون نقطة خارج عالمالطبيعة متجاوزة لها وهي ما نسميها «المرجعية المتجاوزة» (للطبيعة والتاريخوالإنسان). هذه النقطة المرجعية المتجاوزة، في النظم التوحيدية، هي الإله الواحدالمنزَّه عن الطبيعية والتاريخ، الذي يحركهما ولا يحل فيهما ولا يمكن أن يُردَّإليهما. ووجوده هو ضمان أن المسافة التي تفصل الإنسان عن الطبيعة لن تُختَزل ولنتُلغى. فالإنسان قد خلقه الله ونفخ فيه من روحه وكرَّمه واستأمنه على العالمواستخلفه فيه، أي أن الإنسان أصبح في مركز الكون بعد أن حمل عبء الأمانةوالاستخلاف. كل هذا يعني أن الإنسان يحوي داخله بشكل مطلق الرغبة في التجاوز ورفضالذوبان في الطبيعة، ولذا فهو يظل مقولة مستقلة داخل النظام الطبيعي. كما أنه يعنيأن إنسانية الإنسان وجوهره الإنساني مرتبط تمام الارتباط بالعنصر الرباني فيه. ومعهذا فبإمكان النظم الإنسانية الهيومانية (التي لا تعترف بالضرورة بوجود الإله) أنتجعل الإنسان مركز الكون المستقل القادر على تجاوزه ومن ثم تصبح له أسبقية علىالطبيعة/المادة.






  9. #59
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    2
    ـ المرجعية النهائية الكامنة:

    يمكن أن تكونالمرجعية النهائية كامنة في العالم (الطبيعة أو الإنسان)، ومن هنا تسميتنا لهابالمرجعية الكامنة. وفي إطار المرجعية الكامنة، يُنْظر للعالم باعتبار أنه يحويداخله ما يكفي لتفسيره دون حاجة إلى اللجوء إلى أي شيء خارج النظام الطبيعي. ولذا،لابد أن تسيطر الواحدية (المادية)، وإن ظهرت ثنائيات فهي مؤقتة يتم محوها في نهايةالأمر وفي التحليل الأخير، ففي إطار المرجعية الكامنة لا يوجد سوى جوهر واحد فيالكون، مادة واحدة يتكون منها كل شيء، وضمن ذلك المركز الكامن نفسه (ومن هناإشارتنا أحياناً إلى «المرجعية النهائية الكامنة» باعتبارها «المرجعية الكامنةالمادية» أو «المرجعية الواحدية المادية»). ونحن نذهب إلى أن كل النظم المادية تدورفي إطار المرجعية الكامنة، ومن هنا إشـارتنا إلى المادية باعتبارها وحدة الوجودالمادية.

    وفي إطار المرجعية المادية الكامنة، فإن الإنسان كائن طبيعي وليسمقولة مستقلة داخل النظام الطبيعي، وإنما هو مُستوعَب تماماً فيه، ويسقط تماماً فيقبضة الصيرورة، فتسقط المرجعية الإنسانية وتصبح الطبيعة/المادة هي المرجعية الوحيدةالنهائية.

    ويذهب دعاة المرجعية المادية الكامنة إلى أن رغبة الإنسان فيالتجاوز رغبة غير طبيعية، ومن ثم غير إنسانية (باعتبار أن الطبيعي والإنسانيمترادفان)، وإلى أن الأجدر بالإنسان أن يذوب في الكل الطبيعي بحيث يظهر الإنسانالطبيعي. وبهذا المعنى، فإن المرجعية الكمونية المادية تشكل هجوماً على الإنسانككيان حر مستقل عن الطبيعة/المادة وعلى مركزيته في الكون.

    وقد وُصفتالوثنية بأنها محاولة إنزال الآلهة من السماء إلى الأرض (وإدخالها في نطاق المرجعيةالمادية الكامنة) بحيث تخضع لقوانين الأرض الطبيعية/المادية، ومن ثم يخضع الإنسانهو الآخر لهذه القوانين، إذ كيف يمكنه تجاوزها إذا كانت الآلهة نفسها خاضعة لها؛مستوعَبة تماماً في الواحدية المادية الكونية؟ (والنزعة الوثنية لا تختلف في هذا عنالنزعات العلمانية المادية الطبيعية التي ترجع كل شيء إلى الطبيعة/المادة وتنكر أيإمكانية للتجاوز الإنساني). أما الديانات التوحيدية، فهي نوع من محاولة الصعودبالإنسان إلى الإله في السماء (وإدخاله في نطاق المرجعية المتجاوزة). فالإنسان، بمافيه من رغبة في التجاوز، له قانون خاص ووجود مستقل عن المادة وعن الطبيعة. ومن ثمتُطرح أمام الإنسان إمكانية أن يعبِّر عما بداخله من طاقات غير مادية (ربانية إنشئت)، وأن يتجاوز قوانين الطبيعة والمادة ويحقق القانون الإلهي (أو الجوهرالإنساني) المختلف عن القانون المادي الطبيعي.

    الرد (رد إلى)
    «ردَّالشيء» أي «حوَّله من صفة إلى صفة»، و«ردَّ الشيء إلى الشيء» «أرجعه إليه». والردفي اصطلاح الفلاسفة إرجاع الشيء إلى ما نتصور أنه عناصر أساسية وتخليته من العناصرالغريبة عنه. كأن نقول "رد المذهب إلى نقاطه الأساسية". وفي إطار المرجعية الماديةالكامنة يتم رد كل الظواهر إلى المركز الكامن في الكون وهو الطبيعة/المادة وهو مايؤدي إلى هيمنة الواحدية المادية، على عكس المرجعية المتجاوزة إذ لا يمكن ردالإنسان في كليته إلى شيء كامن في الكون، فهو يحوي داخله النزعة الربانية. وأيةعملية تفسيرية تحليلية تتضمن عملية رد، إذ تُردَّ التفاصيل الكثيرة الظاهرة إلىالوحدة الكامنة غير الظاهرة.






  10. #60
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    المسافة والحدود والحيز الإنسانى
    «المسافة» هي «البُعْد» وهي أيضاً «المساحة»، وقد تُستخدَم في الزمان فيُقال «مسافة يوم أو شهر». والمسافة مرتبطة تمام الارتباط بفكرة الحدود. والحد في اللغةيعني «المنع والفصل بين الشيئين»، و«منتهى كل شيء» هو «حده» (المعنى الأنطولوجي). والحد هو أيضاً تأديب المذنب كقولنا: «طُبِّقَ عليه الحد»، و«حدود الله تعالى» هيالأشياء التي بيَّن حرامها وحلالها (المعنى الأخلاقي). و«الحد» هو «التعريف الكامل» أو «تحليل تام لمفهوم اللفظ المراد تعريفه»، و«حد الشيء» هو «الوصف المحيط بمعناهالمميَّز له عن غيره» (المعنى الدلالي). وأخيراً «حدّ الشيء» هومصدر تميُّزهوهويته (المعنى النفسي). فكأن الحدود مرتبطة كل الارتباط بوجود الشيء وبمضمونهالأخلاقي وبإمكانية معرفته ودلالته وهويته.

    ونحن نذهب في هذه الموسوعة إلىأن المنظومات المعرفية التي تدور في إطار المرجعية المتجاوزة (مثل العقائدالتوحيدية) نظم تحتفظ بالحدود الفاصلة بين الخالق العلي المتجاوز ومخلوقاته، فهومركز النموذج المفارق والمتجاوز له. ولذا، تظل المسافة والحدود قائمة بين الخالقوالمخلوق لا يمكن اختزالها مهما كانت درجة اقتراب المؤمن من الإله. ومن هـنا، لايمكن في الإطار التوحيدي أن "يصل" المتصـوف إلى الالتصاق بالإله أو الاتحاد به،فثمة مسافة جوهرية ثابتة. ولذا، فإن رسول الله نفسه (صلى الله عليه وسلم) لم "يصل"،بل ظل قاب قوسين أو أدنى في أقصى حالات الاقتراب. وهذا ما سماه أحد الفقهاء «البينية»، أي وجود حيز "بين" الخالق والمخلوق.

    ووجود الحدود بين الخالقوالمخلوق يعني أن المخلوق له حدوده لا يتجاوزها، ولكنها تعني أيضاً أنه له حيزهالإنساني المستقل، ولذا يظل الإنسان صاحب هوية محددة وجوهر مستقل، ومن ثم فهو كائنحر مسئول.

    والمسافة بين الخالق والمخلوق يمكن أن تصبح ثغرة أو هوة إن ابتعدالمخلوق عن خالقه وانعزل عنه ونسي خصائصه الإنسانية (المرتبطة بأصله الرباني) التيتميزه عن بقية الكائنات. ولكن إن حاول الإنسان التفاعل مع الإله وتذكَّر أصولهوأبعاده الربانية التي تميزه عن الكائنات الطبيعية، فإن المسافة تتحول إلى مجالللتفاعل ويصبح الإنسان نفسه كائناً مُستخلَفاً في الأرض يشغل المركز، وذلك بسببالقبس الإلهي داخله وبسبب تفاعله مع الخالق.

    أما في المنظومات التي تدور فيإطار المرجعية الكامنة (مثل النظم الحلولية)، يحاول المخلوق، أي الإنسان، أن يضيِّقالمسافة بينه وبين الخالق تدريجياً إلى أن يصل إلى الإله ويلتصق به ثم يتوحد معه،وبذا يصل إلى مرحلة وحدة الوجود حين يصبح المركز كامناً في الإنسان وفي كلالمخلوقات وفي العالم المادي، إذ تُلغى المسافة بين الخالق ومخلوقاته ويختفي الحيزالإنساني ويصبح الخالق ومخلوقاته واحداً، ويُردُّ الكون بأسره إلى مبدأ واحد فتُلغىالمسافات وتُسد الثغرات، ويصبح الكون كياناً عضوياً صلباً (أو ذرياً مفتتاً) تسودهالواحدية المادية. وهنا يصبح الإنسان جزءاً لا يتجزأ من الطبيعة/المادة ليس له مايميِّزه عن بقية الكائنات، وتضيع الحدود بين الخير والشر وبين الدال والمدلول.






 

صفحة 6 من 54 الأولىالأولى ... 23456789101636 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء السادس
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 61
    آخر مشاركة: 2010-10-27, 05:20 AM
  2. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء الخامس
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 60
    آخر مشاركة: 2010-10-26, 05:58 AM
  3. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء الرابع
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 28
    آخر مشاركة: 2010-10-25, 05:39 AM
  4. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء الثالث
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 69
    آخر مشاركة: 2010-10-25, 05:31 AM
  5. اليهود واليهودية والصهيونية والصهاينة الجزء الثاني
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 96
    آخر مشاركة: 2010-10-25, 05:04 AM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
RSS RSS 2.0 XML MAP HTML