صفحة 8 من 10 الأولىالأولى ... 45678910 الأخيرةالأخيرة
النتائج 71 إلى 80 من 97
 
  1. #71
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    الجريمة اليهودية
    Jewish Crime
    «الجريمة اليهودية» مصطلح يفترض وجود جرائم ذات خصوصية يهودية (أي جرائم مقصورة على أعضاء الجماعات اليهودية وتتبع نمطاً بعينه وتأخذ أشكالاً بعينها). ومن ثم، فإن يهودية اليهودي هي النموذج الذي يمكن من خلاله تفسير وتصنيف السلوك الإجرامي لبعض أعضاء الجماعات اليهودية. وحيث إننا لم نعثر على مثــل هذا النموذج، فإننا نؤثر استخدام مصطلح «المجرمون من أعضـاء الجماعات اليهودية» باعتبـار أن النمـوذج الكـامن وراءه ذو مقـدرة تفسيرية وتصنيفية أعلى، كما أنه ينطوي على دعوة إلى أن يدرس الباحث كل حالة إجرامية يرتكبها عضو من أعضاء الجماعات اليهودية على حدة، داخل ملابساتها الخاصة وإطارها الحضاري.

    ولا يمكننا التحدث عن «الجريمة اليهودية» أو «خصوصية الإجرام اليهودي» تماماً كما لا يمكننا الحديث عن «الجوهر اليهودي» أو عن «التاريخ اليهودي» أو عن «العبقرية اليهودية»، إذ أن الجماعات اليهـودية في العالم لا تعيـش تحت ظروف خاصة بها مقصورة عليها. ولذا، فإننا نجد أن معدلات الجريمة بين أعضاء الجماعات اليهودية لا تختلف بشكل جوهري عن المعدل السائد في المجتمع أو بين الأقليات الأخرى في المجتمع. ولذا، فنحن نتحدث عن «المجرمين من أعضاء الجماعات اليهودية».

    المجرمــون مــن أعضــاء الجماعــات اليهوديـة
    Criminal Elements from Jewish Communities
    من المعروف أن النسق الأخلاقي الذي تطرحه العقيدة اليهودية (حينما تكون تعبيراً عن الطبقة التوحيدية الكامنة فيها) يشبه، في كثير من الوجوه، الأنساق الأخلاقية التي تطرحها الديانات السماوية. فالقتل والزنى والسرقة والشذوذ الجنسي والجماع مع المحارم، كلها أمور مُحرَّمة يعاقب عليها القانون الديني. ولتفسير السلوك الإجرامي لأحد أعضاء الجماعات اليهودية، لابد من العودة لحركيات وقيم المجتمع الذي يعيش فيه هذا اليهودي، ولابد من دراسة القوانين الاجتماعية والجنائية والظروف الاقتصادية والعناصر الأخرى كافة.

    ومع هذا، يمكن ملاحظة أن بعض الأنماط المتكررة يمكن تفسيرها على أساس أن الجماعات اليهودية تُشكِّل أقليات وجماعات وظيفية، علماً بأن أعضاء الأقلية يخضعون عادةً لحركيات المجتمع ولكنهم يشعرون بها بشكل أكثر حدة، كما توجد بينهم دوافع وضوابط مختلفة إلى حدٍّ ما عن تلك التي توجد في المجتمع ككل. ولكن، قبل الاسـتمرار في الدراسة، تجب الإشارة إلى أن بعض الأرقام الموجودة لدينا غير موثوق فيها بسبب عنصرية النموذج الإحصائي والتفسيري الذي تم بمقتضاه جمع المادة. كما أصبح العكس صحيحاً الآن؛ إذ ترفض كثير من الدول الغربية أن تكشف عن الانتماء الديني أو الإثني للمجرم خوفاً من إشاعة صورة عنصرية كريهة عن أعضاء الأقليات. وبعد هذا التحفظ، يمكن القول بأنه قد لُوحظ، على سبيل المثال، أن نسبة الجريمة بين أعضاء الجماعة اليهودية تكون أحياناً أقل من النسبة العامة في المجتمع، وقد تكون مساوية لها أو أعلى منها، ولكن لكل وضع تفسيره. ويمكن استخدام الأحكام الصادرة ضد أعضاء الجماعة كمؤشر. ولكننا لن نقدِّم هنا عرضاً لأنماط الجريمة بين العبرانيين وأعضاء الأقليات اليهودية عبر التاريخ وفي مختلف المجتمعات، ذلك لأن مثل هذا العرض سيشغل حيزاً ضخماً، إلى جانب أن ما نهدف إلىه في هذا المدخل هو أن نُبيِّن مدى الخصوصية أو العمومية في ظاهرة الجريمة بين أعضاء الجماعات اليهودية. ولهذا، فإننا سنركز على العصر الحديث وحسب.

    ثمة تباين واضح بين معدل الجريمة بين أعضاء الجماعة اليهودية ومعدلها بين أعضاء مجتمع الأغلبية الذي يعيشون في كنفه، فمعدلات الجريمة بين أعضاء الجماعات اليهودية كانت منخفضة قبل منتصف القرن التاسع عشر ثم أخذت في التزايد بعده إلى أن وصلت إلى معدلات ضخمة في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. ثم أصبحت معدلات الجريمة بينهم لا تختلف كثيراً عن المعدلات السائدة في المجتمع. ولتفسير هذا التباين، يمكن القول بأن أعضاء الأقلية يتمتعون عادةً بدرجة أعلى من التماسك العائلي والتضامن الاجتماعي، وأن هناك مؤسسات دينية واجتماعية (وهي عادةً مقصورة عليهم) تقوم بعملية الرقابة الداخلية والضبط الاجتماعي والأخلاقي. كما أن أعضاء الأقليات يخضعون دائماً لرقابة شديدة من أعضاء الأغلبية، خصوصاً في فترات التعصب والتمييز العنصري. وهذه الرقابة الخارجية الصارمة من شأنها أن تجعل عضو الأقلية حذراً يراقب سلوكه ولا يُقبل على ارتكاب الجريمة أو التفكير فيها إلا في أضيق الحدود وللضرورة القصوى. ولا شك في أن تَميُّز اليهود مهنياً ووظيفياً كان له دور في ذلك، وكان هذا يعني المزيد من البروز ومن ثم المزيد من الرقابة.






  2. #72
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    لكل ما تَقدَّم، نجد أن تَزايُد انعتاق أعضاء الجماعات اليهودية واندماجهم يؤدي إلى تَزايُد معدل الجريمة بينهم، وهذه مفارقة لاحظها أيضاً دارسو وضع المرأة. فكلما ازدادت مساواة المرأة بالرجل، في الحقوق والواجبات، زاد معدل الإجرام بين النساء، فكأن تحرير المرأة يعني أن تصبح مثل الرجل في الخير والشر، وأن تُتاح أمامها فرص متساوية للخير والشر على حدٍّ سواء. وقد لُوحظ أن معدل الجريمة بين يهود المجر في أوائل القرن العشرين مرتفع عنه بين يهود روسيا مثلاً. ولا يمكن تفسير هذا إلا على أساس أن يهود المجر كانوا أكثر الجماعات اليهودية انعتاقاً واندماجاً. وقد لوحظ أيضاً أن معدل الجريمة بين يهود ألمانيا (الذي كان منخفضاً) تَساوَى تقريباً مع النسبة العامة في المجتمع في الفترة ما بين عامي 1882 و1910، وذلك مع تَزايُد اندماج اليهود وازدياد معدل التعليم بينهم وتَحسُّن وضعهم الاقتصادي. وقد لاحَظ ليتشنسكي أن معدل الأحكام الصادرة ضد يهود النمسا من المتعلمين كان يزيد بواقع 50% مقارناً بمعدل الأحكام الصادرة ضد يهود جاليشيا الفقراء الجهلاء. أما في هولندا، فكان معدل الجريمة بين أعضاء الجماعة اليهودية أقل من المعدل على المستوى القومي في عام 1902. ومع تَزايُد انعتاقهم واندماجهم، أصبح المعدلان متساويين. أما في البلاد العربية، فيُلاحَظ أن معدل الجريمة بين أعضاء الجماعات اليهودية قَلَّ بعد إعلان دولة إسرائيل، ربما بسب زيادة الرقابة وتشديد القبضة عليهم.

    ولابد أن هناك استثناءات كثيرة من هذا النمط، ففي الولايات المتحدة يُلاحَظ أن معدل الجريمة بين المهاجرين اليهود يصل أحياناً إلى نصف المعدل على المستوى القومي في الجيل الأول ثم يتزايد بالتدريج مع الجيل الثاني، ومع الجيل الثالث يقترب معدل الجريمة من المعدل العام. ومن المعروف أن أعضاء الجيل الثالث في الولايات المتحدة من أبناء المهاجرين هم الذين يصلون إلى معدلات عالية من الاندماج والأمركة بحيث يصبحون أمريكيين مائة في المائة. وهذا النمط ينطبق كذلك على معظم الدول الاستيطانية.

    ومع هذا، توجد ظاهرة عكسية وهي أن معدل الجريمة بين العناصر المهاجرة في قطاعات حرفية أو طبقية معينة قد يكون أعلى من نظيره بين أعضاء المجتمع المضيف. كما أن الجماعات المهاجرة تتخصص في أنواع من الجريمة غير معروفة في المجتمع أو كانت موجودة فيه بشكل جنيني وحسب. ويعود هذا إلى أن العناصر المهاجرة هي دائماً عناصر رائدة، وأعضاء الأقلية المهاجرة الباحثون عن الحراك الاجتماعـي لا يلتزمون بقيم خلقية ولا يشعرون بالولاء نحو المجتمع الجديد، كما أنهم في العادة شخصيات حركية قادرة على إدراك الثغرات في المجتمع وعلى التسلل منها. وبالفعل، نجد أن جماعات من المهاجرين اليهود كوَّنوا في الثلاثينيات عصابات جريمة منظمة (مافيا) في نيويورك تمارس نشاطات المافيا المختلفة من ابتزاز وتهريب مخدرات واغتيال نظير أجر والبغاء، واستمرت في ذلك حتى الخمسينيات. (وقد كُشف النقاب مؤخراً عن أن عصابات الجريمة المنظمة اليهودية قد دعمت الحركة الصهيونية مالياً وسياسياً، واشتركت في جمع التبرعات لها، بل واستخدمت نفوذها مع بعض حكام أمريكا اللاتينية المتعاونين مع عصابات الجريمة المنظمة لتهريب السلاح للمستوطنين الصهاينة(
    وقد ظهرت الجريمة المنظمة أيضاً بين المهاجرين اليهود السوفييت والإسـرائيليين في الولايات المتحدة، وتُعَدُّ لوس أنجلـوس من أهم مراكزها. ولعل تَفشِّي الجريمة بين المهاجرين السوفييت هو أحد الأسباب التي دعت أمريكا لإغلاق أبوابها أمام المزيد من المهاجرين السوفييت. ومن الطريف أن أعضاء هذه العصابات اليهودية قد تخصصوا في ابتزاز أعضاء الجماعة اليهودية إلى جانب ممارسة النشاطات الإجرامية العادية والعامة. ويبدو أن هذه العصابات بدأت تمارس نشاطها في إسرائيل وفي بعض دول الشرق الأوسط. ومن الظواهر التي يجب تسجيلها أيضاً أن أفراد عصابات المافيا في الولايات المتحدة (وهم من أصل إيطالي في العادة) يستعينون في الغالب بمحامين من بين أعضاء الجماعة اليهودية للدفاع عنهم في جرائمهم ولإدارة أعمالهم المشينة.






  3. #73
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    وقد فوجئ الصهاينة بأن المهاجرين اليهود قادرون على ارتكاب جميع الجرائم الخطيرة مثل القتل والاغتصاب والسرقة في بلدهم. ولكن هذا يعود دون شك إلى إحساس المستوطنين بأنهم مواطنون يتمتعون بكل الحقوق السياسية والضمانات القانونية، ومن ثم تخف عمليات الرقابة الخارجية التي كانوا يخضعون لها كأعضاء أقلية. ومما لا شك فيه أن العقيدة الصهيونية التي تشجع على العنف والاغتصاب تلعب دوراً في استثارة الاستعداد الكامن أو القابلية لدى المستوطنين الصهاينة لارتكاب الجرائم بمعدل يفوق نظيره في المجتمعات الأخرى التي تعيش تحت الظروف نفسها.

    وداخل هذه الأنماط العامة، يمكننا أن نكتشف نمطاً آخر وهو أن وضع أعضاء الأقليات قد يزيد قابليتهم لارتكاب جرائم دون أخرى. فعلى سبيل المثال، نجد أن أعضاء الجماعات اليهودية يرتكبون الجرائم ضد الملْكية وكذلك جرائم القتل بمعدل أقل من المعدل القومي. وربما يعود هذا إلى مستواهم التعليمي المرتفع وقلة استهلاكهم للمواد الكحولية، وإلى عملية الضبط الاجتماعي التي تمارسها الجماعة مع أعضائها ويمارسها المجتمع مع الجماعة ككل. وعلى أية حال، فالملاحَظ أن معدل الجرائم التي يرتكبها أعضاء الجماعة يرتفع مع تزايد معدلات الاندماج والعلمنة.

    ولكن يُلاحَظ أن ثمة جرائم يزيد معدل ارتكابها بين أعضاء الجماعة عن المعدل العام السائد في المجتمع، وهي الجرائم التي يتم فيها انتهاك الحرمات والتي تتطلب من صاحبها التخطيط وإعمال العقل وتحقِّق لمرتكبها عائداً سريعاً (أي تتطلب المهارات نفسها التي يتطلبها الاضطلاع بوظائف الجماعة الوظيفية). ومن هذه الجرائم ما يُسمَّى «جرائم الآداب». ففي تونس، كان أعضاء الجماعة اليهودية يمثلون 1.7% من مجموع السكان، ومع ذلك كانت نسبة النساء اليهوديات المسجلات في جرائم الآداب تفوق هذه النسبة كثيراً. وكانت نسبة الأحكام الصادرة ضد أعضاء الجماعة اليهودية في ألمانيا لارتكاب أعمال غير أخلاقية تفوق كثيراً (مرتين ونصف) نسبة الأحكام الصادرة ضد أعضاء الأغلبية.

    ومن الجرائم المماثلة، جرائم التزييف والغش التجاري. ومن المعروف أن هذه الجرائم انتشرت بين أعضاء الجماعات اليهودية في القرن التاسع عشر في الغرب إلى درجة اضطرت معها الحكومات إلى استصدار تشريعات خاصة. ويبدو أن تَركُّز أعضاء الجماعات اليهودية في القطاع التجاري من المجتمع التقليدي ساعد على ذلك، فهو قطاع لم يكن يعرف نظام الضرائب ولم يكن يرتبط بشبكات الرأسمالية الرشيدة من مصارف ووسائل نقل أو غيرها. ولذا، كان التهرب من الضرائب، وكذلك تهريب البضائع، جزءاً عضوياً من مثل هذا النشاط التجاري، كما أن تَركُّز كثير من أعضاء الجماعات اليهودية في المناطق الحدودية والمدن شجع على هذا الاتجاه. وقد استمر هذا النمط حتى الوقت الحاضر. ويبدو أن لأعضاء الجماعات اليهودية دوراً ملحوظاً في ترويج المخدرات في الولايات المتحدة، كما يوجد عدد لا بأس به من الجواسيس من بين أعضاء الجماعات اليهودية في الدول الغربية.

    ويمكن هنا أن نسأل: ما الفعل الإنساني الذي يشكل جريمة؟ فعلى سبيل المثال، تُعَدُّ الثورة ضد نظام مُستغل عملاً بطولياً من منظور الثوار، ولكنها تُعَدُّ جريمة ضد أمن الدولة يعاقب عليها القانون من منظور القائمين على النظام. والعكس صحيح، فدعم نظام مُستغل ظالم جريمة من منظور المدافعين عن العدالة، ولكنه واجب وطني من منظور القائمين على النظام، أي أن مسألة المنظور في غاية الأهمية في دراسة الجريمة.






  4. #74
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    ويمكـننا الآن أن نتنـاول الجرائم المرتبطة بأمن الدولة والنظام العام. ويُلاحَظ أن معدل ارتكاب أعضاء الجماعات اليهودية لمثل هذه الجرائم يتناسب طردياً مع معدل التمييز العنصري ضدهم، ومن ثم فإن الأحكام الصادرة ضدهم تَصلُح مؤشراً على نوعية المعاملة التي يلقاها أعضاء الجماعات اليهودية وعلى معدل الإعتاق والاندماج. ففي منتصف القرن التاسع عشر، كان حوالي 30% من المسجونين السياسيين في روسيا القيصرية من الشباب اليهودي. وفي عام 1907 كان اليهود يشكلون 4% من عدد السكان، ومع هذا نجد أن ما يزيد على 17% من الجرائم التي ارتُكبت ضد أمن الدولة والنظام العام ارتكبها أعضاء في الجماعة اليهودية. وفي بولندا (1924 ـ 1937)، كان 43.6% من الجرائم التي ارتكبها اليهود جرائم ســياسية، وتنخفض النسبة إلى 25% في ألمانيا (1899 ـ 1902)، وإلى 6.25 في هولندا (1931 ـ 1933). وقد لوحظ إبَّان الستينيات أن عدد الشبان اليهود في الولايات المتحدة الذين يشتركون في المنظمات اليسارية والتظاهرات يبلغ 30%، بينما كانت نسبتهم إلى عدد السكان لا تزيد عن 2.5%. ولكن هذه النسبة أخذت تتناقص مع زيادة هيمنة الجو المحافظ على يهود الولايات المتحدة.

    ويمكن أن ننظر إلى المسألة من جانب آخر، وهو مدى مساعدة أعضاء الجماعات اليهودية للنظم المستغِلة والظالمة، باعتبار أن ذلك أحد أشكال الجريمة. ففي جنوب أفريقيا، في عصر التفرقة اللونية، على سبيل المثال، كان يُلاحَظ وجود أعضاء الجماعة اليهودية بشكل واضح في المؤسسات الأمنية. ويمكن أن نطرح هنا الدعم اليهودي للدولة الصهيونية باعتباره شكلاً من أشكال الإجرام. بل إن زيارة إسرائيل للسياحة، وهي شكل من أشكال الدعم الاقتصادي والمعنوي لها، تشكل دعماً للاستعمار الاستيطاني الذي استولى على أرض فلسـطين، ومن ثم يمكن تصنيفـها على أنها عمل إجرامي.

    ويمكن النظر إلى الإجهاض أيضاً باعتباره قضية أخلاقية، فهو قد يكون (كما يرى البعض) حقاً مشروعاً للمرأة (إذا نظرنا إليها كفرد وحسب لا كأم وكائن اجتماعي)، وقد يكون جريمة يعاقب عليها القانون (إن أُخذ البُعد الاجتماعي والأخلاقي في الاعتبار). ويُلاحَظ هنا وجود عدد كبير من الأطباء اليهود بين أولئك الذين يجرون عمليات الإجهاض في الولايات المتحدة وفي غيرها من البلاد.

    ولابد أن ارتكاب أعضاء الجماعة اليهودية جرائم الغش التجاري والآداب، وهي جرائم بارزة تمس حياة الجماهير الشعبية مباشرة، كان له أكبر الأثر في تغذية الأنماط الإدراكية السلبية التي تستند إليها أدبيات معاداة اليهود. ومما يجدر ذكره أن الأدبيات الصهيونية، بتأكيدها خصوصية اليهود، تَقبَل (نظرياً على الأقل) إمكانية أن تعبِّر هذه الخصوصية عن نفسها من خلال الجريمة اليهودية. ولابد أن نضيف هنا أيضاً أن الصهاينة يرون أن الشخصية اليهودية تصبح شخصية إجرامية مدمرة في المنفى لأنها شخصية مُقتلَعة لا انتماء لها، ومن هنـا فإن المفكرين الصهاينة يحذرون دول العالم من وجود اليهود فيها.


    ويبدو أن المؤسسة الصهيونية تقوم في الوقت الحاضر بتصدير الجريمة إلى أنحاء العالم. فالشرطة الإسرائيلية تشجع المجرمين على الهجرة إلى خارج إسرائيل كوسيلة للتخلص منهم، فيستقرون في كل أنحاء العالم، خصوصاً في هولندا وألمانيا الغربية حيث يسيطرون على كثير من النشاطات الإجرامية التي من أهمها البغاء. وقد دخلت كلمات عبرية كثيرة على لغة الجريمة في العالم، خصوصاً لغة القوادين السرية في أوربا. ويُقال إن لغة القوادين في أمستردام هي العـبرية، ولعـلها لغة سرية خليط من الهولندية والعبرية. كذلك تُصدِّر إسرائيل مرتزقة إلى الخارج لتدريب قوات تجار المخدرات في كولومبيا أو حرس بعض رؤساء دول أمريكا اللاتينية.

    وتوجد الآن مافيا إسرائيلية قوية مركزها لوس أنجلوس، ولكنها منتشرة في كل أرجاء الولايات المتحدة. وقد بدأت هذه العصابات نشاطها بفرض إتاوات على فقراء اليهود (عادةً من بقايا يهود معسكرات الإبادة)، ثم دخلت عالم المخدرات وجرائم الغش التجاري. ويبلغ عدد أعضاء قيادة المافيا الإسرائيلية نحو 100 عضو. وتعقد سلطات الأمن الأمريكية مؤتمراً قومياً كل عام لمناقشة نشاط المافيا الإسرائيلية.





  5. #75
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    عتاة المجـرمين من أعضـاء الجماعـات اليهـودية في العــصر الحـديث
    Famous Criminals from Jewish Communities in Modern Times
    يوجد الكثير من المجرمين من أعضاء الجماعات اليهودية ولا يمكن تفسير تَميُّزهم في الإجرام بناء على يهوديتهم، ولنبدأ بإدوارد ديفيس (1816 ـ 1841) وهو لص أسترالي يهودي وُلد في إنجلترا، وأدين عام 1832 بتهمـة السـرقة وحُكم عليه بالترحيل إلى أسـتراليا لمدة سبع سنوات. وفي أستراليا، نجح في الفرار من سجنه عام 1839 وكوَّن عصابة من السجناء الهاربين قامت على مدى عامين بالإغارة على المدن الصغيرة والقرى بقطع الطريق على المسافرين، الأمر الذي أثار الرعب في نفوس الكثيرين. وقد اتخذت هذه العصابة لقب «عصابة الولد اليهودي». وكان ديفيس يعتبر نفسه «روبين هود أستراليا »، لأنه كان يسرق من الأغنياء ويعطي الفقراء، كما كان يرفض استخدام العنف إلا دفاعاً عن النفس. وجاءت نهايته بعد أن قتلت عصابته صاحب متجر في إحدى غاراتها، الأمر الذي دفع السلطات لتكثيف البحث عنه. وقد ألقي القبض عليه، وعلى عدد آخر من أفراد عصابته عام 1840، وأدين بتهمة القتل وحُكم عليه بالإعدام.

    وديفيس ينتمي إلى نمط من اللصوص يمكن تفسيره من خلال دراسة درجة السخط الشعبي والاستقطاب الطبقي، فهو ليس مجرماً بالمعنى المألوف وإنما مجرم يسرق من الأغنياء ليعطي الفقراء. ولكن النمط الأكثر شيوعاً هو المجرم المتميِّز من أعضاء الجماعات اليهودية الذي يمكن تفسـير سـلوكه باســتخدام نموذج العلمانية الشاملة والنيتشـوية.

    ولنبدأ باثنين من أهم المجرمين من أعضاء الجماعات اليهودية وهما ريتشارد لويب (1905 ـ 1936) وفروينتال ليوبولد (1904 ـ 1975). كان لويب وليوبولد من خريجي الجامعة، وكانا أيضاً من أبناء الأسر اليهودية الثرية في الولايات المتحدة. وفي عام 1924، قررا أن يرتكبا جريمة بلا دافع فقاما باختطاف صبيّ في الرابعة عشرة من عمره ثم قتلاه. وقد حُكم على أحدهما بالسـجن مدى الحياة، وحُكم على الآخر بالسـجن لمدة تسـعة وتسـعين عاماً. وقد قُتل لويب في السجن وأُعفي عن ليوبولد. والجريمة التي ارتكبها لويب وليوبولد ليس لها مضمون يهودي واضح أو كامن، فدوافع المجرمين ليست إنسانية تقليدية، فهما لم يكونا مدفوعين بدوافع اقتصادية (فهما من أعضاء الطبقة الثرية في الولايات المتحدة) أو دوافع جنسية (فهما لم يغتصبا الصبي المخطوف). ولفهم هذه الجريمة، لابد أن نصنفها على أنها جريمة حديثة تماماً، فمرتكباها افتقدا المعنى في حياتهما الرتيبة وقررا استرجاع شيء من المعنى عن طريق شكل من أشكال الإثارة الشديدة. وقد وجدا الإثارة في ارتكاب جريمة بلا دافع، أي أن الأداء الإجرامي الكفء أصبح غاية في ذاته، فهي جريمة محايدة تتم بلا حب أو كره أو غاية، وهي جريمة كاملة، يفترض فيها أنها من الدقة والإحكام بحيث يستحيل اكتشافها (أي أنها نسق مغلق تماماً)، وكل هذا تعبير عن رغبة الإنسان الحديث في التحكم الإمبريالي الكامل في كل شيء بحيث يصبح الإنسان إلهاً يُحيي ويُميت دون مكافأة أو عقاب. وفي هذا لذة أيما لذة، فهنا يصبح اللامعنى هو المعنى، ويصبح العبث هو الغاية، وتصبح الصورة المجازية الحاكمة الكبرى هي أن الحياة بأسرها إنما هي لعبة أو مباراة وأن ذَبْح الأطفال إنما هو جزء من هذه اللعبة المسلية.












  6. #76
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    ويمكن أن نشير أيضاً إلى أرنولد روثشتاين (1882 ـ 1928)، وهو من رواد الجريمة المنظمة في الولايات المتحدة. وُلد في نيويورك لعائلة يهودية تجارية متوسطة الحال، واتجه في سن مبكرة إلى القمار ثم المراهنات، ونجح في إقامة أكبر إمبراطورية للقمار في الولايات المتحدة، وامتد نشاطه إلى تهريب الخمور وتجارة المخدرات والابتزاز، ونجح في حماية نفسه وأنشطته الإجرامية من خلال رشوة رجال الأمن والقانون والسياسة ومن خلال استثمار أمواله في بعض الأنشطة المشروعة. وقد تَمتَّع روثشتاين بنفوذ واسع، وأصبح يُلقَّب بـ «قيصر عالم الجريمة»، وقد تتلمـذ على يديه عدد من مشـاهير المجرمين الأمريكيين، أمثال مائير لانسكي، والذين تعلموا منه أهمية التعاون والتحالف في عالم الجريمة بغض النظر عن الانتماء الإثني أو الديني. فاللص هنا، مثل الإنسان الطبيعي أو الأممي، لا جذور له ولا حدود، ولا تعوقه أية مطلقات غيبية أو إنسانية. وهو، مثل عضو الجماعة الوظيفية والإنسان الاقتصادي، لا يدين بالولاء إلا لصالح جماعته وما يحققه لها ولنفسه من ربح، « وليس للدولار سوى قومية واحدة ودين واحد وهو الربح » على حد قول روثشتاين، الذي اغتيل في أحد فنادق نيويورك نتيجة خلاف حول سداد دين قمار.

    أما لويس بوكالتر « ليبكي » (1897 ـ 1944) فهو أحد زعماء الجريمة المنظمة في الولايات المتحدة. وُلد في نيويورك لعائلة من المهاجرين اليهود، وانخرط في حياة الإجرام في سن الثامنة عشرة، حيث انضم إلى عصابة من الأحداث تحترف النشل وسرقة الباعة المتجولين. وقد اشتهر بوكالتر باسم «ليبكي»، وهو الاسم الذي أطلقته عليه والدته ويعني باليديشية «لويس الصغير».

    وقد أمضى بوكالتر ثلاثة أعوام في السجن بتهمة السرقة، خرج بعدها ليتزعم عصابة من مائتي مجرم تخصصت في الابتزاز. ولم يكن بوكالتر يؤمن بالتخصص فحسب وإنما بالتنظيم والترشيد أيضاً. وقد استخدمت عصابته جميع أساليب الإرهاب للسيطرة على النقابات العمالية في قطاع صناعة الملابس والمأكولات في نيويورك، ثم ابتزاز أصحاب الأعمال « لحمايتهم » من الإضرابات العمالية. وجمعت علاقة وثيقة بين بوكالتر ومائير لانسكي، وكان من زعماء الإجرام الذين أسسوا الاتحاد القومي للجريمة، والذي تأسس بغرض تنسيق وترشيد النشاط الإجرامي على مستوى الولايات المتحدة. وقد تولى بوكالتر رئاسة الجناح التنفيذي للاتحاد والذي أطلقت عليه الصحافة الأمريكية اسم « شركة القتل المساهمة » لأنه قام تحت إشرافه بتنفيذ مئات الاغتيالات وجرائم القتل.

    وفي عام 1933، ألقي القبض على بوكالتر بتهمة مخالفة القانون المناهض للاتحادات الاحتكارية، وحُكم عليه بالسجن والغرامة، إلا أن الحكم تم نقضه وأفرج عنه بكفالة. ثم قُدِّم للمحاكمة مرة أخرى عام 1939 في جريمة مخدرات، وحُكم عليه بالسجن لمدة أربع عشرة سنة. وأثناء ذلك، قُدِّم (عام 1941) للمحاكمة بتهمة جريمة قتل ارتكبها عام 1936 وحُكم عليه بالإعدام. ونُفِّذ فيه الحكم عام 1944.

    ويمكن أن نشير أيضاً إلى بنجامين سيجل (1906 - 1947) الذي كان أعداؤه يلقبونـه باسم «بجزي Bugsy»، نسبةً إلى البجز (bugs) أي «الحشرات». وقد كان سيجل أحد زعماء اتحاد الجريمة المنظمة في الولايات المتحدة. وُلد في نيويورك، وبدأ منذ سن الرابعة عشرة في الانخراط في الأنشطة الإجرامية. وكوَّن عصابة مع مائير لانسكي عُرفت باسم «عصابة بجز ومائير» قامت بحماية الملاهي الليلية نظير إتاوة منتظمة، كما قامت بعمليات السطو المسلح والخطف والقتل بالأجر لحساب عصابات تهريب الخمور. وقد تَورَّط سيجل في عدد من قضايا التهريب والاغتصاب والسرقة والاغتيال، حيث اتُهم بقتل بعض شركائه القدامى. كما اشترك سيجل مع عدد من كبار المجرمين الأمريكيين في تأسيس الاتحاد القومي للجريمة. وفي الثلاثينيات، انتقل سيجل إلى كاليفورنيا للإشراف على عمليات الاتحاد بها كما أشرف على عمليات القمار وتجارة المخدرات، ومد نشاطه إلى مجال السينما حيث قام بعمليات ابتزاز عديدة.

    وقد عـاش ســيجل حياة مُترَفة مع كثير من أصدقائه نجوم السينما، جين هارلو وكلارك جيبل وكاري جرانت وغيرهم. وأثناء الحرب العالمية الثانية، اكتشف سيجل إمكانات ضخمة في القمار المشروع في نيفادا، فاقترض بعض النقود من اتحاد الجريمة وبنى فندق الفلامنجو الضخم في لاس فيجاس، وقد حاول أن يُبقي كل الأرباح لنفسه دون أن يشرك الاتحاد فيها. وكانت فلسفته في الحياة عملية داروينية إذ كان يقول دائماً: « كل ما نفعله هو أن يقتل الواحد منا الآخر »، وهذا ما حدث له في يونيه 1947 إذ كَلَّف اتحاد الجريمة قاتلاً صوَّب مسدسه إلى رأس سيجل وأفرغ فيه عدداً من الرصاصات.

    أما فلاتو شارون، فهو من كبار المجرمين الفرنسيين. تهرَّب من الضرائب في فرنسا باللجوء إلى إسرائيل مستفيداً من قانون العودة. ورشح نفسه لعضوية البرلمان (الكنيست) كي يحصل على الحماية البرلمانية، ونجح مرتين في الانتخابات بشـراء الأصـوات صراحةً وعلانية، حيث موَّل حملته الانتخابية أحد زعماء الجريمة المنظمة. وبعد أن فرّ يعقوب الله كوهين زعيم الجريمة المنظمة في إسرائيل (وهو يهودي من أصل إيراني) إلى البرازيل، تردد اسم فلاتو شارون خلفاً له في الزعامة. ويوجد الآن في إسرائيل عطر ومساحيق تجميل تحمل اسم «فلاتو»، وهو ما يدل على تغلغل المُثُل الإجرامية في المُستوطَن الصهيوني (ويُلاحَظ أن فلاتو شارون هذا كان شريكاً لعزرا وايزمان في تجارة السلاح مع جنوب أفريقيا).

    واستخدام نموذج الخصوصية اليهودية والعبقرية اليهودية والجريمة اليهودية في تفسير سلوك هذه الشخصيات الإجرامية لا يفيد كثيراً، فقيمته التفسيرية ضئيلة. أما إذا وضعناهم في سياق المجتمع العلماني الحديث الذي يتسم بتَزايُد تهميش القيم الأخلاقية والإنسانية المطلقة وتَصاعُد معدلات النسبية والنيتشوية، فيمكن إلقاء مزيد من الضوء على دوافعهم وسلوكهم.







  7. #77
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    عباقـرة ومجـرمـون مــن أعضـاء الجماعـات اليهوديـة
    Geniuses and Criminals from Jewish Communities
    في محاولة تفسير عبقرية العباقرة وإجرام المجرمين من أعضاء الجماعات اليهودية، لابد أن يبتعد الدارس عن نموذج الخصوصية اليهودية العالمية. وبدلاً من ذلك يمكن أن نضبط مستوى التعميم والتخصيص للوصول إلى النموذج التفسيري الملائم. ومثل هذا النموذج لابد أن تتم صياغته من خلال دراسة السياق الحضاري والاقتصادي والاجتماعي والديني الذي يوجد فيه العبقري أو المجرم من أعضاء الجماعات اليهودية. وفي المداخل التالية سنحاول أن نطبق هذا المنهج على مجموعة من العباقرة والمجرمين من أعضاء الجماعات اليهودية عبر التاريخ مثل أينشتاين وتشومسكي ولانسكي، وعلى مجموعة من المجرمين من أعضاء الجماعات اليهودي في العصر الحديث.

    بنيامــين التُـطيـلــي (القرن الثاني عشر(
    Benjamin of Tudela
    رحالة إسباني يهودي في القرن الثاني عشر الميلادي لا نعرف الكثير عن حياته الشخصية. ترك سرقسطة في عام 1160، وقام برحلة استغرقت ما بين خمسة وثلاثة عشر عاماً، زار خلالها نحو ثلاثمائة موضع من بينها: إيطاليا واليونان وكيليكية وفلسطين وبلاد الرافدين وإيران والهند، وعاد ماراً بعدن واليمن ومصر وصقلية. وقد دوَّن بنيامين التُطيلي ملاحظاته في كتابه رحلات الحاخام بنيامين وهي تتضمن عديداً من الروايات والتفاصيل الطريفة والمهمة. وقد انصب اهتمامه على حضارات البلدان التي زارها وعلى الجماعات اليهودية فيها من حيث أسلوب حياتهم ووظائفهم الأساسية وتنظيماتهم الاجتماعية وحياتهم الدينية. كما أورد إحصاءات عن عدد كل جماعة. ويُعَدُّ كتابه من المصادر الفريدة لعدد أعضاء الجماعات اليهودية في العالم، وإن كانت بعض الأعداد التي يوردها تبدو غامضة أو مبالغاً فيها. وقد تُرجم كتابه إلى معظم اللغات الأوربية وضمنها اللاتينية.


    داهيـــة الكاهنــة (أوائل القرن الثامن الميلادي(
    Dahiya Al-Kahina
    «داهية الكاهنة» (ويُقال إن اسمها هو «ضميا» أو «ضحيا») هي محاربـة من قبيلـة الجراورة في جبـال أوراس في الجنوب الشرقي للجزائر، وهي فرع من قبيلة زناتة البربرية الكبيرة تَهوَّد في القرن السابع بعد الميلاد، أي قبيل الفتوحات الإسلامية بقليل. قادت داهية القبائل البربرية وقامت بصد الزحف الإسلامي عام 688م حين دمرت جيش حسان بن النعمان الغساني واضطرته إلى الانسحاب إلى طرابلس. وكانت الكاهنة تظن أن القوات الإسلامية هي مجرد جماعات من البدو المغيرين الطامعين في الثروة، ولذلك قامت بحرق المدن والحقول حتى يرحلوا. ولكن أفعالها جعلت السكان يجأرون بالشكوى منها ويناصبونها العداء وانفض أتباعها من حولها وانضموا تدريجياً إلى جيش الإسلام. وفي الجولة الثانية مع القوات الإسلامية، يُقال إنها تنبأت بهزيمتها ومقتلها، وبالفعل نشبت المعركة في عام 695 وهُزمت داهية الكاهنة ولقيت حتفها خلالها.

    ولا يمكن رؤية مقاومة داهية الكاهنة للزحف الإسلامي باعتباره جزءاً من العداء الأزلي بين المسلمين واليهود ولا يمكن فهمه من خلال نموذج تفسيري يهودي. ففي مناطق أخرى ومدن أخرى ساعد أعضاء الجماعات اليهودية المسلمين. ولذا، يجب أن تُوضَع هذه المقاومة في سياق أكثر عمومية وهو مقاومة القبائل الوثنية للزحف الإسلامي. ونحن لا نعرف كثيراً عن نوع اليهودية التي كانت تتبعها الكاهنة. بل إن بعض المؤرخين يشككون أصلاً في انتمائها اليهودي. لكل هذا يكون الحديث عنها باعتبارها عبقرية يهودية أمراً ليس ذا قيمة تفسيرية تُذكَر.

    ابـن نغريلـة (993-1055(
    Ibn Nagrila
    هو صموئيل اللاوي بن يوسف بن نغريلة المشهور بين اليهود باسم «شموئيل هانجيد». وقد عرفه العرب باسم إسماعيل بن يوسف بن نغريلة. وهو رجل سياسة وشاعر وعالم وقائد عسكري عربي يهودي، ويُعَدُّ أهم شخصية يهودية في الأندلس.

    وُلد في قرطبة من عائلة غنية، وأتقن العبرية والعربية واللاتينية ولغات البربر، كما درس القرآن الكريم والتوراة والتلمود على يدي حنـوخ بن موسى في قرطـبة. وكان يُشـيع عن نفسـه أنه من نسـل داود. فرَّ من قرطبة في القرن الحادي عشر الميلادي بعد غزو المرابطين لها وفتح دكان توابل في ملقا، ثم ألحقه الملك حبوس بخدمته حيث عَمل بجمع الضرائب، ثم كاتباً ومساعداً للوزير أبي العباس. وبعد أن أيَّد باديس، في معركته ضد أخيه على العرش، كافأه الملك الجديد وقرَّبه منه وعيَّنه وزيراً له بحيث أصبح ابن نغريله من أهم الشخصيات في المملكة. وحيث إن باديس كان مستغرقاً في لذاته ومسراته، فإن ابن نغريلة كان الحاكم الفعلي، فقاد جيوش غرناطة في معاركها الدائمة مع أشبيلية، وحقق انتصارات عسكرية عديدة فيها.

    ألَّف ابن نغريلة عدة كتب في الشريعة اليهودية، من بينها مقدمة للتلمود، وحرَّر معجماً لعبرية التوراة. كما وضع كتاباً يطعن في الإسلام وكتابه الكريم، فرد عليه أبو محمد بن حزم في كتاب سماه الرد على ابن نغريلة اليهودي. ومع هذا، كان ابن نغريلة مندمجاً تماماً في الحضارة العربية الإسلامية، فقلَّد أمراء عصره باجتذاب الشعراء وكوَّن لنفسه حاشية منهم، وكان من بينهم عدد من الشعراء المسلمين. وكان هو نفسه يقرض الشعر باللغتين العربية والعبرية وله عدة دواوين. وتتناول قصائده العبرية موضوعات شتى. وقد طعم الشعر العبري بفنون جديدة اقتبسها من الأدب العربي، كالشعر القصصي والخمريات والغزل ووصف المعارك ووصف الطبيعة والرثاء. كما طرق فنون الشعر العبري التقليدية مثل قصائد البيوط والأدعية. ولم يكن الشعر الذي كتبه ابن نغريلة بالعربية أو بالعبرية متميِّزاً. ومهما كانت طبيعة إنجازاته فلا يمكن تفسيرها إلا من خلال نموذج تفسيري يضعه في سياق الحضارة العربية الإسلامية.

    رودريجــو لوبيـز (1525-1594(Rodrigo Lopez
    طبيب برتغالي من يهود المارانو انتقل إلى لندن نحو عام 1559، وتَخلَّى عن الكاثوليكية التي اعتنقتها أسرته منذ ستين عاماً لينضم إلى الكنيسة البروتستانتية الإنجليزية ولكنه ظل على يهوديته في حياته الخاصة. اكتسب سمعة طيبة في مجال الطب نظراً لعبقريته الفائقة في هذا المجال، وأصبح واحداً من أهم أطباء لندن، ودخل في خدمة أحد النبلاء البريطانيين المقربين للملكة إليزابيث، ثم أصبح رئيس أطباء الملكة عام 1586. ويُقال إن لوبيز حصل على احتكار استيراد العديد من السلع، كما منحته الملكة سفينة ملأى بصكوك الغفران أصدرها البابا وكانت في طريقها إلى العالم الجديد لتباع هناك، واستولى عليها الأسطول البريطاني وهي في طريقها. ولعل الملكة منحته حمولة هذه السفينة لأنه يهودي له اتصالات كاثوليكية ومن ثم ليست هناك مشكلة أخلاقية ولا عملية في بيعه هذه السلعة شبه المقدَّسة. ومع هذا، لم ينجح لوبيز في تسويق سلعته.

    ولم يقتصر نشاط لوبيز في بلاط الملكة على الطب، إذ اتضحت عبقريته أيضاً في مقدرته على تدبير الخطط والمؤامرات بالاشترك مع وزراء الملكة، وساعدته على ذلك شبكة علاقاته بأقاربه من يهود المارانو في انتورب وليجهورن وإستنبول. فانضم إلى الدائرة البيوريتانية في بلاط الملكة التي كانت تسعى للحرب مع إسبانيا الكاثوليكية، ونجح من خلال شبكة علاقاته في توفير معلومات ساعدت في هزيمة الأسطول الإسباني عام 1588. وقد كان صهره سليمان أبنايس من مؤيدي السياسة البريطانية داخل البلاط التركي، حيث كان يعمل مستشاراً للسلطان. وعمل لوبيز على حث إنجلترا على تأييد دوم أنتونيو المطالب بعرش البرتغال، وساهم في كسب دعم الملكة إليزابيث لخطة تقضي بغزو دوم أنتونيو للبرتغال عام 1589، وهي خطة انتهت بالفشل.

    ورغم كل ذلك، يبدو أن لوبيز كانت له علاقة مشبوهة بالحكومة الإسبانية. فرغم أن هذه العلاقة تمت بمعرفة الحكومة البريطانية ولصالحها، إلا أنه تبيَّن فيما بعد أنها كانت علاقة ذات أبعاد مريبة وغامضة، أثارت الشكوك حول لوبيز، ويبدو أن هذه العلاقة بدأت مع تَوسُّط لوبيز للإفراج عن أحد عملاء إسبانيا في إنجلترا، والذي كان قد ألقي القبض عليه بعد أن حاول استدراج دوم أنتونيو وإيقاعه في أيدي الإسبان. ومن خلال هذا العميل أبلغ لوبيز الحكومة الإسبانية استعداده للتوسط بينها وبين إنجلترا في التفاوض من أجل السلام. وقد تمت هذه الخطوة على ما يبدو بعلم وزير الخارجية البريطاني بغرض الكشف عن خطط إسبانيا واستدراجها للتخلي عن حذرها. ومع ذلك، اتُخذَت هذه الواقعة فيما بعد دليلاً على تورط لوبيز مع إسبانيا وعمالته لها. وقد فَقَد لوبيز صداقته مع دوم أنتونيو نتيجة توسطه للإفراج عن العميل الإسباني بسبب الخلاف الذي ثار بين دوم أنتونيو وسليمان أبنايس صهر لوبيز، حيـث اتهـمه دوم أنتونيو بخـداع الحكومة البرتغالية والإثراء من ورائها. وقد نجح دوم أنتونيو في الإيقاع بين لوبيز وأحد النبلاء البريطانيين وهو إيرل أوف إسيكس Earl of Essex، وهو ما دفع هذا الأخير للبحث عن دلائل تؤكد عمالة لوبيز لإسبانيا. وبالفعل، نجح إيرل أوف إسيكس في إلقاء القبض على ثلاثة من البرتغاليين من عملاء إسبانيا، وقد تبيَّن من أقوالهم والخطابات التي وُجدت في حوزتهم أن لوبيز كانت له علاقة سرية بإسبانيا بل وكان عميلاً لها يُسرِّب لها المعلومات ويخطط لاغتيال دوم أنتونيو بالسم وإرغام وريثه على الخضوع لملك إسبانيا، وأنه كان يعمل على دفع إنجلترا باتجاه السلام مع إسبانيا.

    وعند تقديم هذه الأدلة للحكومة البريطانية، لم تتخذ هذه الحكومة أية إجراءات ضد لوبيز، حيث إنها كانت على علم باتصالاته بإسبانيا للأغراض التي سبقت الإشارة إليها. وقد رفضت الملكة إليزابيث هذه الاتهامات. ولكن، في أعقاب ذلك، ظهرت دلائل جديدة تشـير إلى أن لوبيز كان يخطط لوضع السـم للملكة إليزابيث نفسها، فتم إلقاء القبض عليه. وقد أكد لوبيز في البداية أن علاقته بإسبانيا كانت بغرض الحصول على معلومات لصالح إنجلترا، ولكنه اعترف فيما بعد بأنه وعد بالفعل بوضع السم للملكة، ولكنه في واقع الأمر لم يكن ينوي الإقدام على ذلك. وبرغم أنه سحب هذا الاعتراف فيما بعد، إلا أنه كان كافياً للحكم عليه بالإعدام. وقد لُقِّب لوبيز طوال فترة محاكمته بـ «اليهودي الخسيس». والتمس لوبيز العفو عدة مرات لـدى الملكة إليزابيث، كما تَدخَّل لصالحه سـليمان أبنايس ولكن دون جدوى، ونُفِّذ فيه حكم الإعدام عام 1594. وقـد نالت قضية لوبيز اهتمـاماً جماهيرياً واسـعاً في إنجلترا، واتخذها بعض الأدباء مادة لأعمالهم، واتخذوا لوبيز نموذجاً لشخصيات روائية مثل مسرحية يهودي من مالطة لمارلو ومسرحية تاجر البندقية، التي يُقال إن شكسبير كتبها نتيجة هذه المحاكمة وأن شخصية المرابي شايلوك اقتُبست عن نموذج لوبيز.

    وقد بيَّنت الوثائق التاريخية فيما بعد صحة جوانب كثيرة من الاتهامات الموجهة للوبيز، لكنها بيَّنت أيضاً عدم وجود دلائل قاطعة تؤيد تَورُّطه في مؤامرة لاغتيال الملكة إليزابيث.

    ولوبيز مثل جيد على العبقرية التي يتداخل فيها الشر مع الخير، والإبداع البناء مع القدرة على التدمير (الإبداع التفكيكي). وهو شخصية مكيافيللية كاملة كانت توجد بكثرة في بداية عصر النهضة في الغرب، وقد تناولها أدباء العالم الغربي في أعمالهم الأدبية. ولا يمكن تفسير عبقرية لوبيز في الخير والشر بناء على يهوديته، وإن كان انتماؤه ليهود المارانو يُفسِّر بعض الجوانب الخاصة، مثل اتساع نطاق حركته وزيادة مقدراته بسبب شبكة الاتصالات الدولية المارانية ومعرفته بعدد كبير من اللغات.

    جوزيـــف أوبنهايمـــر (1635-1703(
    Joseph Oppenheimer
    يُسمَّى أيضاً «يود سوس» أي «اليهودي سوس». وهو يهودي بلاط ومموِّل، وُلد في هايدلبرج (ألمانيا)، لممثل يهودي متجول كان يقوم أيضاً بجمع الضرائب، ويُشاع أنه كان الابن غير الشرعي لفارس ألماني. تلقى في طفولته تعليماً دينياً حتى أصبح حاخاماً، ولكنه آثر العمل في الأمور المالية. ولم يكن مكترثاً كثيراً باليهودية، إلا أنه لم يَتنصَّر على عكس أخويه.

    ويبيِّن أسلوب حياته مدى عمق التغير الذي طرأ على حياة الجماعات اليهودية في أوربا، أو على الأقل على قيادتها، وهي تغيرات لا تعدو أن تكون صدى للتغيرات التي لحقت بالمجتمعات الغربية. فأوبنهايمر لم يمارس أياً من شعائر اليهودية، إذ كان ربوبياً أي يؤمن بالرب الذي يحل في الطبيعة دون أن يؤمن بأي دين، شأنه شأن الكثير من مثقفي عصر الاستنارة. وكان يحيا حياة كبار نبلاء أوربا إبَّـان عصر الملكيات المطلقة ويرتدي زي النبلاء المسيحيين. وكانت مكتبته مُكوَّنة من أعمال ألمانية في السياسة والتاريخ والقانون. وكان له منزل في كلٍّ من فرانكفورت وشتوتجارت على الطراز الأوربي، عُلِّقت على حوائطهما لوحات لرمبرانت وغيره من الفنانين الغربيين. وكان أوبنهايمر إنساناً حديثاً بمعنى الكلمة، طموحاً، يبغي أن يحقق حراكاً اجتماعياً سريعاً. وقد تقدَّم للإمبراطور بطلب الحصول على لقب النبيل، ولكن لم يُستجَب لطلبه. ويبدو أنه كان إنساناً جسمانياً لا يكف عن ملاحقة النساء، سواء كن من طبقة النبلاء أم من الخادمات. ورغم كل هذا، كان أوبنهايمر يتباهى بيهوديته، وهو ما يدل على أنه عرَّفها تعريفاً إثنياً خالياً من أي مضمون أخلاقي، وهو التعريف الذي قُدِّر له الشيوع في العالم الغربي الحديث.

    عمل أوبنهايمر مع قريبه يهودي البلاط صموئيل أوبنهايمر، وجمع ثروة كبيرة إلى أن أصبح هو نفسه يهودي بلاط (وهي وظيفة تشبه وظيفة وزير المالية أساساً، ولكن يدخل ضمنها أيضاً الشئون الخارجية والمخابرات) حينما أصبح الدوق كارل ألكسندر حاكماً لدوقية ورتمبرج، وكان الدوق كاثوليكياً في حين كانت جماهير دوقيته لوثرية. وكان يود تطوير دوقيته على أسس مركنتالية تجارية ومطلقة، ولكنه كان، في ذات الوقت، يحيا حياة شخصية فاسدة، ولذا نشأت عنده حاجة ماسة إلى المال. ومن هنا كان دور أوبنهايمر الذي كان إنساناً اقتصادياً بمعنى الكلمة يود تعظيم الربح بالنسبة للدولة ولنفسه، وكان يُعدُّ عبقرية في اكتشاف مصادر جديدة للريع. وبعد أن قام الدوق بعزل كل مستشاريه، أصبح أوبنهايمر مستشاره الوحيد تقريباً فبذل قصارى جهده لتقوية قبضة الدولة على كل المصادر المالية عن طريق فرض ضرائب جديدة. كما احتكر بيع الملـح والجلـد والخمـور والتبغ، وأسَّـس مصـنعاً للخزف وآخر للحـرير، وأنشـأ داراً لصـك النقـود، وأقـام أول بنك في جنوب ألمانيا. ولم يتوان أوبنهايمر عن توظيف كل من المسيحيين واليهود لتحقـيق الربـح، فضغط على الكنيسة لتودع أموالها في البنك المركزي، الأمر الذي أثار حقد وغيظ الكنيسة ضده. وقد قام بتوطين جماعة من اليهود في ورتمبرج، وأوكل إليهم حق توريد المعدات الحربية وحقق من خلال ذلك أرباحاً كثيرة.

    وقد تَسبَّب فساد الدوق في إفقار جماهير دوقيته وتزايد السخط ضده. وحينما مات الدوق، ألقي القبض في اليوم نفسه على أوبنهايمر الذي دافع عن نفسه بقوله إنه لم يفعل شيئاً دون أمر الدوق، ولكن المحكمة حكمت بإعدامه شنقاً. وقد كُتبت عدة روايات عن حياته. ويشير النازيون في دعايتهم إلى أوبنهايمر باعتباره نموذج المموِّل اليهودي العبقري، ولكن عبقريته من النوع الإجرامي فهو يستغل المسيحيين وينهب أموال الدولة ويُفسد الإناث من جميع الطبقات.

    وموقف النازيين من اليهود لا يختلف كثيراً عن موقف الصهاينة. فكلاهما ينزع العبقرية اليهودية من سياقها ويؤكد البُعد اليهودي على حساب كل الأبعاد الأخرى. فلا يمكن فهم أوبنهايمر باعتباره يهودياً خالصاً يُعبِّر عن جوهر يهودي، وإنما باعتباره نموذجاً لإنسان العصر الحديث الذي بدأت تتحدد ملامحه منذ عصر النهضة الغربية. فأوبنهايمر ربوبي، يضع نفسه خارج أية منظومة دينية، ولكننا نكتشف أنه ليس ربوبياً وحسب بل كان إنساناً طبيعياً يضع نفسه خارج أية منظومة أخلاقية. فقد كان أوبنهايمر إنساناً اقتصادياً حقيقياً يحاول تعظيم الربح، وإنساناً جسمانياً يحاول تعظيم اللذة، وهو في هذا ليس نموذجاً فريداً على الإطلاق، وإنما شخصية نماذجية: إنسان طبيعي لا تحده حدود أو قيود يعيش حسب قوانين الطبيعة/المادة.

    أما يهوديته التي كان يتباهى بها فإنها لم تحدد سلوكه الإجرامي ولا عبقريته المالية، فهو ابن عصره، أداة في يد الدوق/الدولة، لا يختلف في هذا عن أيخمان وبريا وغيرهما من جزاري العصر الحديث البيروقراطيين، الذين يذبحون بمنهجية شديدة وحسبما يَصدُر لهم من تعليمات لا يتجاوزونها.







  8. #78
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    جيكوب برييـر (1715 – 1780)
    Jacob Periere
    أول معلم للصم البكم في فرنسا. وُلد في إسبانيا عام 1715 لأب من يهود المارانو، وبعد وفاة والده، هربت أمه به إلى مقاطعة بوردو في فرنسا، وهناك أعلن يهوديته. ويُقال إن حب بريير لفتاة بكماء كان وراء محاولاته إيجاد وسيلة للاتصال بالصم البكم.

    أمضى عشر سنوات في دراسة التشريح والفسيولوجيا وتجريب طرق مختلفة للاتصال بالصم البكم (خلقياً) إلى أن تَمكَّن من اختراع طريقة للاتصال معهم. واعتمدت طريقته هذه في تدريب الصم البكم على إصدار أصوات محددة واضحة وعلى حركة الشفاه وليس على الإشارات كما كان مُتبَعاً من قبل، ومن ثم كان أول من أحرز بعض النجاح معهم. ألهمت طريقته هذه كثيراً من المربين المهتمين بتعليم الصم البكم، ومن أهمهم أدوار سجوين. ولم تقتصر جهود بريير على تعليم الصم البكم، بل عمل الكثير من أجل أن ينالوا معاملة تليق بإنسانيتهم.

    وقد ذاعت شهرة بريير، وتلقى كثيراً من الدعوات للتعليم في أنحاء أوربا. وفي عام 1749، قدَّم إلى الأكاديمية الملكية في باريس بحثاً يشرح فيه طريقته في تعليم الصم والبكم. وفي العام الذي يليه نال منحة من الملك لويس الخامس عشر قدرها ثمانمائة جنيه لاختراعه آلة حسابية، كما أصبح عضواً في الجمعية الملكية في لندن عام 1760، ثم عُيِّن مترجماً ملكياً للغتين الإسبانية والبرتغالية عام 1765.

    لعب بريير دوراً فعالاً تجاه اليهود السفارد في باريس، حيث تَطوَّع ليعمل كمستشار غير رسمي لهم منذ عام 1749، إلى أن عُيِّن رسمياً في هذا المنصب عام 1761.

    وقد تُوفي بريير عام 1780 ودُفن في مدافن لافيليت، بعد أن حصل على قرار بذلك، ومن ثم فإنها تُعتبَر من المدافن القانونية الأولى لليهود في فرنسا. وفي عام 1929، أقيم له نصب تذكاري في البرتغال.

    ولم يكتب بريير كثيراً، إلا أن فكره كما نقله سجوين نال اهتمام التربويين في القرن العشرين، وأهم مؤلفاته هو ملاحظات عن الصم البكم.

    ولا يمكن تفسير اهتمام بريير بالصم والبكم والاتصال بهم على أساس يهوديته. ومع هذا، يمكن الإشارة إلى أن الجماعات الوظيفية لها دائماً لغتها الخاصة، بل وأحياناً لغتها السرية، وهو أمر ينطبق على المارانو ولا شك. واللغة السرية هي لغة خاصة، لا تُفهَم إلا من خلال شفرة خاصة، ولعل من نشأ يتحدث لغة سرية تتولَّد داخله مقدرة غير عادية في تطوير مثل هذه اللغات.

    يعقوب صنوع (1839-1912(
    Yaqub Sanu
    كاتب عربي مصري يهودي وأحد رواد المسرح المصري والصحافة المصرية الساخرة. كان يعقوب الابن الوحيد لوالديه اللذين فقدا أربعة أولاد بعد ولادتهم، وحينما حملت به أمه نصحتها إحدى صديقاتها المسلمات (كما هو الحال في البيئة المصرية الصميمة في ذلك الوقت) أن تطلب بركة إمام مسجد الشعراني الذي كان يكتب التمائم والتعاويذ والأحجبة. ويَذكُر يعقوب صنوع أن الشيخ قال للأم: «إن ربنا سيبارك ثمرة أحشائك وستُرزَقين بولد» ثم أكمل نبوءته: « وإن نذرتيه للدفاع عن الإسلام فلسوف يعيش، اكسيه من حسنات المؤمنين ليكون متواضعاً، ولسوف يجد ما يريد بفضل بركة خالقه ». وأطاعت المرأة ما أمرها به الشيخ، وأقرها زوجها على أن يَهَب ابنه للإسلام والمسلمين، غير أنه اعترض في أول الأمر على فكرة كساء الطفل المرتقب من حسنات المحسنين، واعتبر في ذلك مهانة لا تليق به، وهو يتمتع بالحظوة لدى البلاط ويستشيره الأمراء في مسائلهم الخاصة (أي أن المكانة الاجتماعية داخل المجتمع المصري عنده كانت أكثر أهمية من الانتماء الديني). غير أن الزوجة أصرت على أن تلبي نصيحة شيخ الضريح بحذافيرها لتضمن سلامة وليدها حين يرى النور! (اعتمدنا في هذا المدخل بالدرجة الأولى على السيرة التي كتبها الدكتور إبراهيم عبده ليعقوب صنوع وعلى مقال للدكتور أحمد عبد الرحيم مصطفى(.

    يذكر أبو نظارة أنه حين كبر حفظ القرآن وعاهد والدته على أن يُوفِّي نذرها وأن يُجنِّد نفسه لخدمة الإسلام والمسلمين وأنه جعل رسالته « مكافحة الأباطيل التي تُفرِّق بين المسلمين والمسيحيين، بإظهار سماحة القرآن وحكمة الإنجيل، وهكذا تتسنى لي الملاءمة بين قلوب الفريقين ». ويقول كاتب سيرة يعقوب صنوع الدكتور إبراهيم عبده « إنه لم يشر قط في تاريخه إلى أنه وُلد لأبوين يهوديين». فإذا أضفنا إلى هذا موقف والده من الانتماء الديني، فإن هذا يعني أن أسرة صنوع كانت مندمجة حضارياً تماماً في المجتمع المصري وأن البُعد اليهودي (حتى من الناحية الدينية الشكلية) كان قد شارف على الاختفاء. وحينما بلغ يعقوب صنوع الثانية عشرة من عمره كان يقرأ التوراة بالعبرية والإنجيل بالإنجليزية والقرآن بالعربية. كما كان قد أجاد عدداً من اللغات منها: العربية والعبرية والتركية والإنجليزية والفرنسية والإيطالية والإسبانية. ثم أرسل في بعثة دراسية إلى إيطاليا في مدينة ليجهورن (على نفقة الحكومة المصرية). فمكث ثلاث سنوات درس أثناءها الاقتصاد السياسي والقانون الدولي والعلوم الطبيعية والفنون الجميلة.

    ولكن الأهم من هذا أن الحركة القومية الإيطالية (الهادفة إلى التحرر من السيطرة النمساوية وتحقيق الوحدة الإيطالية) كانت آنذاك محتدمة وظهرت جمعيات سرية وطنية مثل الكاربوناري وجمعية إيطاليا الفتاة.

    ويرى الدكتور أحمد عبد الرحيم مصطفى أن يعقوب صنوع قد تَشرَّب كثيراً من هذه الأفكار القومية، إبان إقامته. وعند عودته اشتغل بالتدريس في مدرسة الهندسة، كما قام بتعليم أبناء رجال البلاط. ولكنه لم يقنع بهذه الوظيفة المريحة فشخصيته كانت مبدعة حركية، ففكر في إنشاء مسرح وطني يقدم تمثيليات عربية. وكانت أولى محاولاته المسرحية عام 1869 إذ مثَّل مسرحية فودفيل قصيرة تتخللها أشعار مُلحَّنة تلحيناً شعبياً في القصر أمام باشوات وبكوات البلاط الخديوي الذين ضحكوا للتمثيلية من أعماق قلوبهم. وشجعوه على عرض مسرحياته في حديقة الأزبكية. فألَّف فرقة مسرحية من تلاميذه وكان هو مدير المسرح ومؤلف التمثيليات، كما كان يقوم أحياناً بدور الملقن. وكان يُقدِّم تمثيليات مُترجَمة عن الفرنسية والإنجليزية والإيطالية. وقد أعجب به الخديوي في أول الأمر وخلع عليه لقب «موليير مصر» (ولكنه قام بتعنيفه حينما كتب مسرحية عن تَعدُّد الزوجات(.

    ولكن يعقوب صنوع لم يكن يتحرك داخل دائرة البلاط الملكي والمسرح وحسب، إذ بدأ يحتك بالدائرة الفكرية التي تَحلَّقت حول جمال الدين الأفغاني، الذي شجعه هو والشيخ محمد عبده على الكتابة في الصحـف، بل وعلى إنشـاء صحـيفة عـربية تُكتَب بالعامية. وحكى لنا يعقوب صنوع كيف وقع اختياره على اسم أبو نظارة. فبعد أن قرر تأسيس مجلة خرج من بيت الأفغاني فأحاط به المكارية (أصحاب الحمير) وكان كل واحد منهم يريد أن يختار يعقوب حماره، ويقول: « ده يا أبو نظارة »، فأعجبه النداء واختاره اسـماً لصحيفته. وقد أعـجب بهذا الاسم كثيرون من أصدقاء يعقوب، حيث يوحي بأن صاحبه رجل يرى من بعيد، وفي ذلك ما يعني أنه رجل ملهم (ذو نظر) لا تفوته فائتة. وكانت الصحيفة ذات تَوجُّه اجتماعي ناقد؛ فنددت بزيادة الضرائب والتدخل الأجنبي وهاجمت الوزراء بأسلوب ساخر ملتو ونكات وفكاهات، وشجعت المصريين على الشكوى وبصَّرتهم بحقوقهم.

    وهنا لابد أن نتوقف عند علاقة يعقوب صنوع بالماسونية، إذ يذكر الدكتور أحمد عبد الرحيم مصطفى أن يعقوب صنوع وجمال الدين الأفغاني قد نشطا في التنظيمات الماسونية، وأن هذه التنظيمات لعبت دوراً « في دعم الحركة الوطنية المصرية الوليدة ». وقد بيَّنا في مدخل الماسونية في هذه الموسوعة أنه لا توجد ماسونية واحدة بل عدة ماسونيات. وكانت التنظيمات الماسونية في بلاد أفريقيا وآسيا تضم الأجانب بالدرجة الأولى، حيث كانوا يتمتعون بمزايا وحقوق خاصة وبمساندة القناصل الأوربيين. وقد استخدمت كل دولة أوربية المحفل الماسوني التابع لها كأداة في صراعها الاسـتعماري بين بعضـها البعض. وقد استفاد كثير من زعماء الحركات الوطنية من هذا الوضع، تماماً كما يحدث الآن حين يتمتع زعيم حركة وطنية بدعم فرنسا على سبيل المثال فيُعطَى حق اللجوء السياسي للإقامة في باريس، بل وممارسة نشاطه السياسي. ووجود مثل هذا الزعيم يمثل بالنسبة لدولة المأوى ورقة ضغط في صراعها مع القوى الغربية الأخرى. كما أن هناك دائماً احتمال أن يصل إلى الحكم، ولذا فمن الحكمة أن تَبقَى الجسور مفتوحة معه. وفي هذا الإطار يمكن فهم انضمام يعقوب صنوع والأفغاني لمثل هذه التنظيمات وترحيبها بهما وبغيرهما من المثقفين والسياسيين الثوريين.

    وقد أدَّى تَوجُّه مجلة أبو نظارة إلى مصادرتها المستمرة ولذا كان يعقوب صنوع يضطر لتغيير اسمها، فهي مرة أبو نظارة ومرة أخرى أبو نظارة زرقاء وثالثة رحلة أبي نظارة زرقاء ورابعة النظارة المصرية. بل وكان يصدر ما يسميه إبراهيم عبده «مجلات الضرورة» (الضرورة التي فرضتها عليه القوانين المتعسفة) فكان يصدر المجلة تلو الأخرى فلا يُغيِّر سوى اسمها، فهي أبو صفارة وحينما أغلقت أبو صفارة ظهرت أبو زمارة التي جاء في افتتاحيتها التي تعبِّر عن روح الدعابة المصرية ما يلي: « بسـم الله الرحـمن الرحـيم، الحمـد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أنبيائه أجمعين. أما بعد فيقول العبد الحقير أبو زمارة. لما بلغني بأن صدر أمر من ناظر الخارجية. بقفش وكسر الصفارة. الساعية في استحصال التمدن والحرية. قلت ياربي نور عقلي وفهمي. وانصرني على الواد الأمرد مصطفى فهمي. إللي أمر بتعطيل صفارتي البهية. العزيزة عند الشبان المصرية ».

    وحينما أغلقت أبو زمارة صدرت مجلة الحاوي التي وصفها صاحبها بأنها «الحاوي الكاوي إللي يطلَّع من البحر الداوي عجايب النكت للكسلان والغاوي ويرمي الغشاش في الجب الهاوي».


    ويقول الدكتور عبد الرحيم مصطفى إن يعقوب صنوع قام بتأسيس جمعيتين علميتين أدبيتين أطلق على أولاهما اسم «محفل التقدم»، وعلى الثانية اسم «محفل محبي العلم» وترأسهما بنفسه. وفي هاتين الجمعيتين كانت تُلقَى المحاضرات عن تَقدُّم الآداب والعلوم في أوربا مع الاهتمام بالتاريخ والسياسة والأدب والممارسات التعليمية والإشارة بوجه خاص إلى ما حققته فرنسا وإيطاليا في هذا المضمار. وأشار يعقوب صنوع إلى أنه كان يَحضُر اجتماعات كل من الجمعيتين المسلمون والمسيحيون واليهود، وأن الجمعيتين لقيتا الإقبال من طلبة الأزهر وكبار ضباط الجيش، كما ذهب إلى أنهما هما اللتان وفرتا الإطار فيما بعد لظهور الحزب الوطني (القديم).

    وقد أغلقت الجمعيتان ونُفي يعقوب صنوع إلى خارج البلاد عام 1878 فاستقر في باريس إلى آخر حياته. وهناك التقى بأديب إسحاق والأفغاني ومحمد عبده وإبراهيم المويلحي وخليل غانم ثم مصطفى كامل وغيرهم، وواصل دعايته للقضية الوطنية بعد الاحتلال البريطاني، فأصدر العديد من الصحف بالعربية والفرنسية. وأخذ يتنقل في أوربا للدفاع عن وطنه واشترك في الحملات التي شُنَّت على الخديوي إسماعيل والاحتلال البريطاني، وراسل عرابي في منفاه في سيلان، وعبَّر عن ابتهاجه بانتصار اليابانيين على قوة غربية بيضاء مثل روسيا القيصرية.

    وقد ظل يعقوب صنوع شأنه شأن كثير من رواد الحركة الوطنية في مصر يتصور أن بعض القوى الغربية (فرنسا على وجه التحديد) يمكنها أن تساعد المصريين ضد الاحتلال الإنجليزي، ولكن خابت آماله عام 1904 بعد توقيع صفقة الاتفاق الودي بين فرنسا وإنجلترا التي تم بمقتضاها حسم التناقضات بين القوتين الاستعماريتين. وقد ظل يعقوب صنوع يُعبِّر عن إعجابه بالسلطان عبد الحميد طيلة عشرين عاماً نتيجة مقاومته الأطماع الأوربية (وكان السلطان يبادله الإعجاب). ومع هذا رحَّب يعقوب صنوع بدستور 1908 ظناً منه أنه بداية حقيقية للإصلاح وللتصدي للنهم الاستعماري الغربي.

    وقد كتب يعقوب صنوع قصيدة بالعربية الفصحى بعنوان «القول الوجيز في دخول الإنجليز » وكيف سلمها الخونة للغزاة جاء فيها:

    مصر الفتاة أبو سلطان أسلمها

    وإنما أسلم الإسلام بالذهب

    هم رأسوه على النواب يرشدهم

    فكان نائبه من أكبر النوب

    وقد أثارت لهيب النار ندوته

    فصار أولى بأن يُدعَى أبا لهب

    تبت يداه على ما جاء من عمل

    لم يأته خائن في سالف الحقب

    ولا يمكن القول بأن القصيدة من عيون الشعر العربي، فهي لا تختلف كثيراً عن مثل هذه القصائد التي تُكتَب في المناسبات وتتبع قوالب لفظية ومجازية جاهزة. ولكن ما يهمنا هنا هو المصطلح العربي الإسلامي الواضح.

    وتتبدَّى عبقرية يعقوب صنوع بشكل أوضح وأكثر بلورة حين يترك الخطاب البلاغي التقليدي ويستخدم روح الفكاهة المصرية ويُعبِّر عن الشخصية المصرية، كما في مقاله الفكاهي عن الخديوي إسماعيل الذي يتحدث فيه عن « مناقبه » فقال: « وكفاك أنه لا يعـرف مـعـروفاً ولا ينكر مُنكَراً. ولا يُوجَـد في وقـت الصـلاة إلا جُنباً. وفي رمضان إلا مُفطراً. نعم يصوم ولكن عن الخيرات. ويستقبل الفجور متلطخاً بنجاسة الفحشاء. فاجر يقتات بالكبائر. ويتَفكَّه بالصغائر. ويروح من مولاه شاكياً ولشيطانه شاكراً، فكأنه عاهد إبليس فلم يَخُن له عهداً، ووعده أن يجد عنده كل معصية فلم يُخلف له وعداً ».

    ورغم أن المقال مكتوب بالفصحى إلا أنه كُتب على طريقة كُتَّاب هذه المرحلة، كما أنه يتلاعب بالألفاظ وبترابطها بطريقة تُصعِّد حدة السخرية والفكاهة.

    ولكن عبقرية يعقوب صنوع الحقيقية تظهر في استخدامه العامية المصـرية للتعبير عن روحه الفكاهية فالخديوي هو « شيخ الحارة»، والخديوي توفيق هو «توقيف»، والفلاح المصري هو «أبو الغُلب » وهكذا، وقد أشرنا من قبل إلى افتتاحيات أبو زمارة والحاوي . وتظهر روح الدعابة المصرية في القصيدة الساخرة التي كتبها يعقوب صنوع بعد نشوب الثورة المهدية في السودان والتي يُشيد فيها بشجاعة السودانيين ويُشهِّر بالإنجليز:

    يا محلا لنجليزية

    أم عين زرقا وشعر أصفر

    ياخسارة دالصبية

    في جوزها العسكري الأحمر

    شفتها امبارح يااسيادي

    ماكنش حولها انجليز

    فقلت لها ياميليدي (My lady) (1)

    جيـف مي إي كيــس إيف يو بليز(Give me a kiss if you please) (2)

    أنا في عرضك وان كيس (One kiss)(3)

    قالت جودام بلادي فول (Goddam bloody fool) (4)

    بلا فول بلا شعير

    ماتتبغدديش علي

    أنا ابن المهدي الكبير

    احلمي علي شوية

    فشفنا المهدي منصور

    والجردون في الشق مكتوم

    تاني يوم جابوه أسير

    في مصيدة سودانية

    أمام المهدي الشهير

    مع ضباطه لنجليزية

    )ومعنى العبارات الإنجليزية على التوالي هو: 1) سيدتي ـ 2) أعطيني قبلة واحدة من فضلك ـ 3) قبلة واحدة ـ 4) لعنة الله عليك يا مجنون). والقصيدة كما نرى مصرية تماماً، تُعبِّر عن الروح الشعبية المصرية أحسن تعبير، في محاولتها استيعاب الآخر المعتدي داخل منظومتها وتحويله إلى مجرد هدف للسخرية.
    وحينما هُزمت الثورة المهدية بكَّت يعقوب صنوع المصريين على تَخاذُلهم وسخر من الإنجليز الذين مَثَّلوا بجثة المهدي بعد استرجاع السودان.

    والآن، هل يمكن ليهودي خالص، صاحب عبقرية يهودية خالصة أن يأخذ مثل هذه المواقف الفكرية والسياسية، وأن يستخدم الفصحى والعامية بهذه الطريقة، وأن يترجم مواقفه السياسية اللاذعة المعارضة إلى مجموعة من النكت اللاذعة؟ السؤال بطبيعة الحال خطابي غير حقيقي، فلا يمكن أن يفعل هذا إلا مصري عاش في صميم المجتمع المصري (لا في مسامه) وتَشرَّب خطابه الحضاري المصري العربي الإسلامي؛ مصري كتب له إمام المسجد الشعراني حجاباً ونذرته أمه لخدمة الإسلام والمسلمين فعاهد أمه على الوفاء بنذرها، فهو ثمرة رائعة للمجتمع المصري (العربي الإسلامي) بتركيبيته وعراقته وتَسامُحه! ومع هذا لابد أن نشير إلى أن البُعد اليهودي قد يُفسِّر حركية يعقوب صنوع الزائدة وقدرته الفائقة على التحرك داخل تشكيلات حضارية مختلفة واستيعابها وتَعلُّمه العديد من اللغات. ومع هذا يظل انتماؤه إلى مجتمعه المصري العربي المسلم هو العنصر الأكثر تفسيرية.

    ويثير أبو نظارة قضية الهوية اليهودية والثقافة اليهودية، إذ تصنفه المراجع الصهيونية باعتباره « مثقفاً يهودياً » وهو تصنيف لا يُفسِّر أياً من الجوانب المهمة من حياته، أدبية كانت أم سياسية، وهي حياة لا تُفهَم في كليتها إلا بالعودة إلى حركيات المجتمع المصري وتقاليد الفكاهة المصرية وحركة التحرر الوطني في مصر في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.







  9. #79
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    هـاري هوديني (1874-1926(
    Harry Houdini
    اسمه الأصلي إريك فايز. ساحر استعراضي أمريكي يهودي وُلد في الولايات المتحدة لعائلة يهودية من رجال الدين من أصل مجريّ. التحق في سن مبكرة بالسيرك لتقديم الاستعراضات البهلوانية، ثم انتقل مع عائلته إلى نيويورك حيث بدأ في تقديم الاستعراضات السحرية واتخذ اسم هاري هوديني. وتميَّزت استعراضاته بالإبهار وبالحيل السحرية الفذة وتَخصَّص في عملية الهرب من السلاسل أو الحبال والأماكن المُحكَمة الإغلاق. وقد أصبح هوديني من أكثر مقدمي الاستعراضات شهرة في عصره وأعلاهم أجراً، وقدَّم عروضه في العديد من الدول وأصبح يُشار إليه بلقب «أعظم ساحر في العالم»، كما ساهم في تأسيس نادي السحرة في لندن وفي تأسيس جمعية السحرة الأمريكيين.
    وقد اعتمد هوديني في تقديم عروضه على درايته بعلم الميكانيكا وعلى المؤثرات البارعة وعلى اللياقة البدنية الفائقة. كما اهتم بفضح الدجالين والمشعوذين وتحذير الجمهور ممن يدَّعون امتلاك قدرات خارقة للطبيعة أو اتصالهم بالأرواح. وقد ألَّف كتابين في هذا الشأن: تجار المعجزات وأساليبهم (1920)، و ساحر بين الأرواح (1924).

    ومن الصعب بمكان محاولة تفسير مقدرات هوديني بناءً على انتمائه اليهودي. والتفوق في مجال الرياضة التي تعتمد على القوة العضلية هو إحدى الطرق المفتوحة والسهلة التي يمكن لعضو الأقلية إثبات تَفوُّقه من خلالها، وهو أمر ليس مقصوراً على أعضاء الجماعات اليهودية وحدهم. فمجال الملاكمة في الولايات المتحدة شهد في بداية الأمر تفوق الملاكمين من أصل إيطالي ثم الملاكمين من أصل أفريقي (وأشهرهم محمد علي كلاي). وانتصار عضو الأقلية في حلبة المصارعة على ممثل الأغلبية يرفع معنويات أعضاء الأقلية بدرجة ملحوظة.

    ألبـرت أينشـتاين (1879-1955)
    Albert Einstein
    عالم طبيعة، ومكتشف نظرية النسبية وحائز على جائزة نوبل. وُلد في ألمانيا ونشأ وتَعلَّم فيها، وعمل بعد تَخرُّجه في مكتب براءات الاختراع بمدينة برن في سويسرا وأصبح مواطناً سويسرياً. تَمكَّن أثناء هذه الفترة من إنجاز عدة أبحاث. وفي عام 1905، نشر دراسات عن: النظرية الخاصة بالنسبية وعلم البصريات، وعُيِّن أستاذاً على أثر ذلك في عدة جامعات بألمانيا. وفي عام 1920، نشر دراسته عن: النسبية العامة والنسبية الخاصة، حيث بيَّن أن مبدأ النسبية ينطبق على الحركة وشرح فكرة البُعد الرابع وانثناء الفـراغ.

    ويُعَدُّ ألبرت أينشتاين أحد رواد الفيزياء الحديثة، فهو صاحب نظرية النسبية الخاصة التي نجحت في التوصل إلى أساس لعلاج التناقضات بين نظرية نيوتن للحركة ونظرية ماكسويل للحركة الكهرومغناطيسية. وكان من أهم نتائج النسبية الخاصة مفهوم تَداخُل الزمان والمكان وتَرادُف الطاقة والكتلة. وقد تبع ذلك بالنظرية النسبية العامة التي تُعتبَر تعميماً للنسبية الخاصة حيث تتضمن حركة الأجسام تحت تأثير الجاذبية. وبالإضافة إلى نظرية النسبية، ساهم أينشتاين في تطوير النظرية الكمِّية من خلال تفسير التأثير الكهروضوئي. وترتكز النظرية الكمية على مبدأ ازدواجية المادة، وهو أن الجسيم يأخذ أحياناً شكل الموجة وأن الموجة تأخذ أحياناً شكل الجسيم.

    وبعد أن فرغ من صياغة النظرية النسبية العامة، انشغل أينشتاين في مسألتين: المسألة الأولى تفنيد مبدأ اللايقين الذي يفترض استحالة دقة قياس نقطة ما وسرعة جسيم في آن واحد من حيث المبدأ (لا من حيث قصور آلات القياس)، أو بصياغة أخرى: مبدأ استحالة فصل التجربة عن المجرب. والمسألة الثانية هي وضع نظرية عامة واحدة تفسِّر أنواع القوى (التفاعلات) الأولية كافة، ولكنه لم يكن موفقاً في محاولاته هذه.

    وفي عام 1933، اضطر أينشتاين إلى الهجرة إلى الولايات المتحدة بعد أن استولى هتلر على السلطة. وأصبح أينشتاين مواطناً أمريكياً، واستمر في بحوثه العلمية. ولكنه كان قد بدأ يدرك أن العلم أصبح مثل حدِّ موسي في يد طفل في الثالثة من عمره، إذ أدَّى امتلاك وسائل الإنتاج العجيبة في تَصوُّره، إلى تزايد القلق والجوع بدلاً من الحرية.

    وقد لعب أينشتاين دوراً مهماً في تطوير القنبلة الذرية أثناء الحرب، ولكنه عارض استخدامها بل وطالب بتحريم القنابل الذرية والهيدروجينية. وأثناء الحقبة المكارثية (الإرهابية) طالب أينشتاين العلماء بألا يدلوا بشهادتهم أمام لجان التحقيق. وقد استمر أينشتاين في أبحاثه العلمية حتى وفاته.

    وموقف أينشتاين من الإله والدين يستحق بعض التأمل، وهو موقف يشبه موقف كثير من المفكرين العلمانيين الذين فقدوا الإيمان الديني، ولنبدأ بموقفه من الإنسان. لقد أدرك أينشتاين أن الإنسان كيان غريب مليء بالأسرار، فقد صرح ذات مرة أن « قانون الجاذبية غير مسئول عن الحب »، أي أن القانون الطبيعي لا يُفسِّر الوجود الإنساني، ولكنه اتجه في بعض تصريحاته إلى ما يمكن تسميته «الديانة الإنسانية» فعبَّر عن إعجابه بمقدرة الإنسان على فهم ما حوله، ورأى أن هذه المقدرة شكل من أشكال التفوق اللانهائي على الطبيعة، ومن هنا فإن الإنسان يقع عليه عبء أخلاقي، ولكن مسئوليته الأخلاقية تكون تجاه نفسه وليس تجاه أي إله.

    بيد أن هذه ليست نهاية القصة، إذ يستمر تأرجحه دون تَوقُّف فيصرح بأن الإله لا يلعب بالعالم، أي أن العالم يتبع نظاماً واضحاً يتجلى من خلال الإرادة الإلهية. ولكن هذا الإله يشبه من بعض النواحي إله إسبينوزا. فهو ليس إلهاً ذا إرادة يحب البشر ويعطف عليهم، يُثيب الناس ويعاقبهم، وإنما هو مبدأ آلي عام. ولكن العَالم الكبير، صاحب نظرية النسبية، يجد أن هذا الموقف لا يُعبِّر عن الحقيقة كلها، ويؤكد أن العلم الحديث ألقى بظلال من الشك على السببية الآلية التي تشكل إطار الرؤية الإسبينوزية الساذجة.

    ولم يكن موقف أينشتاين، في بداية حياته على الأقل، رافضاً للصهيونية. فقد نشأ وتعلَّم في ألمانيا. ولذا، فإننا نجد أنه كان يؤمن بفكرة الشعب العضوي، وبأن السمات القومية سمات بيولوجية تُوَّرث وليست سمات ثقافية مكتسبة. وقد صرح أينشتاين بأن اليهودي يظل يهودياً حتى لو تخلى عن دينه، وهذه مقولة أساسية في معاداة اليهود على أساس عرْقي. وليوضح فكرته، شبَّه أينشتاين مثل ذلك اليهودي بالحلزون الذي يظل حلزوناً حتى بعد أن يُسقط محارته. وموقفه من معاداة اليهود، في هذه المرحلة، لا يختلف كثيراً عن موقف الصهيوني، فقد كان يرى أن معاداة اليهود مسألة ستظل موجودة مادام هناك احتكاك بين اليهود والأغيار، بل وأضاف أن اليهود مدينون لأعدائهم بأنهم استمروا عرْقاً مستقلاًّ.

    وقد أدلى أينشتاين بتصريح ذي مضمون صهيوني عرْقي، إذ صرح (قبل ظهور النازيين) بأنه ليس مواطناً ألمانياً، ولا حتى مواطناً ألمانياً من أتباع العقيدة اليهودية، وإنما يهودي ويسعده أن يظل يهودياً. وقد عبَّر أينشتاين في عدة مناسبات عن حماسه للمشروع الصهيوني وتأييده له، بل واشترك في عدة نشاطات صهيونية.

    ولكن موقف أينشتاين هذا لم يكن نهائياً، وربما كان تعبيراً عن عدم نضج سياسي، إذ عَدَل عن هذه المواقف فيما بعد، فقد صرح بأن القومية مرض طفولي، وبأن الطبيعة الأصلية لليهودية تتعارض مع فكرة إنشاء دولة يهودية ذات حدود وجيش وسلطة دنيوية. وأعرب عن مخاوفه من الضرر الداخلي الذي ستتكبده اليهودية، إذا تم تنفيذ البرنامج الصهيوني، فقال: « إن اليهود الحاليين ليسوا هم اليهود الذين عاشوا في فترة الحشمونيين »، وفي هذا رَفْض للفكر الصهيوني ولفكرة التاريخ اليهودي الواحد. ثم أشار إلى أن «العودة إلى فكرة الأمة، بالمعنى السياسي لهذه الكلمة، هي تَحوُّل عن الرسالة الحقيقية للرسل والأنبياء ». ولهذا السبب، وفي العام نفسه، فسَّر انتماءاته الصهيونية وفقاً لأسس ثقافية، فصرح بأن قيمة الصهيونية بالنسبة إليه تكمن أساساً في « تأثيرها التعليمي والتوحيدي على اليهود في مختلف الدول ». وهذا تصريح ينطوي على الإيمان بضرورة الحفاظ على الجماعات اليهودية المنتشرة في أرجاء العالم وعلى تراثها، كما يشير إلى إمكانية التعايش بين اليهود وغير اليهود في كل أرجاء العالم. وفي عام 1946، مَثل أمام اللجنة الأنجلو أمريكية وأعرب عن عدم رضاه عن فكرة الدولة اليهودية، وأضاف قائلاً: « كنت ضد هذه الفكرة دائماً ». وهذه مُبالَغة من جانبه حيث إنه، كما أشرنا من قبل، أدلى بتصريحات تحمل معنى التأييد الكامل لفكرة القومية اليهودية على أساس عرْقي.

    والشيء الذي أزعج أينشتاين وأقلقه أكثر من غيره هو مشكلة العرب. ففي رسالة بعث بها إلى وايزمان عام 1920، حذر أينشتاين من تجاهل المشكلة العربية، ونصح الصهاينة بأن يتجنبوا «الاعتماد بدرجة كبيرة على الإنجليز »، وأن يسعوا إلى التعاون مع العرب وإلى عَقْد مواثيق شرف معهم. وقد نبه أينشتاين إلى الخطر الكامن في الهجرة الصهيونية. ولم تتضاءل جهود أينشتاين أو اهتمامه بالعرب على مر السنين. ففي خطاب بتاريخ أبريل سنة 1948، أيَّد هو والحاخام ليو بايك موقف الحاخام يهودا ماجنيس الذي كان يروج فكرة إقامة دولة مشتركة (عربية ـ يهودية)، مضيفاً أنه كان يتحدث باسم المبادئ التي هي أهم إسهام قدَّمه الشعب اليهودي إلى البشرية. ومن المعروف أن أينشتاين رَفَض قبول منصب رئيس الدولة الصهيونية حينما عُرض عليه.

    وإسهامات أينشتاين في علم الطبيعة لا يمكن تفسيرها إلا باعتباره جزءاً من المنظومة العلمية الغربية. وقد يكون ليهوديته دور في تَوجُّهه نحو النسبية، ولكن المنظومة العلمية الغربية ككل تظل العنصر المحدد النهائي، إذ كان قد طُرح داخلها بضعة أسئلة تتطلب الإجابة، الأمر الذي جعل الجو مُهيَّئاً لتَغيُّر النموذج.

    مائيـر لانسـكي (1902 – 1983(
    Meyer Lansky
    مجرم أمريكي يهودي اسمه الأصلي مايير سوشو لانسكي. وُلد في بولندا وهاجر مع أسرته إلى الولايات المتحدة عام 1911. وقد بدأ حياته الإجرامية بسرقة السيارات ثم قام بتهريب الخمور والقتل بالأجر. ثم انتقل إلى ممارسة نشاطه في عالم القمار، وأصبح من كبار زعماء الجريمة المنظمة في الولايات المتحدة. وقد كوَّن عصابة مع المجرم الأمريكي اليهودي بنجامين سيجل « بجزي » لحماية الملاهي الليلية نظير إتاوة منتظمة. وفي عام 1934، ساهم لانسكي في تأسيس الاتحاد القومي للجريمة الذي جمع في إطاره جميع العصابات وزعماء الإجرام في البلاد، وترأس مجلس إدارة هذا الاتحاد الذي عمل تحت قيادته على تحويل الجريمة في الولايات المتحدة إلى نشاط يتسم بقدر كبير من التنظيم والتنسيق والإدارة العلمية والترشيد، وأصبح يشرف على جملة من الأنشطة الإجرامية مثل القمار والدعارة والمخدرات والابتزاز والرشوة والفساد السياسي. وحينما حاولت السلطات الأمريكية القبض عليه بتهمة التَهرُّب الضريبي في عام 1970، تَمحَّك في أصله اليهودي وفرَّ إلى إسرائيل. ثم حاول الحصول على الجنسية بمقتضى قانون العودة، لكن طلبه رُفض. ومما يذكر، أن لانسكي كان من كبار المساهمين في المنظمات اليهودية، خصوصاً النداء اليهودي الموحَّد. وقد عاد إلى الولايات المتحدة عام 1972 حيث حوكم، ولكن تمت تبرئته من جميع التهم التي وُجِّهت إليه.

    ولا يمكن اكتشاف أية خصوصية يهودية في عبقرية لانسكي الإجرامية. فبروزه وتَميُّزه مرتبط بتَضخُّم قطاع اللذة في المجتمع مع تَصاعُد معدلات العلمنة فيه وانتشار الدعارة والقمار والمخدرات. وقد ظهرت مؤخراً دراسة تذهب إلى أن لانسكي لم يلعب هذا الدور المحوري والمركزي في الجريمة المنظمة في الولايات المتحدة، وترى هذه الدراسة أنه في حين أن لانسكي كان بالفعل مجرماً وزعيم عصابة ذات صلة وثيقة بأهم رموز الإجرام في الولايات المتحدة وأخطرها، إلا أنه لم يَظْهر أبداً أي دليل يُثبت أو يؤكد بشكل قاطع أن لانسكي كان العقل المدبر والمحرك الرئيسي وراء الجريمة المنظمة، وأن هذه الادعاءات ليست سوى جزء من الأسطورة التي نُسجت من حوله.

    ليوبولد تريبر (1904-1982(
    Leopold Trepper
    عميل مخابرات سوفيتي سابق، ورئيس شبكة الجاسوسية التي عملت ضد ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية والتي عُرفت باسم «الأوركسترا الحمراء». وُلد في بولندا، وكان نشطاً في حركة الشبيبة الشيوعية البولندية، وسُجن عدة أشهر ثم انضم فيما بعد إلى المنظمة الصهيونية هاشومير هاتزعير، وذهب عام 1926 إلى فلسطين. وهناك، ارتبط بالحزب الشيوعي، واحتُجزَ عدة مرات بسبب نشاطه السري. ثم أصبح عضواً في الهستدروت، وترأس داخله جناح إيحود، أي الوحدة، والذي كان ينادي بوحدة الشيوعيين من اليهود والعرب. وبعد المؤتمر الأول لإيحود عام 1927، طُرد تريبر من فلسطين، فذهب إلى فرنسا ونشط هناك في القسم اليهودي للحزب الشيوعي الفرنسي. كما عمل أيضاً مع المخابرات السوفيتية، ولكنه اضطر مرة أخرى إلى الرحيل بعد أن كُشف النقاب في فرنسا عن شبكة تَجسُّس سوفيتية.

    وانتقل تريبر إلى الاتحاد السوفيتي حيث درس في الجامعة الشيوعية للعمال الغربيين في موسكو، ويبدو أنه تلقى إلى جانب ذلك تدريباً في الأعمال الاستخباراتية. وفي عام 1938 أُرسل إلى فرنسا وبلجيكا حيث لعب دوراً مهماً وحيوياً لصالح المخابرات العسكرية السوفيتية، ونجح في تأسيس وقيادة شبكة جاسوسية واسعة النطاق كان لها عملاء في مواقع مهمة داخل الجهاز العسكري الأمني في برلين. وقد أطلق جهاز مكافحة الجاسوسية الألماني على هذه الشبكة اسم «الأوركسترا الحمراء». ويبدو أن تريبر نجح إلى حدٍّ كبير في نشاطه، فقد حذر موسكو عام 1941 من الهجوم الألماني الوشيك وتنبأ بالتاريخ المحدد له، إلا أن ستالين تَجاهَل هذه التحذيرات حيث اعتبرها نوعاً من الإثارة البريطانية.

    وقد كان لشبكة التجسس دور حيوي في الإستراتيجية والتكتيكات السوفيتية خلال الحرب مع ألمانيا. إلا أن الألمان نجحوا في إلقاء القبض على تريبر عام1942 في باريس وحاولوا تجنيده ليعمل لصالح ألمانيا كعميل مزدوج. ويبدو أن تريبر تَظاهَر بقبول هذا العرض بناءً على أوامر سابقة لقيادته تَحسُّباً لمثل هذا الاحتمال واستطاع خلال سجنه تهريب تقرير مفصل حول ظروف اعتقاله ومدى الاختراق الألماني لشبكة التجسس. وقد نجح تريبر في الهروب بعد أقل من عام، وعاود مرة أخرى نشاطه الاستخباراتي. ولكن يبدو أن بعض الشكوك والشبهات قد أحاطت به، فعند عودته إلى موسكو عام 1945 تم إلقاء القبض عليه وسُجن لمدة عشرة أعوام تَعرَّض خلالها لعديد من الاستجوابات، وتم الإفراج عنه عام 1955 ورُد له اعتباره. وقد كرس تريبر مجهوداته بعد ذلك للشئون اليهودية. فقدَّم للقيادة السوفيتية خطة لإحياء المؤسسات والحياة الثقافية اليهودية في الاتحاد السوفيتي، إلا أن هذه الخطة رُفضت، فانتقل بعد ذلك إلى وارسو حيث ترأس، تحت اسم ليبا دومب، الجمعية الثقافية الاجتماعية اليهودية تحت رعاية الحكومة البولندية، كما ترأس دار النشر اليديشية التابعة لها. وفي عام 1968، قدم تريبر طلباً للهجرة إلى إسرائيل حيث كان بعض أفراد أسرته قد استقروا فيها، إلا أن السلطات البولندية رفضت طلبه. وقد أثارت الدوائر الصهيونية مسألة هجرته على المستوى العالمي، كما تم استغلال قضيته لإثارة الرأي العام العالمي ضد حكومة بولندا الاشتراكية وضد الاتحاد السوفيتي الذي كان يسود اعتقاد بأنه وراء موقف الحكومة البولندية. وفي تلك الآونة، قام عميل سابق للمخابرات الفرنسية هو جان روشيه باتهام تريبر على صفحات جريدة لوموند بأنه تعاون مع النازيين خلال الحرب، وبأنه خان رفاقه في المقاومة. ولكن تريبر أقام دعوى قذف ضد روشيه واستطاع أن يكسبها.

    وقد سمحت السلطات البولندية لتريبر في آخر الأمر، بالرحيل إلى إنجلترا لأسباب صحية، وفي عام 1974 استقر في إسرائيل. وفي عام 1975 نشر مذكراته بعنوان اللعبة الكبيرة والتي حاول فيها تأكيد دور شبكة «الأوركسترا الحمراء» في محاربة النازيين والدور البارز الذي لعبه اليهود في ذلك. وتُوفي تريبر عام 1982 ودُفن في القدس.

    وحيــاة تريبر المثيرة لا تختلف كثيراً عن حياة أمثاله من الجواسيس. أما هجرته لإسرائيل فهي لا تختلف عن هجرة المجرم لانسكي في دوافعها ولا علاقة لها بانتمائه اليهودي.

    آرثــر كوســـتلر (1905-1983(
    Arthur Koestler
    كاتب يهودي وُلد في المجر وتَعلَّم في النمسا وألمانيا. وغيَّر لغته من المجرية إلى الألمانية في سن السابعة عشرة، ثم من الألمانية إلى الإنجليزية في سن الخامسـة والثلاثين. وقد كان شيوعياً في الثلاثينيات، ولكنه رفض بعد ذلك المبادئ الشيوعية، ووصف تجربته (هو وآخرين) في كتاب الإله الذي هوى. وقد عبَّر كوستلر عن اشمئزازه من العصر الحديث في قصته الشهيرة الظلمة في وقت الظهيرة. وأظهر كوستلر أيضاً اهتماماً بالموضوعات اليهودية، خصوصاً أنه عمل مراسلاً في فلسطين لإحدى الجرائد الألمانية. وقصته اللصوص في الليل تصف الصراع بين العرب والمستوطنين الصهاينة. وقد لاحَظ كوستلر في هذه الرواية الخليط العجيب من التصوف والاشتراكية الذي يُميِّز العقل الصهيوني. ولكن الرواية، مع هذا، تبدي تعاطفاً مع المستوطنين. وقد كتب كوستلر أثناء حرب عام 1948 كتاب الوعد والإنجاز: فلسطين 1917-1949 يصف فيه فلسطين أثناء الانتداب وبعد إنشاء الدولة الصهيونية، ويُعلن أن يهود العالم أمامهم اختياران لا ثالث لهما: الهجرة إلى إسرائيل أو الانتماء الكامل إلى أوطانهم والولاء لها. وقد اختار هو نفسه البديل الثاني. وكوستلر له مؤلفات قصصية وفلسفية أخرى مثل: الشبح في الآلة، و نفاية الأرض، و اللوتس والقوميسار، و السائرون نياماً، و اللوتس والإنسان الآلي.

    وفي آخر سني حياته، انضم كوستلر إلى جمعية تُطلق على نفسها اسم «جمعية من أجل موت كريم» تدعو إلى الانتحار. وقد انتحر هو وزوجته بالفعل في مارس 1983.

    وقد نشر كوستلر عام 1955 كتاباً بعنوان قافلة الديناصور يضم دراسة بعنوان « يهودا في مفترق الطرق » والتي أشار فيها إلى عدم صحة القول بوجود تراث حضاري يهودي مشترك. وفي كتابه القبيلة الثالثـة عشرة: إمبراطورية الخزر وميراثها (1976) يناقش كوستلر ظهور إمبراطورية الخزر اليهودية وما يسميه «الشتات الخزري». وقد أثار الكتاب ضجة في الأوساط اليهودية والصهيونية عند صدوره. فالكتاب يذهب إلى أن يهود بولندا، الذين كانوا يشكلون أهم وأكبر تَجمُّع يهودي في العالم، هم من نسل الخزر وبالتالي فهم مختلفون عرْقياً وثقافياً عن بقية يهود العالم وعن العبرانيين القدامى.

    ومن ثم فإن كوستلر يهدم الاعتذاريات العرْقية والإثنية لنظرية الحقوق الصهيونية التي ترى أن فلسطين من حق اليهود بسبب أصولهم السامية، أو بسبب تماسكهم الثقافي عبر التاريخ والتفافهم حول فلسطين كمركز للهوية الثقافية اليهودية.

    ويرى بعض دارسي تاريخ الأفكار أن كوستلر من كبار الكُتَّاب والمفكرين وأنه نجح في أن يتناول في كتاباته بعض أهم القضايا الفكرية في القرن العشرين من خلال رؤيته الواسعة (البانورامية) والثاقبة، ويرى البعض الآخر أنه مجرد ناقل للأفكار ومروج لها. بل ويرى البعض أن كتابه الإله الذي هوى قد كُتب بإيعاز من المخابرات الأمريكية. ومهما كان تقييم المرء لعبقرية كوستلر، فمن الصعب القول بأن البُعد اليهودي هو أهم أبعادها أو أن له مقدرة تفسيرية عالية.

    جيكـوب كرايزر (1905-1969(Jacob Kreiser
    جنرال سوفيتي يُصنَّف أحياناً باعتباره يهودياً، وأحد أبطال الحرب العالمية الثانية في الاتحاد السوفيتي. كان والده جندياً يهودياً ممن جُنِّدوا في الخدمة العسكرية تجنيداً إجبارياً لفترة طويلة في سن مبكرة واعتنقوا المسيحية إبان فترة الخدمة. وقد انضم كرايزر في سن مبكرة إلى الجيش الأحمر وتدرَّج سريعاً في صفوفه ليصبح جنرالاً في سن الحادية والثلاثين. وخلال الحرب العالمية الثانية، تولى قيادة فرقة مشاة البروليتاريا التي تميَّزت في دفاعها عن موسكو، وهو ما أكسبه لقب «بطل الاتحاد السوفيتي». وقد خدم كرايزر بعد ذلك في عدد من المواقع المهمة خلال الحرب، وتولى قيادة الجيوش السوفيتية في عدد من الجبهات، وساهم في تدمير القوات الألمانية في غرب أوكرانيا، وفي تحرير شبه جزيرة القرم ودول البلطيق. وقد أدَّى قيام ضابط يهودي بتحرير القرم إلى تسليط الضوء على مسألة تأسيس جمهورية يهودية ذات حكم ذاتي في القرم والتي كانت تخطط لها الحكومة السوفيتية لتحل محل مشروع بيروبيجان الفاشل. وقد كانت اللجنة اليهودية المناهضة للفاشية، والتي كان كرايزر عضواً بها، من المؤيدين لهذا المشروع الذي لم يسفر عن أي شيء في نهاية الأمر.

    ومع انتهاء الحرب، كان كرايزر قد حصل على أعلى الرتب في الجيش السوفيتي واكتسب مكانة وسمعة واسعتين، ولكنه جُرِّدَ من منصبه خلال فترة الإرهاب الستاليني بعد أن رفض التوقيع على خطاب نُشر في صحيفـة البرافدا ينفي وجود معـاداة لليهـود في الاتحـاد السوفيتي. وبعد وفاة ستالين، أعيدت له قيادته، وعُيِّن عام 1962 نائباً في مجلس السوفييت الأعلى. ثم تولى كرايزر القيادة في منطقة الشرق الأقصى، وهي منطقة حدودية ذات أهمية خاصة، وظل يشغل منصبه حتى وفاته.

    ويمثل كرايزر نموذجاً متكرراً في أوساط العسكريين السوفييت اليهود، وإن لم ينتبه إليه الكثيرون، وهو نموذج يعود إلى أيام تروتسكي مؤسس الجيش الأحمر والذي فتح المجال أمام أعضاء الأقليات للانخراط في صفوف هذا الجيش الجديد، الذي كان يدعم نظاماً يدعو إلى تجريم أشكال التمييز العنصري والإثني (وضمن ذلك العداء لليهود). وقد انخرطت أعداد كبيرة من أعضاء الجماعات اليهودية بنسبة تزيد عن نسبتهم على المستوى القومي. وكانت هناك نسبة عالية من اليهود في القيادة العليا للجيش السوفيتي خلال الحرب العالمية الثانية. ولكن يُلاحَظ أنه جرى العمل على إحالة أعداد كبيرة منهم إلى التقاعد.












  10. #80
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    روبـرت ماكسـويل (1923 – 1991(
    Robert Maxwell
    ناشر بريطاني، وُلد في تشيكوسلوفاكيا، وكان اسمه الحقيقي يان لودفيجهوخ. وُلد لعائلة يهودية ريفية يُقال إنه قُضي على معظم أعضائها خلال الحربالعالمية الثانية، وانضم إلى الجيش التشيكي عام 1939، ثم فرّ إلى بريطانيا معالاحتلال النازي، حيث انضم إلى صفوف الجيش البريطاني. وحاز في عام 1945 ميداليةالصليب العسكرية. وقد بدَّل اسمه عدة مرات، ثم استقر في عام 1945 على الاسمالإسكتلندي الحالي إيان روبرت ماكسويل. عمل ماكسويل لحساب الاستخبارات البريطانية،وترأس القسم الصحفي للقوات البريطانية المتمركزة في ألمانيا في الفترة بين عامي 1945 و1947. وخلال وجوده في ألمانيا، التقى بناشر ألماني كان تحت يده عدد ضخم منالوثائق والنشرات العلمية التي خَلَّفها الحكم النازي، وبالتالي لاحت أمام ماكسويلفرصة ذهبية للعمل في مجال النشر العلمي. وبالفعل، أسس في عام 1949 شركة برجامون برسالتي جعلها من أكبر دور النشر المتخصصة في المطبوعات العلمية، والتي شملت أعمالهابرنامجاً واسعاً لترجمة الكتب والمجلات العلمية السوفيتية. وقد كانت دار نشربرجامون اللبنة الأساسية في إمبراطوريته الصحفية والإعلامية التي احتلت المرتبةالتاسعة أو العاشرة في العالم على حد تقدير ماكسويل نفسه. وكانت إمبراطورية ماكسويلتضم عدداً كبيراً من الشركات القابضة والمؤسسات العائلية والهيئات الخيرية التيتوزعت مقارها الرئيسية في بريطانيا والولايات المتحدة وإسرائيل وأوربا الشرقية وجبلطارق وليختنشتاين.

    وقد امتلك ماكسويل حصصاً متفاوتة في عدد كبير من الصحففي ثلاث عشرة دولة. فمجموعة ميرورنيوز (التي امتلكها ماكسويل عام 1984) تنشر عدداًمن الصحف البريطانية المهمة مثل ديلي ميرور وصاندي ميرور. كما امتلك ماكسويل نسبةستة في المائة من أسهم صحيفة ذي إندبندنت اليومية البريطانية. كما سيطر في عام 1991على صحيفة ديلي نيوز الصادرة في نيويورك. وفي المجر، امتلك حصة كبيرة في صحيفةماجيار هيرلاب اليومية. وفي عام 1986، أصدر صحيفة الصين اليومية تشاينا ديلي التيكانت تَصدُر بالإنجليزية في بكين ولندن، إلا أنه تَوقَّف عن نشرها بعد أحداث الصينعام 1989. كما أصدر عام 1988 الصحيفة الأوربية الأسبوعية ذي يوروبيان. واشترىماكسويل في العام نفسه دارين للنشر في الولايات المتحدة هما: دار ماكميلان التيكانت ثاني أكبر دار نشر أمريكية، والدار التي تَنشُر الدليل الرسمي لشركات الطيران. وقد وضعت هذه الممتلكات الجديدة عبئاً كبيراً من الديون على كاهل ماكسويل تجاوزتعند وفاته ثلاثة مليارات جنيه إسترليني، الأمر الذي دفعه إلى بيع بعض ممتلكاته، ومنأهمها دار نشر برجامون لسداد ديونه. كما كان ماكسويل يمتلك، منذ عام 1981، شركةللاتصالات هي ماكسويل كوميونيكيشن كوربوريشن.

    وقد كان لماكسويل اهتمام خاصبأوربا الشرقية، وكانت له علاقات مع عدد من رؤساء الكتلة الشرقية. وقد أسس عام 1990، بالتعاون مع مؤسسة مريل لينش، شركة للاستثمار في أوربا الشرقية رأسمالها 250مليون دولار. وكان ماكسويل قد أسس قبل ذلك ببضع سنوات شركة للاستثمار في الصينبالمشاركة مع وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر، لكن أعمال الشركة توقفتبعد أحداث عام 1989 في الصين. كما دخل ماكسويل حلبة السياسة البريطانية حيث تولىمنصب نائب في البرلمان عن حزب العمال البريطاني في الفترة بين عامي 1964 و1970.

    ومن جهة أخرى كان لماكسويل اهتمام كبير وارتباط خاص بإسرائيل. ومما يُذكَرأنه لم يكن يعلن عن أصله اليهودي في البداية، كما كان يذهب إلى الكنيسة مع زوجتهالفرنسية البروتستانتية (أي أنه كان يهودياً متخفياً مثل عشرات الألوف الآخرين). ولكنه حين عُرف أصله، لم يستمر في إنكاره. وفي السنوات الأخيرة، أصبح واحداً من أهمالمستثمرين الكبار في إسرائيل وأحد كبار مؤيديها. ويُعتقَد أنه كان أكبر المستثمرينفيها على الإطلاق. فكان يمتلك ثلث حصص صحيفة معاريف الإسرائيلية التي تحتل المرتبةالثانية بين الصحف الإسرائيلية من ناحية التوزيع. واشترى عام 1990 خمسين في المائةمن حصص دار كيتر للنشر بمبلغ خمسة ملايين دولار وهي الشركة التي تُصدر الموسوعةاليهودية (جودايكا). كما امتلك ماكسويل حصصاً في شركتين إسرائيليتين هما: شركةسايتكس وهي من الشركات الرائدة في مجال الرسوم البيانية بالكومبيوتر والطباعةبالألوان، وشركة تيفا فارماسوتيكال للمنتجات الطبية. وقد ترددت أنباء عن أن ماكسويلكان ينوي استثمار مائة مليون دولار في تأسيس شركة قابضة في إسرائيل تجمع استثماراتهالقائمة والمتوقعة هناك.

    وفي نهاية عام 1988، أصبح ماكسويل رئيس شركة سنداتإسرائيل في بريطانيا، إذ اشترى سندات بملايين الجنيهات الإسترلينية أصبح بعدها أكبرمشترٍ للسندات الإسرائيلية في بريطانيا. وكانت الشركة تأمل في أن يساهم تعيين رئيسللشركة ذي شهرة واسعة في جذب أعداد كبيرة من المستثمرين لشراء السندات الإسرائيلية.

    وقد كان ماكسويل من مؤيدي سياسات حكومة الليكود الإسرائيلية، وصرح قبلوفاته ببضعة أسابيع بأن آراءه تتطابق تماماً مع آراء رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحقشامير. وأيَّد ماكسويل مبدأ إبعاد الفلسطينيين عن أرضهم وتوطينهم في البلدانالعربية، كما كان يصرح دائماً بأن الأردن هي الدولة الفلسطينية (كما يفعلالإسرائيليون والصهاينة). وفي عام 1989، وبَّخ ماكسويل رئيس تحرير جريدة معاريفلنشره مقالاً عرض فيه تقرير الاستخبارات الإسرائيلية ومؤداه أنه ليس هناك بديل عنالحوار مع منظمة التحرير الفلسطينية. كما بيَّن ماكسويل أن الدافع وراء محاولتهالفاشلة شراء صحيفة جيروساليم بوست في عام 1989 كان وقف النقد الذي كانت توجههالصحيفة للحكومة الإسرائيلية.

    وقد تَورَّط ماكسويل قبل وفاته بقليل في قضيةتَجسُّس وتجارة سلاح. فقد ذكر الصحفي الأمريكي سيمور هيرش في كتابه الخيار شمشون أنلماكسويل علاقات بالمخابرات الإسرائيلية (الموساد)، وأنه تَورَّط مع محرر الشئونالخارجية لجريدته الديلي ميرور في تسهيل عقد صفقات سلاح سرية لإسرائيل وفي تسهيلاختطاف موردخاي فانونو، وهو أحد العاملين في مفاعل ديمونة والذي كشف عن وجود مائتيقنبلة نووية لدى إسرائيل. كما ادعى ضابط في المخابرات الإسرائيلية، وهو آرييهمنَسَّى، أن ماكسويل كان متورطاً في مبيعات الأسلحة إلى إيران (أثناء حربها معالعراق) وهي مبيعات تمت بموافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق شامير ونائب الرئيسالأمريكي آنذاك جورج بوش، فكان ماكسويل يتلقى عمولات عن هذه الصفقات ثم يُجري عملية «غسل» للأموال المتحصَلة بهذه الطريقة غير النظيفة لتبدو كما لو كانت نظيفة وشرعية (وتتم عملية الغسل هذه بطرق عديدة مثل وضع النقود في المصارف من خلال منافذ عديدةأو استثمارها في مشاريع تجارية خاسرة ثم إعلان أنها حققت أرباحاً خيالية، وتُودَعالأموال في المصارف بعد ذلك(.

    وقد نفى ماكسويل أية علاقة له بالموساد أوبصفقات السلاح، وأقام دعوى ضد هيرش يُوجِّه فيها إليه تهمة السب العلني. وبعد أقلمن شهر من إثارته هذه الفضيحة، لقي ماكسويل حتفه، وقيل أنه سقط ميتاً وهو على ظهريخته في البحر قرب جزر الكناري. وتراوحت الآراء حول ظروف موته بين التلميح إلىاتهام الموساد بقتله، أو ترجيح انتحاره بسبب متاعبه المالية الكبيرة أو اتهامهبالعمالة لإسرائيل، أو القول بأن موته كان مجرد حادث عادي. وقد دُفن ماكسويل فيإسرائيل وفقاً لرغبته.

    وقد تفجرت فضيحة مالية كبرى في أعقاب وفاة ماكسويل،حيث تبيَّن أنه حوَّل أكثر من 700 مليون جنيه إسترليني (1.27مليار دولار) من صناديقالمعاش في مجموعة الشركات العامة ميرور جروب التي كان يديرها، وذلك لتغطية خسائرشركاته الخاصة ولمساعدة إمبراطوريته الإعلامية التي كانت تنوء تحت ثقل الديون. وتبيَّن أيضاً أنه احتال على مؤسسة مالية سويسرية للحصول على قرض قيمته 100 مليوندولار، وأنه استخدم الأصول نفسها لضمان أكثر من قرض. وكان ماكسويل قد تَعرَّض منقبل للمساءلة حول سلامة ممارساته، حيث أجرى مجلس التجارة البريطاني تحقيقاً عام 1969 حول أوضاع شركة برجامون برس وكشف بالفعل عن بعض المخالفات. وقد تَضمَّنالتقرير الذي انتهى إليه المجلس أن ماكسويل « شخص لا يُعوَّل عليه في إدارة شركةمساهمة عامة ». وقد عمل ماكسويل منذ ذلك الحين على إسكات منتقديه وردعهم عن طريقمقاضاتهم وتوجيه تهمة التشهير به إليهم. وقد وُصف ماكسويل عقب تَفجُّر هذه الفضيحةبأنه «محتال القرن»، الأمر الذي زاد التكهنات القائلة بأنه مات منتحراً. كما قُبضعلى ابنيه، اللذين توليا أمور بعض شـركات والدهما بعد وفاته، بتهمة التورط في الغـشالتجاري. ولكن لم يثبت ضدهما أي شيء، فحُكم ببراءتهما.

    ومن الواضح أنماكسويل عبقرية حقيقية بالمعنى المحايد (أو النيتشوي) للكلمة، أي أنه عبقرية لاتهتم كثيراً بالمعايير الأخلاقية أو الإنسـانية، فهو مثل الإنسـان الأعظم (السـوبرمان) يُسخِّر الآخرين لحسابه، ولذا كان عبقرياً في عمليات التنظيم الإداريوتحقيق الأرباح وتعظيمها وعقد الصفقات الرابحة، ولكنه كان عبقرياً أيضاً في نهبالآخرين والتجسس واستخدام النفوذ. وتحدثت كثير من الصحف عن ماكسويل باعتبارهيهودياً مع أن هذه مسألة خلافية، فقد أخفى يهوديته بعض الوقت، وحين اكتُشفت اعترفبها بل ووظفها، ولكن توظيفه مسألة هويته اليهودية لا يجعل منه يهودياً، ولا يمكنتفسير عبقريته في إطار يهوديته، وإنما في إطار النيتشوية الداروينية، التي يشتركفيها مع مئات المموِّلين والمستثمرين الآخرين في القرن العشرين.






 

صفحة 8 من 10 الأولىالأولى ... 45678910 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء التاسع
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 53
    آخر مشاركة: 2010-10-31, 04:37 AM
  2. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء الثامن
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 54
    آخر مشاركة: 2010-10-31, 04:12 AM
  3. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء السابع
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 60
    آخر مشاركة: 2010-10-27, 05:42 AM
  4. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء السادس
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 61
    آخر مشاركة: 2010-10-27, 05:20 AM
  5. اليهود واليهودية والصهيونية والصهاينة الجزء الأول
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 530
    آخر مشاركة: 2010-10-24, 03:44 AM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
RSS RSS 2.0 XML MAP HTML