صفحة 9 من 10 الأولىالأولى ... 5678910 الأخيرةالأخيرة
النتائج 81 إلى 90 من 100

الموضوع: دولة الموحدين

 

العرض المتطور

  1. #1
    الإشراف العام
    الهزبر غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 3
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    المشاركات : 7,445
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 11
    البلد : أرض مسلمة
    الاهتمام : كل مافيه الخير لي ولامتي
    الوظيفة : مدرّس لغة عربية
    معدل تقييم المستوى : 25

    افتراضي




    السلام عليكم

    الفصل الثالث
    الاندلس والشمال الافريقي
    بعد سقوط دولة الموحدين


    بعد سقوط دولة الموحدين في عام 668هـ/1269م مرت بلاد الاندلس بمرحلة طويلة امتدت قرنين ونصف ثم بعد ذلك سقط آخر معاقلها في يد النصارى الاسبان في عام 897هـ ويظهر جهاد بني الأحمر وزعامتهم القوية لغرناطة بعد سقوط الموحدين وهذه المرحلة من تاريخ الاندلس الاسلامي غنية بالعبر والعظات لمن كان له قلب أو ألقي السمع وهو شهيد، وتظهر سنن الله في سقوط الدول واضحة المعالم وكذلك الآثار المترتبة عن الابتعاد عن منهج الله تعالى.

    أما الشمال الافريقي بعد سقوط الموحدين، فأنقسم الى دول، لاتجاوز الواحدة منها في أحيان إطار المدينة، ولاتجاوز في أحيان اخرى إطار القبيلة واتسمت تلك الفترة التاريخية بالتداخل والتعقيد والغموض، واشتدت النزعات الداخلية وتتابعت الهجمات الخارجية، وظهرت فتن تجعل الحليم حيران من كثرتها وتشابهها، ومرت المنطقة بعملية مخاض طويلة ، لأن دولة الموحدين نفسها مرت بمرحلة سقوط طويلة ، وخرج من ذلك المخاض الطويل ، دول من أهمها ؛ دولة بني حفص في افريقية ، دولة بني زيان في المغرب الاوسط، دولة بني مرين (ثم بني وطاس في المغرب الاقصى).

    وسنحاول بإذن الله تعالى في الصفحات القادمة أن نتحدث عن تلك الدويلات التي قامت في الاندلس والشمال الافريقي مستخلصين العبر والعظات والدروس المستفادة من دراسات تلك الدويلات التي أصبحت كأن لم تغن بالأمس.





    [SIZE=6]
    [FONT=Traditional Arabic]كل العداوات ترجى مودتها*إلا عداوة من عاداك في الدين
    /*/*/*/
    لا يستقل العقل دون هداية*بالوحي تأصيلا ولا تفصيلا
    كالطّرف دون النور ليس بمدرك*حتى يراه بكرة واصيلا





  2. #2
    الإشراف العام
    الهزبر غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 3
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    المشاركات : 7,445
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 11
    البلد : أرض مسلمة
    الاهتمام : كل مافيه الخير لي ولامتي
    الوظيفة : مدرّس لغة عربية
    معدل تقييم المستوى : 25

    افتراضي


    السلام عليكم

    المبحث الاول
    مملكة غرناطة


    سقطت دولة الموحدين على يد المرينيين في المغرب الاقصى، وملك محمد بن يوسف بن هود قواعد شرقي الاندلس ، وظهر محمد بن يوسف الانصاري في الجنوب ، وغلب بعض الأمراء على أشبيلية ، ونشب صراع على السلطة والملك بين أمراء الاندلس ودخلوا في قتال عنيف لنزع الحصون والقلاع من بعضهم البعض.

    وكانت مملكة قشتالة النصرانية الاسبانية تتابع مما يدور في أراضي المسلمين بواسطة أجهزة استخباراتها التي استطاعت أن تجند رجالاً يعملون لحسابها، فرأت أن الفرصة حانت لتوجيه ضربة مميتة للمسلمين في الاندلس ، فبدأت هجومها بالفعل، وكان احتلال قرطبة في 23 شوال 633هـ/29 حزيران (يونية) 1236م، صيحة النذير المدوية ، لقد كان سبب سقوط قرطبة المعاصي والآثم والابتعاد عن منهج الله العظيم، وبالتالي اصابهم الضعف ودخلوا في الفوضى والنزاع والخلاف، فقادهم ذلك الى فقد الاوطان والأرض ومن ثم ضاعت الحضارة والتراث والاسلام وبدأت مدن الاسلام الكبرى تتساقط في يد النصارى، فسقطت بلنسية عام 636هـ/1238م ثم شاطبة ودانية وفي عام 646هـ سقطت اشبيلية بعد حصار شديد ودفاع من المسلمين مجيد ودام الحصار ثمانية عشر شهراً، أبدى فيها المسلمون آيات من البسالة والجلد والدفاع عن أشبيلية، وأخيراً جاء مصير أسود محتوم واستسلمت المدينة لفرديناند الثالث، على ان يُخير المسملون بين البقاء في أشبيلية ، أو يهاجروا وفي الحال حُول مسجدها الجامع الى كنيسة ، وأزيلت منها معالم الاسلام وتوزع أهلوها في الحواضر الاسلامية الباقية.

    لقد كان سقوط أشبيلية ايذاناً بسقوط سائر المدن والحصون الاسلامية فيما بينها وبين مصب الوادي الكبير فاستولى النصارى تباعاً على : شريش ، شذونة، قادس، شلوقه، غليانة، روضة، ثغر شنتمرية، وغيرها…. وتحالف بن الأحمر مع النصارى وعاونهم في الاستيلاء على قادس وبهذا بسط القشتاليون سلطانهم على سائر الأراضي الاسلامية في غربي الاندلس، وانكمشت رقعة الدولة الاسلامية بسرعة مروعة.

    ويصف الشاعر أبو البقاء صالح بن شريف الرُّنْدي تلك الاوضاع التي وصل إليها حال الاندلس ووضح في قصيدته اسباب تلك المأساة التي وقعت فيها شعوب الاندلس من تركهم لعوامل القوة والنصر، وحبهم للدعة والخنوع والترف، لقد عبرت تلك القصيدة عن مشاعر وأحاسيس الشاعر بوضوح وأعطت تلك الأحاسيس الصادقة والمشاعر المخلصة والحزن العميق على ما حل بالمسلمين روحاً لتلك القطعة الشعرية المعبرة عن تلك الأحداث الجسام ، عندما سقطت القواعد الاندلسية الكبرى، كقرطبة، وبلنسية وأشبيلية ومرسيه بيد النصارى. لقد صور الشاعر المسلم ابو البقاء الرندي مأساة الاندلس في قصيدة تقطر ألماً وحزناً، فلله دره فلكم اغنت عن عشرات الكتب والمجلدات.

    قال الشاعر:




    [SIZE=6]
    [FONT=Traditional Arabic]كل العداوات ترجى مودتها*إلا عداوة من عاداك في الدين
    /*/*/*/
    لا يستقل العقل دون هداية*بالوحي تأصيلا ولا تفصيلا
    كالطّرف دون النور ليس بمدرك*حتى يراه بكرة واصيلا





  3. #3
    الإشراف العام
    الهزبر غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 3
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    المشاركات : 7,445
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 11
    البلد : أرض مسلمة
    الاهتمام : كل مافيه الخير لي ولامتي
    الوظيفة : مدرّس لغة عربية
    معدل تقييم المستوى : 25

    افتراضي


    السلام عليكم

    [poem=font="simplified arabic,6,purple,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]

    لكل شيء إذا ما تم نقصان=فلا يغر بطيب العيش إنسان
    هي الأمور كما شاهدتها دولُ=من سرّه زمن ساءته ازمان
    وهذه الدار لا تبقي على أحدٍ=ولا يدوم على حال لها شَان
    أين الملوك ذوو التيجان من يمن=وأين منهم أكليل وتيجان
    أتى على الكل أمرُ لا مرّد له=حتى قضوا فكأن القوم ماكانوا
    فجائع الدهر أنواع منوعة=وللزمان مسرات وأحزان
    وللحوادث سلوانٌ يسهلها=ومالما حل بالاسلام سلوان
    وهي الجزيرة أمرٌ لا عزاء له=هوى له أحُدُ وانهد ثهلان
    أصابها العين في الاسلام فامتعنت =حتى خلت منه أقطار وبلدانُ
    فاسأل بَلنسية ما شأن مُرسية=وأين شاطبة أم أين جَيانُ
    وأين قرطبة دار العلوم فكم=من عالم قد سما فيها له شأنُ
    واين حِمصٌ وما تَحويه من نُزَهٍ=ونهرها العذبُ فياض وملآنُ
    قواعدٌ كُنَّ اركان البلاد فما=عسى البقاء إذا لم تبق أركان
    تبكي الحنفية البيضاء من أسف=كما بكى لفِراق الإلفِ هَيمانُ
    على ديار من الاسلام خاليةٍ=قد أقفرت ولها بالكفر عُمرانُ
    حيث المساجدُ قد صارت كنائس ما=فيهن إلا نواقيس وصُلبانُ
    حتى المحاريبُ تبكي وهي جامدةٌ=حتى المنابرُ ترْثي وهي عيدانُ
    ياغفلاً وله في الدهر موعظة=إن كنت في سنة فالدهر يقظان
    وماشياً مرحاً يُلهيه مَوْطِنه=أبعد حمص تفرُّ المرءَ أوطان
    تلك المصيبة أنستْ ما تقدمها=ومالها مع طول الدهر نسيان
    يا أيها البيضاء رايتُه=أدرك بسيفك أهل الكفر لا كانوا
    ياراكبين عتاق الخيل ضامرةً=كأنها في مجالِ السّبق عُقبانُ
    وحاملينَ سيوف النهدِ مرْهفةً=كأنها في ظلام النقع نيران
    وراتعين وراء البحر في دَعةٍ=لهم بأوطانهم عز وسطان
    أعندكم نبأُ من أهل أندلس=فقد سرى بحديث القوم رُكبانُ
    كم يستغيث بنا المستضعفون وهم=قتلى واسرى فما يهتزُّ إنسانُ
    ماذا التقاطع في الاسلام بينكم=وأنتم ياعباد الله إخوان
    ألا نفوس أبياتٌ لها هِمَمٌ=أما على الخير انصار وأعوان
    يامن لِذَّلةِ قومٍ بعد عزهم=أحال حالهم كفر وطغيان
    بالأمس كانوا ملوكاً في منازلهم=واليوم هم في بلاد الكفر عبدان
    فلو تراهم حيارى لا دليل لهم=عليهم من ثياب الذل ألوان
    ولو رأيت بكاهم عند بيعهمُ=لهالك الأمر واستهوتك احزان
    يارُبَّ أُم وطفل حيل بينهم=كما تفرقت ارواح وأبدان
    وطفلة مثل حسن الشمس إذ طلعت=كأنما هي ياقوت ومرجان
    يقوُدُها العِلْج للمكروه مُكرهة=والعين باكية والقلب حيران
    لمثل هذا يذوب القلب من كمدٍ=إن كان في القلب إسلام وإيمان
    [/poem]




    [SIZE=6]
    [FONT=Traditional Arabic]كل العداوات ترجى مودتها*إلا عداوة من عاداك في الدين
    /*/*/*/
    لا يستقل العقل دون هداية*بالوحي تأصيلا ولا تفصيلا
    كالطّرف دون النور ليس بمدرك*حتى يراه بكرة واصيلا





  4. #4
    الإشراف العام
    الهزبر غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 3
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    المشاركات : 7,445
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 11
    البلد : أرض مسلمة
    الاهتمام : كل مافيه الخير لي ولامتي
    الوظيفة : مدرّس لغة عربية
    معدل تقييم المستوى : 25

    افتراضي


    السلام عليكم

    "وكان ابن الاحمر من هذه الحوادث موقفاً شاذاً مؤلماً، فقد كان يقف الى جانب أعداء وأمته ودينه ، وكان يبذل للنصارى ما استطاع من العون المادي والأدبي ، وكان معظم الزعماء المسلمين من حكام المدن والحصون الباقية -قد أيقنوا بانهيار سطان الاسلام في الاندلس- يهرعون الى احتذاء مثاله، والى الانضواء تحت لواء ملك قشتالة".

    لقد غدر النصارى بحليفهم محمد بن يوسف الاحمر، فغزوا أراضيه وشنوا عليه الحرب، فتغيرت حساباته وطمع الى جمع كلمة الاندلس تحت لوائه ودمج ماتبقى من تراثها وأراضيها في مملكة موحدة تكون ملكاً له ولعقبه، فصانع النصارى، وتجنب الاشتباك معهم، فشهد التهامهم لاشلاء الوطن الممزق وقلبه يفطر حزناً وأسى.

    واستطاع هذا الرجل العجيب أن يؤسس دولة في الاندلس في غرناطة في الجنوب الشرقي في الاندلس حاول ابن الاحمر أن يواجه النصارى وخرج عن طاعتهم وأعلن النصارى الحرب عليه في عام 660هـ/1261م، فردّهم بمعاونة المجاهدين الذين قدموا من العدوة المغربية، وهذا اول انتصار كبير منذ انهيار الموحدين. وفي عام 662هـ استطاع المرينيون بقيادة الفارس عامر بن ادريس فتح مدينة شريش وتخليصها من يد النصارى.

    شددّ النصارى هجماتهم بدءاً من عام 663هـ وبدأت الهزائم تتلاحق على محمد بن يوسف ابن الاحمر على يد (دون نوينو دي لارا) صهر ملك قشتالة، فبايع ابن الاحمر المستنصر صاحب تونس فبعث المستنصر لابن الأحمر هدية وعوناً، ولكنها لم تجد نفعاً، فسوء المصير لاح في الأفق، فاضطر ابن الأحمر أن يهادن ملك قشتالة ثانية في أواخر سنة 665هـ/ 1267م متنازلاً له عن أكثر من مائة موضع معظمها غربي الأندلس، منها شريش والمدينة والقلعة.

    ودخلت غرناطة في حرب داخلية بين ابن الأحمر وبعض أصهاره وهو أبو محمد بن أشقيلولة وكان في مالقة وتحالف ابن الأحمر مع الاسبان عام 665هـ/1267 وحاصروا أبا محمد بن أشقيلولة في مالقة ولكنهم لم ينالوا منه مأرب.

    وفي عام 668هـ ساءت العلاقات بين ابن الأحمر وملك قشتالة الذي بدأ بالجزيرة الخضراء خرابا، فطلب ابن الأحمر العون من أمير المسلمين أبي يوسف المريني، ولكنه مات قبل أن يرى ماحدث، وذلك في 29 جمادي الثانية 671هـ (كانون الأول "ديسمبر" 1272م) وقد قارب الثمانين من عمره، بعد أن وطَّد الملك لبني نصر بقي زهاء مائتين وخمسين عاماً أخرى.




    [SIZE=6]
    [FONT=Traditional Arabic]كل العداوات ترجى مودتها*إلا عداوة من عاداك في الدين
    /*/*/*/
    لا يستقل العقل دون هداية*بالوحي تأصيلا ولا تفصيلا
    كالطّرف دون النور ليس بمدرك*حتى يراه بكرة واصيلا





  5. #5
    الإشراف العام
    الهزبر غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 3
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    المشاركات : 7,445
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 11
    البلد : أرض مسلمة
    الاهتمام : كل مافيه الخير لي ولامتي
    الوظيفة : مدرّس لغة عربية
    معدل تقييم المستوى : 25

    افتراضي


    السلام عليكم

    أولاً: ترجمة ابن الأحمر :

    هو أبو عبدالله الغالب بالله محمد بن يوسف بن محمد بن أحمد بن خمسين بن نصر بن قيس الخزرجي. يرجع في نسبه إلى سعد بن عُبادة الأنصاري، أحد كبار صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان نقيباً شهد العقبة وبدراً.

    ولد محمد بن يوسف في مدينة أرْجُونة من حصون قرطبة في جهة الشرق سنة 591هـ، (1195م) وهو عام الأرك. كان جندياً وافر العزم والجرأة دعا للم الشمل، فاجتمع حوله الكثير، وكانت بيعته لمملكة غرناطة يوم الجمعة 26 رمضان سنة 635هـ.

    أ- شيء من سيرته:

    كان في أوقات السلم ينصرف إلى شؤون مملكته، فكانت له سلسلة من الأعمال المجيدة. نظم الشرطة والقضاء، وطبق القوانين العادلة التي وضعها الفقهاء، فشعر الضعيف بالحماية والطمأنينة بعدما فتح السلطان أبوابه لأصحاب المطالب لتلقي المظالم، فكان قريباً من شعبه. ويروي المؤرخون أنه كان يتوخى البساطة في المأكل و الملبس فيبدو في مظهره الخارجي كسائر الناس. يقول فيه لسان الدين بن الخطيب: "كان هذا السلطان آية في السذاجة والسلامة، عظيم التجلد رافضاً للدعة والراحة، مؤثراً التقشف بعيداً من التصنع، شديد الحزم، فظا في طلب حقه، مباشراً للحرب بنفسه يلبس الخشن ويؤثر التبدي".

    وكانت له أوقات يختلي فيها بنفسه ويتمشى في حديقة القصر يتأمل ويفكر ويقرأ، وكانت تبدو عليه مسحة من الحزن والكآبة ربما لأنه اضطر الى محالفة اعداء المسلمين ومعاداة أبناء دينه من العرب والبربر.

    من أعمال ابن الأحمر، إلى جانب بنائه القصر المشهور، أنه أنشأ مأوى للعميان ودار للعجزة، وبنى مستشفى كبيراً ونشر المدارس، وأعد المنازل للغرباء دون تمييز بين الأديان والقوميات، وكان يتفقد رعيته متستراً بعيداً عن مظاهر الابهة وعظمة الملك "وكان يعقد للناس مجلساً عاماً يومين في كل اسبوع ترتفع إليه الظلامات ويشافهه طلاب الحاجات وينشده الشعراء وتدخل إليه الوفود ويشاور أرباب النصائح في مجلس يحضر به أعيان الحضرة وقضاة الجماعة وأولوا الرتب النبيهة".

    كما اهتم بالحياة الاقتصادية فأقام المخازن للحبوب وسائر المواد الغذائية، وكانت توزع بأسعار عادلة "فتوفر ماله، وغصت بالصامت خزائنه، فأفعم الاهراء، وملأ بطن الجبل المتصل بمعقله حبوباً مختلفة". ولما ابتنى قصر الحمراء جلب له المياه التي اوصلها كذلك الى المدينة، فكثرت البرك والنوافير وسبل المياه والحمامات العامة، ومدّ الى سهول غرناطة قنوات الري التي مايزال بعضها قائماً حتى اليوم

    لقد نجح هذا السلطان في تأسيس دولة غرناطة في الأندلس وكان لقيام هذه الدولة وثباتها عدة أسباب منها:

    1- موقعها الجغرافي، حيث كانت في الزاوية الجنوبية لشبه الجزيرة الأندلسية التي قد تبدو منقطعة، حيث البحر من الجنوب والعدو من الشمال فكانت مملكة غرناطة أبعد مكاناً بالنسبة لمدن الأندلس للوقوع في يد عدو الأندلس من حيث الموقع ومن حيث قربها من بلاد المغرب وعدم وجود خط معادٍ أمام مسلمي غرناطة، يقف حائلاً دون إعانة المغاربة في الشمال الإفريقي لإخوانهم في الدين والعقيدة.

    2- ظهور دولة بني مرين في المغرب وكان من أهدافها الكبرى مواصلة الجهاد في الأندلس ولذلك لم تبخل بالوقوف بكل ماتملك من جهد لدعم مملكة غرناطة ضد النصارى في الأندلس، فقامت دولة بني مرين بالمرابطة والجهاد مع مسلمي الأندلس، فكان لهذا العمل الجليل أهمية بالغة في الحفاظ على الأندلس.

    3- هجرت المسلمين في الأندلس من مدنهم التي سقطت الى مملكة غرناطة واصبحت لهم ملاذاً يحتمون به ويلجئون إليه، فكثر في غرناطة أهل المهارات والكفايات والذين برعوا في كل الميادين العسكرية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والدينية، فأضافت إلى قوات غرناطة قوات أخرى تتطلع إلى أن تعيش عزيزة أبيه وتضع حضارة منبثقة من دينها وعقيدتها وتصورها وفكرها. للصمود أمام الغزاة النصارى، لقد كان للعقيدة الإسلامية والمعاني الإيمانية أثراً مباشراً في بقاء تلك الدول الصغيرة وصمودها وجهادها أمام ممالك النصارى الحاقدة.

    5- براعة حكام غرناطة في الاستفادة من الصراع بين ممالك النصارى وتقوية النزاعات بينها والتدخل في هذه النزاعات ومناصرة فريق على فريق آخر. وغير ذلك من الأسباب .




    [SIZE=6]
    [FONT=Traditional Arabic]كل العداوات ترجى مودتها*إلا عداوة من عاداك في الدين
    /*/*/*/
    لا يستقل العقل دون هداية*بالوحي تأصيلا ولا تفصيلا
    كالطّرف دون النور ليس بمدرك*حتى يراه بكرة واصيلا





  6. #6
    الإشراف العام
    الهزبر غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 3
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    المشاركات : 7,445
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 11
    البلد : أرض مسلمة
    الاهتمام : كل مافيه الخير لي ولامتي
    الوظيفة : مدرّس لغة عربية
    معدل تقييم المستوى : 25

    افتراضي


    [frame="7 10"]السلام عليكم

    ثانياً: جهاد المرينيين في الأندلس:
    تولى الملك في مملكة غرناطة بعد وفاة أبي عبدالله الغالب بالله، ابنه محمد الذي اتصف بخلال حسنة من القوة والعزم وبعد الهمّة، وسعة الأفق، مع علم وأدب، وكان شاعراً فقيهاً، حتى أنه دعي باسم "محمد الفقيه"، وفي أول عهده تحركت قوات نصارى قشتالة بقيادة الفونسو العاشر للقضاء على غرناطة وضمها تحت مملكة قشتالة، فاتجهت أنظار المسلمين في غرناطة إلى نصرت المرينيين في المغرب، فأرسلوا إليهم طالبين منهم الغوث والنجدة والمدد وتوالت الكتب على سلطان المغرب (أبي يوسف يعقوب المريني من أهالي غرناطة يستنصرونه ويستدعونه إلى الجهاد، فخرج أبو يوسف من مدينة فاس ملبياً دعوتهم، وقاصداً نصرتهم، في النصف من شهر رمضان المعظم سنة 673هـ فسار حتى نزل مدينة طنجة، فكتب منها إلى الفقيه أبي القاسم العز في صاحب سبتة يأمره بعمارة الأجفان الغزواتية حتى يركبها المسلمون المجاهدون لتسير بهم نحو الأندلس، ثم دعا ابنه أبا زيان وجعله على رأس خمسة آلف من خيرة المجاهدين وأعطاه مالاً وبنوداً وطبولاً وجهزه بكل ما يحتاج إليه، ثم عقد له لواء الجهاد، وأوصاه بتقوى الله في سره وجهره، ودعا له ووجهّه، وانصرف الأمير أبو زيان بجيشه من طنجة إلى قصر المجاز، فركب الأمير مع جميع جيوشه من قصر المجاز، فنزل مدينة طريف من سواحل بلاد الأندلس، وكان جوازه في 17 ذي الحجة 673هـ، فأقام أبو زيان بطريف ثلاثة أيام حتى استراح الناس والخيل من هول البحر، ثم قصد منها الجزيرة الخضراء فغنمها وواصل السير في بلاد العدو حتى وصل إلى شريش، وهو يغنم ويفتح مامرّ عليه من القرى والحصون والبروج، وتهاوت مقاومة الأسبان أمام جيشه المظفر وجمع في طريقه غنائم ضخمة وقفل بها إلى الجزيرة فدخلها، ففرح أهلها بدخوله، وارتفعت معنوياتهم وقويت نفوسهم وهكذا استطاع الأمير أبو زيان - حامل راية والده المنصورة - أن يعز الإسلام ويذل النصارى الحاقدين في الأندلس.
    وكانت غزوة أبي زيان غزوة ريادة واستطلاع، وعزم أبو يوسف يعقوب سلطان المرينيين على العبور بنفسه مع جيشه، فبعث سفارة يتزعمها حفيده تاشفين بن الأمير أبي مالك إلى يغمراس بن زيان أمير تلمسان يطلب منه الصلح والألفة واجتماع الكلمة لكي يجاهد في الأندلس وهو مطمئن على بلاده آمن عليها، فوافق يغمراس على مبدأ الصلح فتم الصلح بين بني مرين وبني زيان (بني عبدالواد) وأبعد الله عنهم التحاسد والتنافس والاقتتال وجمع الله كلمة الإسلام وألّف بين المسلمين.
    وسر أمير المسلمين أبو يوسف بذلك سروراً عظيماً، وتصدق بصدقات كثيرة، وكتب إلى زعماء بني مرين، وأمراء العرب، وشيوخ قبائل المغرب من المصامدة وجزولة وصنهاجة وغمارة وجاناته يستفزهم إلى الجهاد ثم ارتحل إلى قصر المجاز 674هـ وأخذ في إرسال المجاهدين إلى الأندلس بالخيل العتاق، والعُدة الكاملة والسلاح، فكان يبعث كل يوم قبيلة من بني مرين وطوائف من المطوّعين وقبائل العرب، فلما فرغ من إرسال بني مرين والعرب أخذ في إرسال أجناده، فكان الناس يجوزون فوجاً بعد فوج، وقبيلة بعد قبيلة، فكانت السفن والمراكب غاديات ورائحات آناء الليل وأطراف النهار، من قصر المجاز إلى طريف يزدحمون في ذلك المعبر.
    قال الشاعر: [/frame]




    [SIZE=6]
    [FONT=Traditional Arabic]كل العداوات ترجى مودتها*إلا عداوة من عاداك في الدين
    /*/*/*/
    لا يستقل العقل دون هداية*بالوحي تأصيلا ولا تفصيلا
    كالطّرف دون النور ليس بمدرك*حتى يراه بكرة واصيلا





  7. #7
    الإشراف العام
    الهزبر غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 3
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    المشاركات : 7,445
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 11
    البلد : أرض مسلمة
    الاهتمام : كل مافيه الخير لي ولامتي
    الوظيفة : مدرّس لغة عربية
    معدل تقييم المستوى : 25

    افتراضي


    السلام عليكم
    [poem=font="simplified arabic,6,purple,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
    فالمرسلات تسوق العاديات إلى =غزو العداة وتجويز صباحَ مَسا
    كأنما البحر أضحى للجياد مَدىً= وكل عُشبْة ماء حُوّلت فَرَسا
    كأنما اقترب البرَّان واتصلا=فصار ذاك طريقاً للورى يَبِسا[/poem]

    [frame="7 10"]فلما وصلت عساكر المسلمين بلاد الأندلس انتشرت بين مدينة طريف إلى الجزيرة الخضرة، جاز أمير المسلمين أبو يوسف في آخرهم في خاصته ووزرائه وخُدَّام دولته، ومعه جماعة من صلحاء المغرب، وكان جوازه يوم الخميس 21 صفر 674هـ وفي الأندلس تلقاه ابن الأحمر والرؤساء من بني اشقيلولة بعساكرهما، واهتزت الأندلس فرحاً وسروراً واستبشاراً بقدومه.
    وكان بين محمد الفقيه ابن الأحمر وبين اشقيلولة منافسة ومخاصمة
    وشحناء، فعمل أبو يوسف على إزالتها وأصلح بينهما، وتصافت القلوب وتعاهدوا على التقوى والجهاد ورجع محمد الفقيه إلى غرناطة لترتيب أمورها وسار بنو أشقيلولة إلى مالقة، ومضى المجاهد أبو يوسف بجيشه الجرار قاصداً جهاد النصارى، ولم يعقد، ولم يبال أو يكترث بمن سار عنه أو قعد أو أبطأ أو تخلّف، ولم تستطب جفونه مناماً، ولم يلتذ شراباً ولا طعاماً، ولم يزل يجد الرحيل، ويوالي المسير، حتى وصل إلى الوادي الكبير، فعقد هنالك لولده الأمير أبي يعقوب يوسف على مقدِّمته وقدَّمه بين يديه مع الأدلاء في جيش من خمسة آلاف فارس من شجعان بني مرين والعرب، فتقدم والدَهُ بمرحلة، وسار أبو يوسف في أثر ابنه في جميع جيوشه، فانتشرت عساكر المجاهدين في أرض الإسبان، ووصل إلى حصن المقورة مابين قرطبة واشبيلية ودخل حصن (بلمه) عنوة بالسيف، ثم سار إلى أحواز قرطبة ثم إلى إستجه.
    ووصلت الأخبار إلى أبي يوسف بتحرك حشود النصارى بقيادة "دونونة" في جيش كبير في ثلاثين ألف فارس، وستين ألف راجل قاصدين هزيمة جيش المسلمين وأخذ ما في أيديهم من الغنائم.
    [/frame]




    [SIZE=6]
    [FONT=Traditional Arabic]كل العداوات ترجى مودتها*إلا عداوة من عاداك في الدين
    /*/*/*/
    لا يستقل العقل دون هداية*بالوحي تأصيلا ولا تفصيلا
    كالطّرف دون النور ليس بمدرك*حتى يراه بكرة واصيلا





  8. #8
    الإشراف العام
    الهزبر غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 3
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    المشاركات : 7,445
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 11
    البلد : أرض مسلمة
    الاهتمام : كل مافيه الخير لي ولامتي
    الوظيفة : مدرّس لغة عربية
    معدل تقييم المستوى : 25

    افتراضي


    [frame="7 10"]

    السلام عليكم

    أ- مجلس الشورى الحربي :

    عقد أمير المسلمين أبو يعقوب مجلس شورى من قادة الأندلس وأشياخ قبائل مرين، وأمراء العرب، ومن في عسكره من الفقهاء والعلماء، ليشاورهم كيف يكون العمل في لقاء العدو المقبل إليهم وسمع أبو يوسف آراء الجميع، وأخذ أجودها، وأمرهم بالاستعداد للقاء العدو، والصبر والثبات عند اللقاء والتطلع إلى معية الله وماعنده من الأجر والمثوبة للمجاهدين في سبيله وبينما هم كذلك إذ نظر الناس إلى طلائع النصارى قد أقبلت نحوهم على بُعْدِ والرجال أمام الخيل ودونونه في وسط الجيش وكان ملك قشتالة حزمه بيده، وزوجه ابنته، وفوّضه على جيوشه وحروبه، وفوّض إليه الأمر في جميع بلاده وجنوده، وكان النصارى قد سعدوا به لأنه كان لم ينهزم قط، وكان وبالاً ودماراً ومصيبة على بلاد الإسلام، شديد الانتقام، ولايمل من القتل وسفك الدماء وسبي نساء المسلمين في كل الأوقات، فأقبل في كبرياءه وغروره تحت ضلال البنود وأصوات الأبواق تخفق على رأسه في جيش قد ملأ الأرض يموج كأنه الجراد، والرجال والرماة أمام الجيش كلهم قد شرعوا الحراب معتمدين على الكثرة ووفرة العدد.

    ب- ترتيب أبي يوسف لجيشه :

    أمر أمير المسلمين أبو يوسف بالغنائم فبعث بها مع ألف فارس وألف راجل من المجاهدين المطوعين إلى الجنوب بعيداً عن أرض المعركة، وتأخر هو ومن بقي معه من المسلمين مستعدين لقتال النصارى، ثم ترجَّل عن جواده فأسبغ وضوءه، وصلى ركعتين ثم رفع يديه وأقبل على الدعاء والمسلمون يؤمنَّون على دعائه فكان في آخر دعائه ما دعا به النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر للصحابة "اللهم انصر هذه العصابة وأيدها وأعنها على جهاد عدوك وعدوِّها" فأجاب الله تعالى دعائَه ورحم تضرعه وابتهاله، فلما فرغ من دعائه قام فاستوى على جواده، واستعد للقتال وجلاده، وعقد لولده الأمير الأجل يوسف على مقدمته، ونادى على المسلمين فقال: يا معشر المسلمين، وعصابة المجاهدين، أنتم أنصار الدين، الذابُّون على حماه والمقاتلون عِداه، وهذا يوم عظيم، ومشهد جسيم، له ما بعده، ألا وإن الجنة قد فتحت لكم أبوابها، وزينت حورها وأترابها، فبادروا إليها، وجدّوا في طِلابها، وأبذلوا النفوس في أثمانها، ألا وإن الجنة تحت ظلال السيوف، "وإن الله اشترى من المؤمنين انفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة" فاغتنموا هذه التجارة الرابحة، وسارعوا إلى الجنة بالأعمال الصالحة، وشمروا عن ساعد الجد في جهاد أعداء الله الكفرة، وقتال المشركين الفجرة، فمن مات منكم مات شهيداً ومن عاش منكم رجع إلى أهله سالماً غانماً مأجوراً حميداً، " اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون" "فلما سمعوا منه هذه المقالة، تاقت أنفسهم للشهادة، وعانق بعضهم بعضاً للوداع، والدموع تنسكب والقلوب لها وجيب وانصداع، وكلهم طابت نفسه بالموت، وباعها من ربه بالجنة قبل الفوت، وارتفعت اصواتهم بالشهادة والتكبير، وكلهم يقول عباد الله إياكم والتقصير، فتسابقت أبطال المسلمين نحو جيش الروم معتمدة على الحي القيوم"

    فالتقى الجمعان والتحم القتال، واشتد النزال، وعظمت الأهوال، وقسّم "دونونة" جيوشه إلى خمسة أجزاء، ليظهروا جموعاً متكاثرة، فكانت تقبل بجموعها، فيدفعهم المسلمون، وتتلقاهم سيوف المجاهدين، وحرابهم، وقلوب المجاهدين أثبت من الجبال الرواسي في ساحات الوغى وسيوفهم تحصد رقاب الإسبان، وقتل زعيم الإسبان "دونونة" كما قتل ولده وهزم جيشه وتكسَّرت أعلامه.

    لقد استطاعت الجيوش الإسلامية المتحدة بين المغاربة والأندلسيين بقيادة أبي يوسف يعقوب أن تحقق نصراً حاسماً في هذه المعركة التي أعادت ذكريات الزّلاّقة في زمن المرابطين، وذكريات معركة الأرَك في زمن أبي يوسف يعقوب المنصور الموحدي وبعد انتهاء المعركة رجع السلطان المريني منصوراً مظفراً إلى الجزيرة الخضراء للاستراحة ليعود إلى أراضي قشتالة وحاصر إشبيلية العاصمة التي طلبت الأمان والصلح فأجابهم وعاد إلى الجزيرة الخضراء عبر البحر إلى المغرب في أواخر رجب سنة 674هـ، بعد أن قضى حوالي خمسة شهور في الأندلس، وبعد أن ترك في الجزيرة الخضراء ثلاثة آلاف فارس لمعاونة إخوانهم الأندلسيين في رد اعتداء جند قشتالة ومن معهم.

    لقد كانت المعركة التي انتصر فيها السلطان المريني على الإسبان قرب إستاجة وظهرت ملكات أبي يوسف يعقوب المريني القيادية في النقاط التالية:

    1- الإهتمام بعنصر الإستطلاع حتى لا يفاجأه العدو ولذلك عقد لواءً لإبنه أبي يعقوب ليقدم جيش المسلمين لمراحل ثم يكون هو على أثره.

    2- ابعاده للغنائم عن ساحة المعركة حتى لاينشغل بها المجاهدون وحتى يتفرغوا لمجاهدة عدوهم وبذلك تحاشى الخطأ الذي وقع فيه المسلمون في معركة بلاط الشهداء وهذا يدل على نظر عميق في التاريخ واستخرج الدروس والعبر من صفحاته الماضية.

    3- صدق السلطان المريني في خطبته لجنوده والتي ألهب فيها المشاعر وحرك بواعث الفداء، ورغبهم في الشهادة، فرفعت تلك الخطبة الصادقة معنويات جند المسلمين، فجاهدوا صابرين محتسبين، طالبين للشهادة على الرغم من أن عدوهم أقبل عليهم بقوة فتية وقيادة مجربة لم تعرف الهزيمة ومهرت في الحروب وخططها.

    4- باشر الأمير المريني في هذه المعركة القتال بنفسه، وقتل عدداً من الإسبان بيده، وهذا يذكرنا بيوسف بن تاشفين ويعقوب المنصور الموحدي، اللذين صنعا نصر الزلاقة ونصر الأرك العظيمين.

    5- أرسل أبو يوسف أعلام النصارى المنكَّسة إلى أعلى منار "القرويين" ومنار جامع الكتبيين بمراكش ليعاينها المسلمون ولترتفع معنوياتهم وتتحطم هيبة النصارى من نفوسهم.

    لقد اهتز العالم الإسلامي فرحاً وسروراً بهذه الأخبار السارة، فتحركت قرائح الشعراء لتمجيد ذلك العمل العظيم، حيث أرسل ابن اشقيلولة كتاباً للتهنئة إلى السلطان المريني وفيه قصيدة من أبياتها:


    [/frame]




    [SIZE=6]
    [FONT=Traditional Arabic]كل العداوات ترجى مودتها*إلا عداوة من عاداك في الدين
    /*/*/*/
    لا يستقل العقل دون هداية*بالوحي تأصيلا ولا تفصيلا
    كالطّرف دون النور ليس بمدرك*حتى يراه بكرة واصيلا





  9. #9
    الإشراف العام
    الهزبر غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 3
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    المشاركات : 7,445
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 11
    البلد : أرض مسلمة
    الاهتمام : كل مافيه الخير لي ولامتي
    الوظيفة : مدرّس لغة عربية
    معدل تقييم المستوى : 25

    افتراضي


    السلام عليكم

    [poem=font="simplified arabic,6,purple,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]

    هَبَّت بنصركُمُ الرياحُ الأربَعُ=وسَرَت بسعدكُمُ النجوم الطُّلَّعُ
    وأتت لنصركم الملائكُ سُبَّقاً=حتى أضاق بها الفضاء الأوسعُ
    واستبشر الفَلَكُ الأثيرُ تيقُّناُ=أن الأمور إلى مرادك تَرْجع
    وأمدّك الرحمن بالفتح الذي=ملأ البسيطة نوره المتشعشع
    لِمَ لا؟ وأنْتَ بذلت في مرضاته=نفساً تُفدّيها الخلائق أجمعُ
    وأتيت تنصر دينه متوكلاً=بعزيمة كالسَّيف بل هي أقطع
    أين المفر ولا فرار لهارب=والأرض تُنْشَرُ في يديك وتُجْمَعُ
    فلقد كسوتَ الدين عزاً شامخاً=ولبست منه أنت مالا يُخْلعُ
    إن قيل مَنْ خيرُ الملوك بأسرها=فإليك يا يعقوب تومي الأصبَعُ
    [/poem]




    [SIZE=6]
    [FONT=Traditional Arabic]كل العداوات ترجى مودتها*إلا عداوة من عاداك في الدين
    /*/*/*/
    لا يستقل العقل دون هداية*بالوحي تأصيلا ولا تفصيلا
    كالطّرف دون النور ليس بمدرك*حتى يراه بكرة واصيلا





  10. #10
    الإشراف العام
    الهزبر غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 3
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    المشاركات : 7,445
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 11
    البلد : أرض مسلمة
    الاهتمام : كل مافيه الخير لي ولامتي
    الوظيفة : مدرّس لغة عربية
    معدل تقييم المستوى : 25

    افتراضي


    [frame="7 10"]

    السلام عليكم

    ت- الغزوة الثانية:

    عبر أبو يوسف يعقوب إلى الأندلس للمرة الثانية سنة 677هـ/1278م، وتوغل بجيشه في أراضي قشتالة إلا أن النصارى استطاعوا أن يصانعوا ابن الأحمر زعيم غرناطة وأن يكسبوه لجانبهم ودخل معهم في أحلاف ضرت بالمسلمين واضطر سلطان المرينيين أن يرجع إلى المغرب بجيشه واستمر ابن الأحمر في تصرفاته الشاذة وعقد تحالفاً مع ملك قشتالة، فسارا إلى أقصى الجنوب لاحتلال "طريف" مدخل الأندلس كلها، واشترط ابن الأحمر على ملك قشتالة أن يسلمه ثغر طريف.
    واستطاعت طريف أن تصمد أربعة أشهر إلا أنها اضطرت للخضوع والإستسلام، فطالب بها ابن الأحمر ملك قشتالة، فامتنع عن تسليمها، مع أن ابن الأحمر تنازل له مقابلها عدد من الحصون الهامة، فأدرك ملك غرناطة محمد الفقيه ابن الأحمر عندئذ خطأه الفاحش والمزلق الخطير في الركون إلى وعود ملك قشتالة، وفي مغاضبة المرينيين حلفائه الطبيعيين، واخوانه في الدين والمنهج والتصور والاعتقاد، فعاد يخطب ودّهم من جديد فأرسل الوفود من أجل الصلح مع المرينيين واعتذر عن مسلكه في شأن طريف، وأجابهم السلطان أبو يوسف المريني إلى طلبهم وبقي ملك غرناطة على عهده مع المرينيين حتى توفي - محمد الفقيه - في شعبان سنة 701هـ/ أيار مايو 1302 بعد حكم دام أكثر من ثلاثين سنة.

    ومما يذكر أن أبا يوسف المنصور أرسل ابنه الأمير أبا يعقوب في أسطول مريني ضخم في أوائل سنة 678هـ 1279م، وانتصر على الأسطول القشتالي وحرر الجزيرة الخضراء. ولما تم الصلح مع ابن الأحمر أصبحت مالقة قاعدة لبني مرين ومحطة لعبور جندهم إلى الأندلس للجهاد.
    عبر أبو يوسف المنصور - عبوره الرابع - في صفرسنة 684هـ إلى الأندلس، وجاهد في البر والبحر، وأرغم شانجة الرابع ملك قشتالة على طلب السلم، فأرسل شانجة وفداً من الأحبار يفوض السلطان المريني على مايراه ووضعت شروط أهمها مسالمة المسلمين كافة وعدم الاعتداء على الأندلس.

    توفي أبو يوسف يعقوب المنصور المريني سنة 685هـ/ 1285م، بعد حياة حافلة بالجهاد في المغرب والأندلس . هذه نبذة مختصرة عن حياته تغمده الله عز وجل برحمته :

    كان رحمه الله صواما قواما ، دائم الذكر ، كثير الفكر ، لا يزال في أكثر نهاره ذاكرا ، وفي أكثر ليله قائما يصلي ، وسبحته في يده لا يزايلها اكثر أوقاته مكرماً للصالحين ، كثير الرأفة والحنين على الضعفاء والمساكين ، متواضعا في ذات الله تعالى لأهل الدين ، متوقفا في سفك الدماء ، كريما جوادا ، وكان مظفَّرا منصورا الراية ، ميمون النقيبة ، لم تهزم له راية قط ، ولم يكسر له جيش ، ولم يغز قط عدوا إلا قهره ، ولا لقي جيشا إلا هزمه ودمَّره ، ولا قصد بلداً إلا فتحه.

    ولا ننسى أنه كان خطيبا يؤثر في نفوس جنده ، شجاعا مقداماً يبدأ الحرب بنفسه عليه رحمة الله .
    لقد كان من صنف يوسف بن تاثفين ، وأبي يوسف يعقوب المنصور الموحدي.

    قال عنه ابن كثير في وفيات عام 685 هـ : (أبو يوسف المريني سلطان بلاد المغرب ، خرج على الواثق بالله أبي دبوس فسلبه الملك بنظام مراكش ، واستحوذ على بلاد الاندلس والجزيرة الخضراء ، في سنة ثمان وستين وستمائة واستمرت ايامه إلى محرم هذه السنة ، وزالت على يديه دولة الموحدين بها)

    نتيجة للمصالح المشتركة بين بني مرين وبني الأحمر ملوك غرناطة استطاعوا ان يصلوا إلى نتائج حسنة ومهمة للتعاون المشترك والتنسيق العريض لرد الخطر النصراني القادم ، من مملكة قشتالة ولذلك رأت القيادتان المرينية والغرناطية ضرورة وضع قوات من المجاهدين في الأندلس للإقامة فيها ، ليكونوا على أهبة الاستعداد من اجل الجهاد والدفاع عن مسلمي الاندلس، فظهر ما يعرف في تاريخ الأندلس بمشيخة الغزاة وهذا تعريف أطلق على الجنود المرابطين للذود عن العقيدة والدين وأطلق على اسم زعيمها شيخ الغزاة.

    وتزعم بنو العلاء (من أقارب السلطان المريني) قيادة المشيخة ، وهو منصب عسكري تولى رياسة المشيخة عبدالله بن ابي العلاء حتى استشهد سنة 693هـ، فكانت لأخيه أبي سعيد عثمان بن العلاء.

    عن هذه المشيخة يذكر المقَّري في نفح الطيب أنه "لم يزل ملوك بن مرين يُعينون أهل الأندلس بالمال والرجال ، وتركوا منهم حصة معتبرة من أقارب السلطان بالأندلس غُزاة ، فكانت لهم وقائع في العدو مذكورة ، ومواقف مشهورة ، وكان عند ابن الأحمر منهم جماعة بغرناطة ، عليهم رئيس من بيت ملك بني مرين يسمّونه شيخ الغُزاة".

    توفي محمد (الثاني) الفقيه سنة 701 هـ (1301م) فخلفه ولده أبو عبدالله محمد الملقب بالمخلوع الذي خلع سنة 708 هـ ليتولى الحكم أخوه نصر وبويع وكان مجبولا على طلب الهدنة محبا للعلم وأهله يخط التقاويم الصحيحة ، ويصنع بيده الآلات الطريفة ، نازل طاغية قشتالة على الجزيرة الخضراء ، وطاغية أراغون في ثغر المريّة ، فهزم النصارى في المريّة ، وانتصروا عليه في الجزيرة الخضراء حيث سقط جبل طارق في أيديهم بعد حصارٍ طويل مضنٍ دام حتى آخر سنة 709 هـ .

    وفي عهد أخيه، ثم عهده حصل جفاءٌ وعداءٌ بينه وبين بني مرين حكّام المغرب بواسطة جواسيس النصارى المندسين بين المسلمين ، واستغل النصارى ذلك التنافر ، فشددوا على مملكة غرناطة الخناق ، فاضطر السلطان نصر بن محمد إلى دفع الجزيرة لهم فثار الشعب في وجهه ، وكان أن خلع سنة 713هـ ورشح الخارجون عليه للملك بدلا عنه: أبا الوليد إسماعيل بن فرج ، وحفيد إسماعيل بن يوسف أخي محمد يوسف راس الأسرة النصرية ، ومؤسس دولتها.

    [/frame]




    [SIZE=6]
    [FONT=Traditional Arabic]كل العداوات ترجى مودتها*إلا عداوة من عاداك في الدين
    /*/*/*/
    لا يستقل العقل دون هداية*بالوحي تأصيلا ولا تفصيلا
    كالطّرف دون النور ليس بمدرك*حتى يراه بكرة واصيلا





 

صفحة 9 من 10 الأولىالأولى ... 5678910 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. جولة وجولة !
    بواسطة mego650 في المنتدى كشف تدليس مواقع النصارى
    مشاركات: 21
    آخر مشاركة: 2010-10-10, 05:06 AM
  2. قال أن البابا "عامل دولة داخل دولة وماشي بالذراع
    بواسطة جمال المر في المنتدى الحوار العام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 2010-09-25, 02:15 PM
  3. أبو دومة
    بواسطة mego650 في المنتدى كشف تدليس مواقع النصارى
    مشاركات: 32
    آخر مشاركة: 2010-09-23, 10:19 AM
  4. جولة في بحار الحزن
    بواسطة طائر السنونو في المنتدى الحوار العام
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 2010-05-12, 04:29 PM
  5. جولة حول العالم
    بواسطة ذو الفقار في المنتدى التواصل واستراحة المنتدى
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 2008-05-08, 04:08 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
RSS RSS 2.0 XML MAP HTML