عمَّار بن عمر بن المختار حدثني أبي حدثني غالبٌ القطَّانُ قال : أَتَيْتُ الكوفة في تجارة ، فنزلت قريبًا مِنَ الأعمش ، فلما كان ليلة أردت أن أَنْحَدِرَ ، قام فتهجَّدَ من الليل ، فمرَّ بهذه الآية : ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ . . . ﴾(1) ، ثُمَّ قال الأَعْمَشُ : وأنا أشهد بما شَهِدَ اللَّهُ به ، وَأَسْتَوْدِعُ اللَّهَ هذه الشَّهادة ، وهي عند اللَّه وَدِيعَةٌ ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ ﴾، قالها مِرارًا ، قلتُ : لقد سمع فيها شيئًا(2) ، فغدوت إليه فودَّعتُهُ ، ثمَّ قلت : يا أبا محمَّد ، إني سمعْتُكَ تُرَدِّدُ هذه الآية ، قال : أَوَ مَا بَلَغَكَ مَا فيها(؟) قلت: أنا عندك منذ شهر لم تحَدِّثْني ، قال : واللَّه لأُحَدِّثَنَّكَ بها إلى سنة ، فأقمت سنة فكنت على بابه(3) ، فلمَّا مضت السنة ، قلت : يا أبا محمَّد ، قد مضت السنة ، قال : حدَّثني أبو وائل عن عبد اللَّه قال : قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : يُجَاءُ بصاحبها يوم القيامة ، فيقول اللَّه عزَّ وجلَّ : عبدي عَهِدَ إليَّ ، وأنا أَحَقُّ مَنْ وَفَّى بالعهد ، أدخلوا عبدي الجنَّة(4).
ـــــــــــ
(1) سورة آل عمران الآيتان : ( 18 ، 19 ).
(2) أي في فضلها.
(3) وهذا ما جرى به عمل كثير من السلف حال الطلب أنهم يقيمون على أبواب مشايخهم الأعوام الطوال ، وسنين عدداً ، يلتمسون العلم ، ولا يبالون بمر الدهر ، وكَرِّ الجديدين ، وعصف الريح ، بصرصره ، وسوافيه ، والنوم على عتبه الباب الغير مريح ، وفيه شيئان : الصبر ، والحرص.
(( قال ابن القاسم : كنت أسمع من مالك كل يوم غَلَساً إذا خرج من المسجد ثلاثة أحاديث ، سوى ما أسمع مع الناس معه بالنهار ، وفي رواية : كنت آتي مالكاً غَلَساً ، فأسأله عن مسألتين ثلاثة أربعة ، وكنت أجد منه في ذلك الوقت انشراح صدر ، فكنت آتي كل سحر، فتوسدت مرة في عتبته فغلبتني عيني ، فنمت وخرج مالك إلى المسجد فلم أشعر به ، فركضتني سوداء له برجلها وقالت لي : أن مولاك قد خرج ليس يَغْفُلُ كما تَغْفُلُ أنت ، اليوم له تسع وأربعون سنة ما صلى الصبح إلا بوضوء العتمة ، ظنت السوداء أنه مولاه من كثرة اختلافه إليه ، وفي جزء آخر أنخت بباب مالك سبع عشرة سنة ، ما بعت فيها ولا اشتريت شيئاً)).اهـ من (( ترتيب المدارك )) للقاضي عياض.
(4) أخرجه الطبراني في ( المعجم الكبير / 10301 ) ، وابن عدي في : ( الكامل في الضعفاء / ترجمة عمر بن المختار ) ، والبيهقي في : ( شعب الإيمان / 2414 ) ، والحافظ ابن عبد البر في : ( جامع بيان العلم وفضله )( باب الحض على استدامة الطلب ، والصبر على اللأواء والنصب ).
قلت : قال ابن عدي في : ( الكامل ) : ( عمر بن المختار بصري يحدث بالأباطيل ).اهـ
وقال البيهقي في : ( الشعب ) : ( عمار بن عمر بن المختار عن أبيه ضعيفان وهذا لم يأت به غيرهما والله أعلم ).اهـ
قلت : فالحديث باطل لا يثبت ، مع ما في متنه من اضطراب فمرة قال : (( أنا عندك منذ شهر )) ، في رواية الطبراني ، وابن عدي ، ومرة قال : (( أنا عندك منذ سنة )) ، في رواية ابن عبد البر ، ومرة قال : (( فأقمت سنة فكنت على بابه )) ، ومرة قال : (( فأقمت وكتبت على بابه ذلك اليوم )) ولعل الرواية الأولى تصحيف.
والشاهد من الحديث هي همة غالب القطان في طلب العلم ، وحرصه عليه ، وصبره على تحصيله ، وهو ثقة صدوق ، مع عدم ثبوت القصة إلا إن همم السلف وما ورد عنهم في ذلك ؛ تصدق همة غالب القطان فأَنْ يصبر نفسه على باب شيخه سنة ، من أجل أن يتعلم ما ورد في فضل آية ، ويترك تجارته لذلك ؛ هذا ليس ببعيد عن همتهم فلله درهم فقد تركوا من أجل العلم الغالي والنفيس

الشيخ الاديب ابو عبيد العمروني

lk wfv hguglhx >>> wfv ktsi skm lk H[g Ndm