امرأة تفقد الإحساس بقدميها الزمان
وهذه امرأة فقدت الإحساس بقدميها وساقيها ؛ تمشي بغير أقدام ، وظلت على هذا خمسة وعشرين عاماً ، أي ربع قرن من الزمان ، وفي أحسن أحوالها أنها تقوم على قدميها لتخدم زوجها ، وتقوم ببيتها ، وكثيراً ما تغلبها أقدامها فلا تستطيع القيام.
جاءتني المرأة بصحبة ابن لها فوق الثامنة عشرة ، متحجبة ، محتشمة ، تُظهر الحياء ، في بداية العِقْدِ الخامس ، وصفت حالها ، وما تجد ، ومتى بدأ معها ،
وأنه في بداية زواجها.
أردت أن أتأكد أنها فعلاً لا تحس بقدميها ؛ فطلبت من الأخ المساعد أن يضرب القدمين وبشدة ، فما أحست شيئاً ؛ فطلبت منه أن يكرر الضرب وفي مواضع شتى ؛ فما أحست بألم الضرب ، فطلبت منه عند ذلك أن يمسها بالكهرباء مساً رفيقاً ، فما أحست أيضاً شيئاً (!) فقلت له :
ضعها الآن في قدميها ولا ترفعها حتى أقول لك.
ووضع الكهرباء في قدميها وسألتها : هل تجدين الآن شيئاً(؟) فقالـت : أحس بدبيب كدبيب النمل(!) فطلبت من المساعد أن يغاير في المكان ، وأن يديم وضعها زمناً طويلاً وأخذت أشير له بيدي ، وهو يفعل ؛ والمرأة على حالها كما هي (!) رفعنا الكهرباء . . وقد تبين لي بعد الاختبار ، والأسئلة التي طرحتها عليها أنه الجن ؛ لأن الجن ليس بموصل للكهرباء ؛ وأنه يسكن الجزء السفلي ،
وقد جاءها بسحر.
أعطيتها أشرطة ، وزيتاً مرقياً ، وماء كذلك ، وأمرتها أن تستمع الأشرطة كل يوم ، وتدهن بالزيت قبل النوم كل ليلة ؛ وأن تبالغ فيه على القدمين ، وأن تمسح بدنها بالماء كل يوم ثلاث مرات ،
وضربت لها موعداً بعد أسبوع.
وبعد أسبوع جاءت المرأة ؛ وما إن جلست بين يدي للرقية حتى غابت عن الوعي ؛ وسمعت أنين مريض شاك ، ثم زاد الأنين ؛ فقلت بشدة وغضب : تكلم؛قل من أنت(؟) وإذا بالجني يجيب بصوت مذعور ، ملأه الرعب ، وأضعفه المرض :
(( أنا محمد ، أنا محمد ))
(!)
فقلت : إذن أنت مسلم
(؟!)
فقال :
(( أنا مسلم ))
.
فقلت : أما سمعت يا محمد حديث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم :
(( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده )) ؛ فلم يجب ، فقلت : لماذا جئتها
(؟)
فقلت : ولكن يا محمد هذا حرام ، ولا يجوز ؛ فلاذ بالصمت ولم يجب ، فقلت : لماذا سحرت
(؟)
فقال :
(( لكي يطلقها زوجها ))
.
فقلت : ولكن زوجها لم يطلقها
(!)
فقال : (( فشلت ؛ كانت وسيلتي أن أشل قدميها ، وأقعدها عن خدمة البيت ؛ ومع ذلك رضي بها ولم يطلقها ))
.
فقلت : منذ متى وأنت معها
(؟)
قال : (( منذ خمسة وعشرين عاماً ))
(!)
قلت : وأين تسكن في بدنها
(؟)
فقال : (( في القدمين ))
.
فقلت :
الآن ستخرج.
فقال : (( لا لن أخرج ))
.
فقلت : إن لم تخرج بإرادتك ؛
ستخرج بالقوة.
فقال : (( لن أخرج أبداً )) ؛ فشددنا عليه بالكهرباء ؛ والذي لا إله غيره دار بيننا صراع جعلناه فيه يمشي على رأس بلا قدم ، من شدة الكهرباء (!) فلا قبل له بها ،
ولا يجد له منها ملاذاً.
ثم أفاقت المرأة ـ وقد كانت في غيبوبة تامة ـ وأخذت تسأل : (( أين أنا )) (؟!) ماذا حصل (؟) فقلت لها : لا بأس عليك ؛ أنت بخير ، ثم وكأنها أحست الحرارة تسري في قدميها ، والحياة تدب في ساقيها ؛ فاستأذنت ، وقامت تمشي ، وأخذت تذهب ، وتعود ، ثم تذهب ، وتعود ، وأخذت تضرب الهواء بقدميها كأنها تركل جنـها الذي أشقاها (!)

ونحن جميعاً ننظر إليها بأبصار لا ترى غيرها ، ومقل لا تبصر إلا طيرها(!) ثم صرخت المرأة ، وقفزت في الهواء من الفرحة الغامرة التي داخلتها وملأت جوانحها ، بعد خمسة وعشرين عاماً ؛ تحس أن لها أقداماً
(!)
وانصرفت إليَّ بوجهها بعد أن صرف اللَّه عن قدميها البلاء ؛ وأخذت تُشَنِّـفُ أُذُنيَّ بعبارات الـثناء ، وما لي عند اللَّه من حسن الجزاء ،
يوم اللقاء.
ــــــــــ

(1) الجنة من الجنة.الشيخ ابوعبيد العمروني


hlvHm jtr] hgYpshs fr]ldih vfu rvk lk hg.lhk