حكايتي مع زكريا بطرس ـ فراج إسماعيل
الاربعاء, 16 سبتمبر, 2009
لا أحب منطق التجاهل تقزيما لجهة ما وتقليلا من شأن تأثيره على طائفة من المسلمين المفتقرين للعلم وللقدرة على المناقشة، ومن هنا تأسفت كثيرا من تجاهل علمائنا للقس زكريا بطرس الذي لم يشهد الاسلام في تاريخه القديم والحديث أحدا يتهجم عليه وعلى الرسول صلى الله عليه وسلم بمثل اسفافه وأكاذيبه التي يكذب بها على الناس قائلا إنها ليست من عندياته بل من أمهات الكتب الاسلامية ومما كتبه طفاحل الأوائل المتبحرون في أصول الدين وفروعه.
تأسفت لأنني أدرك أنه يكذب عندما يتحدى أحدا أن يواجهه بما يقوله، أو يقف أمامه كما كان الراحل الكبير الشيخ أحمد ديدات يناظر المشككين في الاسلام من كبار القساوسة، داحضا بعلمه كل افتراءاتهم.
لو كان ديدات حيا وبصحته وحيويته، ما ترك بطرس يفعل ما يفعله حاليا من خلال قناته الفضائية وغرف البال توك على الانترنت، حتى أنه أدعى مرة أنه خبير بأسرار اللغة العربية أكثر من القرآن الكريم، وراح يزعم وجود أخطاء نحوية في بعض الآيات، وكلها لا أساس لها، وتدل على أنه مفتر يختلق أكاذيب، ثم يتحدى بها مفتونا بنفسه، وهو يعرف أنه يتبع في استديو قناته الفضائية، أسلوب المناظرة الأحادية الجانب مخاطبا نفسه مستخدما مصادر إسلامية، دون التطرق إلى مدى اعتماد ما يستدل به عند علماء الاسلام من حيث شذوذ الرأي المعروض أو رواجه، أو صحة الحديث النبوي أو ضعفه عند علماء الحديث، وينتقي بعض الأحاديث من كتب التفسير التي تحتوي على الكثير من الأحاديث المردودة سواء كانت ضعيفة أو موضوعة وعلى الكثير من الاسرائيليات.
لكنه اختار صناعة الاعلام ليروج بها لأكاذيبه، ولم يحصرها في كنيسة أو دير أو على مجموعة من ضعاف الايمان من المسلمين، وهنا يكمن الخطر الذي تجاوز عنه علماؤنا واعلامنا وبعض الناس الذين يقولون بمنطق التجاهل.
قليلون سعوا لمحاورته فتهرب منهم فعرفوا أنه يستغل الاعلام للتأثير ويتحدى من خلال الفراغ ومن وراء حجاب، ومن هؤلاء أبو اسلام أحمد عبدالله، الذي يشكل لزكريا بطرس هاجسا مرعبا، فهو يجيد أسرار البال توك، يظهر له فيها على غير موعد، يتحدث إليه بالعقل والمنطق والهدوء من غير شتائم أو ضيق من الحوار.
ومع أبو اسلام مجموعة من الشباب الدارسين لعلم مقارنة الأديان، كانوا يشددون عليه الحصار، فلا يملك أن يكرر ما يقوله في قناته التليفزيونية أو أن يصمد أمامهم بشأن مفترياته، وقد فوجئت بذلك الفتاة المتنصرة من جامعة حلوان التي تحدثت عنها في مقالي السابق فقالت له: لقد خذلتني.. بعد أن كانت تصدق كلامه وتعتبره عالما أرثوذكسيا أوتي من الحقيقة والعلم وقوة المنطق ما لم يؤت لغيره!
لكنه في التليفزيون شيئ آخر، ضامن أنه لن يدخل عليه من يحاججه، عندما يحرك رأسه يمينا وشمالا، متعاليا متحديا خابطا على كتب أمامه، بأنه لا يقول شيئا من عنده.. هذه كتبكم!!
شعرت بالفعل بالاستفزاز الشديد.. خاصة عندما يأتي علماؤنا ناصحين بالتجاهل، وعندما نكتفي بالقول إن رئاسته الكنسية شلحته بسبب أسلوبه في مخاطبة المسلمين!
سعيت لمتابعته كاعلامي من واقع أننا كاعلاميين معنيين بصناعة الاعلام وبتأثيراته وردود فعله. وشعرت دائما أن الخطأ منا هو تهميشه وتجاهله، خصوصا أنه في الحقيقة لا يملك أي علم أو قوة حجة، وما يردده كلام في الهواء.
وأكبرت في أبو اسلام أحمد عبدالله أنه لم يفقد أعصابه ولم يشتمه ولم ينزل إلى إلى المستوى الذي ينطلق منه ذلك القس، عندما يرد عليه القول بالقول مقارنا بين الاسلام والمسيحية.
سألت نفسي مرة: هل زكريا بطرس يعاني من أمراض نفسية تجعله يشتم بهذه الطريقة الاسلام ورسوله ويتحدث عن فريضة الحج باسفاف وتدن؟!
قبل سنوات عديدة وقبل أن تثير تهجماته كل هذا الغضب في العالم الاسلامي، بحثت في ملفه، عندما كان يعمل في الكنائس المصرية، اكتشفت أن رئاسته الدينية لم تشلحه بسبب أسلوبه، وإنما بسبب أخلاقي عندما كان يعمل في كنيسة مار مرقص بالقاهرة، والتي كانت آخر عهده بالعمل الكنسي في مصر، وأنه قضى أربعة أيام في سجن طرة عام 1989، وقد قال لي عندما نجحت في محاورته أنه قضى هذه الأيام بلا طعام أو شراب.
لم يقل لماذا حل ضيفا على سجن طرة أياما أربعة فقط، لكن الظاهر أنه يلمح لأسباب دينية سياسية، متحدثا عن دخوله معتقل المرج عام 1981، وهي التي يقول إنها كانت حوالي سنة، ربطته خلالها علاقة وطيدة بالداعية الشهير الشيخ أحمد المحلاوي الذي كان إماما لجامع الرمل بالاسكندرية، ومن ضحايا قرارات التحفظ الشهيرة التي أصدرها الراحل أنور السادات في ذلك الوقت، فقد أصيب بطرس بمغص كلوي نقل على أثره لمستشفى قصر العيني، حيث وجد المحلاوي مقيما هناك أيضا، ومما قاله لي بطرس عن ذلك "جمعنا هم واحد فوثق علاقتنا".
لا يمكن للمحلاوي أن يوثق علاقته بقس يسب الاسلام بعنف وتقزز واسفاف، وهذا يعني أن بطرس لم يكن قد وصل إلى الحالة التي تحول إليها قبل تركه مصر، ربما شملته قرارات التحفظ لأنه كان من رجال الكنيسة بقيادة البابا شنودة الذين حاولوا اشعال الفتنة الطائفية، والتي وصلت حدتها إلى تهديد السادات في خطابه آنذاك باتخاذ اجراء لم ينفذه بسبب توسل "ابنة مسيحية" على حد قوله.
ويبدو أن الأسباب الاخلاقية التي أدت إلى شلحه وخروجه من مصر عام 1989 هي نفسها التي تكررت عندما عمل في إحدى الكنائس القبطية باستراليا، فخرج منها وعمل في كنيسة السيدة العذراء ببرايتون في المملكة المتحدة وهو آخر مكان عمل فيه رسميا قبل أن يقرر البابا شنودة وقفه وعدم التصريح له بالخدمة في أي ايباراشية أخرى إلا باذن مسبق.
وقد تكشفت تلك الأسباب مؤخرا في وثائق نشرتها صحيفة الفجر المصرية، والتي تبين من خلالها أن شلحه هذه المرة تم بطلب من القيادة القبطية في استراليا التابعة لرئاسة البابا شنودة، وليس من بينها أسلوبه الديني وتهجماته على الاسلام.
عندما طلبت بواسطة أحد الأصدقاء من أقباط المهجر محاورة زكريا بطرس، كنت أدري أن ذلك سيثير غضبا شديدا واتهامات عنيفة لشخصي، لكنني صممت على المحاولة، فأنا معني بصنعة الاعلام والوصول إلى ما خفي من الأشياء والأشخاص، مدركا أيضا أن زكريا بطرس ظاهرة لا يجب تجاهلها لأنه تحول في نظر أهل دينه من المصريين إلى رمز وعبقرية في اظهار ما يروج له بأنها ثغرات في الاسلام.
كنت أدرك أنه سيبحث في أرشيفي من خلال "جوجل" وسيعرف أنني كتبت عن قصة شلحه من كنائس مصر، والوحيد الذي ذكر يومها أن وراءها أسباب أخلاقية.
فوجئت أن القس الذي يطلب في كل تهجماته على الاسلام المواجهة المباشرة، يهرب من لقاء مباشر معي ويصر على أن يتلقى الأسئلة مكتوبة ويجيب عليها ويرسلها، واستغرقت محاولاتي معه بواسطة ذلك الصديق شهرين دون فائدة.
أنا بطبعي مثابر، لا أتوقف عن المطاردة لهدفي، لكنني لم أنجح معه، فقد خططت لاخراجه من صومعة قناته الفضائية التي يناظر فيه نفسه، إلى قناة فضائية عربية يناظر فيها باحثا أو دارسا مسلما.
في الأخير قبلت بأن أرسل له أسئلتي وأن يجيب عليها ويعيد ارسالها لي، ولكن ذلك أيضا استغرق وقتا طويلا بحجة أنه في المانيا ولا يوجد عنده وقت. كل هذا بواسطة الصديق ولم يتحدث لي أو أسمع صوته مرة واحدة.
خططت هذه المرة أن أنشر اجاباته بلا حذف كلمة واحدة إلا اذا تضمنت اسفافا، وأن يدخل في اليوم التالي أبو اسلام أحمد عبدالله ليرد عليه، ثم تتولى قناة فضائية استضافتهما على الهواء، مع آخرين من الباحثين الأقباط والمسلمين.
وعندما وصلتني اجاباته، رأيت أنه تجاهل بعض الأسئلة، وتكلم بشكل هادئ متمنيا العودة لمصر، قائلا إنه لا يقصد استفزاز المسلمين ولا يبشر بالمسيحية، وإنما يتكلم فقط عن شخص السيد المسيح المذكور في القرآن الكريم ذكرا حسنا.
لكنه قال كذلك إن تساؤلاته عما في الكتب الاسلامية ليست استفزازا.. ثم أضاف: أرجو أن تكون تساؤلاتنا فرصة لأصحاب الفضيلة أن يوضحوا لنا ولكل المتسائلين حقائق الأمور التي نسأل عنها.
وهنا وجدت أن أمنحه فرصة معرفة حقائق الأمور التي يعنيها ومناقشة أصحاب الفضيلة تليفزيونيا..
http://www.almesryoon.com/ShowDetail...Page=14&Part=5p;hdjd lu .;vdh f'vs J tvh[ Yslhudg
المفضلات