معركة عين وردة
تمثل حادثة كربلاء ومقتل الحسين رضي الله عنه فيها، نقطة فاصلة في حياة المسلمين عمومًا وأهل العراق خصوصًا، ذلك لأن هذه الحادثة المفجعة أدت لظهور حركات كثيرة بعدها تدثرت بعباءة الحسين رضي الله عنه، وهو منها براء، كما أن هذه الحادثة أورثت أهل العراق ذنبًا لا يمكن محوه أو نسيانه عبر القرون، وهذا الذنب هو تخلفهم عن نصرته بعد أن طلبوا منه القدوم إليهم.
في سنة 64هـ اجتمعت الشيعة في الكوفة ـ والشيعة وقتها لا علاقة لها مطلقًا بشيعة اليوم ـ على الصحابي الجليل سليمان بن صرد الخزرجي، وكان من فضلاء الصحابة وزهادهم، وتحالفوا وتقاسموا على الأخذ بثأر الحسين وذلك تكفيرًا منهم عن ذنبهم الثقيل، وقرروا الخروج لقتال ابن زياد وقتلة الحسين، ولو ذهب في ذلك كل ما يملكون من نفس وولد ومال، وأطلقوا على أنفسهم التوابين كناية عن توبتهم من ذنبهم المعروف.
أقبل الناس من كل أنحاء العراق ينضمون لهذه الثورة، فازداد التوابون وزعيمهم سليمان بن صرد نشاطًا وحماسًا وعزمًا، وأراد الشيعة استعجال الخروج ولكن سليمان ثبطهم حتى لا ينكشف أمرهم بسرعة, لكن تطور الأحداث بعد موت يزيد بن معاوية ومبايعة الأمصار لابن الزبير، وظهور شخصية المختار الثقفي المشهور باسم «الكذاب» والذي شق صف الشيعة، كل هذه الأمور دفعت «سليمان بن صرد» لأن يعلن ثورته في 5 ربيع ثان سنة 65هـ ويطلق صيحته الشهيرة «يا ثارات الحسين» وهي أول مرة ينادى بهذه الصيحة في بلاد العراق، ولكن التوابين فوجئوا بأن الاستجابة الفعلية كان ضعيفًا, فرغم الآلاف الذين تعاطفوا مع الحركة وأبدوا استعدادهم للانضمام عند الحركة الفعلية لم ينضم سوى أربعة آلاف، وحاول العقلاء منع سليمان من الخروج بسبب ضخامة جيش ابن زياد وأهل الشام ولكن سليمان أصر على الخروج بعدما يئس من وصول المزيد من المتطوعين.
قبل الخروج للقتال اجتمع التوابون عند قبر الحسين وأخذوا في البكاء والنحيب وخطبهم سليمان خطبة بليغة، ثم قاموا بتوديع قبر الحسين في مشهد جنائزي كبير يمثل الإرهاصة الأولى للبدعة الشنيعة الفظيعة التي يقوم بها الشيعة الآن يوم كربلاء [10 محرم من كل سنة]، ثم تقدموا لقتال أهل الشام عند منطقة «عين ورد» ـ في سوريا الآن ـ وكان جيش الشام أربعين ألفًا وجيش التوابين أربعة آلاف، وفي يوم 22 جمادى الأولى سنة 65هـ التقى الجيشان في حرب غير متكافئة ورغم شجاعة وبطولة التوابين انتهت المعركة بهزيمتهم وانتهاء ثورتهم بعد مقتل زعيمهم سليمان بن صرد رضي الله عنه, وقد نال جيش الشام خسائر كبيرة أيضًا، ولقد أدت هذه الثورة وهذه المعركة لظهور حركة المختار الثقفي الكذاب المعروف برجل الفتنة الكبرى, وفي أيامه ظهرت معظم ضلالات الشيعة وبدعهم.
1] راجع ما يلي: تاريخ الطبري، الكامل في التاريخ، البداية والنهاية، محاضرات الخضري
مفكرة الاسلامluv;m udk ,v]m
المفضلات