ماحكم تبرع المسلم للكنائس؛ لإنشائها أو ترميمها أو توسيعها أو لسائر خدماتها بحجة أنها مكان لعبادة الله؟
الحمد لله ، وبعد :
الكنائس معابد النصارى، وقد كان لها حرمة قبل حدوث الشرك في الملة النصرانية وتبديل دين المسيح ، لأنها كانت يُعبد فيها الله وحده ويذكر فيها اسمه، وكانت تسمى البِيَع، وقد ذكرها الله في كتابه وقرنها بالمساجد في قوله تعالى: (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا)، وبين سبحانه أن هدم هذه المعابد فسادُ الأرض، : (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين)، وأما بعد تبديل النصارى لدين المسيح وتأليههم للمسيح وأمه عليهما السلام و تدينهم بعقيدة الصلب فقد تحولت كنائسهم إلى مواضع للشرك بالله؛ ففيها ترسم الصلبان وتنصب، ويصور المسيح وأمه عليهما السلام على جدرانها، فتبدل التوحيد فيها شركا والإيمان كفرا، ففقدت بذلك حرمتها، فلا حرمة لها في الإسلام، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الكنائس: "ليست بيوتَ الله، وإنما بيوت الله المساجد، بل هي بيوت يكفر فيها بالله، وإن كان قد يذكر فيها؛ فالبيوت بمنزلة أهلها، وأهلها كفار، فهي بيوت عبادة كفار" (مجموع الفتاوى 22/162)، وقال رحمه الله: "من اعتقد أن الكنائس بيوت الله، وأن الله يُعبد فيها، أو أن ما يفعل اليهود والنصارى عبادة لله وطاعة له ولرسوله صلى الله عليه وسلم أو أنه يحب ذلك أو يرضاه فهو كافر، لأنه يتضمن اعتقاد صحة دينهم، وذلك كفر"، (كشاف القناع 14/232) وقال: "من اعتقد أن زيارة أهل الذمة كنائسَهم قربة إلى الله فهو مرتد، وإن جهل أن ذلك محرم عرِّف ذلك، فإن أصر صار مرتدا" (كشاف القناع 14/232)، انتهى كلامه رحمه الله، ووجهه أن هذا الاعتقاد يناقض مادل عليه قوله تعالى: "إن الدين عند الله الإسلام" وقوله سبحانه: "ومن يبتغ غير الإسلام فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين" فإن هاتين الآيتين تدلان على بطلان كل دين سوى دين الإسلام وأن كل من دان بغير الإسلام فهو يوم القيامة من الخاسرين، والإسلام هو شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، فمن لم يؤمن به فليس بمسلم وإن مات على ذلك كان من أهل النار، كما قال صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار" رواه مسلم.
ولا يشكل على هذا أن المسلمين لما فتحوا الشام ومصر وغيرهما من البلاد النصرانية صالحوا أهلها، وعقدوا لهم الذمة وكان من موجَب ذلك إقرارهم على دينهم، وإقرار ما بأيديهم من كنائسهم، وكان من الشروط العُمَرية عليهم أن لا يحدثوا كنائس جديدة، ولا يعيدوا بناء ما انهدم منها مما هو بأيديهم وقت عقد الذمة، ولا يظهروا شعائر دينهم بين المسلمين من ضرب ناقوسهم أو قراءة كتابهم، فهذا لا يشكل حيث اتفق المسلمون على أن إقرارهم على دينهم لا يدل على صحته، ومن ظن ذلك فهو جاهل بحقيقة الإسلام، وحقيقة دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم.
فعلم مما تقدم أن الإعانة على بناء الكنائس وترميمها وتوفير خدماتها والوقف عليها حرام لأن ذلك من الإعانة على الإثم والعدوان بل على أعظم الإثم، وهو الشرك بالله وتكذيب رسله، وهو من جنس الإعانة على بيوت النار التي للمجوس، ومن اعتقد أن ذلك قربة يحبها الله كان مرتدا، لأنه يتضمن تصحيح دينهم، وقد : "ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين" وقال العلامة ابن القيم رحمه الله: "وأما الوقف على كنائسهم وبيعهم ومواضع كفرهم التي يقيمون فيها شعار الكفر فلا يصح من كافر ولا مسلم؛ فإن في ذلك أعظم الإعانة لهم على الكفر والمساعدة والتقوية عليه، وذلك مناف لدين الله" (أحكام أهل الذمة 1/302).
هذا والحمد لله على نعمة الإسلام، ونسأله تعالى الثبات عليه حتى نلقاه به، إنه سميع الدعاء، وصلى الله وسلم على محمد.
http://albrrak.net/index.php?option=com_ftawa&tas k=view&id=34258&catid=&Itemid= 35lhp;l jfvu hglsgl gg;khzs ?
المفضلات