منظومة آثار

آثار- أطلال - رسوم - علامات - آية ....الفرق بينهم



آثار : أثر الشيء حصول ما يدلّ عليه وهو كل شيء تركه الأولون والآخرون شرط أن يكون على نفس الحال الذي تُرك عليها. والآثار هي كل ما يدلّ على وجود شيء مسبق على شرط أن يكون كما هو على حقيقته،

(فانظر إلى آثار رحمة الله) أي كاملة موجودة وعليك أن تتأمل فيها لتنتقل إلى ما يريد الله تعالى أن تنتقل إليه

وتقال للطريق المستدلّ به على من تقدّم (قَالَ هُمْ أُولَاء عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى) سورة طه آية 84.



ولا يقال مثلاً لقصر من القصور القديمة أثراً إلا إذا كان ما زال على حاله مثل الأهرامات وغيرها من الآثار التي ما زالت على نفس الحال التي تركت عليه مع مرور الزمن. وكل شيء تركه لك أبوك فهو أثر.




والآثار تشمل أيضاً كل أحوال الأمم السابقة من ديارهم وقصصهم المسموعة والمشاهدة وقد وُظّفت هذه في القرآن الكريم في سبيل العبرة والعظة والصبر على الإيمان والثبات وفي القرآن الكريم شواهد كثيرة على أحوال الأمم السابقة التي هي آثار لنا للعبرة والتفكّر. فالآثار وثائق وبراهين وآيات وهي في القرآن الكريم مقسمة إلى أنواع حسب الهدف المطلوب منها:


الآثار دليل الوحدانية: (فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) سورة الروم آية 50 ، وفي هذا دليل على قدرة الله تعالى في إحياء الموتى.


الآثار تأكيد على الإيمان وتقويته: (وكأين من آية في السموات والأرض) تعني الآثار القديمة والجديدة من مجرّات وكواكب وعلامات ونجوم يهتدي بها البشر، وهذه كلها آيات تدل على الخالق العظيم وتقوي الإيمان به وتوحيده.


الآثار والصمود على العقيدة: مثال قصة طالوت وجالوت في القرآن الكريم ومفادها أن بني إسرائيل كانوا يقدّمون بين أيديهم في حروبهم التابوت الذي فيه آثار من موسى وهارون عليهم السلام ومنها عصى موسى وثوب وقميص هارون وبعض شعر لحيته وآثار من نبيّهم موسى وأخوه هارون، وكان الله تعالى ينصرهم ببركة هذا التابوت ثم استولى العماليق عليه فخسر بنو اسرائيل وأصاب العماليق الطاعون فقرروا أن يردّوه لبني اسرائيل فجعلوه على عربة جرّتها الملائكة بقدرة الله تعالى إلى باب طالوت فقدّمه لبني اسرائيل فانتصروا.


( وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) سورة البقرة آية 248
وخلاصة هذه القصة أن آثار الأنبياء والمرسلين كانت من أسباب ثبات بني إسرائيل على العهد لأنهم يرون هذه الآثار أمامهم فتعينهم وتعين غيرهم ممن لم يكونوا على عهد موسى من اليقين بصحة وصدق الدعوة. وكذلك قصة سبأ والسد الذي أنقضه الله تعالى بفأر وفي هذا عبرة وعظة لمن نظر وتدبّر في هذه الآثار ومدلولاتها. ولنتخيل أننا أمة الإسلام وبين أيدينا آثار نبينا صلى الله عليه وسلم ألا يثبت ذلك إيماننا وتصديقنا بأنه حق وأنه فعلاً كان موجوداً بين المسلمين في جزيرة العرب لأعوام عديدة. فكيف لو كان بيته ما زال موجوداً ودار الندوة وغيرها من الآثار؟! ولهذا السبب ولما يعلمه الغربيون من أن تمسكنا بتاريخنا المجيد والآثار الإسلامية هو سبب قوتنا لما أقدموا على طمس حقائق التاريخ وتزييفه وسرقة الآثار الإسلامية من بلاد المسلمين. فأين توجد مخطوطات القرآن الكريم وعمامة الرسول عليه الصلاة والسلام وعصاه وسيفه وغيره؟ أغلبها في المتاحف الغربية للأسف.




فالآثار عموماً هي من أساليب الله تعالى في توثيق الحدث، العبرة، العظة، الهداية، الإنتماء وتثبيت الإيمان. وهي وثيقة وشرعية وأصالة وكتاب اثبات وعبر هائلة.



(أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّأُوْلِي النُّهَى) سورة طه آية 128 تدل على آثار التاريخ القريب والآثار القريبة وهو خطاب للرسول عليه الصلاة والسلام لأنه أدرك من رأى وعاصر هذه المرحلة فجاء الخطاب في الآية باستخدام (كلمة أفلم وكلمة قبلهم



أما في الآية الأخرى في القرآن الكريم (أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ) سورة السجدة آية 26 تدل على الآثار البعيدة والماضي والتاريخ البعيد بدليل استخدام كلمة (أولم وكلمة من قبلهم).





ونلاحظ في كل الآيات القرآنية التي تدل على الآثار أو الآيات يأتي الخطاب للناس بقوله تعالى

أفلا تسمعون (للأخبار والآثار المسموعة) ،
أفلا تبصرون (للآثار المشاهدة)
أفلا تتفكرون و أفلا تعلقون (للآثار والدلائل التي فيها عبر وعظات) يجب أن يتفكر فيها الإنسان حتى يتعلم منها العبر والعظة.




يتبع.....