السوء والسيئات:
هو المُستقبح إما طبعاً أو عقلاً أو شرعاً. وهو كل ما يغُمّ الإنسان من الأمور الدنيوية والأخروية ومن الأحوال النفسية والبدنية والخارجية. والسيئة هي أفعال قبيحة تترك للإنسان سمعة سيئة عند الناس وهي ضد الحسنة
(ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من شيئة فمن نفسك)
وقال :salla: : "يا أنس أتبع السيئة الحسنة تمحها" لذا يجب أن نحرص على الإسراع في الأعمال الحسنة لتمحو السيئات. والحسنة والسيئة نوعان أحدهما باعتبار العقل والشرع كما في قوله تعالى
(من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يُجزى إلا مثلها) وهناك حسنة وسيئة بحسب اعتبار الطبع وذلك ما يستخفّه الطبع وما يستثقله (فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطّيروا بموسى ومن معه) و (ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة).

وهناك فرق بين السوء وظُلم النفس     (ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه) والفرق هنا أن السوء قد يعود ببعض النفع على الإنسان كالذي يشرب الخمر أو يزني أو السارق فهو يشعر باللذة ولو للحظات أما ظلم النفس فهو لا يعود على الإنسان بأي نفع كالذي يشهد الزور لغيره دون أن يعود عليه الأمر بالنفع أو كالذي يقتل أحداً لأجل غيره من الناس فالفائدة هنا لا تعود على الشخص نفسه وإنما على غيره وهذا هو ظلم النفس.





الفحشاء:
هو كل فعل من الأفعال يترك في القلب والنفس شعوراً بالتدني كالقتل والزنى وما إلى ذلك. والفحشاء هي أكثر من الفاحشة وأعمال الفحشاء ثلاثة:

الزنى (ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا)

واللواطة (إنهم كانوا يأتون الفاحشة ما سبقهم بها من أحد من العالمين)

وإتيان المحارم (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتاً وساء سبيلا).


الإثم:
هو الذنب الذي يجعلك تشعر بالنقص وبالحقارة والخِسّة كشهادة الزور فبعد أن يرجع شاهد الزور إلى بيته ونفسه ويُفكّر فيما أقدم عليه يشعر بالحقارة وفي منتهى السوء وأنه أقل قيمة من غيره مع نفسه. (ومن يفعل ذلك يلق أثاما). والإثم هو الإقصاء والتبديل (فمن بدّله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم). والإثم هو ما حاك في الصدر وكرهت أن يطّلع عليه الناس (ومن يكسب خطيئة أو إثماً ثم يرم به بريئاً فقد احتمل بهتاناً وإثماً مبينا) كأن تصوّب على غزال فتقتل إنساناً (هذه خطيئة) ثم تتهم غيرك بالقتل (هذا إثم) والكذب فرع منه ويُسمى الكذب إثماً لكونه من جملة الإثم.


والإثم شعور خفي (أخذته العزة بالإثم) يشعر بالحقارة وبأنه وضيع لكن تأخذه العزة (ومن يكتمها فإنه آثم قلبه) يشعر بالحقارة إذا كتم الشهادة. وقوله تعالى (كفّار أثيم) هذا في الذي كان يكذب على الرسول :salla: وبه خِسّة.

إذن الإثم هو كل شيء يُشعرك في داخل النفس وتُنقص من قدر نفسك وأنك لست كريماً بذلك الفعل يُسمة إثماً وهذه ذنوب الجبناء.


والإثم أعمّ من العدوان (يسارعون في الإثم والعدوان) والعدوان فيه اعتداء على حقوق الآخرين وهو أن يكون لي حق عليك فأتجاوزه وهناك البغي وهو أن أسلبك حقك بالقهر أو بالسلاح وهناك الظلم وهو أن ألسبك حقك سِلماً.


المعصية:
نوعان إما أن لا تفعل أمراً فتتمرد عليه (ولا أعصي لك أمراً) وإما أن ترتكب أمراً منهياً عنه (وعصى آدم ربه) وهذه تحصل ساعة صدور الأمر بافعل أو لا تفعل.
يقال لك إفعل فلا تفعل أو يقال لك لا تفعل فتفعل. ولا تُسمى عاصياً إلا إذا لم تُطبق الأمر ساعة صدوره إليك (لا يعصون الله ما أمرهم) (فإن عصوك فقل إني بريء).


والكفر أنواع: كفر العقيدة وهو أن تجعل لله نداً وهو خلقك وهناك كفر لا يُخرج من المِلة كما جاء في بعض الأحاديث عن الرسول :salla: "النياحة على الميت كفر" و "الحلِف بغير الله كفر". وهناك كفر النعمة بأن لا تشكرها لكنك لا تعتدي بها على غيرك وهناك شكر النعمة أن تشكر الله عليها وهناك بطر النعمة وهو أن لا تشكر النعمة وأن تعتدي بها على غيرك من الناس لتأخذ حقوقهم.


وهناك كفر وشرك وكفر وإلحاد.
والكفر في القرآن يعني المشرك المحارب (قاتلوا الذين يلونكم من الكفار) والشرك هو أن تجعل لله نداً وهو خالقك.


أما الإلحاد والرياء والنفاق منظومة واحدة: فالرياء هو أن اُجوّد العمل لأسمع المديح من غيري (كالذي يُحسّن صلاته أمام الناس فقط) وهذا رياء العمل فالمرائي قلبه مؤمن، وهم الذين جاء فيهم الحديث أنهم أول من تُسعّر بهم النار عالم وشهيد ومُنفق كل منهم فعل ما فعل ليقول الناس عنه أنه كذا.

أما النفاق فهو إبطان الكفر وإظهار الإسلام إما خوفاً أو جبناً (لا يصلي إلا إذا رأى الناس) وهذا المنافق يعمل لغير الله تعالى،
وهناك الإلحاد وهو نوع من النفاق الصادق من وجهة نظر صاحبه كالمسلم الذي يُصلي ويصوم ولكنه يُحب الشيوعية، فهو إذن اعترتفك بالشيء الصواب لكنك تضيف عليه ما ينافي العقيدة (ومن يرد فيه بإلحاد بظلم) وعليه لا يُقال للمسيحي الذي يُثلّث أو اليهودي أنه ملحد (إن الذين يلحدون في أسمائه) هؤلاء يؤمنون بالله لكنهم يجعلون له أسماء غير التي هي له.


أما الفسق فهو الخروج عن طاعة والدخول في كبيرة كالذي كان يصلي ثم توقف عن الصلاة أو لم يكن زانياً فأصبح زانياً. وهناك فسق عمل وفسق عقيدة (سأوريكم دار الفاسقين).


وهنالك الفجور: إذا صار الفسق ديدناً يُسمى فجوراً. فإذا أصبح الفسق فيه إدمان صار فاجراً كالذي يشرب الخمر بشكل مستمر ولو شرب مرة واحدة وتاب يُعاقب وينتهي الأمر (ولا يلدوا إلا فاجراً كفّارا) لأنهم اعتادوا على الفسق.



يتبع....