الداعي
عضو جميل

سجاح, تحيةً طيبةً, وبعد:

قولك: (أصل المسألة وأصل الحوار الذى فتحته معك هو هذا السؤال: كيف لهذا الكتاب الذى أحكمت آياته أن يثير هذا اللغط, وهذا الإختلاف, وهذا التباين الكبير بين المفسرين عند شرحهم لآيات الناسخ والمنسوخ, أذلك لأن هؤلاء لم يفقهوا هذه الاحكام المنسوخة, أم لأن هذا الكتاب غير محكم؟) جوابه:
عندما نصف الآيات بأنهن محكمات فإنَّنا نقصد معنيين:
1_سديدات متقنات خاليات من الباطل, وذلك قوله: (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ). وهذا المعنى يعمُّ القرآن جميعًا, ويؤيده قوله: (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ).
2_بينات ذات دلالة قاطعة لا تحتمل التأويل, وذلك قوله: (مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ). وهذا المعنى لا يعمُّ القرآن جميعا, ويؤيده قوله: (وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ).
وعليه, إن حصل اختلاف بين المفسرين في آية ناسخة أو منسوخة, فإنَّ الاختلاف يحدث لأمرين, ألا وهما:
1_إن كانت الآية متشابهة غير محكمة, فيحصل الاختلاف في تعيين المعنى المرام.
2_إن لم يقم دليل قاطع حول كونها ناسخة أو منسوخة, فالأصل عدم النسخ, وإن استطاع المجتهد أن لا يحكم على الآية كونها ناسخة أو منسوخة بتبيان واقع كل منهما, فهو الأقرب للحق. ومثاله قول الله:" وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ", (البقرة: 190). يقول العالم الأصولي, عطاء بن خليل أبو الرشتة:" ولذلك, فإن قول الذين قالوا: (إن الآية تعني أنه في أول الإسلام كان القتال فقط إذا اعتدي على المسلمين, ثم نسخت فيما بعد بالآيات الدالة على مبادأة القتال), هذا القول مرجوح؛ لأن النسخ لا يعمد إليه إلا إذا وجد التعارض من كل وجه, وهنا لا تعارض, فالآية لا تعني أن لا نبدأ الكفار بالقتال, بل أن لا نتعدى بتجاوز الحد في قتالهم, فلا نزيد عما أجازه الشرع في قتالهم كما بينا, وليس معنى (ولا تعتدوا) أي لا تبدأوا القتال, بل أن لا تتجاوزوا حدود الشرع في قتالهم كالتمثيل وقتل الأطفال...إلخ, ولذلك لا تعارض بين آيات القتال, وبالتالي لا نسخ", التيسير في أصول التفسير, ص: 236.
إذن, هذا هو منشأ الخلاف, أي بسبب عدم فقه بعض المفسرين للمعنى المرام, وبسبب التسرع في الحكم على الآية بالنسخ من دون فضل تأمل وتدبر, وهذا لا ينال من كون الآيات محكمات, أي ذات إصابة وإتقان. فاشهدي بذلك.
قولك: (من قال لك: إن آيات النسخ لم تتجاوز العشرين آية فى القران, وأشهد عليك الزملاء بقولى هذا: إن سورة السيف أو التوبة وحدها_ فقط _نسخت 124 آية من القرآن. راجع الكرمى وابن العربى وغيرهم ممن تحدثوا عن الناسخ والمنسوخ) جوابه:
اعلمي أن الآيات المنسوخة هي بضع وعشرون أو أقل, ولا تغتري بما وضعت, ففي الوقت الذي ناقش به العلامة ابن الجوزي_ رحمه الله _سبعًا وأربعين ومائتين آية, لم يقبل منهم إلا اثنتين وعشرين آية. وبينما نقاش الزرقاني اثنتين وعشرين آية, إلا أنه لم يقبل إلا اثنتي عشرة آية. أمَّا الشنقيطي, فهو لم يرجح إلا تسع آيات, وأمَّا البهلوي, فلم يرَ النسخ واقعًا إلا في خمس آيات. فتأمَّلي.
قولك: (ثم حتى لوكانت آيات النسخ قليلة, فهل يجوز أن توجد هكذا آيات فى دستور الله للمسلمين؟) جوابه:
نعم يجوز؛ لأنَّهنَّ خير من سابقاتهنَّ أو مثلهن, وتدبري: (نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا), فإن دهشت, فإن الله يقول تاليًا ذلك: (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)؟! فهو يقدر على الخير، وعلى ما هو خير منه، وعلى مثله في الخير. فسبحان الله, سبحان الله!!
قولك (لقد أجمع الفقهاء المسلمون على أن الغاية من النسخ فى القرآن هى التدرج فى الأحكام للوصول إلى حكم نهائي رأفة بالناس أيام الرسول, فما ذنب من جاء بعد الرسول كي يقف فاغرا فاه أمام تناقضات وتخبط المسلمين فى تفسير الناسخ والمنسوخ فى القرآن) جوابه:
يبدو أنَّك_ يا سجاح _دكتورة في الفقه المقارن, فأصبحت على بينة من أمر إجماع الفقهاء, ولا أدري من أين أتاك هذا الإجماع!! ومما زاد الطين بلة ولوجك بموضوع لستِ له بأهل, وثالثة الأثافي, أنَّك لا ترين الإسلام صالحًا لكلِّ زمان ومكان, فما هذا؟! وفي هذه النبذة الطيبة المباركة سأبين_ بإذن الله _صلاحية الإسلام لكلِّ مكان وزمان. والإسلام صالح لكلِّ مكان وزمان بالأمور الآتية:
1. لعلَّ من أبرز الأمور التي جعلت مبدأ الإسلام صالحًا لكلِّ مكان وزمان أنه من الله, فالله هو خالق الإنسان, وهو الذي يعلم ما يصلح له أحواله, قال الله:" أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ", (تبارك: 14). وقال:" وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ", (ق: 16). وبما أنَّ تشريعات الإسلام من الله فهي التي تأخذ بيديه للدعة ورغد العيش, وتجعل حياته مليئةً بالهناءة والسرور, والسعادة والحبور. والله لما كان خالقًا للإنسان, لم يجعل منه محل تجربة كما هي الحال في النظام الرأسمالي والنظام الاشتراكي الذي يجعل الإنسان كالفئران, محلاً للتجربة؛ ذلك أنَّ الله يعلم ما يصلح حال الإنسان, فليس بحاجة لإجراء تجارب عليه حتى يصل لما يصلحه, بل كل ما كان من عند الله فهو صالح للإنسان.
2. ومن الأمور التي جعلت مبدأ الإسلام صالحًا لكل مكان وزمان أنَّ تشريعاته جاءت لتعالج مشاكل الإنسان بوصفه إنسانًا, فعندما تأتي الأحكام في مسألة اقتصادية فهي مشكلة إنسانية, وعندما تأتي الأحكام في مسألة اجتماعية فهي مشكلة إنسانية, وعندما تأتي الأحكام في مسألة تخص الحكم فهي مشكلة إنسانية. وهكذا, هلمَّ جرًا. والإنسان هو هو منذ آدم حتى يوم القيامة, فالإنسان يتكون من غرائز وحاجات عضوية هي هي لا تتخلف؛ فهو يتكون من ثلاث غرائز, ألا وهي: غريزة التدين, وغريزة النوع, وغريزة حب البقاء. إضافةً إلى الحاجات العضوية من جوع وعطش ونوم...إلخ. وهو كذلك في كلِّ مكان, فليس الإنسان في إفريقيا يختلف عنه في آسيا, وليس الأسكيمو في القطبين يختلفون عن أهل المشرق والمغرب, وبما أنَّ التشريعات مرتبطة بالإنسان من حيث هو, والإنسان هو هو في كلِّ مكان وزمان, فالإسلام صالح لكلِّ مكان وزمان من هذا الوجه كذلك.
3. ومن الأمور التي جعلت مبدأ الإسلام صالحًا لكل مكان وزمان أنَّ تشريعاته كاملةً متكاملة في علاقات الإنسان الثلاث: علاقة الإنسان مع ربه, وعلاقة الإنسان مع غيره, وعلاقة الإنسان مع نفسه. قال الله:" الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا", (المائدة: 3). جاء رجلٌ من اليهود إلى عمر بن الخطاب، فقال: (يا أَميرَ المؤمنين، آيةٌ في كتابكم تقرءونها، لو علينا نزَلتْ- مَعْشَرَ اليهود -لاتخذنا ذلك اليومَ عيدا، قال: فأَيُّ آية؟ قال: ?الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا?، فقال عمر: إِنِّي لأعْلَمُ اليومَ الذي نزَلتْ فيه، والمكانَ الذي نزلت فيه: نزلت على رسول الله بعرفات، في يوم جمعةٍ), رواه البخاري ومسلم. عن سلمان الفارسي, قال: (قِيلَ لَهُ: قَدْ عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ كُلَّ شَىْءٍ حَتَّى الْخِرَاءَةَ). فقال سلمان: (فَقَالَ: أَجَلْ, لَقَدْ نَهَانَا أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ لِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ, أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِىَ بِالْيَمِينِ أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِىَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلاَثَةِ أَحْجَارٍ, أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِىَ بِرَجِيعٍ أَوْ بِعَظْمٍ), رواه مسلم. فهذه شهادة من المشركين على كمال رسالة الإسلام: (قَدْ عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ كُلَّ شَىْءٍ حَتَّى الْخِرَاءَةَ), فالحمد لله على هذه النعمة.
يقول القاضي تقي الدين النبهاني: (بقيت مسألة، وهي: هل الشريعة الإسلامية حاوية لأحكام الوقائع الماضية كلها والمشاكل الجارية جميعها والحوادث التي يمكن أن تحدث بأكلمها؟ والجواب على ذلك، هو أنه لم تقع واقعة ولا تطرأ مشكلة ولا تحدث حادثة إلاّ ولها محل حكم. فقد أحاطت الشريعة الإسلامية بجميع أفعال الإنسان إحاطة تامة شاملة، فلم يقع شيء في الماضي، ولا يعترضه شيء في الحاضر، ولا يحدث له شيء في المستقبل إلاّ ولكل شيء من ذلك حكم في الشريعة، قال الله تعالى: ?وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ?، و    : : ?الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي?، فالشريعة لم تُهمِل شيئاً من أفعال العباد مهما كان، فهي إما أن تنصب دليلاً له بنص من القرآن والحديث، وإما أن تضع أمارة في القرآن والحديث تنبِّه المكلَّف على مقصدها فيه وعلى الباعث على تشريعه، لأجل أن ينطبق على كل ما فيه تلك الأمارة أو هذا الباعث. ولا يمكن شرعاً أن يوجد فعل للعبد ليس له دليل أو أمارة تدل على حكم، لعموم قوله: ?تبياناً لكل شيء?، وللنص الصريح بأن الله قد أكمل هذا الدين), (الشخصية الإسلامية: (أصول الفقه), ج: 3, ص: 21_22).
وعلاقة الإنسان الثلاث هي: علاقة الإنسان مع ربه التي تتمثل بأحكام العقائد والعبادات, وعلاقة الإنسان مع غيره التي تتمثل بأحكام العقوبات والمعاملات, وعلاقة الإنسان مع نفسه التي تتمثل بالأخلاق والملبوسات والمأكولات والمشروبات. والإسلام قد أتى بأحكام شرعية تنظم هذه العلاقات كافَّةً. ففي الإسلام جاء (نظام الحكم) وجاء (النظام الاقتصادي) وجاء (النظام الاجتماعي) وجاء (نظام العقوبات) وجاءت أحكام العبادات والعقائد وكلُّ ما يخطر على قلب البشر من أنظمة, وهي أنظمة ربانية لا تدانيها أنظمة, ولم توجد بغيرها من الملل. فسبحان الله, سبحان الله!!
قولك: (ولماذا أبعد شهودي, فأمامي الآن اثنان من فطاحل الدفاع عن كتاب أحكمت آياته: أنت, والزميل ياسر_ ما شاء الله _. وعلى الرغم من أنكما اثنان فقط, فقد اختلفتما على آية الرجم, ففي الوقت الذى أيدها الزميل ياسر, نجدك أنت لا تأخذ بها على اعتبارها مما رفع رسمه) جوابه:
1_نحن لا ندافع عن كتاب أحكمت آياته, فهو غني عن ذلك, كيف لا, والله يقول: (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ)؟! كيف لا, والله يقول: (لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ)؟! كيف لا, والله يقول: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا)؟! ولكن, كما قال الله: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)؟!! بيد أنَّنا ننفي عن القرآن تحريف الغالين, وانتحال المبطلين, وتأويل الجاهلين. فتأمَّلي.
2_أمَّا زعمك أنَّنا قد اختلفنا, فلا أدري من أين جئت به!! أنا_ يا سجاح _لم أنبس ببنت شفة غير هذا السؤال: (ماذا تبتغين من هاتين الآيتين؟) ولم تجيبي!! بل واعتبرتني: (لا تأخذ بها على اعتبارها مما رفع رسمه), فهل ثمَّة رفع رسم, يا سجاح؟!
3_هاتان هما الآيتان: الآية المنسوخة: (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا), والآية الناسخة: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ). الناظر في الأدلة يرى أن قوله تعالى: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ) عام، فإن كلمة الزانية وكلمة الزاني من ألفاظ العموم، فهو يشمل المحصن وغير المحصن، ولما جاء الحديث وهو قوله- صلى الله عليه وسلم -: (واغدوا ياأنيس إلى امرأة هذا, فإن اعترفت فارجمها)، وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -رجم ماعزا بعدما سأل عن إحصانه، ورجم الغامدية وغير ذلك من الأحاديث الصحيحة، فإنه يكون الحديث مخصصا للآية، فهذه الاحاديث خصصت هذا العام الذي في الآية في غير المحصن، واستثنت منه المحصن. فالأحاديث خصصت هذا العام، ولم تنسخ القرآن، وتخصيص القرآن في السنة جائز وواقع في آيات كثيرة، جاءت عامة، وجاء الحديث وخصصها.
والحكم الشرعي الذي تدل عليه الأدلة الشرعية، أي الكتاب والسنة هو أن عقوبة الزنا جلد غير المحصن مائة جلدة عملا بكتاب الله، وتغريب عام عملا بسنة رسول الله. إلا أن التغريب جائز، وليس بواجب، وهو متروك لأمر الخليفة، إن شاء جلده ونفاه سنة، وإن شاء جلده ولم ينفه. ولكن لايجوز أن ينفيه ولايجلده؛ لأن عقوبته هي الجلد، وأما عقوبة المحصن فهي رجمه حتى يموت، عملا بسنة رسول الله- صلى الله عليه وسلم -التي جائت مخصصة لكتاب الله. ويجوز في المحصن أن يجمع عليه الجلد والرجم، فيجلد أولا ثم يرجم، ويجوز أن تفرض عليه عقوبة الرجم فلا يجلد، ولايجوز أن تفرض عليه عقوبة الجلد؛ لأن العقوبة الواجبة هي الرجم. فتأمَّلي.
قولك: (وأخيرا وليس آخرا, لايسعني سوى القول: ما النسخ إلا محاولة لإصلاح خطأ فى أحكام الآيات المنسوخة لمشرع أعد كتابا_ مع كل أسف _غير محكم الآيات) جوابه:
وأخيرا وليس آخرا, لايسعني إلا أن أقول: أنت تغرفين بما لا تعرفين, وأتحداك أن تأتي بآية منسوخة حازت خطأ, يا سجاح.