"آن الأوان لإنهاء ازدواجية المعايير ونفاق المجتمع الدولي"
"غير###ا فلسطين".. كتاب يوثق الجرائم الصهيونية في الذكرى الأولى للعدوان على غزة
[ 02/12/2009 - 02:13 م ]


رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام

صدر أمس الثلاثاء (1-12) في مدينة رام لله كتاب "غير###ا فلسطين" الذي أعده مركز "الراصد الفلسطيني"، خلال مؤتمر صحفي عقده النائب الفلسطيني مصطفى البرغوثي الأمين العام لـ"المبادرة الوطنية الفلسطينية"، ولويزا مورغنتيني النائبة السابقة لرئيس "البرلمان الأوروبي"، وإياد السراج رئيس "برنامج الصحة النفسية" في قطاع غزة.

وقال البرغوثي إن الكتاب الذي جاء إصداره بمناسبة الذكرى الأولى للعدوان على غزة، ويتناول الأحداث التي سبقت وأعقبت العدوان على غزة، مشيرًا إلى أن "الكتاب هو إهداءٌ لأهلنا في غزة وإلى الشهداء هناك، وإلى ذكرى شهداء المجازر "الإسرائيلية"، بدءًا من مذبحة "دير ياسين"، ومرورا بمجزرة "صبرا وشاتيلا" و"مخيم جنين" والمجزرة الكبرى في قطاع غزة".

وأشار البرغوثي إلى أن ما جرى في غزة كان أفظع مما جرى في "غير###ا" -في أسبانيا على أيدي الفاشيين بقيادة فرانكو- من مجزرة بحق المدنيين من أجل ترويعهم وكسر مقاومتهم.

وقال البرغوثي إن الهدف من الهجوم على غزة هو قتل الأمل وروح المقاومة، "إلا أن "إسرائيل" فشلت فيما أرادت؛ لأن روح المقاومة وروح الإنسانية بقيت لدى الشعب الفلسطيني"، مؤكدًا أن وحشية الاحتلال التي لم تكشف فورًا في "دير ياسين" و"صبرا وشاتيلا" و"مخيم جنين"؛ قد كشفت هذه المرة، وأن "تقرير غولدستون" كان مجرد البداية".

وأكد البرغوثي أن تأليف الكتاب جاء من أجل المحافظة على الذاكرة في ذكرى "يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني"، وأن الهدف من إنتاجه هو "أن كثيرًا من فصول تاريخنا ضاعت؛ لأنها لم تُكتب، وأن ذاكرتنا متهمة بأنها قصيرة، إضافةً إلى الأهمية التي ينطوي عليها الكتاب من أجل فضح الاحتلال وتعريته ومتابعة الحملة الجارية لفضح تلك الجرائم ومعاقبة مرتكبيها عبر "تقرير غولدستون"، ومحاكمة من يقفون وراءها من مجرمي الحرب "الإسرائيليين"، إلى جانب أن الكتاب هو جزءٌ من رواية الفلسطينيين في ظل محاولات تزوير التاريخ، وأن الكتاب جزءٌ من جهد جماعي لاستعادة الصورة الإنسانية للشعب الفلسطيني ولاستعادة شرعية القضية الفلسطينية".

واستعرض البرغوثي أهم ما تضمنه الكتاب، وهو "الكثير من المعلومات والأرقام والحقائق عن الجرائم التي ارتُكبت في غزة إلى جانب تعرية الكتاب لمجموعة مما وصفها بـ"الأساطير (الإسرائيلية)"، كأسطورة الانسحاب من غزة، وأسباب الحصار وإلقاء المسؤولية عنه على عاتق الفلسطينيين، وكذلك تضمن الكتاب تبيان حقيقة أن من خرق التهدئة وبدأ الحرب على غزة هي (إسرائيل)".

وأضاف البرغوثي أن الكتاب يوضح أنه خلال سنوات الحصار قتل 28 صهيونيًّا مقابل 6348 فلسطينيًّا؛ "حيث إن الكتاب يعرِّي مقولة رغبة "إسرائيل" في السلام، وأنها فقط تدافع عن نفسها في وجه الاعتداءات، كما تزعم".

وقال البرغوثي إن الكتاب يؤكد أن العدوان على غزة لم يكن ضد طرف سياسي معين؛ بل كان ضد الشعب الفلسطيني في غزة، مشيرًا إلى استشهاد 1410 مواطنين مقابل مقتل 13 صهيونيًّا، منهم 7 قتلوا برصاص الجيش الصهيوني نفسه، واستخدام الاحتلال للفسفور الأبيض وقنابل الدمدم وقنابل تطلق شظايا لقطع الأطراف محرمة دوليًّا؛ ما أدَّى إلى بتر أطراف المئات من المواطنين غالبيتهم من الأطفال.

من جانبها قالت مورغنتيني إنها تشارك البرغوثي فيما قاله بشأن المجازر الصهيونية ومدى مشابهتها لما جرى في أسبانيا، مذكرةً بما شاهدته خلال حظر التجول على رام الله واجتياح قوات الاحتلال لها أثناء عملية السور الواقي و"مدى الصعوبات التي واجهتنا آنذاك، ونحن نحاول إسعاف الجرحى ومدى فظاعة التدمير التي كان يقوم بها جنود الاحتلال"، مضيفةً أن "الكتاب يكشف خطة "إسرائيل" لتدمير كل مكونات غزة، وفضح حقيقة الادِّعاء "الإسرائيلي" بإنهاء الاحتلال للقطاع، رغم رفض تنسيق إعادة الانتشار مع الجانب الفلسطيني عام 2005م، مؤكدةً أن ما جرى ليس انسحابًا من القطاع بل إعادة تنظيم للاحتلال، وخنق المواطنين ووضعهم في سجن كبير وقصفهم من البر والبحر والجو".

وأشارت مورغنتيني إلى أن الكتاب أوضح أن الفلسطينيين في غزة لم يكن بإمكانهم الهروب إلى أي مكان من القصف، مؤكدةً أنها تألمت لما استمعت إليه من طفل فلسطيني لدى زيارتها غزة مع وفد برلماني أوروبي "من أنه لم يبقَ له سوى أن ينتظر كيف سيموت".

وقالت المتحدثة إنه "آن الأوان ليقول العالم لـ"إسرائيل" إنه ليس بإمكانها أن تبقى فوق القانون الدولي، مثلما أنه آن أوان لإنهاء ازدواجية المعايير ونفاق المجتمع الدولي، حيث لا يمكن الحديث عن حقوق الإنسان في وقت تخرق "إسرائيل" تلك الحقوق بشكل فاضح" مؤكدة أن "تقرير غولدستون" هو البداية.

ودعت مورغنتيني إلى العمل من أجل أن يدفع الاحتلال الصهيوني ثمن ما ارتكبته من جرائم، مؤكدة أنه "آن الأوان لكي يتوقف "الاستيطان" وينتهي الاحتلال، موضحة أنها ستشارك في مسيرة السلام والحرية التي ستجرى وستدخل إلى رفح من أجل إنهاء الحصار على قطاع غزة.

وأكدت المسؤولة الأوروبية أن هناك مسؤوليةً تقع على عاتق المجتمع الدولي وعلى عاتق الاحتلال الصهيوني حول ما يجري من انقسام، مثلما أن هناك مسؤولية فلسطينية بسبب استمرار الانقسام الداخلي، موضحةً أن الفلسطينيين يشكلون معجزةً في بقائهم ومقاومتهم الشعبية، خاصة ما يجري في نعلين وبلعين، مشددةً على أن شعب المعجزات قادر على إنجاز معجزة الوحدة الوطنية.

وأشارت المتحدثة إلى مشروع القرار الذي ستتقدم به السويد إلى اجتماع وزراء خارجية الدول الأوروبية الإثنين القادم، والذي يعتبر القدس عاصمة للدولة الفلسطينية، معربةً عن أملها أن يحدث ذلك.

وقالت مورغنتيني إن البرلمان الأوروبي الذي يمثل 450 مليون أوروبي لم يقبل فرض الحصار على حكومة الوحدة الوطنية ولا الحصار على غزة، مثلما أنه لم يقبل بعدم الاعتراف بشرعية الانتخابات الفلسطينية.

من جهته أكد إياد السراج أن هناك تداعياتٍ لدى الأطفال في غزة تركتها الحرب الأخيرة وتتعلق بالجانب النفسي؛ من حيث التبول اللا إرادي، والخشية من التوجه إلى المدارس بعد القصف الذي تعرَّضت له مدارس غزة، وفقدان زملاء لهم استشهدوا في العدوان الأخير.

وقال السراج: "إن 73 % من الأطفال في قطاع غزة مصابون باضطرابات نفسية حادة؛ نتيجةً للعدوان "الإسرائيلي" الأخير على القطاع".

وأضاف أن حوالي 30 % من أطفال غزة يعانون من مشكلة التبول اللا إرادي؛ بسبب استحكام الخوف، مشيرًا إلى مشكلات عصبية أخرى مثل البكاء والانطواء وقضم الأظافر والأحلام الليلية المخيفة وآلام جسيمة نتيجة للعدوان الصهيوني.

وقال السراج: "إن الطفل الفلسطيني فقد أهم ركنين في حياته، وهما الشعور بالأمان ووجود الأب القادر على حمايته وإعالته نتيجة الاعتداءات "الإسرائيلية" المتكررة، وما خلَّفته من قصف ودمار مادي ومعنوي".
وأضاف المتحدث أن 15% من أطفال غزة يعانون خللاً نفسيًّا نتيجة للكبت والعنف المتراكم داخلهم؛ ما أثر في مستقبلهم وإبداعهم وتحصيلهم العلمي.
وأشار السراج إلى أن الطفل اختزن كميةً هائلةً من العنف في الحرب، وغير قادر على التعبير عنها، خصوصًا بعد أن شعر أن أحدًا من أهله لم يكن قادرًا على حمايته.

وقال إن العنف يولِّد العنف، فالأطفال يحاولون إخراج هذه الطاقات التي اكتسبوها من خلال ألعاب عنيفة يختارونها لتتوافق مع واقعهم ولتمنحهم شعورًا بالقوة والأمان؛ كتقليد جنود الاحتلال في استخدام الأسلحة البلاستيكية.

__________________