المدفع والإنجيل محمد عمارة

المدفع والإنجيل

د. محمد عمارة | 30-11-2009 22:41

أمريكا ـ وفق دستورها ـ دولة علمانية.. تفصل الدين عن السياسة.. لكن اليمين الديني ـ المسيطر على الحزب الجمهورية ـ يجعل من إسرائيل "كيانًا إلهيًا" و"تجليًا سماويًا" ـ وليست كيانًا سياسيًا ككل الدول الأخرى.. لأنها الشرط الديني لعودة المسيح ـ عليه السلام ـ كي يحكم الأرض ألف سنة سعيدة، وفق الرؤى والتفسيرات الأسطورية للأصولية البروتستانتية الأمريكية والغربية.. وهنا يلعب الدين الدور الأول في حماية الاغتصاب الصهيوني لأرض فلسطين.. ويتزامل وعد البروتستانتية البريطانية لروتشيلد (1845 ـ 1974م) واليهود سنة 1917م ـ وعد بلفور (1848 ـ 1930م) ـ مع وعد الرئيس بوش لشارون واليهود سنة 2004م.. وخطابه بالكنيست في الذكرى الستين لقيام إسرائيل ولموقع العراق.. وللتحريض الصهيوني ضده.. غزت أمريكا العراق سنة 2003م.. لتحقيق السيطرة الإمبريالية الأمريكية على الشرق وبتروله، ولضمان الهيمنة الصهيونية على الشرق العربي والإسلامي.. وهنا تزاملت ـ في فكر اليمين الديني الأمريكي ـ العقائد الدينية والمصالح الإمبريالية..

ولقد نشرت مجلة "نيوزويك" الأمريكية، في عددها الصادر في 11 مارس سنة 2003م ـ إبان الغزو الأمريكي للعراق ـ "أن الرئيس بوش قد أقنع نفسه بأن حرب على العراق هي حرب عادلة، وفق المفهوم المسيحي، كما شرحه القديس أغسطين (354 ـ 470م) ـ في القرن الرابع ـ وكما فصّله كل من القديس توما الأكويني (1225 ـ 1274م) ومارتن لوثر (1483 ـ 1546م) وآخرون!..

وأنه ـ أي بوش ـ قد نبس كلمة "الأشرار" ـ التي أطلقتها على العراق وأفغانستان وإيران.. وكل قوى الممانعة الإسلامية ـ من سفر "المزامير"!.. وإنه يبدأ عمله صباح كل يوم بالمطالعة ـ بناء على توصية القس "بيل جراهام" ـ في كتاب القس "أوز والد شابرز" ـ الذي مات 1917م وهو يعظ الجنود البريطانيين والاستراليين بالزحف على القدس لانتزاعها من أيدي المسلمين"!..

ولم يكن الرئيس بوش فريدا في هذا الفكر والموقف.. فوزير خارجيته "كولن باول" ـ حسب تعبير صحيفة "نيويورك تايمز" في 6/4/2003م ـ "يصف نفسه بأنه عاشق للطقوس الكنسية المسيحية الصهيونية!

والسيدة "كونداليزا رايس" كان والدها قسيسًا بإحدى الكنائس المسيحية الصهيونية بولاية آلاباما.. و"ديك تشيني" يؤمن بنفس المنهج التبشيري للرئيس بوش، القائم على فكرة أن الطريق إلى التبشيرية يبدأ بالمدفع والإنجيل!.. و"دونالد رامسفيلد" من نفس الاتجاه.. أما مهندس الحرب على العراق "بول وولفويتز" فإن ديانته اليهودية قد أثرت على توجهاته السياسية.. مما دفع بعض المراقبين ـ وفق تعبير "نيويورك تايمز" ـ إلى القول : "إن السياسة الخارجية الأمريكية تتم صياغتها والتعبير عنها طبقا للمعتقدات التنصيرية، وتقسيم العالم إلى مؤمنين ووثنيين"!

ولذلك، لم يكن صدفة أن يصحب الجيش الأمريكي الزاحف على العراق، جيشا من المنصرين الأمريكان، يقودهم قساوسة اليمين الديني ـ فرانكلين جراهام ـ الذي دشن حفل تنصيب بوش رئيسًا.. والذي وصف الإسلام بالشر والعنف والإرهاب!.. ووالده "بيل جراهام" ـ الذي وصف نبي الإسلام بأنه وثني وإرهابي!.. وأن يعلن هؤلاء المنصرون أنهم جاءوا إلى العراق لنشر المسيحية "لاسيما في بغداد".. لأن المسيحية ـ كما قالوا ـ قد سبقت الإسلام في دخول العراق"!..

هكذا كتبت "نيوزويك" و"نيويورك تايمز" عن تشابك وتزامل "الديني و"السياسي" في الصراع الذي فرضه ـ ويفرضه ـ الغرب على الإسلام والمسلمين..

ومع ذلك ينكر بعض من أبناء جلدتنا علاقة السياسة بالدين، وكأنهم يريدون نزع سلاحنا في هذا الصراع الذي فرض على الإسلام والمسلمين!..

http://www.almesryoon.com/news.aspx?id=21463

hgl]tu ,hgYk[dg - ]> lpl] ulhvm