شبابنا .. بين الفطرة والتوجيه المخالف


إن أحوال شباب الأمة الإسلامية وما فيهم من صفات سلوكية بعيدة عن ما أمرهم الله به من الصلاح ، والاستقامة ، والقوة في الحق ، والجد في الأمور ، وعلو الهمة .. إن البعد عن تلك الصفات العظيمة ما هو إلا بسبب أمور خارجة عن طبيعتهم وفطرتهم .

إن رب العالمين خلق الناس أسوياء ، وفطرهم على الحق {{
فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله }}
ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : (
كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهوّدانه ، أو ينصرانه ، أو يمجسانه ) .

والفطرة تعني الاستعداد لقبول الهدى والخير . وقيل إنها تعني الإسلام ؛ حيث إن الحديث قال : ( فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ) ولم يورد الإسلام معها لأنه على الإسلام أصلا .

فالله خلق الخلق حنفاء مستقيمين على الفطرة السليمة ، حتى تجتالهم الشياطين .
إن ما نشاهد في شباب المسلمين من انحراف عن الجادة المستقيمة التي فطرهم الله عليها ، وزكاها ، ونماها بما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من هدي القرآن والسنة .
إن ما نشاهد من انحراف هو أمر طارئ على المجتمعات الإسلامية ، وهو خلاف ما أمر به الله ، وما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم .

إن الله جل شأنه عندما أوجد المولود على الفطرة جعله يعيش بين أهله ومجتمعه فترة طويلة هي فترة الطفولة حتى يبلغ الخامسة عشر من عمره ، يعيش تلك الفترة الطويلة خمسة عشر عاماً كاملاً دون تكليف شرعي .. لم يقدّر الله ذلك عبثاً ، ولم يجعل ذلك الزمن يضيع سدى .

إن الله جل شأنه كلّف الأسرة والمجتمع والأمة كلها بمسؤوليات كبيرة تجاه هؤلاء الأطفال .

كلّف الآباء والأمهات والأقارب والمؤسسات الاجتماعية ؛ المدارس والمساجد ، وكل المشاركين في التربية والتوجيه كلفهم بشيء واحد هو الإبقاء على الفطرة التي فطر الله الناس عليها ، وعدم تبديلها ، أو الانحراف بها .

كلّف الله المسلمين بالإبقاء على الفطرة التي فطر الله أبناءهم عليها ، وكلفهم بتزكية تلك الفطرة بالحق الذي لا يختلف معها .. كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، غذاء للفطرة ، وتزكية للفطرة ، ومحافظة على الفطرة بعيداً عن الانحراف .. ولكن ما بال أبناء المسلمين قد انحرف الكثير منهم عن الفطرة ؟؟

من أين جاء الانحراف ؟؟ من أين جاء البعد عن الاستقامة على فطرة الله ، وهدي الله ؟؟

إنه فعل الناس .. نعم إنه فعل الآباء ، أو فعل شركاء الآباء !!!
اليهود والنصارى والمجوس ينحرفون بأبنائهم كما ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ فيهوّدون ، وينصّرون ، ويمجّسون ..

أما المسلمون فأبناؤهم على الهدى ما لم ينحرفوا بهم ، ما لم يتركوهم للشياطين تجتالهم .

إن ما نشاهده ، وما نعرفه في شباب المسلمين الذكور والإناث ، هو من الأمور التي نقلها الشركاء في التربية ..

الآباء ، والأمهات ، والمدرسين والمدرسات ، ووسائل الإعلام ، وبقية المشاركين في التربية والتنشئة الاجتماعية .

إن الأطفال يعيشون في محاضنهم ، وفي بيوت أسرهم ، وفي مدارسهم داخل بيئات ثقافية واجتماعية يتشربون ما فيها من قيم وعادات وأخلاق وسلوك , فإن كانت تلك القيم والعادات والأخلاق والآداب والسلوكيات مهتدية بهدي الكتاب والسنة ، مستمدة إطارها الفكري ، ومحتواها من دين الله الذي جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم ، فإن الأبناء ينشئون أسوياء مهتدين قد حفظ الله فطرتهم على أصلها ، وقد زكاها ونماها الغيث الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم .

إن الأطفال داخل الأسر ، وفي المدارس بمختلف مراحلها يخضعون لأنواع متعددة من برامج التربية والتعليم والتثقيف التي تسهم جميعها في تحقيق التنشئة الاجتماعية لهم ، ليتكيفوا مع مجتمعهم ، ويصبح الفرد منهم عندما يبلغ سن الرشد رجلاً سوياً مهتدياً .

إن البرامج التعليمية والتربوية ، وسائر الأنشطة التي تقدم لشباب المسلمين ينبغي أن تتوافق مع الفطرة السليمة ، ومع ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم لتحقق التوافق السليم للشباب ، ولتحقق للشباب نشأة سليمة مهتدية .
وإذا رأينا - كما هو الحال اليوم - أن الشباب يخالفون كثيراً من أخلاق الإسلام وقيمه ، ويبتعد الكثير منهم في حياتهم الخاصة والعامة عن الهدى ؛ فإن الأمر لا يعدو أحد أمرين :

إما أن البرامج التي قدمت لهم لم تكن متوافقة - كلها أو بعضها - مع أصول التربية الإسلامية ، والفطرة .
وإما أن الذين قاموا بها لم يحسنوا تقديمها لهم ، ولم يحسنوا التعامل معهم أثناء مراحل التربية والتنشئة ، وعندما نلاحظ بعضاً مما يٌقدم للأبناء أطفالاً وشباباً ، ذكوراً وإناثاً ، نجد بكل أسف أموراً مروّعة ‍‍!!

خذ مثلاً البرامج التي تقدم للأطفال وللشباب في وسائل الإعلام .
وخذ أيضاً برامج الرياضة التي تقدم للشباب .

أما الإعلام فحدّث فيه ولا حرج ، حيث أن معظم ما يقدم فيه مواد مستوردة ، وهي لا تمثل ولا تتوافق مع الفطرة المهتدية ، بل هي وافدة من عند اليهود والنصارى الذين ذمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيّن أنهم هم الذين صرفوا أبناءهم عن الفطرة (
فأبواه يهوّدانه أو ينصرانه أو يمجسانه ) .

أما برامج الرياضة التي تقدم للشباب ، وإن كانت تقدم لملء فراغ الشباب ؛ فإن معظم ما يقدم فيها من أنشطة لا يتفق مع الفكر المسلم ..
فمعظم الألعاب العالمية ، والمسابقات الدولية وضع فكرتها ، وخططها ، ونفذها ، وأشرف عليها أفراد ، أو جمعيات ، أو منظمات غير مسلمة . ولا يخفى على صاحب بصيرة أن غير المسلم لن يعتني بقيم الإسلام . هذا في أحسن الأحوال .. إن لم يعمل مباشرة لمعارضة كل ما يمتّ إلى الإسلام بصلة .

ولا ننسى أيضاً أن الدورات الرياضية العالمية تعتبر الآن وسيلة من أقوى وسائل التنصير ، حيث وجه البابا بذلك . فكم انتشر من خلال هذه الدورات من شر مستطير ، وكم فقد من أبناء الأمة أخلاقهم وقيمهم ، بسبب حضور تلك الدورات التي ظاهرها الرياضة ، وداخلها البعد عن الاستقامة والوقوع في الرذائل .

إن الانحرافات الكثيرة التي نشاهدها في شباب المسلمين ، من مسؤولية الأمة ، ومن مسؤولية المعنيين بالشباب بالدرجة الأولى .

فواجب الأمة أن تقدم لشبابها أنشطة مهتدية تعينهم على الاستقامة ، وتقطع عنهم وسائل الفساد ، وتملأ أوقاتهم بالخير .

أما أن يقلد القائمون على أمور الشباب غيرهم فيما يقدمون ..
فأنواع الرياضة تقليد
وتنظيم الدورات تقليد
وأهداف الرياضة
تقليد
واللباس
تقليد
والشعارات تقليد
والجو العام تقليد
والمرافق تقليد
النتيجة أن يتخرج لنا جيل من الشباب (( تقليد )) يقلد غيره ، ولا يرفع بقضايا أمته رأساً . والحال كما ترى من واقع شباب المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ، أخذت الرياضة قلوبهم وعقولهم .

لحساب من هذا ؟؟ ولصالح من هذا ؟؟ ألصالح الأمة ؟
لا والله
ألصالح المجتمع الإسلامي ؟ لا والله . . ألصالح الشباب أنفسهم ؟ لا والله . لصالح من ؟؟

الحقيقة المرّة أن ذلك الإلهاء للشباب ، والإشغال للشباب ، يصب في مصالح اليهود والنصارى ، الذين لا يريدون لأمة الإسلام أن تصحو لرسالتها , ولا يريدون لها أن تحمل رسالتها .


ذلك الإلهاء لشباب الأمة يصب في مصالح أعداء الإسلام والمسلمين ..
علمنا بذلك أم لم نعلم .


منقول بتصرف
الشيخ سعيد بن مبارك آل زعير



اللهم اهدنا لسواء السبيل

afhfkh >> fdk hgt'vm ,hgj,[di hglohgt