الــفــصــل الــسـّـابــع


قــســطــنــطــيــن


ســفـّـاح وثـنـي "يعمل فيها" إمبراطور مسيحي



تــمـهــيـد :
أولاد من قبعة السـّاحرـــ إستحقاقية ديوقليتيان


ديوقلتيان ( إبن عبد معتوق ) يدعمه ماكسيميان ( إبن صاحب دكان ) ــــ شراكة ناجحة إستمرت أكثر من عشرين سنة .

ديوقليتيان و ماكسيميان , يساندهما الآن نائبان قيصران غاليريوس و قسطنطينوس . كان إبن أقلهما شانا ـــ قسطنطين ـــ هو من وضع عينه على إعادة السلطة المطلقة و غير المجزأة .


ديوقليتيان ـــ إبن عبد يعمل عملا صالحا

كان ديوقليتيان حصيلة الجدارة و الحراك الإجتماعي الذي كان ممكنا في أواخر القرن الثالث . حكم ديوقليتيان العالم الروماني لمدة تزيد عن العشرين سنة . ثم تنازل ديوقليتيان عن الحكم بطيب خاطر دون ان يكون مخلوعا ( و هذه حالة استثنائية ) و دون ان يكون مجنونا و تقاعد من ممارسة السلطة ليتفرغ لزراعة الملفوف بيديه و كان يفخر بذلك .

كان ديوقليتيان قد إقتنع بان الأمبراطورية واسعة جدا ليحكمها رجل إستبدادي ( أوتوقراطي) واحد . فقسم بعقلانية السلطة المطلقة بين أربعة ملوك . و في نفس الوقت وضع آلية منظمة للتعاقب على السلطة , بحيث يصعد القياصرة الصغار إلى رتبة أوغسطس و يعينوا بدورهم نوابا قياصرة . و أكثر من ذلك كان من حكمة ديوقليتيان أن إختيار زملاءه على اساس الكفائة و الولاء , لا على أساس رابطة الدم . و قد قدم الحكم الرباعي ( التيتراركيي) تعاقبا منظما على السلطة لمدة جيل كامل . و كانت الأقاليم نفسها قد قسمت إلى دستة من الأبراشيات *, و كل أبرشية يحكمها وكيل .


( * سوف تستعار هذه الكلمة من المصطلحات الرومانية الوثنية لتدل في المسيحية على منطقة نفوذ الاسقف )


قــســطــنــطــيــن ـــ الأمــيــر الــمــدلــل يــدخــل الــحــلــبــة

كان قد تم إختيار قسطنطيوس ( أبو قسطنطين ) قيصرا لبريطانيا و بلاد الغال و هي اصغر المقاطعات في الحكم الرباعي و أقلـّها شأنا . كما أجبر قسطنطين نفسه على قضاء فترة شبابه في نيقوميدية " كرهينة " في بلاط ديوقليتيان .
و عندما تنازل ديوقليتيان المريض عن منصب الأغوسطس سنة 305 بعد حكم دام لأكثر من عشرين سنة , إنزعج قسطنطين من تجاوزه و عدم إختياره لمنصب قيصر . فيما صار غاليريوس أوغسطسا كبيرا في الشرق .


هرب قسطنطين إلى بلاد الغال يرافقه الشعور بالإحباط و الخوف على حياته , و هناك إنضم إلى والده . و قاما معا بحملة في شمال بريطانيا
كان قسطنطيوس يلقب " كلوروس " لشحوبه و بنيته المريضة ــ و مات في السنة التالية للحملة في إيبوراكروم ( يورك ) فقامت القوات بالمناداة بقسطنطين و إعلانه أوغسطسا في أكثر الأقاليم الحدودية هامشية و بعدا .
و بذا صارت ظروف الأمير الطموح الآن مواتية لمهمة إغتصاب السلطة الأمبراطورية . إن ترقيته غير القانونية كانت ضربة شديدة لنظام الحكم الرباعي الذي ضمن الإستقرار للعالم الروماني . لقد كادت الأمبراطورية ان تنهار قبل ذلك في بداية القرن الثالث بسبب التمردات العسكرية , و فقط قبل ذلك بجيل واحد كان أوريليان قد أنهى خمس عشرة سنة من إنفصال الأقاليم الغربية . ولهذا السبب بالتحديد كان والد قسطنطين قد غزى بريطانيا لأنهاء عقد من الإنفصال في الأقليم حين كان تحت حكم الأمبراطور المتمرد كراسيوس ثم الأمبراطور أليكتوس .

غادر قسطنطين بريطانيا فورا و ترك قلعة الفيلق الذي أعلنه أوغسطسا ليؤسس قاعدة أكثر ثباتا مع فيالق أراضي الراين . و تحرك بسرعة لينشيء بلاط في مدينة أوغسطا تريفيروم الشمالية ( تريير) ــ التي كانت في أغلب الأحيان عاصمة إنفصالية ــ لكنه كان قد وضع عينية على طريدة أكبر بكثير .
و مثلما فعل أبوه من قبله , هجر قسطنطين عشيقته ( ام إبنه ) ليتزوج زواجا مفيدا سياسيا من عائلة الأغسطس الكبير ( و الخصم ) ماكسيميان , شريك ديوقليتيان الأصلي . الذي عاد إلى السياسة الإمبراطورية من تقاعد غير مرغوب فيه .
تلى هذا الزواج موت ماكسيميان بصورة سريعة , و يكاد يكون مؤكدا بامر من زوج إبنته الجديد . أقر غاليريوس الحزين في العاصمة الشرقية على مضض بإعلان قسطنطين قيصرا, لكنه عين مرشحه الخاص سيفيروس كحاكم أعلى للغرب .و في غضون ذلك تم الإعلان عن مكسينيتوس ( إبن ماكسيتيان و صهر قسطنطين الآن ) أوغسطسا من قبل الحرس البريتوري في روما .
لقي سيفيروس حتفه في محاولة فاشلة لإزالة الغاصب

يتبع