وقــاحــة مــســتــديــمــة : إلقاء الوزر على البرابرة
" كان البرابرة في الحقيقة و الواقع متلهفون على الإستقرار و تذوّق ثمار الحضارة : أن يهزموا العدو , و يفرضوا عليه الضرائب , ويزوروا اطبائه , و يتزوجوا من بناته "
( نوزيرو : منطق الأسرة الإنسانية )
(Nonzero: The Logic of Human Destiny)


كذب المسيحيون دائما ــ و إحدى أكبر اكاذيبهم الباقية هي " إلقاء اللائمة على البرابرة في تدمير و خراب الحضارة القديمة " الذين هم بانفسهم سببوه .
القصة الماساوية مألوفة بما فيه الكفاية : " .البرابرة ... " ينهمرون " .... روما تنهب و تسلب .... و يعقب ذلك الدمار و الخراب في كل مكان . فيما تستخدم كلمات مثل
" أورطة " و " إنقضاض " بصورة متكررة للإيحاء بصور عن طوفان بشري من مقاتلين لصوصيين متعطشين للقتل وسفك الدماء و مصمـّمين على الإغتصاب و السلب و النهب . و يطلب منا أن نعتقد أن الضؤ الوحيد كان يأتي خافتا من فوانيس الرهبان المسيحيين في ثبات بعيد ليبقى على شعلة الحضارة حية حتى لمعان صبح جديد بعد قرون في المستقبل .
ولكي نضع الأمور في نصابها الصحيح , فإن القوط الغربيين لألريك ( المسيحي ) هم في الواقع من نهب سنة 410 مدينة روما طيلة ثلاثة ايام قبل إنسحابهم . و بعد ذلك بجيل واحد , سنة 455, قضى جايسريك ( المسيحي) و ونداله 14 يوما فقط في المدينة ليحملوا ما يستطيعون حمله .
إن " الحكمة " التقليدية هي تحريف و تزوير كتبه الجانب المنتصر .
كان البرابرة في القرون الثالث و الخامس الميلادي ـــ مثل البرابرة في القرنين الأول و الثاني قبل الميلاد ــ يرغبون في الحصول على حصة من الحياة المرفهة و ليس في جلب الخراب المشترك للجميع .
و ما يختلف في عهدي قسطنطين و ثيوديسيوس بالمقارنة مع عهدي أوغسطس و هدريان هو الطبيعة الفاسدة للدولة الرومانية التي إعترضتهم .
تعلم البرابرة من الإمبراطورية , مع مرور الزمن , : المهارت العملية في الزراعة و الفلاحة
و قيمة الدروع , و ممارسة السلطة ضمن إطار من القانون , بل و تعلموا حتى صيغة من الدين المسيحي الجديد للرومان .
لكن الإمبراطورية , من جانبها , قد إنقلبت على نفسها , وضيعت قواها بالإنغماس في الطغيان الإستبدادي الثيوقراطي , و ضيـّقت من نظرتها , ودمرت نفسها ـــ و هي عملية بدأت مع قسطنطين و خططه من أجل سلالة أسرة مسيحية حاكمة .