النتائج 1 إلى 10 من 119
 

العرض المتطور

  1. #1

    عضو مجتهد

    الصورة الرمزية يوسفوس فلافيوس
    يوسفوس فلافيوس غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1412
    تاريخ التسجيل : 16 - 10 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    المشاركات : 124
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 15

    افتراضي






    الــــفــــصـــل الـــثـــّالــــث



    الـــصـّــراع عــلــى الــسـّـــلـــطة



    " الــحــرب الأهــلــيـّة " الــمــســيــحــيـّـة



    نــــســــيــــج مــركـّـــب :

    ما فعلته روما لم يكن إستئجار قبائل البرابرة للقتال في حروبها فحسب , بل كانت مثل القوى الإمبريالية في هذا الزمن تتدخـّل بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في "الشؤون القبلية" في ما وراء حدودها . كان لروما "ملوكها العملاء" ,و أسرها الملكية الرهينة و طالبو اللجوء و قناصلها "البرابرة" . و كانت تشجـّع على النزاع بين القبائل و تستخدم نفوذها , المال و الديبلوماسية , للتأثير على نتائج كل أزمة من أزمات القيادة القبلية .
    و ما فعله البرابرة كان اكثر من القتال لحساب روما . فقد تنافسوا فيما بينهم لصالح الإمبراطورية , و ساندوا المرشحين المتخاصمين على لقب إمبراطور و أشتركوا في حروب روما الأهلية . و كان ممكنا أن تقاتل قبيلة مع وضد الإمبراطور على حد سواء في موسم حملة عسكرية واحدة . و كان البرابرة يعيدون تاسيس الحكم الروماني في مقابل الأراضي و الألقاب . كان القائد العام "الروماني " في معظم الأحيان هو نفسه ذا دم بربي . و في نهاية المطاف كان زعماء القبائل البربرية و شيوخها يعيينون القياصرة و الأغاسطة . و عندما تعبوا من كل هذه القصة كانوا لا يزالون معترفين بسلطة الغمبراطور في القسطنطينية .

    من خلال ذلك , و أثناء القرون من 4 م إلى6 م , كانت الحرب مشتعلة بين الآريوسية و الكاثوليكية , التؤم الرهيب للديانة الشريرة الحاقدة . ذاك الصراع غامض و يكاد يكون منسيّا الآن كان مع ذلك عنيفا و ذا نتيجة حاسمة . الأقذر من بين الأثنين ــ الكاثوليكية ــ كان قد إنتصر . و كان إلغاء الآريوسية مثل إلغاء الوثنية قبلها , إلغاء للتسامح الديني .

    كانت الحقيقة شديدة الوضوح هي أن المعتقد الكاثوليكي المتعصب و العنيف و اللامتسامح كان يدمر كل ما يقف في طـــريـــقه




    الآريوسيون الغدارون يحرقون كنيسة كاثوليكية
    صورة دعائية من القرن التاسع


    الآريـــوســـيـّـة ــــ آخـــر رابــط لـلــمــســيــحــيــة بـالــعــقــلانــيـّـة


    لم يفقد المثقفون المدرّبون في مدارس الفلسفة اليونانيـّة و العقلانيـّة عقولهم بالكامل عندما صاروا لاهوتيينن مسيحيين . لذلك كان من المعقول تماما بالنسبة لهم الإنطلاق من مفهوم رب مفرد واحد خالق للكون في إقتراح أي شيء آخر يمكن أن يكونه المسيح , فهو أقل من الإله الأعلى , و تابع له , هو شيء ما بين الإنسان العادي و الإله القدير .

    هذه بإختصار كانت وجهة نظر آريوس , اللاهوتي المنظـّر من مدينة إسكندرية القرن الرابع
    يقول آريوس :
    " المخلوق أقلّ من خالقه . الإبن أقل من الآب الذي " أنجبه " . في البدء كان الإله الخالق ولم يكن هناك إبن "

    كان لاهوتا بسيطا , له درجة ما من العقلانية , و أيضا ميزة إمكانية فهمه بسهولة . و كان يبرز تأثير الأفلاطونية المحدثة الإسكندرانية على آريوس , و خصوصا آراء لوسيان الأنطاكي .

    مع الإقتباس الحّر من معجم فلاسفة ما قبل المسيحية أخذت كلمات يونانية ( جوهر " اقنوم", طبيعة , مادة , شخص..إلخ ) معان مسيحية جديدة على يد آريوس و الذين جاؤوا من بعده .

    كان آريوس خطيبا فصيحا بارعا , و كاتبا ( أعظم اعماله سنة 323 كان كتاب " ثاليا" الذي أحرق طبعا فيما بعد ) و مؤلف أغان ! كانت أغانيه عن البحر قد جعلت افكاره الدينية شعبية و مشهورة في المدن الموانيء .

    لكن كان لآريوس خصما سياسيا معاديا يصغره بكثيرمن السنين في شخص أثاناسيوس الإسكندراني .
    كان أثاناسيوس , و هو ربيب الأسقف إذ ذاك ( الكسندر) , قد كـرّس نفسه لحفظ الكتابات المقدسة و " العلم الحقيقي للأسرار الغامضة "

    لم تكن التقديرات و الآراء اللاهوتية المظهر القويّ لأثناسيوس , كذلك لم يكن مرتبطا بالكتابات المقدسة لوحدها فقط , كان يقف بجانب الإيمان و خبرة السّر الإلهي , مثلما فسرتها "التقاليد الكنسية " . و لم يكن في حاجة لمنطق فلاسفة يونانيين .
    " لما كانت الفلسفة لا تستطيع ان تقنع بالخلود و الطيبة إلا زمرة منتقاة ـــ فإن رجالا ضعاف العقول قد غرسوا في جماهير الكنائس مبدأ الحياة الخارقة للطبيعة"
    – On the Incarnation, 47. ( عـن التجسد ص 47 )


    أثــانـاســيــوس و " الــســرّ الإلــهــي "


    "" الآريوسية هي الجدال في الخلق فوق كل شيء عند أثاناسيوس الذي صمـّم على إظهار أي بديل مقترح للصيغة التي أقرّتها نيقيا يسقط على نحو ما في صورة من صور تعاليم آريوس , مع كل ما تعرضه تلك التعاليم من نقص وتنافر ""
    – R. Williams, Arius, p247.


    إن مصدر إلهام لامعقولية أثاناسيوس ليس الإسكندرية مدينة الثقافة اليونانية , بل مصر العليا , موطن الطقوسية و " الأسرار " الدينية القديمة . كما أضيف إلى هذه التقاليد , في القرن الرابع , رهبان هاربون و نسـّاك زاهدون ,مثل بولس الطيبي و أنطونيو الكومي
    'Paul of Thebes' and 'Antony of Coma' الذين قضى معهم أثاناسيوس بضع سنوات في السابق . كان المسيحيون منشغلون خلال القرن الرابع في مصر العليا بتنصير المعابد الفرعونية , وإتحوير تلك التي لم يدمروها .

    مذبح مسيحي منقوش في معبد فرعوني .
    تل العمارنة ,عاصمة أخناتون

    فاز أثاناسيوس بعرش الأسقفية , بالترويج له وتزكيته فوق الموقـّر آريوس , سنة 328 وتمسـّك به لأكثر من 40 سنة ( رغم قضائه لنصفها في المنفى ) .و لقد دافع دفاعا عنيدا عن حقّ الكنسيين في تفسير المشيئة الإلهية ــ و بذا وضع " التعاليم الكنسية " على قدم المساواة مع كتب الإنجيل .

    طوال حياته الصاخبة ـــ و قد تعرض للنفي من جانب ليس أقل من أربعة أباطرة رومان ـــ تشبـّث أثاناسيوس بصلابة بالمذهب القائل أن يسوع كان إلها ( تماما مثلما كان حورس بن أوزيروس إلها ). إن الله الواحد الحقيقي يجعل مشيئته و كلمته و حكمته ظاهرة خلال "إنبثاقات" و يسوع كان " إنبثاقا" من هذه الإنبثاقات . إن تربيع هذه الدائرة الخاصة ــ توحيد و أيضا يسوع إله ــ أقتضى صيغة " سر" غير منطقيّ بصورة غريبة ـــ لكن مصر إذ ذاك كانت المكان فقط لإيجاد مثل هذه الصيغة . لقد رجع أثاناسيوس عدة مرات إلى مصر العليا للأختباء بين الرهبان خلال فترات النفي ( 356ـــ61 ؛ 362 ـ 63 ؛ 365 ــ 66 )

    لقد عبد المصريون دائما هذه الإنبثاقات , مجمعينها في ثالوث على نحومعتاد ( في الواقع سلسلة كاملة من الثواليث ) وهكذا , إيزيس ـ حورس ـ سيت , آموم ـ ماوت ـ خونسو , آتوم ـ شوـ تيفونت ـ ماعت ,إلخ إلخ إلخ حكموا لثلاثين قرن الربوبية الأبدية في مصر.

    السمة الرئيسية للمصريين ( وأثاناسيوس ) هو الإله البشري الرابط . فالطريقة التقليدية لدى المصريين في إضافة إله إنسان إلى الربوبية كانت " منجب , غير مصنوع , من جوهر واحد مع الآب " . و دخل الفراعنة ضمن الثالوث على الأرض ( مثل حورس ) وأصبحوا العنصر السماوي ( مثل اوسيروس ) بعد الموت .

    و قد كتب اثاناسيوس :


    " الكلمة ,عندئذ , زار الأرض التي كان دائما موجودا فيها ... جاء الآن كإله وكإنسان ... و أظهر نفسه ,و انتصر على الموت , وعاد إلى الحياة "
    – On the Incarnation ( كتاب :عن التجسد )
    و هــكــذا أعــيــد صــبّ ديــانــة الــفــراعــنــة فــي قــالــب مــســيــحــي .
    إن أعظم مساهمة ادبية قدمها أثاناسيوس للعالم كان عملا خياليا ( فنتازيا) , مساويا لذاك عن "التجسـّد " ,أي كتابه حياة أنطونيو الأنموذج عن إبتكار قصص القديسين . هذا الخيال كان مصدر إلهام للامعين مثل أغوسطين وجيروم في مؤلفاتهم الخاصة عن "حياة القديسين ". الحياة , أنشودة إنتصار للزهد و قوة إسم الرب , تغمرها الشياطين والمعجزات .

    " وعندما قام رأى وحشا يشبه الإنسان في الفخذين لكن ساقيه و قدميه مثل ساقي وقدمي الحمار . أشار أنطونيو إلى نفسه فقط وقال انا خادم المسيح , إذا كنت بعثت ضدي فها انا ذا. لكن الوحش هرب مع ارواحه الشريرة , وأثناء عجلته في الهروب سقط ومات . و كان موت الوحش سقوط للشياطين . لنها كافحت بشتى الطرق لتقود أنطونيو خارج الصحراء لكنها لم تقدر " – Athanasius of Alexandria (Vita S. Antoni, 53) أثاناسيوس الأسكندراني ( حياة القديس انطونيو ص 53 )


    إن صحراء مصر كانت دوما مصدرا للخوف بإعتبارها " موطن الشياطين" . فعجـّت الصحراء الان بنساك ــ مقتدين بانطونيو ــ لمقاتلة الشياطين ــ وبالقيام بذلك , تمّ تشريب العقيدة الوليدة بعلم الشياطين الذي سيجلب سفك الدماء والرّعب لأوربا القرون الوسطى .


    حسنا , هل تصـدّق ذلك . . .
    يؤكد لنا اثاناسيوس أن انطونيو قاد الأسود لحفر قبر زميله الناسك بول . أنطونيو يبدو أنه قضى حياته في لعن وباء الشياطين في الصحراء .
    عمل جد خطير هذا

    يتبع






  2. #2

    عضو مجتهد

    الصورة الرمزية يوسفوس فلافيوس
    يوسفوس فلافيوس غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1412
    تاريخ التسجيل : 16 - 10 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    المشاركات : 124
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 15

    افتراضي


    هــــــوامـــــــش

    الــثــالــوث ـــ الـــهــراء الــنــاشــيء


    تصوير للرب الثالوثي الكاثوليكي ( القرن 14 )
    ثلاث رؤوس و أربعة أرجل ! محض هـراء

    لم تكن المسيحية في صورتها الأصلية ثالوثية : هذا التعبير لا وجود له في الكتاب المقدس , و كان مجهولا للقديس بول ولكل " الأباء " المضادين لمجمع نيقية , و هو يقف في وجه التوحيد .
    نظرا للطبيعة الهجينة للمسيحية , فإن الغموض في صميمها كان , من جهة , كيف تكون " تضحية الخلاص " ــ إذا كانت بأقل من إله ــ " تكفيرا لخطايا كل البشر ؟ "
    بينما من جهة أخرى , إذا كان الخروف الأضحية إلها حقيقيا , فهل من الممكن انه حقّا تألـّم و مات فوق الصليب ؟
    و بالتالي فالثالوث . . .



    الأسـقـف الـذي لـم يكـن يـعـرف شـيـئـا عـن يـسـوع !!
    ثـيـوفـيـلـوس الأنـطـاكـي (115 ــ 185 )

    إستخدم ثيوفيلوس , و هو مدافع من الأولين عن المسيحية , كلمة " ترياسTrias " اليونانية في مؤلـّفه المعروف باسم Theophilus to Autolycus , لكنه لم يكن يتكلم عن أي ثالوث كاثوليكي .
    يكتب في المجلد الثاني , الفصل 15 عن " نوع من الثالوث " ــ عن الله و كلمته و حكمته

    يشير ثيوفيلوس بصورة واسعة إلى الكتب الدينية اليهودية , بينما يشير بصورة عابرة للأناجيل الجديدة ( التي ما زالت بدون أسمائها حينئذ ) . و لم يذكر إطلاقا لا أي رسول من رسل يسوع و لا أي من تلاميذه .
    و هذا يتسق مع حقيقة أخرى أشد إذهالا, و هي ان ثيوفيلوس لم يكن يعرف شيئا عن يسوع تاريخي على الإطلاق !!
    لقد كتب الأسقف 29ألف كلمة دون ان يذكر و لو مرة واحدة يسوع !!!!!
    (( القاريء الكريم : تأكد من ذلك بنفسك
    http://www.earlychristianwritings.com/theophilus.html
    إذا كنت لا تجيد الإنجليزية فتسلح بالصبر و فتش بالكلمة عن إسم يسوع JESUS))

    إذن , لماذا كان ثيوفيلوس يسمي نفسه مسيحيا ؟

    هكذا كيف يشرح لنا ثيوفيلوس ( في انطاكية ) أصل كلمة " مسيحي " :
    الفصل الثاني عشر ـــ معنى لقب مسيحي


    " و اما عن سخريتكم مني و مناداتكم لي " مسيحي" , فأنتم لا تعلمون ما تقولون .
    أولا , لأن كل مدهون حلوا و نافعا و بعيدا عن الإزدراء . لما لا تكون المركب نافعة و صالحة للإبحار ما لم تكن مطلية , أو أين هو البيت او الحصن النافع ما لم يكن مطليا ؟ ثم اين هو الرجل الذي ياتي إلى هذه الحياة أو يدخل ساحة الملعب و لا يدهن بالزيت ؟
    و أين هو العمل الذي له صفة الزينة أو الجمال ما لم يكن مطليا بطلاء أو بورنيش ؟ و إن الهواء و كل ما هو تحت السماء هو في نوع من الطلاء بالنـّور و الروح ؟ و أنتم لا ترغبون
    في أن تكونوا مدهونين بزيت الله .
    لهذا السبب نحن ندعى بناء على ذلك مسيحيين , لأننا مدهونون بزيت الله
    "

    ( المسيح ـــ كلمة عبرية الأصل تعني : المدهون , المطلي , المضمخ , الممسوح )

    مدهونون بالزيت ـــ مت من الغيض يا يسوع !



    إيزيس أثناء عملية تحولها إلى مريم
    ( مصر العليا ــ القرن الرابع )


    عودة إلى النص:
    ــــــــــــــــــــــــ

    الـــنـــضـــال مـــن أجـــل "الـــعـــقـــيـــدة" :


    " إن عداء المسيحيين لبعضهم البعض يفوق غضب الوحوش الضارية ضد الإنسان"
    – Ammianus Marcellinus


    أجبر آريوس على الفرار من الإسكندرية سنة 319 . فقام بحشد تاييد زملائه اللوسيانيين ( نسبة للوسيانوس الأنطاكي) في فلسطين اولا ثم في آسيا الرومانية , و كان من ضمنهم كبيرا الأساقفة أيوسيبيوس القيصري ( مؤرخ الكنيسة ) و أيوسيبيوس النيقوميدي , و فالينس أسقف مورسا . فلقد عارضت المجامع التي عقدت في فلسطين و بيثينيا تلك المجامع التي عقدت في مصر . و خلال بضعة سنوات صار الجدل أكثر رذالة و عنفا .
    عند هذه المرحلة , لم يكن هناك عقيدة معترف بها و معروفة للجميع . فالأجوبة عن اسألة مثل " كيف كان المسيح إلهيا؟" أو " إلى أي درجة كان هو إنسانا ؟" كانت لا تزال موضع خلاف . فالعقيدة حتى تلك اللحظة لم يتم ترسيمها بصورة صلبة . و إن قصة " الحرب الأهلية " المسيحية ليست قصة دفاع عن العقيدة , لكنها قصة صراع لتحديد العقيدة .
    و سوف يتصف إقرارها بالقتل و التشويه مثلما تتصف كل الدوافع البشرية المتنكرة تحت رداء الدين

    لقد حطـّم آريوس و أثاناسيوس , و هما الخصمان اللدودان من جميع النواحي , كل أمل لقسطنطين في حكم إمبراطورية مسيحية متحدة . فدعى و هو مستاء من تعنـّتهما إلى عقد أول مجلس مسكوني " عالمي " كنسي و أمر المجتمعين ان يتفقوا على "عقيدة " إيمانية واحدة .

    تجادل اللاهوتيون المجتمعون في مدينة نيقيا خلال عدة أشهر , و تعب الأمبراطور قسطنطين كثيرا من الإنتظار . لذا, بعد أن ناضل شخصيا مع الفروقات المفهومة بشكل خافت من اللاهوت اليوناني ــ و بأخذ مشورة من أسقف أسباني يدعى أوسيوس القرطبي ــ إقترح هذا السفاح الوثني الصيغة التي تشرح ( فكرته عن) العلاقة المضبوطة للمسيح بالله , و قد وقع إختياره على : " من جوهر واحد " ( باليونانية:'homoousion').

    و هكذا تم إثبات أن " يسوع الناصري " كان في الواقع الله المتجسد , الخالق للكون , و ليس مجرد نجار مملؤ مؤقتا " بجوهر إلهي " , هذا الإله الجديد للرومان كان ما لا يقل عن الملك الأبدي الذي في السماء .
    و لقد ايـدّ الأساقفة المجتمعون هذا الإيمان و هم خاشعين لسيد العالم ( بإستثناء إثنين فقط )

    الآريـــــوســـيـــة فــي عـــزّ صـــيــفـــهـــا

    لكن كثيرا من رجال الكنائس كانوا غير راضين بصيغة " إثنين إله " هذه . أرسل آريوس إلى المنفى , و سافر طويلا في الشرق و كسب الكثير من المؤيدين . أما قسطنطين فبقي بعيدا عن توضيح حتى ما كان يؤمن به . و عندما سقط أوسيوس القرطبي من حضوة قسطنطين رجع آريوس إليها .

    لقد قدّم آريوس إيمانا لقسطنطين , فحكم الإمبراطور على هذا الإيمان بانه عقيدة رشيدة , و أمر الأمبراطور التائب بأن آريوس يجب ان يستلم العشاء الربـّاني في كاتدرائية القسطنطينية



    مـــقـــتـــل آريـــوس :

    مات آريوس فجأة و في ظروف غامضة يوم تثبيت نصره . " تفجـّرت احشائه في المرحاض " يقول جيبون . و السبب واحد من الإثنين إما سمّ و إمـّا معجزة .
    لقد تمت تصفية آريوس , لكن قسطنطين المغتاظ زال غضبه على أثاناسيوس .
    رغم ان مجمع قسطنطين في نيقيا كان دائما منوها به كحجر مغناطيس للعقيدة الكاثوليكية , إلا أن قسطنطين نفسه مات آريوسـّيا معـمـّدا سنة 337 م .

    بعد موت قسطنطين بقيت العائلة الأمبراطورية منقسمة حول الموضوع و تلى ذلك حملة تطهير دموية . تولى المنتصر ( القاتل المحتمل لقسطنطين ) قسطنطيوس الثاني العرش الشرقي في سن 20 سنة , و مع رجال دين آريوسيين يذبذبون عقله البسيط و المؤمن بالخرافات فقد سادت الآريوسية و تعـثـّرت الكاثوليكية على مدى جيل كامل .

    تراجع أثاناسيوس المهزوم إلى روما مصحوبا برهبان من صحراء مصر . و أدخل لجؤ أثاناسيوس إلى روما البابا يوليوس الأول إلى المعركة , فدعا إلى عقد مجمع ( مؤتمر) لصالح أثاناسيوس في سارديكا سنة 343 لكن هذا المجمع إجتنبه الأساقفة الشرقيون و تجاهله قسطنطيوس . فساءت الأمور .
    أعتنق العالم الروماني باسره أوامر قسطنطيوس بحلول سنة 350 و موت أخويه. فأصدر الأساقفة الآريوسيون أوامرهم و نواهيهم عبر الإمبراطورية بكاملها و خصوصا في المدن المهمة مثل ميلان و القسطنطينية .
    رغم ذلك , فالخطر المميت للقضية الآريوسية كان أن التخمين شجع على تخمينات أخرى ,و مجمعا تلى مجمعا آخر ( عقد 14 مجمع بين سنة 341 و 360 ) و فيها وجدت جميع ألوان الهرطقة فرصة التعبير عنها " ( أنظر : الموسوعة الكاثوليكية )
    تفرق الآريوسيون في مجموعات متنوعة طبقا للمصطلح الذي تؤيده كل مجموعة
    'anomoios' (غير مماثل), 'homoios' (مماثل) أو 'homoiousion' (مثل الجوهر ).
    المفضلون كانوا يتحركون داخلين خارجين لدوائر البلاط على نحو خطير التواتر . و المنابع الإمبراطورية جففها التحديق للسرة .



    يسوع الأمرد يأخذ تعميده الآريوسي
    وإله النهر الوثني ينظر إليه
    ( تعميد " آريوسي " مسيحي , القرن الخامس , رسمه جداريه في سقف رافينا إيطاليا )


    جرت محاولات لحل الإختلافات الاريوسية في سيرميوم ( 351 , 359) . و كانت الصيغة النهائية هي الإعلان 'homoean' ( من مادة مشابهة) الغامض الذي فرضه قسطنطيوس على الكنيسة في مجمعين , مجمع ريمني ( للغرب) و مجمع سلوقيا ( للشرق) سنة 359 . و تم تاكيد النصر لهذا الإعلان و فرضه على الكنيسة بأسرها من قبل مجمع القسطنطينية في العام التا لي .
    قال جيروم بعد مجمع ريمني :
    " تأوّه الـعالم أجمع و تعجـّب من أن يجد نفسه آريوسيا "

    و أمـّا الكاثوليك فقد تركوا معتمدين على روما في الدعم .

    في البداية , أجبر الأسقف العنيد ليبيريوس على الذهاب إلى المنفى لكنه استعاد مكاسبه فيما بعد بالإنضمام إلى الإيمان الآريوسي ــ كما كسب بذلك الإزدراء الكاثوليكي باعتباره " البابا الهرطيق " . و أما أساقفة غربيون آخرون , مثل هيلاري البويتييري , و أوسيوس القرطبي و إيوسيبيوس الفيركالي فقد إبعدوا إلى آسيا , لكنهم بقوا على إتصال مع رافضين آخرين مثل باسيل و الإثنان غريغوريوس ,
    لما طالت الحرب تقاتل الأساقفة الآريوسيين و الكاثوليك المتخاصمين في الشوارع . و شجع الأمبراطور الوثني المراوغ جوليان ( 360 ــ 363) كل اللاجئين الجليليين المتعصبين على الرجوع إلى موطنهم الأصلي على أمل أن يدمروا هناك بعضهم البعض , و في السكندرية حيث بدأ الجدال حدث ذلك بالضبط و بصورة واسعة .

    إستولى جورج الكابادوكي , بائع لحم الخنزير المقدد في السابق و قديس إنجلترا فيما بعد!, على كرسي الأسقفية حين كان أثاناسيوس يقاد إلى الصحراء . و كان السكان غاضبون جدا من إضطهاد أثاناسيوس لهم إلى درجة انهم إنتقموا منه في شخص جورج فقتلوا الأسقف خنقا ثم رموا جثته في البحر .


    هــــوامش :
    ــــــــــــــ


    حـــكـــمـــة من أحـــمـــق : " مجرد مسألة كلام "

    في البداية كان قسطنطين ببساطة حائرا من العداوة بين آريوس و اثاناسيوس .
    و قد حاول , في رسائل كتبها سنة 324 للإثنين , أن يصلح بينهما قائلا إن عدم إتفاقهما هو مجرد مسألة كلام .
    كم كان صادقا !!



    حـــيـــن كـــان يــــســــوع إلــــهــا فــــقـــط .....

    قال الظاهريون ( الدوسيتيون ) أن يسوع كان الله ذاته , متنكرا لفترة في صورة إنسان ...
    القرون 1 ـــ 5 م


    حـــــيــــن كــــان يـــســــوع إنـــســـانا فـــقـــط .....

    يعتبر الإيبيونيون أن يسوع هو المصطفى او المختار
    " يسوع رجل إختاره الله فحلّ عليه الروح القدس فصار إلهيا "
    القرون 1 ـــ5 م


    لا ثـــالـــــوث هــــنــــا

    جعل مرقس إلهه البشري يذهب إلى الجبل و يصلي ( مرقس 6 : 46 ) !
    لكن لمن كان يصلي ؟
    إن كان جزءا من الثالوث ـــ " إله حق من إله حق" , و الذي منه ـــ فهو يصلي لنفسه !




    مـــجـــمـــع نــيـــقــيـــة : مــحــاولـــة لإخـــفـــاء الـــشـــقـــوق .....

    كانت الإنقسامات في أول مؤتمر كنسي "عالمي" إلى درجة أنه لا يوجد إتفاق حتى على عدد الكنسيين الذين حضروا الإجتماع في الواقع .
    يقول إيوسيبيوس القيصري أنهم كانوا 250 , و يذكر أثاناسيوس انهم كانوا 300 ؛ و بعد المجمع إستخدم العدد 318 بصورة رمزية ؛ أما الباحثون المعاصرون فيقولون ان عددهم كان 220 !!
    الغريب أنه لا توجد نسخ باقية من أعمال ذاك المجمع . هذا مضحك .
    ما نعلمه أنه عندما تمت صياغة عقيدة الإيمان كان هناك 18 أسقف لا زالوا معارضين لها .
    فتدخل قسطنطين عند هذه النقطة مهددا بعقوبة النفي لكل من لا يوقـّع . أصـرّ أسقفان ليبيان
    مع آريوس على رفضهم القبول بعقيدة الإيمان فتم نفيهم هم الثلاثة .




    تــيـــرتـــولـــيـــان ( 160 ـــ 220 )

    قدم تيرتوليان , و هو أسقف قرطاجي , لاهوتا هجينا , " حلقة مفقودة " بين إله واحد غير معقول و إله مثلث غير معقول .
    رجل صارم غير مساوم ( العذروات يجب ان يكن محجبات و الزواج الثاني زنا .. إلخ ) إنفصل عن الكاثوليك في روما ( حوالي سنة 211) بسبب أساليبهم المتراخية و بسبب أنهم كانوا في قبضة "الملكانيين " ( فرقة الإله الواحد الأصلي)

    في البداية تخاصم مع الملكانيين ( الذين يقولون إن الروح القدس تكلم من خلالهم ) ثم مع طائفته الخاصـّة , فطـوّر صيغة غير كاثوليكية عن الثالوث .

    بعد أن قرأ أعمال ثيوفيلوس أعاد كلمة "trias" في صورة "trinitas" في اللغة الاتينية . عمل الصيغة الدلالية ــ " ثلاثة أشخاص , جوهر واحد " لكنه بعد ذلك ذهب إلى قول إنه منذ الأزل كان هناك " العقل " ( الحكمة ) و "الكلمة " في الإله , و لكن ليس كشخصين متميزين عن بعضهما .
    يقول تيرتوليان : في البدء لم يكن يسوع موجودا ( إذن فهو إله أصغر!) لكنه كان كائنا كاملا مخلوقا .!
    ( و بالمناسبة , هو لم يؤمن بأن مريم عذراء أبدية ! )


    إنتهت الهوامش
    ـــــــــــــــــــــ









 

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. الوثنية فى ثوب المسيحية
    بواسطة سيف الحتف في المنتدى دراسة نسخ الكتاب المقدس
    مشاركات: 16
    آخر مشاركة: 2011-01-16, 04:21 PM
  2. الجذور الوثنية لعقيدة الثالوث المسيحي - بقلم/ تيسير الفارس
    بواسطة Ahmed_Negm في المنتدى التثليث و الألوهية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 2010-11-03, 04:54 PM
  3. الأصول الزرادشتية (المجوسية) للديانة المسيحية (تشابة أم تطابق )
    بواسطة the truth في المنتدى التثليث و الألوهية
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 2010-10-14, 03:33 PM
  4. الوثنية المسيحية- كيف ولد الآب الإبن؟
    بواسطة التوحيد في المنتدى التثليث و الألوهية
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 2008-12-07, 08:55 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
RSS RSS 2.0 XML MAP HTML