جزاك الله خيرا إدريسي و أحسن إليك

ــــــــــــــــــــــــ

قال الطاهر بن عاشور رحمه الله في تحريره :

وأبو لهب: هو عبد العزى بن عبد المطلب وهو عم النبي صلى الله عليه وسلم، وكنيته أبو عتبة تكنية باسم ابنه، وأما كنيته بأبي لهب في الآية فقيل: كان يكنى بذلك في الجاهلية (لحسنه وإشراق وجهه) وأنه اشتهر بتلك الكنية كما اقتضاه حديث طارق المحاربي، ومثله حديث عن ربيعة بن عباد الديلي في «مسند أحمد» ، فسماه القرآن بكنيته دون اسمه لأن في اسمه عبادة العزى، وذلك لا يقره القرآن، أو لأنه كان بكنيته أشهر منه باسمه العلم، أو لأن في كنيته ما يتأتى به التوجيه بكونه صائرا إلى النار، وذلك كناية عن كونه جهنميا، لأن اللهب ألسنة النار إذا اشتعلت وزال عنها الدخان. والأب: يطلق على ملازم ما أضيف إليه كقولهم: «أبوها وكيالها» وكما كني إبراهيم عليه السلام: أبا الضيفان وكنى النبيء - صلى الله عليه وسلم - عبد
الرحمن بن صخر الدوسي: أبا هريرة لأنه حمل هرة في كم قميصه، وكني شهر رمضان: أبا البركات، وكني الذئب: أبا جعدة والجعدة سخلة المعز لأنه يلازم طلبها لافتراسها، فكانت كنية أبي لهب صالحة موافقة لحاله من استحقاقه لهب جهنم فصار هذا التوجيه كناية عن كونه جهنميا لينتقل من جعل أبي لهب بمعنى ملازم اللهب إلى لازم تلك الملازمة في العرف، وهو أنه من أهل جهنم وهو لزوم ادعائي مبني على التفاؤل بالأسماء ونحوها كما أشار إليه التفتازاني في مبحث العلمية من «شرح المفتاح» وأنشد قول الشاعر:
قصدت أبا المحاسن كي أراه ... لشوق كان يجذبني إليه

فلما أن رأيت رأيت فردا ... ولم أر من بنيه ابنا لديه
وقد يكون أبو لهب كنيته الحطب كما أنبأ عنه ما روي عن أبي هريرة: «أن ابنة أبي

لهب قالت للنبيء صلى الله عليه وسلم: إن الناس يصيحون بي ويقولون إني ابنة حطب النار» الحديث.