''كيف تكونت الذرات الأخرى؟

ولماذا لم تقم كل البروتونات والنيوترونات بتكوين ذرة الهيدروجين فقط؟

وكيف قررت الجسيمات ماهية الذرات التي سوف تكونها وبأية كميات؟''
تقودنا الإجابة على هذه الأسئلة مرة أخرى إلى الاستنتاج نفسه؛ هناك قوة وتحكم وتصميم ضخم في تكوين ذرة الهيدروجين وكل الذرات الأخرى التي تلتها ويتخطى هذا القدر من التحكم والتصميم طاقة العقل البشري ويشير إلى الحقيقة الواضحة التي تتمثل في أن الكون مخلوق وتجدر الإشارة هنا إلى أن قوانين الفيزياء التي وضعت نتيجة للانفجار العظيم لم تتغير على الإطلاق خلال السبع عشرة بليون سنة تقريبا التي مرت على نشوء الكون وعلاوة على ذلك، فإن هذه القوانين مبنية على حسابات دقيقة للغاية حتى إن أدنى انحراف مليمتري عن قيمها الحالية يمكن أن يتسبب في نتائج تفسد التركيب والنظام العامين في الكون بأكمله وتثير كلمات الفيزيائي الشهير (ستيفان هوكنج)Stephen Hawking حول هذه النقطة قدرا كبيرا من الاهتمام إذ يرى (هوكنج) في تفسيره لهذه الظواهر " أنها تستند إلى حسابات أدق كثيرا مما يمكن أن نتخيللو كان معدل التمدد بعد ثانية واحدة من الانفجار العظيم أصغر حتى ولو بمقدار جزء واحد من مائة ألف مليون مليون جزء، لانهار الكون قبل أن يصل إلى حجمه الحالي''[9].




يسود الكون بأكمله تصميم فائق ونظام متقن تحكمه هذه القوى الأساسية. ومالك هذا النظام هو، بلا شك، الله سبحانه وتعالى، الذي خلق كل شيء من العدم بدون أية عيوب. ولا بد أن نذكر هنا إلى أن إسحاق نيوتن (1642-1727)، وهو أبو الفيزياء الحديثة والميكانيكا الفلكية، الذي يشار إليه بوصفه "أحد أعظم العلماء في التاريخ على الإطلاق" قد لفت الانتباه إلى هذه الحقيقة:
" لا يمكن أن ينشأ هذا النظام فائق الجمال المؤلف من الشمس، والكواكب، والمذنبات إلا نتيجة لتخطيط وسلطان كيان حكيم ومقتدر. ويسيطر هذا الكيان بسلطانه على كل شيء، ليس بوصفه روح العالم، ولكن بوصفه رب كل شيء. ويُطلق على هذا الكيان عادة الله الرب، حاكم الكون".

ويتضح من الانفجار العظيم، المبني على مثل هذه الحسابات الدقيقة، أن الزمان والمكان والمادة لم ينشأوا تلقائيا، بل خلقهم الله سبحانه وتعالى ومن المستحيل تماماً أن تقع الأحداث المذكورة سابقا وأن تؤدي إلى تكوين الذرة، وحدة بناء الكون، نتيجة للمصادفة البحتة ولا يوجد ما يدعو للدهشة في أن العديد من العلماء الذين يبحثون في هذا الموضوع قد اعترفوا بوجود قوة جبارة لا حدود لها قامت بخلق الكون ويفسر عالم الفيزياء الفلكية المعروف (هيو روسHugh Ross (كيف أن خالق الكون يفوق كل الأبعاد:إن الزمن، بطبيعة الحال، هو ذلك البعد الذي تحدث فيه ظاهرة السبب والنتيجة وبدون الزمن، لن يكون هناك سبب ولا نتيجة وإذا توافقت بداية الزمن مع بداية الكون، وفقا لنظرية الزمان والمكان، ينبغي أن يكون السبب في ظهور الكون كياناً يعمل في بعد زمني مستقل تماماً عن البعد الزمني للكون وسابق لوجوده ··· ويخبرنا هذا أن الخالق يعلو فوق الوجود المادي، ويعمل وراء حدود الأبعاد الكونية ويخبرنا أيضا أن الله ليس الكون نفسه، وأن الله لا يحتويه الكون''[10].
ويتمثل أهم جانب من جوانب الانفجار العظيم في أنه يعطي البشرية فرصة أفضل لفهم قوة الله ويعتبر نشوء الكون من العدم بكل المادة التي يحويها أحد أعظم العلامات الدالة على قدرة الله كما يعتبر التوازن الدقيق في الطاقة عند لحظة الانفجار علامة كبيرة جدا توجهنا نحو التفكير في علم الله الذي لا حدود له.


المصدر: موقع هارون يحيى http://www.harunyahya.com
1. David Filkin, Stephen Hawking's Universe:The Cosmos Explained, Basic Books, October 1998, pp. 85-86
2. Stephen Hawking's A Brief History of Time A Reader's Companion (Edited by Stephen Hawking; prepared by Gene Stone), New York, Bantam Books, 1982, p. 62-63
3. Henry Margenau, Roy Abraham Vargesse, Cosmos, Bios, Theos, La Salla IL: Open Court Publishing, 1992, p. 241
4. H. P. Lipson, "A Physicist Looks at Evolution", Physics Bulletin, vol. 138, 1980, p. 138
Taskin Tuna, Uzayin Sirlari (The Secrets of Space), Bogaziçi Yayinlari, p.185
6. Colin A. Ronan, The Universe Explained, The Earth-Dwellers's Guide to the Mysteries of Space, Henry Holt and Company, pp. 178-179
7. Taskin Tuna, Uzayin Sirlari (The Secrets of Space), Bogaziçi Yayinlari, p.186
8.Steven Weinberg, The First Three Minutes, A Modern View of the Origin of the Universe, Basic Books, June 1993, p. 87
9.Stephen W. Hawking, A Brief History of Time, Bantam Books, April 1988, p. 121
10. Hugh Ross, The Creator and the Cosmos, How Greatest Scientific Discoveries of the Century Reveal
God, Colorado: NavPress, RevisedEdition, 1995, p. 76