بعد اللحظة "صفر" عندما لم تكن هناك أية مادة أو زمن وعندما حدث الانفجار، نشأ الكون ووحدات بنائه، الذرات، من العدم في إطار مخطط عظيم.


خطوة أخرى وسنجد أنفسنا عند 10 -2 من الثانية· تمثل هذه الفترة الزمنية جزءاً من مائة جزء من الثانية وبحلول هذا الوقت، تكون درجة الحرارة قد وصلت إلى 100 بليون درجة وعند هذه المرحلة، يبدأ ''الكون البدائي''early universe'' في التكوّن، ولكن جسيمات مثل البروتون والنيوترون التي تشكل نواة الذرة لم تظهر بعد ولا يوجد سوى الإلكترون وجسيمه المضاد، البوزيترون positron مضاد الإلكترون anti electron، لأن درجة حرارة الكون وسرعته عند تلك اللحظة لا تسمح إلا بتكون هذه الجسيمات وفي أقل من ثانية بعد حدوث الانفجار من العدم، تكونت الإلكترونات والبوزيترونات منذ هذه اللحظة فصاعداً، يحظى توقيت تكون كل جسيم دون ذري sub-atomic particle بأهمية بالغة ذلك أن كل جسيم يجب أن يظهر في لحظة معينة حتى يتسنى ترسيخ قواعد الفيزياء الحالية ومن المهم جدا أن نحدد أي الجسيمات تكونت أولا، لأنه حتى أدنى انحراف عن التسلسل أو التوقيت كان من شأنه أن يجعل من المستحيل للكون أن يأخذ شكله الحالي والآن، دعونا نتوقف ونفكّر قليلاً تقدم نظرية الانفجار العظيم أدلة على وجود الله لأنها تبين أن كل المواد المؤلفة للكون نتجت من العدم وقد فعلت النظرية أكثر من ذلك وأظهرت أن وحدات البناء - أي الذرات - نشأت أيضاً من العدم بعد أقل من ثانية واحدة على حدوث الانفجار العظيم وسنجد أن التوازن والنظام الهائلين في هذه الجسيمات جديران بالملاحظة، لأن الكون يدين بحالته الراهنة إلى هذا التوازن الذي سيتم وصفه بمزيد من التفصيل في الصفحات القادمة إن هذا التوازن مرة أخرى هو الذي يسمح لنا بأن نحيا حياة هادئة وباختصار، لقد تكون النظام المثالي والقوانين الثابتة، أي قوانين الفيزياء، بعد انفجار يتوقع عادة أن ينشأ عنه اضطراب وفوضى عارمة ويثبت هذا أن كل لحظة بعد خلق الكون، بما في ذلك الانفجار العظيم، تم تصميمها بشكل مثالي والآن، دعونا نستأنف تأمل التطورات من حيث توقفنا الخطوة التالية هي اللحظة التي يكون قد انقضى عندها (10 -1 ) ثانية من الوقت في هذه اللحظة، تكون درجة الحرارة قد وصلت إلى (30) بليون درجة، ولم تنقضِ ولو ثانية واحدة من اللحظة ن = صفر حتى هذه المرحلة وبحلول تلك اللحظة، تكون النيوترونات والبروتونات، التي هي جسيمات الذرة الأخرى، قد بدأت في الظهور لقد خلقت النيوترونات والبروتونات، التي سنحلل تركيبها المثالي في الأقسام التالية، من العدم خلال فترة زمنية تقل حتى عن الثانية الواحدة دعونا نصل إلى أول ثانية بعد الانفجار إن الكثافة الضخمة في هذا الوقت تشكل مرة أخرى رقما هائلاً فوفقا للحسابات، يصل مقدار كثافة الكتلة الموجودة في تلك المرحلة إلى 3,8 بليون كيلوجرام لكل لتر وقد يكون من السهل، حسابياً، التعبير عن هذا الرقم، المشار إليه ببلايين الكيلوجرامات، وكتابته على الورق ولكن من المستحيل إدراك هذا الرقم بالضبط ولإعطاء مثال بسيط جدا يعبر عن ضخامة هذا الرقم، يمكننا القول بأنه ''إذا كان لجبل إفرست في الهمالايا هذه الكثافة نفسها، سيكون باستطاعته أن يبتلع عالمنا في لحظة بقوة الجاذبية المتوفرة لديه''[7]تتمثل أكثر السمات تمييزاً للحظات التالية في أنه بحلول ذلك الوقت، تكون درجة الحرارة قد وصلت إلى مستوى أقل بدرجة كبيرة وفي تلك المرحلة، يكون عمر الكون تقريبا 14 ثانية، ودرجة حرارته 3 بلايين درجة، ويستمر في التمدد بسرعة رهيبة وهذه هي المرحلة التي بدأ فيها تكوين النوى الذرية المستقرة، مثل نوى الهيدروجين والهليوم عندئذ كانت الظروف مواتية لكي يوجد بروتون واحد مع نيوترون واحد، لأول مرة لقد بدأ هذان الجسيمان، اللذان تقع كثافتهما عند الخط الفاصل بين الوجود واللاوجود، يقاومان - بسبب قوة الجاذبية - معدل التمدد الهائل ومن الواضح أننا أمام عملية واعية وموجهة بشكل فائق فقد أدى انفجار ضخم إلى ظهور توازن هائل ونظام دقيق وقد بدأ تجمع البروتونات والنيوترونات معا لتكوين الذرة، وحدة بناء المادة ومن المستحيل بالتأكيد أن تمتلك هذه الجسيمات القوة والوعي الضروريين لتكوين التوازنات الدقيقة اللازمة لتكوين المادة وأثناء الفترة التالية لتكوين الذرة، انخفضت درجة حرارة الكون إلى بليون درجة وتعادل درجة الحرارة هذه ستين ضعفاً درجة الحرارة الموجودة في قلب شمسنا ولم يمر سوى 3 دقائق وثانيتين منذ اللحظة الأولى حتى هذه اللحظة وبحلول ذلك الوقت، أصبحت جسيمات دون ذرية مثل الفوتونphoton، والبروتون، ومضاد البروتونanti proton، والنيوترينوneutrino، ومضاد النيوترينو anti neutrino متوافرة بكثرة وتجدر الإشارة هنا إلى أن كميات جميع الجسيمات الموجودة في هذه المرحلة وتفاعلاتها مع بعضها البعض تقوم بدور حاسم جداً، لدرجة أن أقل تغيير في كمية أي جسيم سيدمر مستوى الطاقة الذي تحدده هذه الجسيمات ويمنع تحول الطاقة