يسأل أحدهم سؤالاً
ما الحكمة من النسخ
فلسفة نسخ الآيات - الإمام / الشعراوى

نأتي للنسخ في القرآن الكريم..
قوم قالوا لا نسخ في القرآن أبدا.. لماذا؟ لأن النسخ بداء على الله..
ما معنى البداء؟
هو أن تأتي بحكم ثم يأتي التطبيق فيثبت قصور الحكم عن مواجهة القضية فيعدل الحكم.. وهذا محال بالنسبة لله سبحانه وتعالى..
نقول لهم طبعا هذا المعنى مرفوض ومحال أن يطلق على الله تبارك وتعالى..

ولكننا نقول إن النسخ ليس بداء، وإنما هو إزالة الحكم والمجيء بحكم آخر.. ونقول لهم ساعة حكم الله الحكم أولا فهو سبحانه يعلم أن هذا الحكم له وقت محدود ينتهي فيه ثم يحل مكانه حكم جديد..
ولكن الظرف والمعاجلة يقتضيان أن يحدث ذلك بالتدريج..
وليس معنى ذلك أن الله سبحانه قد حكم بشيء ثم جاء واقع آخر أثبت أن الحكم قاصر فعدل الله عن الحكم.. إن هذا غير صحيح.

لماذا؟.. لأنه ساعة حكم الله أولا كان يعلم أن الحكم له زمن أو يطبق لفترة.. ثم بعد ذلك ينسخ أو يبدل بحكم آخر. إذن فالمشرع الذي وضع هذا الحكم وضعه على أساس أنه سينتهي وسيحل محله حكم جديد..

وليس هذا كواقع البشر.. فأحكام البشر وقوانينهم تعدل لأن واقع التطبيق يثبت قصور الحكم عن مواجهة قضايا الواقع..
لأنه ساعة وضع الناس الحكم علموا أشياء وخفيت عنهم أشياء.. فجاء الواقع ليظهر ما خفى وأصبح الحكم لابد أن ينسخ أو يعدل.. ولكن الأمر مع الله سبحانه وتعالى ليس كذلك.. أمر الله جعل الحكم موقوتا ساعة جاء الحكم الأول.

مثال

في أول نزول القرآن كانت المرأة إذا زنت وشهد عليها أربعة يمسكونها في البيت لا تخرج منه حتى تموت.

واقرأ قوله تعالى:" وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنْكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىا يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً"[النساء: 15]

وبعد أن شاع الإسلام وامتلأت النفوس بالإيمان.. نزل تشريع جديد هو الرجم أو الجلد.. ساعة نزل الحكم الأول بحبسهن كان الحكم الثاني في علم الله.. وهذا ما نفهمه من قوله تعالى: " أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً ".. وقوله سبحانه:" فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ "[البقرة: 109]

وقوله تعالى حتى يأتي الله بأمره.. كأن هناك حكما أو أمرا في علم الله سيأتي ليعدل الحكم الموجود.. إذن الله حين أبلغنا بالحكم الأول أعطانا فكرة.. إن هذا الحكم ليس نهائيا وأن حكما جديدا سينزل.. بعد أن تتدرب النفوس على مراد الله من الحكم الأول

/ من خواطر الشعراوى حول تفسير سورة البقرة آية 106


يسأل أحدهم

ما الحكمة فى رفع التلاوة مع بقاء الحكم ؟
أَجاب صاحب الفنون: بأَنَّ ذلك ليظهر به مقدار طاعة هذه الأُمَّة في المسارعة إِلى بذل النفوس بطريق الظنِّ، من غير استفصال لطلب طريق مقطوع به، فيسرعون بأَيسر شيء، كما سارع الخليل إلى ذبح ولدِه بمنام، والمنام أَدنى طريق الوحي‏ / الإتقان فى علوم القرآن للسيوطى .



والحكمة فى رفع تلاوة آية الرجم نفسها - أياً كان لفظا - قاله الإمام السيوطى :

سببه التخفيف على الأُمَّة بعدم اشتهار تلاوتها وكتابتها في المصحَف، وإن كان حكمها باقياً؛ لأَنه أَثقل الأَحكام وأَشدُّها، وأَغلظ الحدود، وفيه الإِشارة إلى ندب الستر‏.

يتبع ...