من الشخصيات التي حيرتني كلما قرأت عنها ولا أعلم هل أقف معها أو ضدها ....من شدة التناقضات الموجودة بها ألا وهي شخصية الحجاج بن يوسف الثقفي
من الناس من اعتبر هذا الرجل شخصية من أعظم قادة الإسلام والمسلمين ولا سيما عهد الدولة الأموية
فاعتبروه الحافظ لدولة الاسلام من التفكك والتفسخ ثم له من العبادة والجهاد ما لا ينكر بحال من الأحوال
ومن الناس من يعتبره من أظلم قادة المسلمين وذموه في شعرهم ووصفوه بأنه غشوم ظلوم سفاك للدماء بل ووصل الحال بالبعض أن كفروه , والحقيقة أن الرجل مسلم وقد قدم خدمات جليلة لحفظ القرآن من الضياع ولكن له وعليه .
فأردت إحقاقًا للحق أن أذكره لكم بحسناته وسيئاته ونترك أمره إلى الله إن شاء عذب وإن شاء غفر
الحجاج ولي العراق عشرين عاما , جيوشه فتحت الصين والهند وباكستان وبنجلاديش وأفغانستان
كانت الأمة تتفسخ فجمعها ’ ووحدها تحت راية واحدة وهي راية الدولة الأموية وهذه أعمال جليلة
ثم وقع في بلايا أشهرها قتله لعشرين ألف من التابعين والصحابة فهو قاتل عبد الله بن الزبير حفيد الصديق وقاتل سيد التابعين سعيد بن جبير
وهو الذي استباح مدينة النبي محمد صلى الله عليه وسلم لمدة ثلاثة أيام , بل لما مات أخرج سليمان بن عبد الملك من السجن ثمانين ألف مسلم بينهم ثلاثين ألف إمرأة .
قال الذهبي " ونحن نسبه ولا نحبه بل نبغضه في الله فإن ذلك من أوثق عرى الإيمان , وله حسنات مغمورة في بحر ذنوبه وأمره إلى الله , وله توحيد في الجملة ونظرائه من ظلمة الجبابرة"
وقال عمر بن عبد العزيز " لو تخابثت الأمم وجاءت كل أمة بأخبث خبيثها وجئنا بالحجاج لغلبناهم ".
بل إن عمر بن عبد العزيز يوم أن علم بوفاته خر لله ساجدًا شكرًا ,ومع هذا جلس عمر يومًا ووقع في الحجاج أحد الأشخاص بعد موته , فقال عمر "ياهذا لقد مات الرجل وأفضى لما قدم وإن الله سينتقم منه لمن ظلمهم وسينتقم له لمن ظلمه".
إذًا فمع بغضه قال " إنه رجل مسلم فاسق عاصٍ جبار هو في ذمة الله".
أما أسماء بنت أبي بكر الصديق فقد قال يومًا للحجاج بعد استشهاد ولدها عبد الله بن الزبير " لقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من ثقيف كذاب ومُبِير, أما الكذاب فقد عرفناه وهو المختار رجل خرج من ثقيف وادعى النبوة وقُضي عليه, وأما المبير فلا أراه إلا أنت " والمبير سفَّاك للدماء , قتَّال المسلمين ظلمًا.
_ من هو الحجاج؟
هو أبو محمد الحجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عُقيل الثقفي , والده كان معلم صبيان بالطائف وله أملاك في مكة, زكان والده من سادات ثقيف ومن أشرافهم , وقد كانت من أكبر القرى في الجزيرة , ودليل ذلك من القرآن الحجاج الإدانة والبراءة(الحلقة الأولى) " وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ [الزخرف : 31]
يَقصد مَكَّة وَالطَّائِف قَالَهُ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا وَعِكْرِمَة وَمُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ وَقَتَادَة وَالسُّدِّيّ وَابْن زَيْد وَقَدْ ذَكَرَ غَيْر وَاحِد مِنْهُمْ أَنَّهُمْ أَرَادُوا بِذَلِكَ الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة وَعُرْوَة بْن مَسْعُود الثَّقَفِيّ .
وعروة بن مسعود هو الرجل الثاني وهو جد الحجاج وهو أعظم رجل في ثقيف بل لقد صار اسم الحجاج لقب ( فمن كان اسمه يوسف يقال له أبو حجاج) على أية حال فالرجل له نسب وشرف.
- أمه :
هي الفارعة بن همام بن عروة بن مسعود الثقفي سيدة ثقيف وأكثر نسائها حُليًا وكانت قبل أن تتزوج من والد الحجاج كانت تحت سيدنا المغيرة بن شعبة الثقفي.
ويروى أن المغيرة دخل يومًا على الفارعة بنت همام في وقت السَحَر فوجدها تتخلل فبعث لها بطلاقها ( تتخلل أي تنظف أسنانها مما علق بها بعود من الخِلة ) فسألته عن السبب فقال : إن كنت قد بادرت بالغداء فأنت شرهة "أي أكلت قبل أن يأتي زوجها"
وإن كنت قد بتِ والطعام بين أسنانك فأنت قذرة فطلقها, فقالت " كل ذلك لم يكن ولكني تخللت من شظايا السواك ووالله ما فرحنا إذ كنا وما ندمنا إذ بِنَا (أي طُلِقَت)
فندم المغيرة على ما فعل فلقيه يوسف بن الحكم والد الحجاج فقال له : يايوسف هل لك في شيئ أدعوك إليه؟ قال : وما ذاك؟ قال : إني نزلت الساعة عن سيدة نساء ثقيف الفارعة فلو انتظرت حتى تنتهي العدة وتزوجت منها فهذا حسنٌ ففعل فولدت له داهية العرب في زمانه.
جده لأمه هو عروة بن مسعود الثقفي صحابي جليل وصاحب شرف قبل الإسلام وبعده وأحد الأشخاص البارزة في ثقيف , وقد أسلم في العام التاسع من الهجرة , وسُر رسول الله بإسلامه ,فلما أسلم عروة قال يارسول الله إئذن لي أن أخرج إلى قومي وادعوهم للإسلام , قال له النبي : إنهم قاتِلوك
قال : والله لو وجدوني نائمًا ما أيقظوني , قال النبي : فسر إليهم , فسار إليهم ودعاهم للإسلام وأعلن اسلامه فقتلوه وكادت أن تقع حروب دامية بين قبائل ثقيف غير أن الرجل قال في النزع الأخير"عفوت عن قاتلي,احقنوا دماءكم "
فلما سمع رسول الله بموته قال:" مثل عروة صاحب يس دعاهم إلى الله فقتلوه وعندما رأى مكانه في الجنة قال اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون" فالحجاج نسيب , حسيب , صاحب شرف.
ألتقي بكم ان شاء الله في المرة القادمة مع نشأته واتمنى أن تفكروا في شخصه وتتابعوا حلقاته

hgp[h[ fdk hgY]hkm ,hgfvhxm(hgpgrm hgH,gn)