بسم الله الرحمن الرحيم

ميم... مفتوحة
لام... مكسورة
كاف... مضمومة منوّنة

أنتَ أو أنتِ
أنت ولا أحد غيرك

مـَـلِـكٌ

كيف؟؟؟
ومتى؟؟؟

هذا ما قاله الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - وعن أبيه.
حيث جاء رجلٌ إلى عبد الله بن عمرو بن العاص فسأله قائلاً:
ألسنا من فقراء المهاجرين؟
فقال له عبدُ الله:
ألك امرأةٌ تأوي إليها؟
قال: نعم.
قال: ألك مسكنٌ تسكنُه؟
قال: نعم.
قال: فأنت من الأغنياء.
قال الرجل: فإن لي خادماً.
قال: فأنت من الملوك!
رواه مسلم.

وشكا رجل ضيقَ حالِه إلى يونسَ بنِ عبيد
فقال له يونس: أيسرُّك أن لك ببصرك هذا الذي تبصرُ به مائةَ ألفَ درهم؟
قال الرجل: لا.
قال: فَبِيَدِكَ مائةَ ألفَ درهم؟
قال: لا.
قال: فبرجليك؟
قال: لا.
فذكّـره نعمَ اللهِ عليه، فقال يونس: أرى عندك مئين ألوفٍ وأنت تشكو الحاجة. رواه أبو نعيم.
يعني أرى عندك مئات الألوف ونِعمٌ لا تُقدّر بثمن... وأنت مع ذلك تشكو الحاجة!

هل تأملت نعم الله عليك؟؟؟
قليل المتأمل...
قال – سبحانه -: (وقليل من عبادي الشكور)

هل تأملت نعمة لم تشعر بها؟؟؟
نعمة تُلازمك يومك كله وليلك كلّه

قال ابن القيم - رحمه الله -:
ويكفي أن النَّفَـسَ من أدنى نِعَمِهِ التي لا يكـادُون يعدّونـها، وهو أربعةٌ وعشرون ألفَ نَفَس في كل يوم وليلة. فـ (لِلّه) على العبد في النَّفَس خاصةً أربعةٌ وعشرون ألفَ نعمة كلَّ يوم وليلة. دع ما عدا ذلك من أصناف نِعَمِهِ على العبد، ولكل نعمةٍ من هذه النعم حقٌّ من الشكر يستدعيه ويقتضيه. انتهى كلامه.

روى الترمذي وغيره عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إن أولَ ما يُسألُ العبدُ عنه يومَ القيامة من النعيم أن يُقالَ له: ألم نُصحِّ لك جسمَك، ونُرويك من الماء البارد؟ حديث صحيح.
قال ابن مسعودٍ: النعيم: الأمن والصحة.
قال أبو الدرداء: كم من نعمةٍ لله في عرقٍ ساكن.
وهذه الجوارح وتلك الأعضاء لا تُقـدّر بثمن، ولو كانت تقدّر بالأثمان لكان الأثرياء وأصحابُ رؤوس الأموال أكثرَ الناسِ صحةً، غير أن المشاهد عكس ذلك.

ومع نهاية هذا العام
وتوديع هذه السنة

هلا عُدت إلى نفسك بالملام
وألقيت عليها خطاب العتاب

يا نفس: هذه نعم الله عليك تترى
ونعمه عليك تتوالى
وأنت تُبارزين مولاك بالمعاصي
أفلا تستحين منه حق الحياء؟

ويحك يا نفس احرصي **** على ارتياد المَخْلَصِ

ويحك يا نفس
لو أن مُجرما – مهما كان جُرمه – شهد عليه أربعة لكفى بهم لإدانته
كيف وقد شهد عليك ما يزيد على ثلاثمائة شاهد
كلهم يشهد عليك
وشهادتهم مُدونة محفوظة في كتاب لا يُغادر صغيرة ولا كبيرة

كان توبة بن الصمة - رحمه الله - محاسباً لنفسه فحسب فإذا هو ابن ستين سنة، فحسب أيامها فإذا هي واحد وعشرون ألف يوم وخمسمائة يوم، فصرخ، وقال:
يا ويلتى ألقي المليك بواحد وعشرين ألف ذنب؟
فكيف وفي كل يوم عشرة آلاف ذنب، ثم خـرّ مغشيا عليه، فإذا هو ميت.
فسمعوا قائلا يقول: يا لك ركضه إلى الفردوس الأعلى. رواه البيهقي في شعب الإيمان.

هكذا فلتكن المحاسبة.

فيا أخوتاه ويا أخيّاتي:

قبيل وداع هذا العام أحسنوا فيما بقي ليُغفر لكم ما قد مضى.

قال فضيل بن عياض لرجل: كم أتت عليك؟ (يعني كم مضى من عمرك)
قال: ستون سنة.
قال: فأنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك. توشك أن تبلغ.
فقال الرجل: يا أبا علي إنا لله وإن إليه راجعون.
قال له الفضيل: تعلم ما تقول؟
قال الرجل: قلت: إنا لله وإنا إليه راجعون.
قال الفضيل: تعلم ما تفسيره؟
قال الرجل: فسِّره لنا يا أبا علي.
قال: قولك إنا لله تقول أنا لله عبد وأنا إلى الله راجع. فمن علم أنه عبد الله وأنه إليه راجع، فليعلم بأنه موقوف، ومن علم بأنه موقوف فليعلم بأنه مسئول، ومن علم أنه مسئول فليعد للسؤال جواباً.
فقال الرجل: فما الحيلة؟
قال يسيره.
قال: ما هي؟
قال تُحسِن فيما بقي يغفر لك ما مضى وما بقي. فإنك إن أسأت فيما بقي أُخِذتَ بما مضى وما بقي.

ألا إنها دعوة للمحاسبة.

قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -:
حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وتزينوا، وإنما يخف الحساب يوم القيامة على من حاسب نفسه في الدنيا.
وفي رواية أنه قال: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، وتزينوا يوم تعرضون لا يخفى منكم خافية.

وقال ميمون بن مهران - رحمه الله -: لا يكون العبد تقيا حتى يحاسب نفسه كما يحاسب شريكه من أين مطعمه وملبسه؟

وأستودعكم الله.

وعذرا على الإطالة.

HkJj lJgJ;>>>???