النتائج 1 إلى 2 من 2
 
  1. #1

    عضو لامع

    سكون الليل غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1899
    تاريخ التسجيل : 4 - 3 - 2010
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 357
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 15

    افتراضي : أناس عاشوا الشرك والكفر والوثنية ، ثم هداهم الله ، فأسلموا وآمنوا :


    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ///

    أحب الصالحين ولست منهم *** لعلي أن أنال بهم الشفاعة
    واكره من تجارته المعاصي *** ولو كنا سواء في البضاعة



    هؤلاءثمانية نماذج من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ؛ الذين أعلنوا إسلامهم ، وهداهم الله من الضلالة وبصرهم من العمى ، و أخرجهم من الظلمات إلى النور {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ}(الجمعة:2){أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإسلام فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ} (الزمر: من الآية 22) {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإسلام وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ}(الأنعام : من الآية 125) {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} (فصلت:30) {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} (الأنبياء:101)
    {لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ} (الأنبياء:102).
    {لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ} (الأنبياء:102).

    هؤلاء الثمانية الأبطال : أناس عاشوا الشرك والكفر والوثنية ، ثم هداهم الله ، فأسلموا وآمنوا :
    1- عمير بن وهب المفاجأة الكبرى.
    2- الطفيل بن عمرو الدوسي الداعية العملاق .
    3- عمرو بن العاص مكسب للإسلام.
    4- ثمامة بن أثال بطل المغامرة.
    5- ضمام بن ثعلبة صاحب المسائل العقدية .
    6- عبد الله بن سلام شاهد من بني إسرائيل .
    7- عكرمة بن أبي جهل الراكب المهاجر.

    عمير بن وهب
    أما عمير بن وهب ، فقد كان وثنيا مشركا ، لا يعرف الله ، بل كفر بلا إله إلا الله محمد رسول الله .
    أسلم كثير من كفار قريش ، أما هو فأبى أن يسلم .
    قتل أقاربه في بدر ، فاجتمع هو وصفوان بن أمية عند البيت العتيق ، والرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة لا يعلم عنهما شيئا ، لكن الله تعالى يعلم .
    اجتمعوا تحت الميزاب ،وتشاوروا في مناجاة ؛ لا يسمعهم ثلاث إلا الله {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا } (المجادلة: من الآية 7) .
    قال عمير لصفوان : وددت أن أحداً يكفل أهلي ومالي ، وأذهب إلى محمد في المدينة فأقتله .
    فقال صفوان : أنا اكفل اهلك ، وأقوم بأطفالك : الدم دمي والهدم هدمي .
    قال : فاكتم هذا الأمر .
    قال : أكتمه.
    قال : فإني ذاهب إلى محمد ، وأقول للنا : إني أريد الاسارى ، يعني : أرى أهل بدر ، وكانوا سبعين اسيرا في المدينة ، ولا تخبر أحداً .
    لكن علام الغيوب الذي لا يخفى عليه خافية علم .
    ذهب عمير بن وهب ، فأخذ سيفه فسمه بالسم الأزرق ، حتى اصبح السيف ازرق من السم .
    وخرج يمضي في الليل ، ووصل إلى المدينة قبل الغروب ، فرآه عمر بن الخطاب ، وعمر قد أوتي فراسة الإيمان ، يلتقط بعينه الشياطين من رؤوس الملاحدة .
    فقال للصحابة : إني أرى الشيطان متقمصا هذا الرجل ، يعني : عمير بن وهب ، فأقبل عمر منه ، وقال : إلى أين يا عمير ؟
    قال عمير : أتيت الأفادى الاسارى من محمد .
    فمسكه بقميصه ، وثيابه ، وأخذ يقتاده إلى محمد صلى الله عليه وسلم رهينة .
    السيف مع ذاك ، لكن الله مع عمر ، والموت مع ذاك . ولكن الحق مع عمر .
    فأخذه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن عنده سلاح ، وعمير معه سيف مسموم ، ولكن :
    عناية الله أغنت عن مضاعفة *** من الدروع وعن عال من الاطم
    قال صلى الله عليه وسلم : (( يا عمير ، ماذا جاء بك ))؟
    قال : أتيت من أجل قرابة لي أسرتهم يوم بدر أفاديهم .
    فقال صلى الله عليه وسلم : (( لا ، والذي نفسي بيده ، إنك جلست أنت وصفوان بن أمية ليلة كذا في يوم كذا تحت ميزاب الكعب فقلت لصفوان : وددت إني اقتل محمدا لكن أهلي وأطفالي ، فقال لك صفوان : اذهب وأنا أكفيك الأطفال ، فسممت سيفك شهرا ، ثم أتيت لتقتلني ، وما كان الله ليسلطك على ذلك )).
    فقام عمير وقال : اشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله(7)
    {أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ} (الطور:15) ؟.
    أكهانة هذه ، أم هو الحق الصراح ؛ الذي أتى به الوحي مع جبريل عليه السلام {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى}(لنجم:1)
    {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى}(لنجم:2) {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} (لنجم:3) {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى } (لنجم:4)
    {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} (لنجم:5) .

    وفي قصة عمير دروس :
    وقال ابن عمر : كنا نتحدث أن السكينة تنزل على لسان عمر .
    الثاني : علم الله وسعته {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} (الأنعام:59)
    الثالث : معجزة له صلى الله عليه وسلم ، وقد علمه الله .
    الرابع : أن من ادعى علم الغيب ، فقد كذب إلا الأنبياء والرسل {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} (النمل:65)
    الخامس : فضيلة لعمير ؛ لأنه عندما علم الحق أذعن له وأسلم ، ولم يكابر ، فأصبح بطلا من أبطال الإسلام .
    **************************************
    الطفيل بن عمرو
    أما العلم والبطل الثاني فهو الطفيل بن عمرو الدوسي : وهو من دوس زهران ، من السراة سمع بالرسول صلى الله عليه وسلم في مكة ، فركب جمله ، وأخذ متاعه ، ولبس ثيابه.
    وكان الطفيل شاعرا مجيدا ، وخطيبا فصيحا ، يعرف جزل الكلام من ضعيفه .
    وصل إلى مكة ، ولكن الدعايات المغرضة ضد الرسول صلى الله عليه وسلم تتحرك من المشركين لتشويه سمعة المصطفى صلى الله عليه وسلم بالقول المريض ، والتعليقات المرة .
    دخل مكة ، فلقيه كفار قريش .
    فقالوا : إلى أين يا طفيل ؟
    قال : أريد هذا الذي يزعم انه نبي
    قالوا : ما أشبه ذلك تريد ؟
    قال : أريد أن اسمع كلامه ، إن كان حقا اتبعته ، وإن كان باطلا تركته .
    قالوا : إياك وإياه ، إنه ساحر ، انه شاعر ، انه كاهن ، انه مجنون ، أحذر لا تسمع كلامه .
    قال الطفيل : فوالله ، ما زالوا بي يخوفونني حتى أخذت القطن فوضعته في اذني .
    لكن الحق أقوى من القطن ، والقران ينفذ من خلال القطن إلى القلب .
    قال : ودخلت الحرم يوما ، والقطن في أذني لا اسمع شيئا .
    لكن أراد الله عز وجل أن يفتح أذنيه ؛ لأن بعض الناس له أذنان وعينان وقلب ، لكن كما قال سبحانه : {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} (لأعراف:179)
    أتى فرأى وجه الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقال : فلما رأيت وجهه عرفت انه ليس بوجه كذاب .
    لو لم تكن فيه آيات مبينة *** لكن منظره ينبئك بالخير
    وجه الكذاب تعرفه ، ووجه الخمار تعرفه ، ووجه تارك الصلاة تعرفه ، وهكذا وجه المصلي والصادق تعرفه ، وأصدق الصادقين وخير الناس أجمعين : محمد صلى الله عليه وسلم .
    قال الطفيل : فسمعته صلى الله عليه وسلم يقرأ ، لكن لا اسمع ؛ لأن في أذني القطن ، فقلت لنفسي : عجبا لي ، أنا رجل شاعر فصيح ، اعرف حسن الكلام من قبيحه ، لماذا لا أضع القطن ، فإن سمعت الكلام طيبا وإلا تركته ؟!
    فوضع القطن ، وهذه هي الخطوة الأولى .
    وبدأ صلى الله عليه وسلم يقرأ آيات القرآن .
    فلما سمع الكلام وقع في قلبه .
    هل يستطيع ملحد ، إن كان عنده عقل أن يسمع {طه} (طـه:1) {مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} (طـه:2) {إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى} (طـه:3)
    ولا يؤمن ؟
    من يستطع أن يسمع {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} (قّ:1){بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ} (قّ:2) ولا يسلم ؟
    قال : فلما سمعت الكلام ، تقدمت ، وقلت : عم صباحا ، يا أخا العرب.
    هذه تحية جاهلية ، وهي ملغاة عند محمد صلى الله عليه وسلم ، فلا تقبل .
    وقد كانت تقال في الجاهلية : عم صباحا ، ولذلك يقول امرؤ القيس :
    ألا عم صباحا أيها الطلل البالي *** وهل يعمن من كان في الأعصر الخالي
    فقال صلى الله عليه وسلم : (( أبدلني الله بتحية خير من تحيتك )) .
    قال : وما هي ؟
    قال : (( أبدلني الله بتحية خير من تحيتك )) .
    قال : وما هي ؟
    قال : (( السلام عليكم ورحمة الله )) .
    ما أحسن الكلام !
    فقال : السلام عليكم .
    فرد عليه .
    قال : من أنت ؟
    قال : (( أنا رسول الله )) .
    قال : من أرسلك ؟
    قال : (( الله )) .
    فقال الطفيل : إلى ماذا تدعو ؟
    فأخبره وقرا عليه شيئا من القرآن .
    قال : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله (8).
    ثم قال : يا رسول الله ، أنا من دوس ( هو سيد قبيلة دوس ) .
    فأمره صلى الله عليه وسلم أن يعود داعية إليهم .
    فعاد داعية إلى دوس ؛ فلما وصل إليهم قال : هدمي من هدمكم حرام ، ودمي من دمكم حرام ، حتى تؤمنوا بالله ، فكفروا ، وأعرضوا ، وغلبهم الزنا .
    فأتى مرة ثانية إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقال : يا رسول الله ، غلب على دوس الزنا ، وكفروا بالله ، فادع الله عليهم ، يا رسول الله . أي : أن يسحقهم ويحطمهم ، ويجعلهم شذر مذر .
    لكن محمدا صلى الله عليه وسلم كان كما قال الله : {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم:4)
    {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}(آل عمران: من الآية 159) {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} (التوبة:128)
    فرفع يديه صلى الله عليه وسلم ، يريد أن يدعو لهم ، فظن الطفيل انه يدعو عليهم .
    فقال الطفيل : هلكت دوس .
    فقال صلى الله عليه وسلم : (( اللهم اهد دوسا وائت بهم ، اللهم اهد دوسا وائت بهم ، اللهم اهد دوسا وائت بهم ))(9).
    ثم قال : يا طفيل ، اذهب إلى دوس ، فادعهم إلى الإسلام ، ومن ألم معك ، فقاتل به من كفر ، فذهب ، وطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يجعل له آية .
    فسال له فوقع نور في جبهته يضيء له في الليل .
    أضاءت لهم أحابهم ووجوههم *** من الليل حتى نظم الجذع ثاقبه
    قال : يا رسول الله ، أخشى أن يقولوا : في مثلة ( أي : مرض ) فادع الله أن يحول عني هذا النور ، فحوله إلى العصاء ، فكان إذا رفع العصا أضاءت له جبال زهران .
    فلما وصلهم ، كانوا قد تهيؤوا بدعاء الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقال: (( أدعوكم إلى لا إله إلا الله محمد رسول الله )) ، ثم أراهم الآية .
    فاسلموا جميعا ودخلوا في دين الله أفواجا ، فسبحان من يهدي .
    وأتى بهم ، رضي الله عنه وأرضاه ، في موكب عظيم ، ود
    ودخل بهم بعد الهجرة إلى المدينة في جيش عرمرم ، حتى ثار الغبار من رؤوسهم ، وكلهم ف يميزان الطفيل .
    وكان من حسناته : أبو هريرة ،صاحب الحديث ، وأستاذ المحدثين في الإسلام ، وابر حافظ في الأمة المحمدية ، والراوية العملاق ، رضي الله عنه و أرضاه .
    واستمر الطفيل يدعو ، ويجاهد ، وكان قد باع نفه من الله ، حتى قتل في اليمامة شهيدا {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ}(الفجر:27)
    {ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً} (الفجر:28)
    {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} (الفجر:29)
    {وَادْخُلِي جَنَّتِي} (الفجر:30)
    وفي قصة إسلام الطفيل دروس :
    أولها : أن تحية أهل الإسلام : (( السلام عليكم )) ولا تستبدل بغيرها .
    الثاني : أن على الداعية أن يعرض القرآن ، ولا يستبدل به في دعوته كلاما آخر .
    الثالث : أن على الداعية ألا يستعجل ، وان يكون حليما صبورا ، واسع الصدر ، لعل الله أن يهدي به .
    الرابع : أن الله أيد رسوله صلى الله عليه وسلم بمعجزات .
    الخامس : إثبات أهل السنة للكرامات التي للأولياء ، فإن من كرامات الأولياء : ما وقع للطفيل .
    السادس : أن من دعا إلى خير ، والى هدى ، كان له من الأجر مثل أجور من تبعه ، وبالعكس : من دعا إلى ضلالة كان عليه من الوزر مثل أوزار من تبعه إلى يوم القيامة
    السابع : أن الله تعالى يكرم عباده بالشهادة ، وقد أكرم الطفيل بذلك .

    **************************
    عمرو بن العاص

    أما الرجل الثالث ، فهو عمرو بن العاص داهية العرب : الذي كان إذا رآه عمر بن الخطاب ، قال : رمينا ارطبون الروم بارطبون العرب .
    كان عمرو بن العاص دقيقا قصيرا ، لكن كله عقل وذكاء يتوقد .
    وجاء عن عمر انه كان إذا رآه يقول : ليس لأبي عبد الله أن يمشي إلا أميرا .
    روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( بنو العاص مؤمنان عمرو وهشام )) والحديث هذا صحيح(10) .
    تأخر في الإسلام ، رضي الله عنه و أرضاه ، فرافقه إلى المدينة عثمان بن أبي شيبة ؛ من بني عبد الدار وخالد بن الوليد ، فلما اقتربوا من المدينة ، قال عمرو لهم : دعوني حتى أقدم على الرسول صلى الله عليه وسلم ، فإن لي ذنوبا اعتذر منها .
    فتركوه .
    فاقبل عمرو ، فلما رآه صلى الله عليه وسلم هش وبش في وجهه ، وقام له فأجلسه بجانبه .
    قال : يا رسول الله ، أريد أن اسلم ابسط يدك لأبايعك .
    فبسط يده صلى الله عليه وسلم ، فقبض عمرو يده .
    قال صلى الله عليه وسلم : (( ما لك يا عمرو )) ؟
    قال : اشترط .
    قال : (( ماذا تشترط )) ؟
    قال : اشترط أن يغفر الله لي ذنبي .
    قال : (( أما علمت يا عمرو أن الإسلام يهدم ما قبله وان التوبة تجب ما قبلها )) ؟
    قال عمرو : فأسلمت ، فوالله الذي لا إله إلا هو ، ما كان أحد احب إلي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والله ما ملأت عيني بعد الإسلام منه إجلالا له ، والله لو سألتموني الآن أن أصفه ما استطعت أن أصفه.
    فاسلم ، وأصبح من دهاة الناس ، عظيما من العظماء ، ينفع الله به هذا الدين ، ويقود كتائب المسلمين .
    وله مواقف مع الرسول صلى الله عليه وسلم .
    في ترجمته أن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يتألفه في أول أيام الإسلام ، فخطب صلى الله عليه وسلم فكان ينظر إلى عمرو ولا ينظر إلى الناس يتألفه بالنظر .
    قال عمرو : فتوهمت إني أفضل الناس .
    فلما انتهت الخطبة قلت : يا رسول الله من أفضل – ظن أن الرسول صلى الله عليه وسلم سيقول : عمرو بن العاص !..
    قال : (( أبو بكر )) .
    قال : ثم من ؟
    قال : (( عمر )).
    قال : ثم عدد رجالا ، فوددت أن الأرض خسفت بي(11).
    قال عمرو : أرسلني صلى الله عليه وسلم في غزوة فأتيت لأتهيأ ، وهو يتوضأ صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ، أنا لا أريد المال أريد الجهاد في سبيل الله ، فتبسم صلى الله عليه وسلم وقال : (( يا عمرو نعم المال الصالح في يد الرجل الصالح ))(12).
    وصح انه خرج في غزوة ، وكان قائدا على ابي بكر وعمر ، وعلى أمثالهما من الصحابة ، فأصابته جنابة في ليلة شاتبة .
    فترك الماء ، لأنه ما استطاع أن يغتسل به فتيمم وصلى بهم .
    فشكوه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم .
    فقال صلى الله عليه وسلم : (( يا عمرو أصليت بأصحابك جنبا )) ؟
    قال : يا رسول الله إن الله يقول :{ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً} (النساء: من الآية 29) يفتي بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم ! .
    فتبسم صلى الله عليه وسلم وسكت (13).
    والتبسم عند أهل الحديث : إقرار ، فإذا تبسم صلى الله عليه وسلم ، وسكت فسكوته : إقرار ، : اقره على ما فعل ، رضي الله عنه وأرضاه .
    وفي إسلامه دروس :
    أولا : أن التوبة تهدم ما قبلها من الذنوب والخطايا ، ولو كانت كالجبال إذا كانت صادقة نصوحا ، وأن الإسلام يهدم ما قبله من الخطايا فلا يعاتب العبد إذا أحسن على ما فعل في الجاهلية .
    الثاني : أن علي الداعية أن يتألف القلوب بنظرة أو كلمة حانية .
    الثالث : المبايعة بالأيدي ، وأنها سنة من سنن الرسول صلى الله عليه وسلم
    الرابع : حبه صلى الله عليه وسلم وما كان له من منزلة في قلوب الصحابة .
    الخامس : أن الناس يوزنون بميزان قوله – سبحانه وتعالى -:{أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ} (الاحقاف:16)
    السادس : أن الإنسان يقدر ببلائه في الإسلام .
    السابع : أن الدهاء يستخدم لإعلاء كلمة الله ، ولا باس به ، وإذا استخدم لإضرار المسلمين فهو خبث ونكاية ونفاق ، والعياذ بالله .

    ***************************************
    ثمامة بن أثال
    أما الرجل الرابع ، فهو : ثمامة بن أثال ؛ سيد بني حنفية ، وبنو حنيفة منهم : مسيلمة الكذاب ، ومنهم : ثمامة بن أثال .
    ثمامة بن أثا كان يسكن في حصن له في ارض بني حنيفة في نجد ، وفي ليلة من الليالي سمع الرسول صلى الله عليه وسلم أن ثمامة هذا يريد أن يغزو المدينة .
    فقال صلى الله عليه وسلم ، فيما يروى عنه : ( بل أنا اغزوه إن شاء الله )) .
    أي : قبل أن يتحرك من هناك نرسل له من يغزوه .
    فأرسل له صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد في كوكبه وفي سرية .
    فأخذ خالد سيفه وخيله ، ومشى بالأبطال إلى وادي بني حنيفة في نجد .
    وفي إحدى الليالي قال ثمامة لزوجته : أنا لا اخرج هذه الليلة للصيد أبدا ؛ لأنه شعر بشيء .
    لكن الله إذا أراد شيئا اتمه { وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى}(لأنفال: من الآية 17).
    قال زوجته : لم ؟
    قال : أتوجس ، أي : أتاني خوفا لا ادري ما سببه .
    فمكث في حصنه وقصره ، والأبواب مغلقة عليه ، لكن أراد الله أن يخرجه لخالد ليأسره ويذهب به إلى المدينة ، فأرسل الله له الغزلان والظباء تلك الليلة حتى كانت تنطح باب الحصن .
    فقالت زوجته وهو في ضوء القمر : عجيب أمرك كل ليلة تطارد الغزلان ، ولا تجدها ، واليوم أتت تناطح أبوابنا ، انه لمن العجز أن تتركا .
    فأخذ القوس والأسهم ، وأتى وراء الغزلان، ففتح الباب ففرت الغزلان قليلا ، ففر وراءها ، فدخلت حديقة ، فدخل وراءها ، فخرج ، فخرج من الحديقة .
    فلما أصبح في الصحراء ، وإذا بخالد يطوقه .
    قال : من أنت ؟
    قال : خالد بن الوليد ، إن كنت لا تعرفني تعرفني الليلة .
    قال : ماذا جاء بك ؟
    قال : سمعنا انك تريد أن تغزو يثرب ، وقد أرسلني صلى الله عليه وسلم إليك .
    قال : من اكلم ؟
    قال كلم رسول الله في المدينة ، فركب معه واتى به أسيرا
    مشدودا . والحديث في (( الصحيحين )) ، وقال البخاري ( باب ) ربط الأسير في المسجد من حديث أبي هريرة .
    فدخل خالد بهذا الأسير وربطه في سارية المسجد لثلاث مسائل :
    أولها : أن هذا إهانة للأسير المشرك .
    الثاني : لعله أن يرى صولة الصحابة وجولتهم، فيراهم وقد تجمعوا في المجد ، وقد اهتدوا فيهتدي .
    الثالث : لعله أن يسمع الوحي والقرآن والصلاة إذا صلى صلى الله عليه وسلم فيتأثر .
    فربطه في سارية المسجد .
    فأتى صلى الله عليه وسلم للصلاة ، فقال : (( أسلم يا ثمامة )).
    قال ثمامة : يا محمد ، إن تقتلني تقتل ذا دم ، وإن تنعم تنعم على شاكر .
    يقول : إن قتلتني فإن دمي لا يضيع فأنا سيد قبيلة ، فورائي أبطال يأخذون بدمي ، وإن عفوت عني وأطلقتني فسوف تجد الجميل عندي محفوظا .
    فتركه صلى الله عليه وسلم .
    فكان صلى الله عليه وسلم خلال ثلاثة أيام كلما أتى إلى الصلاة قال:((يا ثمامة أسلم))
    فيعيد قوله .
    فقال صلى الله عليه وسلم : (( أطلقوه )) .
    فأطلقوه ، فذهب إلى نخلة من نخل المدينة ، فأخذ ماء فاغتسل ثم دخل المسجد ، وقال : اشهد أن لا إله إلا الله وانك رسول الله .
    فقال له صلى الله عليه وسلم: (( ولماذا لم تسلم وأنت في القيد )) ؟
    قال : أخشى أن تتحدث العرب إني أسلمت ذلا ؛ لأنه سيد من السادات .
    قال : يا رسول الله ، إن شئت أن امنع حنطة اليمامة عن قريش فعلت .
    قال : امنعها عنهم .
    فذهب يعتمر ، فقال له كفار قريش : هيه ، يا ثمامة صبأت مع محمد .
    قال : والله ، لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة .
    فقيدوه ، فخرج من القيد ، وفر إلى اليمامة ، فضرب حظرا اقتصاديا عليهم فما وصلتهم حبة (14)

    وفي قصته دروس :
    أولا : جواز إدخال الكافر المجد للحاجة .
    الثاني : التمهل بالكافر ثلاثة أيام لعله أن يهتدي .
    الثالث : التضييق على الكافر لعله أن يهتدي أو يخاف .
    الرابع : استخدام أهل الوجاهات وإنزالهم منازلهم .
    الخامس : الغسل للكافر .

    *****************************
    ضمام بن ثعلبة
    وأما الرجل الخامس ، فهو : ضمام بن ثعلبة : وحديثه في (( الصحيحين )) .
    سمع بداع للرسول صلى الله عليه وسلم يعرض الإسلام ، فاطمأن قلبه ، فأخذ ناقته ، وركبها ووفد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم .
    فأتى ، والصحابة مجتمعون في المسجد مع الرسول صلى الله عليه وسلم ، والرسول صلى الله عليه وسلم كان من هديه أن يتكئ أحيانا على الميسرة ، وأحيانا على الميمنة ، فيأتي الأعرابي والغريب فلا يعرف الرسول صلى الله عليه وسلم
    فأتى هذا الرجل ، فعقل ناقته في طرف المسجد ، وجاء بعصاه يتخطى الصفوف ، وقال : أين ابن عبد المطلب ؟ أي : محمد صلى الله عليه وسلم !!
    فأتى هذا الرجل ، فعقل ناقته في طرف المسجد ، وجاء بعصاه يتخطى الصفوف ، وقال : أين ابن عبد المطلب ؟ أي : محمد صلى الله عليه وسلم !!
    وهو ابن عبد الله ، لكن كان جده عند العرب أشهر ؛ لأنه كان سيدا مطاعا .
    ولذلك كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في حنين :
    أنا النبي لا كذب
    أنا ابن عبد المطلب
    قال للصحابة : أين ابن عبد المطلب ؟
    قال الصحابة : هو ذاك الرجل الأبيض الأمهق المرتفق . ( الأمهق : المشوب بحمرة ، والمرتفق : أي المتكئ ) .
    فتخطى الصفوف وقال : يا ابن عبد المطلب .
    فقال صلى الله عليه وسلم : (( قد أجبتك )) .
    قال : إني سائلك فمشدد عليك في المسالة .
    يقول بعض العلماء: هذا أقوى ، أو أصعب سؤال ورد عن التوحيد في السنة .
    قال : (( سلما بدا لك )) .
    قال : من رفع الماء ؟
    قال : (( الله )).
    قال : من بطن الأرض ؟
    قال : (( الله )) .
    قال : من نصب الجبال ؟
    قال : (( الله )).
    قال : أسالك بمن رفع السماء ، وبط الأرض ، ونصب الجبال ، آلله أرسلك إلينا رسولا ؟
    فجل صلى الله عليه وسلم من عظم السؤال ، وقال : (( اللهم نعم )) .
    قال : أسألك بمن رفع السماء ، وبسط الأرض ، ونصب الجبال ، آلله أمرك بأن تأمرنا بخمس صلوات في اليوم والليلة ؟
    قال : (( اللهم نعم )) .
    فسأله عن الصيام ، قم قال : اشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، والله لا أزيد على ذلك ولا أنقص ، أنا ضمام بن ثعلبة أخو بني عد بن بكر ، ثم ولى .
    تعريف موجز ، وسؤال موجز ، ، وموقف موجز ، فما أهل الإسلام!.
    قال صلى الله عليه وسلم : (( من سره أن ينر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا)) وفي لفظ آخر : (( أفلح الرجل ودخل الجنة إن صدق )).
    قال ابن عبا : ما رأينا وافدا أخير لقومه من ضمام بن ثعلبة .
    قال أنس : ما رأينا أعقل من ضمام بن ثعلبة .
    لأنه اختصر في المسالة ، وسال عن مسائل عظيمة .

    وفي إسلامه دروس :
    أولهما : ألا يؤخذ بجفا الإنسان حتى يبصر ويعرف بالصواب .
    الثاني : انه لا باس أن ينادي الإنسان بأمه أو أم أبيه ؛ لأن بعض الناس قد يغضب عليك إذا لم تقل له : يا شيخ ، أو يا صاحب الفضيلة ، أو يا صاحب السعادة ، أو يا صاحب الفخامة .
    الثالث : أما في حقه صلى الله عليه وسلم فالواجب أن ينادى باسم الرسالة لقوله تعالى {لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً} (النور: من الآية 63) فينادي بيا رسول الله ، أو يا نبي الله
    الرابع : جواز العرض على الشيخ والمعلم ما يفعل أهل الحديث .
    الخامس : أن على العالم أن يكون واسع الصدر .
    *****************************
    عبدالله بن سلام

    وأما الرجل السادس ، فهو : عبد الله بن سلام الذي يقول الله فيه : {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (الاحقاف:10) كان يهوديا فأسلم ، وقصة إسلامه عجيبة .
    هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، فاستقبلته القلوب وحيته الأرواح ، وعانقته النفوس .
    فنزل في سوق المدينة .
    قال ابن سلام : انجفل الناس ( أي : هرعوا ) إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فكنت فيمن انجفل فاجتمعت معهم ، فلما استبنت وجه الرسول صلى الله عليه وسلم عرفت أن وجهه لي بوجه كذاب فاقتربت منه فإذا هو يقول : (( يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام )) رواه الترمذي وهو صحيح .
    قال : فلما سمعت هذه الكلمات ، أتيت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله ، اشهد أن لا إله إلا الله وأشهد انك رسول الله ؛ لأنه كان يقرأ التوراة ويعرف وصف الرسول صلى الله عليه وسلم فيها .
    قال : يا رسول الله ، أسألك عن ثلاث مسائل لا يعرفها إلا نبي .
    قال : (( ما هي ))؟
    قال : ما هو أول طعام أهل الجنة ، وكيف يشبه الولد أمه أو أباه ، وما هي أول علامات الساعة ؟
    فقال لابن سلام : (( أما أول طعام أهل الجنة فزيادة كبد الحوت )) .
    قال : صدقت (15).
    قال : (( وأما لماذا يشبه الولد أباه أو أمه فإذا علا ماء الرجل ماء المرأة أشبه أباه، وإذا علا ماء المرأة ماء الرجل أشبه أمه )).
    قال : صدقت .
    قال : (( وأما أول علامات الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب )).
    قال : صدقت .
    قم شهد أن لا إله إلا الله وأن الرسول رسول الله ، ثم قال : يا رسول الله ، إن اليهود قوم بهت إذا علموا إني أسلمت بهتوني ، فأدخلني في هذه المشربة ( غرفة ) ، واسألهم عني .
    فأدخله صلى الله عليه وسلم في المشربة وأغلق عليه ، واستدعى اليهود ، وقال : (( كيف عبد الله بن سلام فيكم )) ؟
    قالوا : خيرنا وابن خيرنا، وعالمنا وابن عالمنا ، وفقيهنا وابن فقيهنا .
    قال صلى الله عليه وسلم : (( أرأيتم إن اسلم ))؟
    قالوا : أعاذه الله من ذلك
    فخرج ابن لام وقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله .
    فقاموا ينفضون ثيابهم ، ويتناخرون كالحمير ، ويقولون : شرنا وابن شرنا ، وسيئنا وابن سيئنا ، أو كما قالوا .
    فقال الله في ذلك : {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (الاحقاف:10) .

    وفي قصته دروس :
    أولا : أن وصفه صلى الله عليه وسلم كان موجودا في التوراة ،كما أناس عاشوا الشرك والكفر والوثنية { يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ } (لأعراف: من الآية 157) .
    ثانياً : أن من اسلم من اليهود أو النصارى فله أجران ؛ اجر إسلامه بكتابه وبنبيه ، و إسلامه بنبينا وكتابنا ،ونحن نؤمن بجميع الكتب التي أنزلها الله والرسل الذين أرسلهم الله جميعا
    ثالثا : أن الشاهد إذا شهد بحق ، ثم نقضه في مجلسه ، لا يقبل ؛ لأنه ما نقضه إلا لأمر
    رابعا : البلاغة التي أوتيها صلى الله عليه وسلم .
    خامسا : أن الرسول صلى الله عليه وسلم أطلعه الله على كثير من علم الغيب ، ومن علامات الساعة ، فأخبر الناس فأسلموا بتلك المعجزات.
    ******************************************
    ابن سعنة

    أما الرجل السابع ، فهو : ابن سعنة يهودي تاجر .
    يقول : عرفت أوصاف الرسول صلى الله عليه وسلم إلا وصفا واحدا .
    قيل : ما هو ؟
    قال : وجدت مكتوبا في التوراة انه إذا أغضب يزداد حلما صلى الله عليه وسلم .
    هاجر صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، فرآه ابن سعنة هذا ، فرأى أوصافه الموجودة في التوراة كلها إلا صفة واحدة ؛ انك إذا أغضبته يزداد حلما .
    فأتى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال : يا أبا القاسم .
    قال : (( نعم )).
    قال : أنا تاجر من تجار اليهود ،وأنت تحتاج مالا ، وأنا غني ، فأريد أن اسلفك شيئا من المال حتى يفتح الله عليه .
    وما مرت أيام بعد أن وصل المال إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، وإلا وبهذا التاجر في المسجد قبل صلاة العصر .
    فقال : يا محمد ، أعطني مالي ، إنكم مطل يا بني عبد المطلب !!
    يعني : تماطلون الناس .
    قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (( أما أعطيتني المال إلى أجل ))؟
    قال : لا ، أعطني مالي ، إنكم مطل يا بني عبد المطلب .
    فنظر إليه عمر بن الخطاب وقال : يا رسول الله ، دعني اقطع عنق الكافر .
    فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : (( أحب أن تأمرني بحسن الأداء وتأمره بحن الاقتضاء )).
    ثم أخذ اليهودي يرفع صوته ، فأخذ صلى الله عليه وسلم يتبسم ، وكلما رفع صوته تبسم .
    فأخذه صلى الله عليه وسلم من يده ، وذهب به إلى بيته ، فأعطاه ماله وزاده .
    قال : اشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، قرأت اوصافك فرأيتها فيك غير انك إذا أغضبت ازددت حلما ، وقد رأيته اليوم (16).
    قال صلى الله عليه وسلم : (( لو آمن بي عشرة من اليهود لآمن بي اليهود كلهم أو جميعهم )) (17).
    وفي قصته : أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان من احلم الناس ويكفي في ذلك قوله تعالى : { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم:4)
    *******************************
    عكرمة بن أبي جهل
    أما آخر الأصحاب ، فهو : عكرمة بن أبي جهل
    فسبحان الذي يخرج الحي من الميت ، والميت من الحي ، لقد كان أبوه فرعون هذه الأمة .
    تأخر إسلامه حتى يوم الفتح .
    كان مشركا آنذاك ، وقاوم مقاومة عنيفة ، لكن انهارت مقاومته أمام خالد .
    فركب إلى البحر يريد أن يرمي نفسه في البحر ، ويخرج إلى إحدى الجزر ، أو أن يضيع في العالم ؛ لأنه ظن أن الرسول صلى الله عليه وسلم سوف يذبحه .
    فأتت امرأته إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقالت : زوجي فر منك .
    قال : (( خذي له الأمان )).
    قيل : أعطاها صلى الله عليه وسلم كساء ، وقيل : عمامة ، وقيل : أعطاها قلنسوة ، فقال : (( خذيها وأخبريه )).
    فأتت وإذا هو يتهيأ على البحر يريد أن يركب سفينة ، فأشارت إليه قائلة : الأمان ، الأمان.
    قال : لا أمان ، لا أمان .
    قالت : هذه عمامة محمد صلى الله عليه وسلم وقلنسوته .
    فلما عاد ، ورآه صلى الله عليه وسلم مقبلا مع زوجته تبسم صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه ليس من الحكمة أن يقول : أين أنت يا فار أو يا كافر .
    ولكنه صلى الله عليه وسلم قال : (( مرحبا بالراكب المهاجر )) (18)، أنت هاجرت إلى الله ورسوله .
    فقال : اشهد أن لا إله إلا الله واشهد انك رسول الله ، والله يا رسول الله ، لا اترك موقفا حاربت الإسلام فيه إلا حاربت مع الإسلام فيه ، ولا نفقة أنفقتها في حرب الإسلام ، إلا أنفقت ضعفها في نصرة الإسلام .
    حضر اليرموك ، رضي الله عنه و أرضاه ، فانهزم المسلمون في أول معركة .
    فلما رأى الهزيمة لبس أكفانه ، واغتسل وتطيب ،وسل سيفه وكسر غمده على ركبته ، وقال : يا مسلمون ، من يبايعني على الموت؟ من يشتري الموت اليوم ؟
    فبايعه أربعمائة مقاتل ، فشق بهم صفوف الروم كالسيل ، حتى وصل إلى وسط الروم ، فقاتل حتى صلاة الظهر ، ثم تناوشته الرماح والسيوف من كل جانب فوقع صريعا على الأرض .
    فحملوه على الأكتاف حتى وصل إلى القائد خالد بن الوليد .
    فرآه خالد فاحتضنه ؛ لأنه كان صديقا له في الجاهلية وقال : ماذا تريد يا عكرمة ؟
    فأشار بلسانه يريد الماء ، لأنه لا يستطيع أن يتكلم ، فهو في آخر رمق الحياة .
    فأتى خالد بماء بارد من خيمته ، فاندفع نحو عكرمة ليسقيه ، وما هي إلا لحظات حتى جيء بالحارث بن هشام ، عم عكرمة ،أخو أبي جهل ، وهو في آخر رمق ، فوضع على رجلي خالد ،فأتى بابن عكرمة ، وهو شهيد فوضع بجانبه وجي برابع .
    فأتى خالد بالماء ليعطي عكرمة فأشار إلى عمه ، يقول : اسقه قبلي { وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} (الحشر: من الآية 9) .
    فأعطى عمه ، فرفض أن يشرب قبل ابن عكرمة .
    فدفعوا الماء للشاب الصغير ، فرفض أن يشرب قبل الرجل الرابع .
    فحولوه إلى الرابع ، فقال : لا حتى يشرب عكرمة .
    فعاد إلى عكرمة فوجده قد مات .
    فدفعه إلى الحارث بن هشام ، فوجده قد مات .
    فأعاده إلى الثالث ، فوجده قد مات
    فأعاده إلى الرابع ، فوجده قد مات .
    قال أهل العلم : فانتحب خالد من البكاء ، وقال : اللهم اسقهم من جنتك زعم فلان ( يعني : أحد الكفار ) أنا لا نموت إلا حبطا ( يعني : لا نموت إلا على الفرش ) لا والله ، بل نموت تحت قصف السيوف وضرب الرماح .
    هذا عكرمة بن أبي جهل وهو مثل للشباب المسلم .
    قيل للإمام أحمد : هل يقبل المصحف ؟
    قال : كان عكرمة يقرأ القرآن ، ويبكي ، ويقبل المصحف ، ويقول : كلام ربي ، كلام ربي .
    هؤلاء هم القوم الذين لا يشقى بهم جليسهم ، وأملنا في الله أن يجمعنا بهم في الجنة ؛ لنرى فيها : عمير بن وهب ، والطفيل بن عمرو ، وعمرو بن العاص ، وثمامة بن أثال ، وضمام بن ثعلبة ، وعبد الله بن سلام ، وابن سعنة ، وعكرمة بن أبي جهل .
    ومن أراد أن يجتمع بهم فليفعل كفعلهم .
    هم القوم إن قالوا أصابوا وإن دعوا *** أجابوا وإن أعطوا أطابوا وأجزلوا
    ولا يستطيع الفاعلون كفعلهـم *** وإن حاولوا في النازلات وأجملـوا





    : Hkhs uha,h hgav; ,hg;tv ,hg,ekdm K el i]hil hggi K tHsgl,h ,Nlk,h :






  2. #2

    عضو لامع

    الصورة الرمزية لطفي عيساني
    لطفي عيساني غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1953
    تاريخ التسجيل : 16 - 3 - 2010
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 34
    المشاركات : 443
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : الجزائر
    الاهتمام : كرة القدم والتعارف
    الوظيفة : عاطل
    معدل تقييم المستوى : 15

    افتراضي


    الله مواضيع رائعة دمت للاسلام سيفا ودام قلمك معطاءا جزاك الله خيرا اختي الفاضلة






    منهاجنا: عَوْدَةٌ إلى الْْكِتَابِ والسُّنَّة بِفَهْمِ سَلَفِ الأُمَّة

 

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. ناس عاشوا معنى لا للصحوبيه
    بواسطة الراجية رحمة الله في المنتدى القسم الإسلامي العام
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 2011-02-19, 09:41 PM
  2. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2010-09-01, 03:09 AM
  3. تدشين الأيقونات والوثنية المسيحية
    بواسطة السيف العضب في المنتدى ثمار النصرانية
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 2009-11-21, 11:32 AM
  4. المسيحية ، والوثنية المصرية القديمة .. نتائج الصدام
    بواسطة الرافعي في المنتدى التثليث و الألوهية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2009-08-16, 11:53 AM
  5. الشرك والكفر( والعياذ بالله )
    بواسطة ذو الفقار في المنتدى الفقه وأصوله
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 2007-10-21, 11:43 PM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
RSS RSS 2.0 XML MAP HTML