(3) النفسية التسامحية عند ابن تيمية تجاه خصومه .

أنعم الله على شيخ الإسلام بنفسية تسامحية عجيبة جداً قل أن تجدها عن غيره من العلماء، فما كان يحمل في قلبه غلاً ولا حسداً ولا حقداً على أحد، بل ولا على خصومه .
فلما وقف منه ابن مخلوف موقف العداء ورماه بكل قوس في جعبته، وأثار عليه العوام والحكام وأصدر ضده الأحكام والفتاوى التي أثارت الفتنة بين الناس، وابن تيمية صابر محتسب يقابل السيئة بالحسنة، ولم يحمل في نفسه حقداً ولا بغضاً لهذا الرجل.

يقول ابن تيمية معبراً عن نفسيته المتسامحة : ( وأنا والله من أعظم الناس معاونة على إطفاء كل شر فيها وفي غيرها، وإقامة كل خير، وابن مخلوف لو عمل مهما عمل والله ما أقدر على خير إلا وأعمله له، ولا أعين عليه عدوه قط، ولا حول ولا قوة إلا بالله، هذه نيتي وعزيمتي، مع علمي بجميع الأمور فإني أعلم أن الشيطان ينزغ بين المؤمنين، ولن أكون عوناً للشيطان على أخواني المسلمين).

وقال في رسالة كتبها وهو في السجن إلى تلاميذه ومحبيه يتحدث عن خصومه الذين تسببوا في دخوله السجن ومصادرة كتبه : ( أنا أحب لهم أن ينالوا من اللذة والسرور والنعيم ما تقر به أعينهم وأن يفتح لهم من معرفة الله وطاعته والجهاد في سبيله ما يصلون به إلى أعلى الدرجات) .

وقال عن خصومه : ( وأنا أحب الخير لكل المسلمين وأريد لكل مؤمن الخير ما أحبه لنفسي).