بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله رب العالمين . الرحمن الرحيم أمر عباده بالعفة و الغيرة و الصلاة و السلام على سيد البررة و الأتقياء الخيرة و على آله و صحبه الفاتحين الطاردين يهود من الجزيرة .

أما بعد :


إن للعقيدة اثر واضح في الأقوال و الأفعال و الأحاسيس . فقد أخبرنا ابن هشام في سيرته أن امرأة من المسلمين أبت و رفضت أن تكشف وجهها للمغضوب عليهم من اليهود دعني أنقل لكم الحدث كاملا ثم نستفيد منه:
وذكر عبد الله بن جعفر بن المسور بن مخرمة ، عن أبي عون قال:

كَانَ مِنْ أَمْرِ بَنِي قَيْنُقَاع َ أَنّ امْرَأَةً مِنْ الْعَرَبِ قَدِمَتْ بِجَلَبٍ لَهَا ، فَبَاعَتْهُ بِسُوقِ بَنِي قَيْنُقَاعَ ، وَجَلَسَتْ إلَى صَائِغٍ بِهَا ، فَجَعَلُوا يُرِيدُونَهَا عَلَى كَشْفِ وَجْهِهَا ، فَأَبَتْ فَعَمِدَ الصّائِغُ إلَى طَرَفِ ثَوْبِهَا فَعَقَدَهُ إلَى ظَهْرِهَا ، فَلَمّا قَامَتْ انْكَشَفَتْ سَوْأَتُهَا ، فَضَحِكُوا بِهَا ، فَصَاحَتْ . فَوَثَبَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الصّائِغِ فَقَتَلَهُ وَكَانَ يَهُودِيّا ، وَشَدّتْ الْيَهُودُ عَلَى الْمُسْلِمِ فَقَتَلُوهُ فَاسْتَصْرَخَ أَهْلُ الْمُسْلِمِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْيَهُودِ ، فَغَضِبَ الْمُسْلِمُونَ فَوَقَعَ الشّرّ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ بَنِي قَيْنُقَاعَ .


نستفيد ما يلي:


1 ــــ المرأة المسلمة رفضت أن تظهر وجهها لليهود و هم ألحوا في ذلك . و العجب من بعض المسلمات الآن أنهن يظهرن وجوههن و سيقانهن للناس دون أن يكرههن أحد .

2 ــــ المرأة المسلمة لما كشف اليهود ما كشفوا لم ترض و استغاثت .

3 ــــ الرجل المسلم سمع لصوت تلك المسلمة الحرة و استجاب لها و فدى تلك الحرة المسلمة بروحه فكان شهيد العفة و شهيد الغيرة و الإباء الإسلامي . فما بالك بالذين يبيعون أعراض المسلمات و لا يغارون و لا يأبون الضيم و حرمات المسلمات تنتهك في المشارق و المغارب . لقد مات الرجل المسلم رضي الله عنه في سبيل الذود عن امرأة مسلمة و مات شهيدا .

4 ـــ النبي صلى الله عليه و سلم لم يتساهل مع هؤلاء الفجرة بل
حَاصَرَهُمْ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حَتّى نَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ فَقَامَ إلَيْهِ عَبْدُ اللّهِ بْنُ أُبَيّ ابْنُ سَلُولَ حِينَ أَمْكَنَهُ اللّهُ مِنْهُمْ فَقَالَ يَا مُحَمّدُ أَحْسِنْ فِي مَوَالِيّ وَكَانُوا حُلَفَاءَ الْخَزْرَجِ ، قَالَ فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَ يَا مُحَمّدُ أَحْسِنْ فِي مُوَالِيّ قَالَ فَأَعْرَضَ عَنْهُ . فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي جَيْبِ دِرْعِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَكَانَ يُقَالُ لَهَا : ذَاتَ الْفُضُولِ . قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَرْسِلْنِي ، وَغَضِبَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حَتّى رَأَوْا لِوَجْهِهِ ظُلَلًا ، ثُمّ قَالَ وَيْحَك أَرْسِلْنِي ، قَالَ لَا وَاَللّهِ لَا أُرْسِلْك حَتّى تُحْسِنَ فِي مُوَالِيّ أَرْبَعَ مِئَةِ حَاسِرٍ وَثَلَاثُ مِئَةِ دَارِعٍ قَدْ مَنَعُونِي مِنْ الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ تَحْصُدُهُمْ فِي غَدَاةٍ وَاحِدَةٍ إنّي وَاَللّهِ امْرُؤٌ أَخْشَى الدّوَائِرَ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ هُمْ لَك .


و الله إني لأغبط ذلك الرجل كم هو أفضل و قلبه حي ينبض بالغيرة و الحياء . نعم إنه يغار على أخته المسلمة و هي لا تمت إليه بقرابة الدم و مات من أجلها في سبيل الله لقرابة الدين.

حياه الله من رجل !

أحبه في الله و أرجو أن أراه و ألتقيه في الجنة مع رسول الله صلى الله عليه و سلم و النبيين و الشهداء [ و صاحبنا المسلم منهم و لله الحمد] و الصديقين .

حياكم الله و السلام عليكم ورحمة الله و بركاته.

الصارم الصقيل

المغرب الأقصى.


, ggutm aid] !