اولا اخوانى دعونا نعرض بعض اقوال اهل العلم فى مسألة التعارض وهل يوجد تعارض بين الاحاديث؟

قال الإمام الشافعي – رحمه الله – في الرسالة : لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أبدا حديثان صحيحان متضادان ينفي أحدهما ما يثبته الآخر من غير جهة الخصوص والعموم، والإجمال والتفصيل إلا على وجه النسخ وإن لم يجده
قال الإمام ابن خزيمة –رحمه الله - : لا اعرف أنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثان بإسنادين صحيحين متضادان ، فمن كان عنده فليأت به حتى أؤلف بينهما
قال القاضي أبو بكر الباقلاني – رحمه الله - : وكل خبيرين علم ان النبي صلى الله عليه وسلم تكلم بهما ، فلا يصح دخول التعارض فيهما على وجه ، وإن كان ظاهرهما التعارض
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : لا يجوز أن يوجد في الشرع خبران متعارضان من جميع الوجوه وليس مع أحدهما ترجيح يقدم به
قال الإمام ابن القيم – رحمه الله - : وأما حديثان صحيحان صريحان متناقضان من كل وجه ليس أحدهما ناسخا للأخر فهذا لا يوجد أصلا ، ومعاذ الله أن يوجد في كلام الصادق المصدوق الذي لا يخرج من بين شفتيه إلا الحق ، والآفة من التقصير في معرفة المنقول ، والتميز بين صحيحه ومعلوله ، أو القصور في فهم مراده صلى الله عليه وسلم ، وحمل كلامه على غير ما عناه به ، أو منهما معاً ، ومن هنا وقع من الإختلاف والفساد ما وقع
قال الإمام الشاطبي – رحمه الله – في الموفقات لا تجد البته دليلين أجمع المسلمون على تعارضهما بحيث وجب عليهم الوقوف ، لكن لما كان أفراد المجدتهدين غير معصومين من الخطأ أمنكن التعارض بين الأدلة عندهم
وهذا ما يعنى اقرار العلماء رحمهم الله بعدم وجود تعارض بين الاحاديث الصحاح ومعاذ الله ان يكون ذلك فانه الصادق المصدوق الذى لاينطق عن الهوى وان صرح بعض العلماء بلفظ التناقض فانه يقصد به ما يتبادر لذهن القارىء من تناقض ظاهرى اما فى الحقيقة فهم يقرون بانه لاتناقض بين الاحاديث
ثانيا دعونا نتعرض لمعنى التعارض
التعارض لغة : هو التقابل ، وهذا قد يكون على سبيل المماثلة ومنه قولهم : ( عارضت فلانا في السير ) إذ سرت حياله
وهو مصدر تعارض يقتضي فاعلين فأكثر ، فإذا قلنا تعارض الدليلان ، كان المعنى : تشارك الدليلان في التعارض الذي وقع بينهما .


وهو يطلق في اللغة ويستعمل لعدة معاني من أهمها :


المنع : قال الأزهري : " والاصل فيه أن الطريق إذا اعترض فيه بناء أو غيره فمنع السابلة من سلوكه ... وكل ما يمنعك من شغل وغيره من الأمراض فهو عارض ، وقد عارض عارض أي : حال حائل ومنع مانع " أهـ ومنه قوله تعالى :
( وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )

أي لا تجعلوا الحلف بالله معترضا مانعا لكم ، أي بينكم وبين ما يقربكم إلى الله
المقابلة : قال في لسان العرب عارض الشئ بالشئ معارضة : قابله ، وعارضت كتابي بكتابه أي : قابلته ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : ( إن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة وأنه عارضني العام مرتين ولا أراه إلا حضر أجلي
التعارض إصطلاحا هو : تقابل الدليلين على سبيل الممانعة
وقيل التعارض هو : تقابل حديثين نبويين على وجه يمنع كل منهما مقتضى الأخر تقابلا ظاهرا
مما سبق اخوانى يتضح جليا اننا للحكم على نصين بالتعارض لابد ان نجيد اولا فهم النصين فهما كاملا تفهم النص شاملا لا نأخذ كلمة واحدة من كل نص ونحكم بالتناقض على الحديثين او النصين وهذا ما فعله هذا المدلس فنحى فهم النصوص وسياقها واخذ كلمة الشؤم والبركة وحاول ايهام اتباعه بالتضاد وشتان شتان بين تضاد نصين وتضاد كلمتين فى نصين فتضاد كلمتين فى نصين لا يعنى بالضرورة تناقض النصين فلو فهم طارح الشبهة المقصود من كل حديث لوجد انه لاثم اى تناقض بين الحديثين
ثالثا السبيل الى فهم الاحاديث لا يتحصل الا بجمع الطرق وهذا المعنى هو الذي عبر عنه الإمام أحمد بقوله: (الحديث إذا لم تجمع طرقه لم تفهمه ، والحديث يفسر بعضه بعضا
معلوم أن أحد مناهج التصنيف عند المحدثين هو التصنيف على الأبواب الفقهية، أي جمع الأحاديث الواردة في باب معين كالطهارة مثلا أو الإيمان،كما هو الحال مع أصحاب الكتب الستة وغيرهم.ويبدو هذا المنهج جليا عند الإمام مسلم في صحيحه، حيث يجمع في الباب الأحاديث المتعلقة به على اختلاف ألفاظها وطرقها.ومن شأن هذا التصنيف الموضوعي أن يعين الفقيه على حسن فهم الحديث
وممن أشار إلى هذه القاعدة من فقهاء المحدثين : ابن دقيق العيد ،وذلك في سياق كلامه عن حديث المسيء صلاته ، قال: (تكرر من الفقهاء الاستدلال على وجوب ما ذكر في هذا الحديث ، وعدم وجوب ما لم يذكر فيه ... إلا أن على طالب التحقيق ثلاث وظائف: أحدها أن يجمع طرق الحديث ويحصي الأمور المذكورة فيه ويأخذ بالزائد فالزائد فإن الأخذ بالزائد واجب ...)
وعقب الشوكاني بقوله: (والوظائف التي أرشد إليها قد امتثلنا رسمه فيها،فجمعنا من طرق هذا الحديث في هذا الشرح عند الكلام على مفرداته ما تدعو الحاجة إليه وتظهر للاختلاف في ألفاظه مزيد فائدة وعملنا بالزائد فالزائد من ألفاظه
عند الأصوليين نجد هذا المنهج حاضرا أيضا فيما قعدوه من قواعد، خاصة في مبحث الدلالات عند كلامهم عن العام والخاص ، والمطلق والمقيد، والظاهر والمؤول.. وعند كلامهم أيضا عن التعارض والترجيح،وقولهم : الجمع أولى من الترجيح، وبنوا على ذلك قاعدة تقول (إعمال الدليل أولى من إهماله)،ومعناه أن الفقيه الذي يروم استنباط حكم ما،يتحتم عليه إعمال جميع الأدلة الواردة في المسألة،وألا يكتفي بإعمال بعضها، وإهمال البعض الآخر،فهذا شأن المتسرعين الذين يرومون جني الثمار بأقل كلفة وجهد
فلو قرأ هذا المدعى للعلم باقى روايات حديث الشؤم فى ثلاثة لفهم المعنى وهذا كان من فقه علماؤنا رحمهم الله انهم كانوا يجمعون طرق الاحاديث وكما قال ابن دقيق رحمه الله فان الاخذ بالواجب زائد فمادامت الرواية صحيحة فالاخذ بالزائد واجب لانه يجلى المعنى ويوضحه اكثر فاكثر
يتبع