الوهية المسيح والوهية الروح القدس


إن موضوع ألوهية المسيح وألوهية الروح القدس طويل جداً ولكن سوف أعرض الأمر باختصار وأسلط الضوء على الجانب الذي يخدم موضوعنا هذا .
بعد حادثة الصلب المشهورة نشأت العديد من الجماعات ذات الأفكار والتوجهات العقائدية المختلفة وأخذت هذه الجماعات في نشر تعاليمها وتطوير أفكارها وكل جماعة قالت في المسيح عليه السلام قول فمنهم من قال بان المسيح رسول من عند الله ومنهم من قال انه ابن الله ومنهم من قال بأنه الله وهكذا أخذت كل فرقة بضرب العداء بينها وبين الفرق الثانية واستمر هذا الأمر حتى قام قسطنطين وهو امبراطور الدولة الرومانية الوثنية والتي كانت تشكل القوة الضاربة في تلك المنطقة بعمل مجمع اسمه مجمع نيقية وذلك في القرن الثالث الميلادي وبالتحديد عام 325م والذي أقر فيه ألوهية المسيح ومحاربة كل من لم يعترف بذلك وحرق أي كتاب أو إنجيل أو رسالة لا تتوافق مع هذه المعتقدات وتقول بأن المسيح بشر وليس إله وأصدروا قانون الإيمان النيقاوي ، واستمر هذا الحال حتى عام 381 حيث أقروا فيه ألوهية الروح القدس أيضاً والذي لم يكن هناك شيء بخصوصه في مؤتمر نيقية سنة 325م وأصدروا قانون الإيمان النيقاوي القسطنطيني وهذا هو السبب الرئيسي الذي جعلنا نفتقد أي مخطوطة قبل القرن الرابع أو اثالث الميلادي على أقصى تقدير .


* قانون الإيمان النيقاوي325 م.
" نؤمن بإله واحد (آب)، خالق السماء والأرض، كل ما يرى وما لا يرى، وبربٍّ واحدٍ وهو يسوع المسيح (ابن الله) الوحيد، المولود من (الآب) قبل كل الدهور، إله من إله، و نور من نور، و إله حق من إله حق، مولودٌ غير مخلوق، مساوٍ (للآب) في الجوهر، الذي به كان كل شيء، والذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نزل من السماء وتجسد بروح القدس من مريم العذراء، وصار إنسانًا و صُلب عنا على عهد بيلاطس البنطي، تألـم ومات وقُبر، وقام في اليوم الثالث كما جاء في الكتب، وصعد إلى السماء وجلس عن يمين (الآب) وسيأتي أيضًا بمجدٍ عظيم ليدين الأحياء والأموات الذي لا فناء لملكه."


* قانون الإيمان النيقاوي القسطنطيني 381 م ." نؤمن بإله واحد (آب)، خالق السماء والأرض، كل ما يرى وما لا يرى، وبربٍّ واحدٍ وهو يسوع المسيح (ابن الله) الوحيد، المولود من (الآب) قبل كل الدهور، إله من إله، و نور من نور، و إله حق من إله حق، مولودٌ غير مخلوق، مساوٍ (للآب) في الجوهر، الذي به كان كل شيء، والذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نزل من السماء وتجسد بروح القدس من مريم العذراء، وصار إنسانًا و صُلب عنا على عهد بيلاطس البنطي، تألـم ومات وقُبر، وقام في اليوم الثالث كما جاء في الكتب، وصعد إلى السماء وجلس عن يمين (الآب) وسيأتي أيضًا بمجدٍ عظيم ليدين الأحياء والأموات الذي لا فناء لملكه ،وبالروح القدس الرب المحيي المنبثق من (الآب) و(الابن) الذي هو مع (الآب) و(الابن) يُسجد له ويُمجد، الناطق بالأنبياء، وبكنيسة واحدة جامعة مقدّسة رسولية، ونعترف بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا، وننتظر قيامة الأموات والحياة في الدهر الآتي."


وبعرض المقدمات :
* لم يكن سيدهارتا " بوذا " في فترة حياته إلاهاً بل كان بشراً عادياً وقد تبنت اعتقاد ألوهية بوذا فكر منشق من الفكر البوذي وهو " ماهايانا " والذي بدأ في القرن الثالث قبل الميلاد بعد انعقاد المجلس الثالث تحت سلطة الملك أسوكا واستمر الفكر الماهياني حتى استقرفي القرن الأول قبل الميلاد أي أنه امتد لحوالي قرنين أو ثلاثة حتى استقر .


الملك أسوكا الذي أقر بألوهية سدهارتا " بوذا "




الإمبراطور قسطنطين الذي أقر ألوهية المسيح

* ترجع أقدم المخطوطات النصوص الماهاياناتية إلى القرن الأول قبل الميلاد
* لم يكن المسيح في فترة حياته إلاهاً بل كان بشراً عادياً ، وقد تبنت اعتقاد ألوهية المسيح فكر من بين العديد من الأفكار التي اندثرت بعد انعقاد مجمع نيقية في القرن الثالث الميلادي ولم يتم استقرار هذا المعتقد قبل ذلك التاريخ وبهذا يكون قد احتاج لنفس الفترة الزمنية التي احتاجتها الماهيانا حتى استقرت
* ترجع أقدم المخطوطات للأناجيل إلى القرن الرابع الميلادي إذا ما استثنينا بعض بقايا المخطوطات التي ترجع إلى القرن الثاني الميلادي


نستخلص النتيجة المؤكدة أن العقيدة الماهاياناتية سبقت العقيدة المسيحية فكرياً وكتابياً ، وبهذا ينتفي انتفاء تام ان تكون البوذية قد اقتبست من المسيحية أفكارها واستسقت منها معتقداتها ، فماذا لو وجدنا التشابه بين العقيدتين ؟!


إن الجواب على هذا السؤال يدفعنا إلى عرض ثلاثة احتمالات لا رابع لهم


الأول : أن تكون البوذية قد اقتبست من المسيحية معتقداتها وهذا أمر مردود لسببين
* أن ماهايانا سبقت المسيحية ولا يمكن للسابق أن يقتبس من اللاحق
* إن تطور الفكر لا يمكن أن يكون وليد يوم وليلة فلا يمكن أن نقول أن البوذية عاصرت المسيحية فاقتبست منها فكرة الألوهية واقرتها في غضون سنوات ، ولكن يمكن ان نقول أن المسيحية اقتبست من البوذية وتطورت الفكرة في قرنين من الزمان
الثاني : أن يكون التشابه مجرد مصادفة وهذا قد نقبله إن وجدنا تشابه بين مسألتين أو ثلاثة أما أن يتعدى الأمر هذا الكم فبالتأكيد سيرفض العقل فكرة التصادف
الثالث : وهو أن تكون المسيحية قد اقتبست من البوذية ، وهذا هو الإحتمال الذي يقبله العقل


سؤال : ما هي أوجه التشابه بين الديانتين ؟
هذا ما سوف نتعرف عليه في الجزء المقبل من البحث