مرثية ابن بقية الوزير
أما تأثير الشعر على الناس والملوك وأهل القرار فلا تسل، فإن الرجل يحكُم ويُصدر مرسوماً بقتل رجل ثم يندم، وتدمع عيناه، ويوجل قلبه، ويتمنى أن القصيدة التي رُثي بها ذاك المقتول قيلت فيه، وقد حصل هذا لـعضد الدولة فنا خسرو الذي ذكره المتنبي بأعقد بيت سمع به الناس فقال:
فما يُسْمَى كَـفنا خسرو مُسْمٍ وما يُكْنَى كـفنا خسرو كانِ
ذهب إلى شيراز فقال -قاتله الله-:
مغاني الشعب طيباً في المغاني بمنزلة الربيع من الزمانِ
ملاعب جنة لو سار فيها سليمان لسار بترجمانِ
فما يُسْمَى كَـفنا خسرو مُسْمٍ وما يُكْنَى كـفنا خسرو كانِ
يقول: هذا الملك البطل الشجاع لا يسمى مثله ملك، ولا يُكَنَّى مثله أحد.. وحصل أنه قتل في عيد الأضحى من ملوك الكفار ثلاثة، جندل رءوسهم على الطريقة الإسلامية، فلما قتلهم أتى ودخل بغداد واستقبله ثمانون شاعراً، منهم السلامي والمتنبي والصولي وغيرهم، فمدحوه كثيراً.
لكن اسمعوا إلى الصولي وهو يخاطب الملك بأنه ذبح وضحَّى بثلاثة من ملوك الكفار، فالناس يضحون بالنوق والخرفان وهذا يضحي بملوك الكفار، وهذه هي تضحية أهل السنة ، وقد فعلها خالد القسري لما ضحَّى بـالجعد بن درهم ،
فقال:
أيها الناس: ضحوا تقبل الله ضحاياكم، فإني مضحٍّ بـالجعد بن درهم ، فإنه زعم أن الله لم يكلم موسى تكليماً، ولم يتخذ إبراهيم خليلاً.
المفضلات