بسم الله الرحمن الرحيم ..

انظر أخى الفاضل النصرانى يقول كما يطيب ويحلو له فلسنا ملزمين بقوله ولله الحمد فلنا سلف ملئوا الأرجاء نورا ولنا علم تمتد جزوره الى الرعيل الأول الذى عاصر الحدث وشهد عليه فلا أجتهاد فى ما ثبت نقله أصلا فإن أنتهى القول الى الرسول الكريم وصح عنه رفع أى قول يخالفه وأن لم يكن فهمناه بفهم أصحابه وأن لم يكن كانوا تابعيهم حتى يصير الخبر نقيا جليا كالشمس فى صفائها ....


فدعك من تلك العقول التى أبت كل صحيح وتمسكت بكل ما يناقض الفطرة ، فأولى لهم أن يتعرفوا على طبيعة ربهم ويتفقوا عليها فيما بينهم وأن يتوصلوا الى كاتب كتابهم الذين يعتقدوا بوحيه أو على الأقل يجدوا أصله .....


أنا لا أقول هذا الكلام كي أهرب من الإجابة عليك بلى ! فأنا أنبه فقط وإجابتى أتيه لا محال لأنك أثرت شبهة وطالما كانت نحرت قبل حتى ظهورها ، لا بالغوغائية الجوفاء ولكن بالعلم الذى يفتقرون اليه لا بالجهل الذى تعفن فى اوطانهم .....


وللنسخ شروط فلا يطلق النسخ هكذا نذكر منها ما ذكره الأمام بن الجوزي فى نواسخ القرأن فقال رحمه الله

الشروط المعتبرة في ثبوت النسخ خمسة:

أحدها: أن يكون الحكم في الناسخ والمنسوخ متناقضا، بحيث لا يمكن العمل بهما جميعا، فإن كان ممكنا لم يكن أحدهما ناسخا للآخر، وذلك قد يكون على وجهين:

الأول : أن يكون أحد الحكمين متناولا لما تناوله ، الثاني : بدليل العموم، والآخر متناولا لما تناوله الأول بدليل الخصوص، فالدليل الخاص لا يوجب نسخ دليل العموم، بل، يبين أنه إنما تناوله التخصيص لم يدخل تحت دليل العموم.

والوجه الثاني: أن يكون كل واحد من الحكمين ثابتا في حال "غير" الحالة التي ثبت فيها "الحكم" الآخر مثل تحريم المطلقة ثلاثا فإنها محرمة على مطلقها في حال، وهي ما دامت خالية عن زوج وإصابة فإذا أصابها زوج ثان ارتفعت الحالة الأولى، وانقضت بارتفاعها مدة التحريم فشرعت في حالة أخرى حصل فيها حكم الإباحة للزوج المطلق ثلاثا، فلا يكون هذا ناسخا، لاختلاف حالة التحريم والتحليل.

والشرط الثاني: أن يكون الحكم المنسوخ ثابتا قبل ثبوت حكم الناسخ فذلك يقع بطريقين:

أحدهما: من جهة النطق كقوله تعالى: ( الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا ) وقوله ( فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ ) ومثل قول النبي عليه افضل الصلاة والسلام (كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزروها) .

والثاني: أن يعلم بطريق التاريخ، وهو أن ينقل "بالرواية" بأن يكون الحكم الأول ثبوته متقدما على الآخر فمتى ورد الحكمان مختلفين على وجه لا يمكن العمل بأحدهما إلا بترك الآخر، ولم يثبت تقديم أحدهما على صاحبه بأحد الطريقين امتنع ادعاء النسخ في أحدهما.

والشرط الثالث: "أن يكون الحكم المنسوخ مشروعا" أعني أنه ثبت بخطاب الشرع، فأما إن كان ثابتا بالعادة والتعارف لم يكن رافعه ناسخا، بل يكون ابتداء شرع وهذا شيء "ذكر عند" المفسرين، فإنهم قالوا: كان الطلاق في الجاهلية لا إلى غاية فنسخه قوله: ( الطَّلاقُ مَرَّتَانِ ) وهذا لا يصدر ممن "يفقه" لأن الفقيه يفهم أن هذا ابتداء "شرع" لا نسخ.

والشرط الرابع: أن يكون ثبوث الحكم الناسخ مشروعا كثبوت المنسوخ، فأما ما ليس بمشروع بطريق النقل، فلا يجوز أن يكون ناسخا للمنقول، ولهذا إذا ثبت حكم منقول لم يجز نسخه بإجماع ولا بقياس.

والشرط الخامس: أن يكون الطريق الذي ثبت به الناسخ مثل الطريق الذي ثبت به المنسوخ أو أقوى منه، فأما إن كان ] دونه فلا يجوز أن يكون الأضعف ناسخا للأقوى.

ما أردت قوله من هذه المقدمة ليس النسخ قولا فقط ولكن للنسخ شرطا لا يحيد عنه ننتقل الأن الى الايات التى أعتقدت فيها ...

تقول :

هل تم نسخ الاية :
(و قاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم و لا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين) سورة البقرة
فعلا قال بعضهم بنسخ الأية ، فقد ذهب بعض أهل العلم الى أنها نسخت بأية براءة ! ولكن ما هو الراجح من القول حولها ؟

قال شيخ المفسرين الإمام الطبرى بعد أن نقل الخلاف حول من قال بنسخها ومن قال أنها محكمة :


قال أبو جعفر : وأولى هذين القولين بالصواب ، القول الذي قاله عمر بن عبد العزيز . لأن دعوى المدعي نسخ آية يحتمل أن تكون غير منسوخة ، بغير دلالة على صحة دعواه ، تحكم . والتحكم لا يعجز عنه أحد .

وقد دللنا على معنى " النسخ " ، والمعنى الذي من قبله يثبت صحة النسخ ، بما قد أغنى عن إعادته في هذا الموضع .

أى أنها محكمة غير منسخة والعلة ما ذكر الشيخ رحمة الله عليه ، وأبو جعفر هو الأمام الطبرى نفسه !

وقال العالم الفذ بن كثير فى التفسير حولها :

قال أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية في قوله تعالى : ( وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ) قال : هذه أول آية نزلت في القتال بالمدينة ، فلما نزلت كان رسول الله عليه الصلاة والسلام يقاتل من قاتله ، ويكف عمن كف عنه حتى نزلت سورة براءة وكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم حتى قال : هذه منسوخة بقوله : ( فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) [ التوبة : 5 ] وفي هذا نظر ; لأن قوله : ( الذين يقاتلونكم ) إنما هو تهييج وإغراء بالأعداء الذين همتهم قتال الإسلام وأهله ، أي : كما [ ص: 524 ] يقاتلونكم فقاتلوهم أنتم ، كما قال : ( وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة ) [ التوبة : 36 ] ; ولهذا قال في هذه الآية : ( واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم ) أي : لتكن همتكم منبعثة على قتالهم ، كما أن همتهم منبعثة على قتالكم ، وعلى إخراجهم من بلادهم التي أخرجوكم منها ، قصاصا .

وقد حكي عن أبي بكر الصديق ، رضي الله عنه ، أن أول آية نزلت في القتال بعد الهجرة ، ( أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا ) الآية [ الحج : 39 ] وهو الأشهر وبه ورد الحديث .

وذكر نحوه الأمام البغوى فى تفسيره فقال بعد أن ذكر وقت النزول وسببه

وقيل هذه الآية محكمة غير منسوخة أمر النبي عليه الصلاة والسلام بقتال المقاتلين ومعنى قوله : ( ولا تعتدوا ) أي لا تقتلوا النساء والصبيان والشيخ الكبير ، والرهبان ولا من ألقى إليكم السلام هذا قول ابن عباس ومجاهد :
ثم ذكر بعد ذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ( كان النبي إذا بعث جيشا قال اغزوا بسم الله وفي سبيل الله قاتلوا من كفر بالله لا تغلوا ولا تقتلوا امرأة ولا وليدا ولا شيخا كبيرا ) وهو نفسه ما ذكره الإمام القرطبى فى تفسيرة .

ورد بن عاشور قول من قالوا بأنها أول أية نزلت فى القتال وعلل ذلك بأن سورة البقرة مدنية أى نزلت بعد الهجرة الى المدينة وذكر قول أبي بكر الصديق بأن أول آية نزلت في الأمر بالقتال قوله تعالى : ( أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا ) في سورة الحج ورجحه ابن العربي بأنها مكية وآية سورة البقرة مدنية ، وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله أرسل عثمان بن عفان إلى أهل مكة ، فأرجف بأنهم قتلوه ، فبايع الناس الرسول على الموت في قتال العدو ثم انكشف الأمر عن سلامة عثمان .

أعتقد لا عاد مكان للإضافة أو كما ترى أخي الفاضل ....

ودعنى ازيد بهذه :
كلام جميل جدا جدا ، تنزلا منا الى ما أعتقد فيه النصرانى ما هو قول حضرة فضيلته فى مثل هذا !

عن صفوان بن عسال رضي الله عنه قال: (بعثني رسول الله في سرية فقال: اغزوا باسم الله في سبيل الله لا تغلوا ولا تغدروا )

وعن يحيى بن سعيد قال: حدثت أن أبا بكر بعث جيوشا إلى الشام فخرج يتبع يزيد بن أبي سفيان فقال: (إني أوصيكم بعشر: لا تخربن عامرا، ولا تعقرن شاة ولا بعيرا إلا لمأكلة، ولا تغرقن نخلا، ولا تحرقنه، ولا تغلل، و لا تجبن، ولا تقتلن صبيا، ولا امرأة، ولا كبيرا هرما، ولا تقطعن شجرا مثمرا) وفي رواية: (وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له).

ولنا مع التاريخ شاهد ، ومع سيرة رسولنا العطرة شاهد ، ماذا كان موقفه عليه الصلاة والسلام فى فتح مكة ، اليسوا كانوا على الشرك وقتها ، وقبلها ماذا كان موقفه مع يهود نصارى المدينة قبل أن يغدر به اليهود وينقضوا عهده ، وأن تسلمنا التاريخ وبحثنا فيه بربكم على من سوف تنطبق مقولة تطبيق السيف تلك التى يروج لها أولاد القردة والخنازير وعبدة الإنسان الضعيف الذى ما حمل حتى هم نفسه ، حتى أنه قتل وصلب وما دافع عن نفسه ولا حتى دافع عنه متبعوه .

من هو الذى جاء بالسيف ومن صد عنه ، ولو توقفنا مع هذه الأية الكريمة برهة وتصفحنا القرأن الكريم فهل سوف تخرج بهذه الاية فقط فى النهي عن الإعتداء أم أن هناك ربما لا تخلو سورة من كتاب الله جل وعلا إلا وينهى ربنا ويتوعد لمن يعتدى ويظلم ويجور وفى الحديث الذى ذكرته خير شاهد وأكتفى حول هذه الاية الكريمة وأنتقل الى الأخرى !