كان فقر الفريعة بنت مالك ابتلاء وامتحان. صبرت ففازت برضى الله إذ رضيت بقضاء الله؛ حبها لنبي الله صلى الله عليه وسلم جعل منها امرأة قوية صابرة مطيعة لله ورسوله ممتثلة لأمره صلى الله عليه وسلم بالتعفف والاستغناء بالله، صدقت بيقين.. وصبرت بثبات.. فكان لها ما وعدها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصارت من أغنى نساء الأنصار.. والأهم من ذلك رضى الله ورسوله عنها فقد دخلت في زمرة من قال الله في حقهم : "لقد رضي الله عن المومنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا6.

نعم.. لقد شهدت هذه الصحابية الجليلة بيعة الرضوان تحت الشجرة في الحديبية حين ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه الصحابة الكرام لأداء العمرة ومنعتهم قريش من الوصول إلى بيت الله الحرام فكانت البيعة تحت الشجرة على التصدي لغرور قريش وانتهى الأمر بصلح الحديبية بين الرسول صلى الله عليه وسلم وقريش.
كانت سيدتنا فريعة المرأة الفقيرة المتعففة ممن اختارهم الله سبحانه ليرضى عنهم.. رضى سيظل يصل إليهم من المومنين والمومنات الذين اتبعوهم بإحسان إلى يوم الدين كلما تليت آيات الله آناء الليل وأطراف النهار... خرجت تريد بيت الله الحرام فنالت رضى رب البيت. وبايعت وكما ورد في الأثر: "لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد من الذين بايعوا تحته".
إنها إذن إحدى المبشرات بالجنة والمشهود لها بالجهاد فجهاد المرأة حجها.

روت سيدتنا الفريعة ثمانية أحاديث نبوية منها حديث سكنى المتوفى عنها زوجها في بيتها المؤجر فقد قالت فيما روته كتب الحديث : "أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله أن ترجع إلى أهلها في بني خدرة فإن زوجها خرج في طلب أعبد له أبقوا (هربوا) حتى إذا كانوا بطرق القدوم لحقهم فقتلوه فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أرجع إلى لأهلي فإني لم يتركني في مسكن يملكه ولا نفقة فقال عليه السلام : نعم. فخرجت حتى إذاكنت في الحجرة أوفي المسجد دعاني أو أمر بي فدعيت له فقال كيف قلت ؟ فرددت عليه القصة التي ذكرت من شأن زوجي فقال : امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله. قالت فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا"7.
هكذا إذن كانت المرأة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صابرة مؤمنة محبة لله ورسوله مطيعة لأمرهما مجاهدة عابدة عالمة راوية للسنة النبوية بل إن سيدتنا الفريعة كانت مرجعا للصحابة والعلماء في تلك المسألة.

عاشت رضي الله عنها إلى زمن الخلافة الراشدة. رضي الله عنها وأرضاها.
__________

1- كتاب بنات الصحابة ص 251.
2- تنوير المومنات ص 27 ج 1.
3- بنات الصحابة ص 254.
4- بنات الصحابة ص 254.
5- تنوير المومنات ص 4 ج 2.
6- سورة الفتح آية 18.
7- بنات الصحابة ص 257.

بقلم ليلى قابوش