الرسول يستعير السلاح من مشرك

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه .. وبعد
فإن الله بعث رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم بالإسلام وأمره أن يبلغ رسالة ربه وقال له : (( يأيها الرسول بلّغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته والله يعصمك من الناس ))
وصدع رسول الله صلى الله عليه وسلم بما أمره ربه تنفيذاً لقوله تعالى :
(( فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين )) واشتدت عداوة المشركين لهذا الدين الذي يدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، وكان من عتاة الجبارين الذين آذوا رسول الله ومن آمن معه ثلاثة تملكتهم حمية الجاهلية فكانوا حرباً على الإسلام والمسلمين وهم : أبو سفيان بن حرب ، والحارث بن هشام ، وصفوان بن أمية ، وقد دعا عليهم الرسول في صلاته فأنزل الله عليه قوله تعالى :
(( ليس لك من الأمر شيء ، أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون ))
وكف الرسول عن الدعاء عليهم . ولما أعز الله دينه ونصر رسوله وتم فتح مكة ، قال عمر : لئن أمكنني الله من هؤلاء لأعرّفنّهم ، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم أرسل إليهم وقال لهم : ( مثلى ومثلكم كما قال يوسف لإخوته : (( لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين )) . ) قال عمر : فانفضحت حياء من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال أهل السير : ولما فتح الله مكة على رسوله أطاعت له قبائل العرب كلها وأسلموا إلا هوازن وثقيف قصدوا محاربة المسلمين واجتمعوا على ذلك فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بجيش يبلغ اثني عشر ألفاً ، وكان في حاجة إلى بعض السلاح فذكر له أن صفوان بن أمية يملك أدرعاً وسلاحاً فأرسل إليه – وهو يومئذ مشرك – فقال : يا أبا أمية أعرنا سلاحك هذا نلقى به عدونا . فقال : أغصباً يا محمد ؟ قال : بل عارية مضمونة حتى نؤديها إليك . قال صفوان : ليس بهذا بأس . فأعطاه مائة درع بما يكفيها من السلاح .
وهكذا تعامل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع صفوان قبل إسلامه تعاملاً لا إكراه فيه وهو المنتصر الظافر ، وهدى الله صفوان إلى الإسلام فكان من خير الأصحاب فيما بعد . ولكم في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة .