قيادة حكيمة وسياسة رحيمة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه .. وبعد
فلم تكن قيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم للأمة خالية من الصعاب والمتاعب فقد كان بالقرب منه من يتربصون به وبالمسلمين الدوائر وهم يهود المدينة ، وكان مشركوا مكة يجمعون جموعهم ويحشدون القبائل من حولهم ويعدون العدة لحرب المسلمين واستئصال شأفتهم ، وكانت بعض المواقف تثير معارضة في صفوف المسلمين أو من أفراد منهم ، كما حدث من عمر ابن الخطاب رضي الله عنه عندما أعلن معارضته لما ارتضاه الرسول من بنود معاهدة الحديبية ، وجهر عمر بهذه المعارضة أمام النبي الكريم فما يزيد في الرد على قوله : ( إني نبي الله وإنه لا يضيعني ) ويجهر عمر بالمعارضة أمام أبى بكر الصديق فيقول له : إلزم غرزه فإنه على الحق 0
ومن المواقف التي واجهها الرسول بقيادته الحكيمة وسياسته الرحيمة ذلك الموقف الذي غضبت فيه الأنصار بعد تقسيم غنائم حنين ، فقد رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطى الذين أسلموا في فتح مكة من القرشيين مئات من الإبل وأموالاً كثيرة من هذه الغنائم دون أن يعطى الأنصار شيئاً ، حتى قال بعضهم : لقد لقي محمد قومه 0 ودخل عليه سعد بن عبادة وأخبره بما في نفوس الأنصار فقال له : فأين أنت من ذلك يا سعد ؟ قال : يا رسول الله ما أنا إلا من قومي 0
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : فاجمع لي قومك 0 فلما اجتمعوا إليه قام الرسول فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : يا معشر الأنصار ما قالة بلغتني عنكم 0
وجدة وجدتموها علىّ في أنفسكم؟ ألم آتكم ضلّالاً فهداكم الله ؟وعالة فأغناكم الله ؟ وأعداءً فألف الله بين قلوبكم ؟ قالوا : بلى ، الله ورسوله أمنّ وأفضل 0
ثم قال : ألا تجيبوني يا معشر الأنصار ؟ قالوا بماذا نجيبك يا رسول الله ؟
لله ورسوله المنّ والفضل 0 قال أما والله لو شئتم لقلتم : أتيتنا مكذّباً فصدقناك ، ومخذولاً فنصرناك ، وطريداً فآويناك ، وعائلاً فآسيناك
ولو قلتم لصدقتم وصدقتم أوجدتم في أنفسكم في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوماً ليسلموا ووكلتكم إلى إسلامكم ، ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاء والبعير ، وترجعوا برسول الله إلى رحالكم 0 اللهم اغفر للأنصار ولأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار 0 والله لولا الهجرة لوددت أن أكون امرءاً من الأنصار 0
ولو سلك الناس شعباً وسلك الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار 0
وما زال يسترضيهم ويدعو لهم حتى بكوا و أخضلوا لحاهم وقالوا : رضينا برسول الله قسماً وحظاً ، وسكنت المعارضة واجتمعت الكلمة وعاد الصفاء النفسي والروحي بهذه السياسة الحكيمة 0