يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ المُؤْمِنِينَ عَلَى القِتَالِ (سورة الأنفال 8:65)




    : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (65) } الأنفال .


ــــــــــــــــــــــــــــ


هنا فى هذه الآية الكريمة إنبرى أحد الحاقدين مدعيًا أن الإسلام دين قتل و دمار و إرهاب يحث على القتل و يحرض عليه و ذلك بأنه لاحظ بداية الآية و لم يلحظ نهايتها ، كما أنه لا يعرف المعنى من الأساس .



كل ما جاء فى مخيلته هو هذه الجزئية { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ }



لكن ما معنى كلمة حرض ؟



لسان العرب باب ( ح ) مادة ( حرض ):-



قال الجوهرى : وتأْويل التَّحْرِيض في اللغة أَن تحُثَّ الإِنسان حَثّاً يعلم معه أَنه حارِضٌ إِنْ تَخَلَّف عنه ، قال: والحارِضُ : الذي قد قارب الهلاك - إنتهى .



مثـــال : أُحرِض أحدهم على المذاكرة ، لذا إن لم يُذاكر يرسب .


بالمثـل: أُحرِض أحدهم على القتال ، لذا إن لم يُقاتل يُقتل .



من المعنى السابق يتبين أن المُحرَض هو موشك على الهلاك إن لم يفعل ما يُحث عليه .


مما يُعطى دليلاً على أن المقصود فى الآية الكريمة بأن هناك ما يوشك المؤمنين على الهلاك على يده إن لم يُقاتلوا ، فلا يدعوك للقتال إلا القتال .



نخلص من هذا أن سياق الآية يتحدث عن حرب ، بل و الأكثر من ذلك إعتداء من عدو على المسلمين ، و ليس العكس الذى أراد المشككون إيصاله إلى أتباعهم من أن المسلمين هم المعتدون .



من أمثلة هذا التحريض ما قاله - صلى الله عليه و سلم - لأصحابه يوم بدر ، حين أقبل المشركون في عَدَدهم وعُدَدهم :



"قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض" . فقال عمير بن الحُمام: عرضها السموات والأرض؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم" فقال: بخ بخ، فقال: "ما يحملك على قولك بخ بخ؟ " قال رجاء أن أكون من أهلها! قال: "فإنك من أهلها" فتقدم الرجل فكسر جفن سيفه، وأخرج تمرات فجعل يأكل منهن، ثم ألقى بقيتهن من يده، وقال: لئن أنا حييت حتى آكلهن إنها لحياة طويلة! ثم تقدم فقاتل حتى قتل، رضي الله عنه [2]



فهذا هو التحريض المقصود ، تحريض على مجاهدة العدو الذى أقبل لقتالنا و ليس ما يظنه البعض من إعتداءنا على غيرنا و قتلهم .



بدليل قول الله فى نفس الآية { إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا } إذًا هى حالة قتال و حرب بين فريقين و ليس إعتداء من المسلمين بقتل الغير كما يُتوهم الحاقدون على الإســــلام .



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



[1]تفسير ابن كثير ( 4/80 ) .


[2]صحيح مسلم (1901) .



يتبـــــــــــــع إن شاء الله .